في احتفال افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو: "هذا يوم سيُحفر في ذاكرتنا الوطنية لأجيال". ولكن الغزيين هم مَن لوّنوا هذا اليوم بدمائهم، مسجلينه يوم التضحية في سبيل رفض اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وفي سبيل تحقيق حق العودة.
أجواء يوم اعتراض الغزيين الكبير كانت ظاهرة منذ البارحة. فقد توقّع "المركز الفلسطيني للإعلام" أن سقف الاحتجاج في غزة سيكون مرتفعاً و"ستبذل حماس والفصائل المختلفة أكبر حشد في تاريخ القطاع على طول المنطقة الحدودية... كما ستجري محاولات حقيقية لاختراق الحدود ونزع السياج الفاصل".
وقال مدرس علوم في غزة يدعى علي، رفض نشر اسم عائلته، لوكالة "رويترز": "اليوم هو اليوم الكبير، اليوم ندخل الحدود لنقول لإسرائيل والعالم إننا لن نقبل أن نبقى تحت الاحتلال إلى الأبد"، مضيفاً: سيكون هناك شهداء، ربما الكثير من الشهداء، ولكن العالم سيسمع رسالتنا وهي أن الاحتلال يجب أن ينتهي".
وهذا ما حصل. فقد تدفق آلاف المحتجين على المنطقة الحدودية الواقعة بين قطاع غزة وإسرائيل في "مليونية الزحف نحو الحدود" التي وُصفت بأنها "أكبر مسيرة سلمية في تاريخ الشعب الفلسطيني"، بدعوة من الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، وذك للمطالبة بتطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وللتعبير عن رفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وتأهب الجيش الإسرائيلي لمواجهة الأحداث وأرسل تعزيزات إلى الحدود مع غزة وألقى منشورات على القطاع المحاصر جاء فيها: "لا تسمحوا لحركة حماس بأن تجعلكم دمية بين أيديها وتقوم باستغلالكم"، محذّرة الفلسطينيين من الاقتراب من السياج الحدودي.
وقال وزير الدفاع الإٍسرائيلي أفيغدور ليبرمان: "توصيتي لسكان غزة. لا تدعوا (قائد حماس في غزة يحيى) السنوار يعميكم بإرسال أطفالكم للتضحية بحياتهم دون أية منفعة".
ومنذ الصباح الباكر دارت المواجهات، وبدأ الشباب الفلسطينيون بإشعال الإطارات المطاطية وقاموا بقص السياج الحديدي المنصوب على الحدود في بعض المواقع، وأطلقوا الطائرات الورقية الحارقة.
وردّت إسرائيل بعنف بالغ وأطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، ما أسفر (حتى عصر اليوم) عن مقتل 43 مواطناً، ستة منهم أطفال دون سن الثامنة عشرة، وإصابة 2238 آخرين، حالات 28 منهم حرجة جداً، وحالات 71 خطيرة.
أبناء غزة يلوّنون يوم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بدمائهم، مسجلينه يوم التضحية في سبيل رفض اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وفي سبيل تحقيق حق العودةوفي 30 مارس، بدأت حركة احتجاجية أطلق عليها اسم "مسيرات العودة"، من المقرّر أن تبلغ ذروتها غداً، في 15 مايو، في الذكرى الـ70 لـ"النكبة". ومع الضحايا الذي سقطوا اليوم، يقترب رقم ضحايا "مسيرات العودة" من 100 شخص. وفي هذا اليوم الدامي، شارك قادة إسرائيليون ووفد أمريكي يضم وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين وإيفانكا ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجها جاريد كوشنر في حفل افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، في حدث اعتبره لبعض مسبباً للعنف في غزة. وتعليقاً على أحداث العنف المذكورة، قالت منظمة العفو الدولية: "هذا مثال مرعب آخر على استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة المفرطة وللذخيرة الحية بشكل باعث للأسى". وأضافت: "هذا انتهاك للمعايير الدولية، وفي بعض الحالات ارتُكب ما يبدو أنها أعمال قتل متعمدة تشكل جرائم حرب". وبحسب المحلل السياسي سمير حمتو، فإن قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو مليوني شخص، 80 منهم تحت خط الفقر، يشهد واقعاً سياسياً معقداً، فمن جهة يُعَدّ منطقة محررة من الاحتلال بعد خروج الإسرائيليين منه عام 2005، ومن جهة أخرى ما زال يخضع لاحتلال إسرائيلي يحكم سيطرته على حدوده ومنافذه البرية والبحرية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com