في مشهد من فيلم "نادي القتال" الشهير، يتحدث ادوارد نورتون عن مسار حياته الذي تحوّل إلى مشهد فوضوي كامل، يلخص ما حدث في النهاية بقوله "لقد وجدت الحرية، فقدان كل الأمل كان هو الحرية".
هذا الأمل احتفظ قائد المنتخب الأرجنتيني ليونيل ميسي بعبئه على كتفيه في مونديال روسيا، ولكن قدمه اليسرى فقدت حريتها في إبداع لا ينافسه فيه أحد عادة، وكل الخيبات الدولية التي تراكمت منذ أن جلس يشاهد من دكة البدلاء وداع الارجنتين مونديال 2006، لم تنجح في انتزاع الأمل من داخله. ولا يهم إن كانت البرازيل ومن بعدها تشيلي ستحرمه المرة تلو الاخرى من بطولة أمريكا الجنوبية في المباراة النهائية، وليست نهاية المطاف أن يوزع مارادونا قبلاته على اللاعبين وتصريحاته المضحكة على الصحافيين من دون أن يجهز ما يمنع سقوطاً جديداً على يد ألمانيا في مونديال جنوب أفريقيا عام 2014.
والمرور من أمام الكأس من دون أن يحق له لمسه حتى، وإن كانت المسافة بينهما أقرب من كرته التي لم تدخل مرمى ألمانيا في نهائي 2014، لم يكن كافياً ليسلّم أنها ليست بطولته، وحتى الإعتزال الدولي الذي أعلنه بعدما رفضت ضربات الترجيح أن تمنحه "كوبا امريكا " كترضية، لم يكن سوى محاولة غير جادة لاخفاء حقيقة أنه لم يغادر أبداً مقعده في انتظار أن تعرض الشاشة النهاية التي يتمناها.
في نسخة روسيا 2018، لم تكن هناك فرصة أنسب ليفقد ميسي الأمل في الحصول على الحرية مع فريق أهّله هو بنفسه إلى المونديال في المباراة الأخيرة في التصفيات، وهذه أزمة هوية كاملة لبلد يقدم للعالم مدربين مثل بوتشيتينو وسيميوني، لكنه لم يعد لديه سوى حراس بدلاء في أنديتهم لقائمة المنتخب ومجموعة من المحليين لإكمال التشكيلة.
وإضافة إلى ذلك، هناك النميمة عن ايكاردي، هداف الدوري الإيطالي الذي لا يذهب الى المنتخب انتقاماً منه لأنه خطف زوجة ماكسي لوبيز صديق ميسي الذي عاصر جذور القصة في كتالونيا. مجموعة منقسمة بين قدامى أنهكتهم النكسات وجدد بدأوا للتو حياتهم الدولية، منهم كباولو ديبالا، الذي لا يعرف لماذا استدعي إذا كان سيلعب 10 دقائق فقط، ومدرب يحاول تسخين طبخته الباردة التي نجحت نسبياً مع تشيلي قبل سنوات، قبل أن يتحد اللاعبون لمرة وحيدة من أجل تهميش دوره خلال البطولة، محولين معسكر الأرجنتين الى ساحة أناركية كاملة لا أحد يعرف من يختار تشكيلة المنتخب. ومع كل هذا، أصبح ترشيحهم للقب ضرباً من الجنون، لكن ميسي وحده من كبّل نفسه بقيود الأمل، فذهبت خفة قاد بها برشلونة بمفرده إلى الألقاب من دون مدرب على الدكة أحياناً.
قدم ميسي اليسرى فقدت حريتها في إبداع لا ينافسه فيه أحد عادة، وكل الخيبات الدولية التي تراكمت منذ أن جلس يشاهد من دكة البدلاء وداع الارجنتين مونديال 2006، لم تنجح في انتزاع الأمل من داخله.
متعادلاً أمام ايسلندا أو متاخراً بنتيجة ساحقة أمام كرواتيا أو حتى منتظراً معجزة أمام نيجيريا، بقي ميسي في مونديال روسيا وحده محتفظاً بالضغط الذي يقع عادة على مرشح لبطل العالم، بينما غاب من حوله حتى عن أبجديات الكرة.متعادلاً أمام ايسلندا أو متاخراً بنتيجة ساحقة أمام كرواتيا أو حتى منتظراً معجزة أمام نيجيريا، بقي ميسي في مونديال روسيا وحده محتفظاً بالضغط الذي يقع عادة على مرشح لبطل العالم، بينما غاب من حوله حتى عن أبجديات الكرة، ما وضع ضغطاً كبيراً عليه منذ البداية قبل أن يطاله الإرهاق أو ركلات المدافعين. الرغبة في إتقان كل كرة الى الحد الذي تضيع فيه الكرة أفقدته قدرته على الإرتجال، لم تكن هتافات الأرجنتينيين التي لا تخلو من البحث عن الملحمة ولا صرخات مارادونا في المدرجات سوى مزيداً من الضغط على رجل كان ربما بحاجة أكثر لتلك الرغبة في استعراض وداعي، ولكن هدفه الربح الذي ودع به زين الدين زيدان مونديال 2006 بتشكيلة فرنسية محبطة يقودها مدرب ضعيف. كان ميسي الوحيد الذي صدق بأنه يمكن لخبر سعيد أن يأتي متأخراً اذا ما انتظره بوجه عابس أكثر جدية من أي ميسي سابق، لكن ربما كانت ابتسامة رونالدينيو غير المكترثة هي ما احتاجه من أجل أن يواصل الحلم بعيداً عن عبء الأمل وضغوط حسابات الكرات الذهبية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين