في عام 2006، بعد أن توجت إيطاليا بكأس العالم في ملعب برلين الاولمبي على حساب فرنسا، قرر الفيفا استحداث شعار جديد يحتفظ به بطل العالم على قميصه لأربع سنوات، ربما لم يكن يدري أنه سيكون مرتبطاً بالحظ السيىء لكل من حمله منذ ذلك الحين.
أول من حمله كانت بالطبع ايطاليا، التي احتفظت به حتى المونديال التالي بجنوب افريقيا، وهناك لم يتجرد المنتخب الأزرق فقط من ذلك الشعار، بل فقد معه الكثير من كبريائه الكروية، أبطال العالم قبل أربع سنوات عادوا بتشكيلة فيها الكثير من الاسماء التي شاخت في مراكزها كجاتوزو وكانافارو وكامورانيزي، بقيادة نفس الاسم الذي توج معهم باللقب مارشيللو ليبي كانت النتائج كارثية وترك حامل اللقب شارة البطل في جوهانسبرج مودعاً البطولة من دون اي فوز، في مجموعة تضم باراجواي ونيوزلندا وسلوفاكيا التي كانت قد أطلق رصاصة الرحمة على كهول ايطاليا رغم أنها كانت تظهر في المونديال للمرة الاولى والأخيرة حتى الآن.
عندما قرر الفيفا استحداث شعار جديد يحتفظ به بطل العالم على قميصه لأربع سنوات لم يكن يدري أنه سيكون مرتبطاً بالحظ السيىء لكل من حمله منذ ذلك الحينالشعار الذهبي الذي التقطه منتخب اسبانيا في مونديال جنوب افريقيا بدا وكأنه احتفظ بلعنته في النسخة التالية في البرازيل عام 2014، فجيل التتويج بلقبين أوروبيين متتاليين مع اللقب العالمي سافر بنفس الأسماء للدفاع عن لقبه، أسماء كتشافي الونسو وتشافي هيرنانديز ودافيد فيا وكاسياس كانت أولوية لدى قائدهم المتوج فيسنتي ديل بوسكي، رغم الصعود الواضح لجيل جديد كان قد بدأ في النضج بل ونجح بعض أفراده في قيادة اتليتيكو مدريد لمعجزة بلقب الدوري من أنياب ريال مدريد وبرشلونة في نفس عام المونديال، لكن الوفاء للحرس القديم كلف الاسبان الوداع المبكر من الدور الاول بخسارتين، إحداهما كانت خماسية هولندية لا تنسى. الركلة الحرة التي حولها توني كروس بكل ما ارتبط به من هدوء ونزعة للكمال في شباك السويد في الدقيقة الأخيرة من مباراتهما في مونديال روسيا كانت أشبه بصرخة في وجه لعنة شعار البطل، فالمانيا التي دخلت البطولة بكل الترشيحات وبرفاهية إسقاط أسماء كليروي ساني "أفضل لاعب صاعد في الدوري الانجليزي" من القائمة بدت وكأنها وقعت في نفس الفخ الاسباني والايطالي، الرجل الذي يجلس في مقعد المدير الفني منذ اثني عشر عاماً يختار الثقة في من رفعوا معه كأس البطولة في ملعب "ماراكانا"، على حساب مجموعة تشع تألقاً في ملاعب أوروبا توجت معه هو شخصياً في روسيا بالذات بكأس القارات في غياب اللاعبين الأساسيين ، نوير بدون مشاركات طوال الموسم مع ناديه يبدأ في المرمى على حساب تيرشتيجن ثاني أهم لاعبي برشلونة هذا الموسم بعد ميسي ، أوزيل يبقى الاختيار الأول في صناعة اللعب رغم كل اللامبالاة التي اكتسبها من التواجد في مشروع ارسنال في سنوات ارسن فينجر الأخيرة، سامي خضيرة يحتفظ بمكانه على حساب بطل انجلترا مع مانشستر سيتي جوندوجان ونجم بطولة القارات ليون جوريتزكا، وتوماس مولر الذي يبحث عن ذاته منذ ثلاث سنوات مع بايرن ميونيخ لا يزال قادراً بطريقة ما على البقاء اساسياً في اختيارات يواكيم لوف، رغم فشل الجميع في التوصل الى تفسير لما اصابه بعد التألق في السباعية الشهيرة ضد البرازيل، ثقة كلفته السقوط أمام المكسيك ثم التعثر لتسعين دقيقة كاملة امام السويد قبل ان ينقذ كروس سمعة الالمان الذين لم يخرجوا من كأس العالم من دوره الاول منذ ثمانين عاماً، لكن الشكل الذي ظهرت به المانيا يضع تساؤلاً حول جدوى استمرار مدرب في مكانه اذا ما توقفت ساعة منظاره عند لحظة رفع الكأس الذهبية، وهو محتفظ بنفس الهيئة والانفعالات المتحفظة والقمصان التي لا تخرج عن الابيض او الاسود، بدا يوكايم لوف وكأنه يعيش نفس اللحظة التي فقد فيها مارشيلو ليبي وفيسنتي ديل بوسكي اتصالهما مع واقع كرة ما بعد التتويج، ليتحول شعار بطل العالم على القميص الى علامة مسجلة للوداع المبكر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...