لا تزال الحركة السياحية في تونس مثقلة بتداعيات الأحداث الأمنية المتتالية، وآخرها حادثة متحف باردو الشهير في 18 مارس الماضي، والتي راح ضحيتها 18 سائحاً ورجل أمن تونسياً. وكان الهجوم الأول الذي يستهدف أجانب في تونس منذ الإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. وهو ثاني هجوم يستهدف سياحاً أجانب في تونس منذ سنة 2002.
وعلى الرغم من تشديد تونس إجراءات الأمن في المناطق السياحية وإطلاق حملة ترويج دولية لإنقاذ الموسم السياحي الصيفي، فقد أعرب مهنيون عن مخاوفهم من "فشل" الموسم بسبب التأثيرات السلبية للهجوم. والسياحة أحد أعمدة الاقتصاد في تونس إذ تساهم بنسبة 7% في إجمالي الناتج المحلي ويعمل فيها نحو 400 ألف شخص. وهي من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.وقد سجلت عائدات السياحة في تونس العام الماضي زيادة بنسبة تراوح بين 10.2% و1.9 مليار دولار، بالمقارنة مع النتائج المسجلة عام 2013، وذلك برغم تراجع عدد الزائرين بنسبة تراوح بين 2.9% و5.9 ملايين سائح.
وخلال الربع الأول من 2015، وقبل حصول الهجوم على متحف باردو، لم تكن هناك مؤشرات على موسم سياحي واعد في تونس، إذ تراجعت العائدات السياحية بنحو 7% وعدد الليالي المشغولة بنسبة 10.7% وعدد الواصلين الى الحدود بنسبة 14.2%، مقارنة بالفترة ذاتها من 2014 بحسب إحصاءات وزارة السياحة.
في هذا الإطار، أوضح طالب رفاعي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة خلال مؤتمر صحافي في تونس أن "الاختبار الحقيقي سيكون خلال فصل الصيف"، باعتباره الفترة التي يتدفق فيها أكبر عدد من السياح على تونس. وأبدى خشيته من "موسم فاشل"، خصوصاً بعد إعلان نقابة وكلاء الأسفار في فرنسا (أول سوق سياحية لتونس) تراجع الحجوزات نحو تونس بنسبة 60%.
وفيما قال رضوان بن صالح رئيس "الجامعة (الاتحاد) التونسية للنُزُل (الفنادق)" لفرانس برس "أكثر ما يثير القلق هو توقف حجوزات الصيف"، شدّد محمد علي التومي رئيس "الجامعة (الاتحاد) التونسية لوكالات الأسفار" على وجوب "أن نكون صارمين من الناحية الأمنية"، وعلى ضرورة "طمأنة السياح بكل الوسائل".
والأسبوع الماضي، أعلنت وزيرة السياحة سلمى الرقيق أن السلطات ستفرض إجراءات أمنية "استثنائية وشديدة" بالمناطق السياحية، وستطلق حملة ترويج دولية للسياحة التونسية تشارك فيها "شخصيات معروفة" للحد من التأثيرات السلبية للهجوم على متحف باردو.
وتتمثل الإجراءات الأمنية الاستثنائية في تعزيز الأمن بالمواقع والمسالك السياحية، وتشديد المراقبة في المطارات والطرق ووسائل النقل.
وفيما يخص الحملة الترويجية، قال التومي "لم نر شيئاً حتى الآن من هذه الحملة، لكن نتمنى أن تكون مدروسة جيداً حتى تمحو من ذاكرة الناس ما حصل".
ورأى أصحاب الفنادق ووكلاء الأسفار أن الإجراءات الأمنية الاستثنائية والحملة الترويجية للموسم الصيفي تبقى حلولاً ظرفية، لأن السياحة التونسية تعاني من مشاكل هيكلية تراكمت منذ عقود وبقيت دون حل.
أضاف التومي "لم نكن متفائلين حتى قبل حادثة باردو، لأن الوضع الأمني (في تونس) لم يستقر 100%، فضلاً عن مشاكل النظافة ومديونية المؤسسات السياحية. كل هذه الأمور جعلتنا لا نتوقع موسماً صيفياً جيداً".
ورأى بن صالح أن السياحة التونسية تدفع ثمن اعتمادها بشكل شبه حصري على السياحة الشاطئية. وقال في هذا السياق "منذ سنوات 1990 لم تكن هناك اي إرادة سياسية لتنويع المنتجات السياحية أو تحسين البنية التحتية (السياحية) الهشة". وأشار إلى ضعف السياحة الثقافية والطبية واقتصار السياحة الصحراوية على بضع واحات جنوب البلاد. ولفت إلى صعوبة الوصول إلى كثير من المواقع الأثرية الرومانية والبونيقية والنوميدية، بسبب انعدام الطرق السيارة ووسائل النقل السريعة والفنادق بتلك المواقع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...