ما إن لمست قدم لاعب الكرة يوماً ما حتى نُزع عنه رداء "القداسة" وخضع على الفور للمحاكمات هناك من يدفع ببراءته وحرصه على إجادة اللعب، وآخرون يكيلون الشتائم والسباب كما هي عادة مدرجات كرة القدم حول العالم، فما بالك إن كان المشجعون مصريين.
محمد صلاح، لاعب المنتخب المصري، فتى مصر الذهبي وابنها المدلل وفخر العرب ومعبود الجماهير في المملكة التي أضحت تغيب عنها الشمس، بات في مواجهة النقد للمرة الأولى من قبل الجمهور، وصفه البعض بأنه كان "أنانياً" في خياراته، ويخشى مواجهة المتاعب.
في حين منحه آخرون طيفاً من الأعذار لعدم ظهوره بقوته المعتادة خلال كأس العالم، منها تأثره بإصابته في نهائي دوري أبطال أوروبا، وفضائح البعثة المصرية في جروزني.
صلاح أناني!
أظهرت لقطات مصورة لحظة مغادرة حافلة منتخب مصر استاد مدينة فولجوجراد، حيث كانت آخر مبارياته التي انتهت بهدفين لهدف لصالح السعودية. وقتها ردد مشجعون مصريون هتافات نابية لدى مرور الحافلة "لاعيبة وس**". كانت غضبهم في روسيا كبيراً ولم يقل وطأة عمن شاهدوه في البيوت والمقاهي المصرية. قطع المشجعون مسافات طويلة داخل روسيا وراء منتخبهم القومي، العائد للبطولة بعد 28 عاماً، حالمين بأكثر من مجرد التمثيل المشرف بل مسّهم حلم الصعود لدور الـ16. وفي مدرجات السوشيال ميديا التي لا ترحم أحداً مهما كانت مكانته، كان لنجم الريدز نصيبه من التراشق اللفظي والتعليقات الغاضبة، لا سيما مع آمال عريضة علقوها عليه في مساعدة المنتخب في الوصول إلى مراتب متقدمة خلال المنافسات. ربما كان دافعهم نجاح اللاعب مع ناديه الإنجليزي وما أحرزه من أرقام قياسية وجوائز دولية لم يحققها أي محترف مصري من قبل، إلا أنها ربما كانت سببًا في ارتفاع حدة الانتقادات الموجهة إلى صلاح ووصفه بأنه "أناني"، فالبراعة التي يرونها منه في بريطانيا لا يرونها منه مع منتخب بلادهم، لكنهم لم يتوقفوا ليسألوا هل كان لصلاح أن يفعل كل هذا لولا وجود مجموعة من اللاعبين المحترفين في الليفر، لم تحمل قمصان أعضاء المنتخب الوطني المصري ماني أو فيمينيو، جميعنا يعرف من كان هناك في موقعة المباريات الثلاث. البعض طالبه بضرورة اتخاذه مواقف حازمة تجاه ما حدث في جرزوني ومن قضايا عامة أخرى في مصر، واعتبروا أن قراراته مقرونة باهتمامه بـ"كاريره الشخصي" ومستقبله الاحترافي في الملاعب الأوروبية، خاصة بعد أزمة ظهوره في معسكر المنتخب مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، الذي تطاله اتهامات بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان. بعد مباراة السعودية، ظهر صلاح بملامح متعبة وأدلى بمداخلة قصيرة اعتذر خلالها عن سوء أداء المنتخب، قائلاً "احنا لسه صغيرين، وهنشتغل على نفسنا لكأس العالم المقبل". بينما دافع آخرون عن اللاعب الشاب ذي الـ26 عاماً، وقالوا إن إصابته حالت دون ظهوره بالشكل اللائق، فضلاً عن ضعف مستوى المدير الفني، هيكتور كوبر وتمسكه الغريب والمريب بنفس الخطة الدفاعية العقيمة وحتى نفس التغييرات في كل مباراة. وجد صلاح نفسه وسط شلة من المنتفعين في داخل الاتحاد المصري لكرة القدم، خاصة مع كل ما أثير حول إدارة بعثة المنتخب وغموض قرار اختيار مدينة جرزوني، واقتحام معسكر المنتخب من قبل بعثة الفنانين والإعلاميين، وغرفة حارس الفريق عصام الحضري التي تحولت إلى أستديو لمحطة فضائية.رامي عباس.. مثير قنابل دخانية أم حائط الدفاع عن صلاح؟!
"والله كل واحد فينا محتاج في حياته رامي عباس يحميه من مصر"، عبارة قالها الكاتب الصحافي أحمد سمير، كاشفاً انطباعه عن رامي عباس، مدير أعمال محمد صلاح. وهو انطباع يميل إليه كثير من المصريين، بعد متاعب عدة واجهها اللاعب في الشهور الأخيرة، كان رمانة الميزان أو حائط الصد فيها "عباس". ما فعله عباس لفت انتباه المصريين إلى مهمات أخرى يفعلها مدير أعمال اللاعب، لم يألفوها لدى آخرين في مصر، ينحصر دورهم في إبرام الصفقات على طريقة "قعدة عرب". ذكاء صلاح توازيه مهارة مماثلة لدى عباس في كيفية إدارة المعارك الإعلامية والمالية دون خسائر تصيب اللاعب، بينما يرى آخرون أنه السبب وراء ما واجهه نجم ليفربول من مشكلات، مثلما حدث لدى وقوع أزمة حقوق الرعاية التي أثارتها شركة مصر للطيران عندما نشرت صورة لصلاح على طائرة المنتخب مخالفاً بذلك اتفاقه الإعلاني مع شركة فودافون. قبل أيام، بثت وسائل إعلام عالمية نبأ اتجاه صلاح إلى اعتزال اللعب دولياً لصالح منتخب مصر بدعوى عدم رضاه عما حدث في الشيشان، وهو ما نفاه اتحاد الكرة المصري. وآنذاك، نسبت هذه الوسائل الخبر إلى "أشخاص مقربين" من اللاعب، وهو ما صاعد التخمينات حول أنها كانت محاولة من عباس للنجاة باللاعب من مصيدة الإعلام الغربي الذي لا يرحم ولا يتجاوز أو يتسامح أمام هذا الشكل من التصرفات خاصة بعد تصاعد حدة الحديث عن ظهوره في قديروف، وذلك على نحو قد يهدد مسيرته الكروية. يأتي هذا في وقت ذكرت صحيفة "الإنبندنت" البريطانية أن صلاح تعرض للتهديد من السلطات المصرية قبل 4 سنوات بتجنيده إذا حاول الانسحاب من المنتخب المصري، تزامناً مع انتقاله إلى نادي تشيلسي الإنجليزي في 2014، حيث تم تهديد صلاح بأنه سيجري سحب إعفائه من الخدمة العسكرية الإلزامية ومنع أسرته من مغادرة البلاد. وأضافت: "في النهاية حصل صلاح على تمديد الإعفاء، والتقطت له صور مع الرئيس المصري وهو يشكره على التبرع السخي الذي قدمه لصندوق تحيا مصر الذي كان قد تأسس في نفس العام". وهو ما يدفع البعض إلى منح اللاعب العذر إزاء مواقفه نتيجة لضغط قد يواجهه في مصر. في حين اختلف مصيره عما واجهه اللاعب محمد أبو تريكة، الذي تلاحقه السلطات في مصر بتهمة الارتباط بجماعة الإخوان، ووضعته على قوائم الإرهاب. كما حدث مع أحمد الميرغني الذي تم إنهاء تعاقده مع نادي دجلة بسبب انتقاده لأداء السيسي في منشور على صفحته على فيسبوك. في النهاية على الجميع أن يعلم أن صلاح ليس أبو تريكة وأن لكل شخص خياراته في الحياة، كما أن لكل منهما ظروفاً خاصة جداً تختلف عن ظروف الآخر، وطبيعتنا كبشر على التحمل تختلف من شخص لآخر.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...