"يا للروعة. يا له من مقطع أسطوري"... كان هذا بعض مما قاله جنود إسرائيليون في مقطع فيديو يصوّر قنص جندي لشاب فلسطيني أعزل، حيث تتعالى ضحكات الجنود في الخلفية عندما "نجح" زميلهم في إصابة الشاب، بعدما كانوا قد أطلقوا مجموعة من الكلمات البذيئة لصعوبة الوصول إليه وهو واقف خلف السياج. ويُسمع في الفيديو، الذي انتشر بشكل واسع على وسائل إعلام إسرائيلية، صوت قائد يعطي أوامر للجندي بقتل فلسطيني يقف وراء الشريط العازل قائلاً: "عندما يتوقّف عن الحركة، اضربه على الفور"، ليردّ أحد الجنود بالقول إنه لا يستطيع بسبب السياج، ومن ثمّ يسمع صوت القنص وصوت ضحكات الجنود بينما يظهر الفلسطيني وهو يتهاوى على الأرض بعد إصابته. يأتي الفيديو في وقت كثرت فيه الانتقادات حول ممارسات الجيش الإسرائيلي، لاسيّما مع المتظاهرين الفلسطينيين على الحدود مع غزة، إذ لجأ الجيش إلى القناصة والرصاص الحيّ بوجه فلسطينيين يتظاهرون بشكل سلمي. هذه الممارسات دفعت البعض إلى تسليط الضوء على آلية تعامل القيادة الإسرائيلية مع الجنود، وأساليب إقناعها لهم أن كلّ شيء يمكن حلّه بتقنيّة جديدة أو بإضافة عنصر مادي، ما يجعل الجنود يجرّدون الهدف من إنسانيته، فيرونه وحشاً في لعبة فيديو الأمر الذي يسهّل قتله بدم بارد. ورداً على الفيديو المنشور، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه فتح تحقيقاً في الأمر، موضحاً أن التحقيقات الأولية تشير إلى أنّ تاريخ الفيديو يعود إلى أشهر وليس جديداً، ومع ذلك انتقدت جمعية "كسر الصمت" الإسرائيلية التي تعمل على جمع شهادات الجنود حول الانتهاكات المحتملة ضد الفلسطينيين موقف القيادة الإسرائيلية، وسخرت من رد الجيش قائلة إن "الأمر لا يعود إلى أشهر مضت بل إلى 51 عاماً"، حين سيطرت إسرائيل على قطاع غزة عام 1967.
من جهتها، انتقدت جمعية "بتسليم" الإسرائيلية الفيديو واضعة إياه في السياق نفسه الذي اعتمدته إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، وكانت الجمعية دعت الجنود إلى "عصيان" أوامر القيادة والامتناع عن قنص المتظاهرين الفلسطينيين.
بدوره، سخر النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي من مقولة إن الجيش الإسرائيلي هو بين أفضل الجيوش في العالم من الناحية الأخلاقية، معتبراً أنّ مقطع الفيديو يمثل الوجه الحقيقي للاحتلال الذي لا يمكن إلا أن يكون "مجرماً وفاشياً وسادياً". ورأى الطيبي أن الشريط ليس خروجاً عن القاعدة، قائلاً:"أنا على يقين أن غالبية عمليات القنص كانت هكذا وبنفس الأسلوب". وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" ربطت الفيديو بقضية الجندي الاسرائيلي اليؤور أزاريا الذي أجهز على الفلسطيني عبد الفتاح شريف بإطلاق النار عليه من مسافة صفر بعدما كان مصاباً طريحاً على الأرض. وقد حُكم على أزاريا بالسجن 18 شهراً، وسط ردود فعل مندّدة من جمعيات حقوقية اعتبرت المحاكمة مجرّد مسرحية دعمها مسؤولون إسرائيليون دافعوا عن الجندي المتهم. ولاقى شريط الفيديو، الذي انتشر بداية على تطبيق واتساب، ردود فعل شاجبة من الداخل الإسرائيلي التي اعتبرت أنّ مثل هذه الأفعال تضع صورة الجيش وأخلاقه على المحك، لكن الردود بقيت ضمن إطار المحاولات لتصوير الواقعة وكأنّها الإستثناء وليست القاعدة.
فيديو جديد يوثّق احتفال جنود إسرائيليين بقتل شاب أعزل... ثمة من يرى في إسرائيل أن هذا استثناء وليس قاعدة، ولكن الوقائع تثبت العكس
"أفضّل الجنود الذين يطلقون النار ويضحكون على الذين يصرخون وينتهي بهم المطاف بعدم إطلاق النار"... هكذا ردّ نائب إسرائيلي على الفيديووفي هذا الإطار، دان عضو الكنيست ناشمان شاي ما قام به الجنود، مؤكداً أن هذه ليست أخلاق الجيش الإسرائيلي قائلاً:" المعركة ليست بيننا وبين حماس فقط. إنها أيضا لأنفسنا ولقيمنا ولهوية المجتمع الإسرائيلي". وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة التي طالت الفيديو بموازاة قتل الجيش لـ 31 فلسطينياً خلال تظاهرات مسيرة العودة، خرج من الإسرائيليين من لم يكتف بالتبرير بل دافع عن الأمر وكأنّه تصرف طبيعي. من هؤلاء كان عضو الكنيست بيزاليل سموتريتش، من حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، الذي كان من أكثر الداعمين لتصرف الجنود. وقال سموتريتش: "في حرب ضد عدو شرير يريد أن يدمرنا، أفضّل الجنود الذين يطلقون النار ويضحكون على الذين يصرخون وينتهي بهم المطاف بعدم إطلاق النار، وبالطبع كان إطلاق النار مبررا في العملية"، مضيفاً "ثقتي الأساسية في جنود الجيش الإسرائيلي تجعلني أفترض أن إطلاق النار كان مبرراً. دعمنا الكامل للمقاتلين". بدوره، دافع وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت عن الجنود، قائلاً إنه يدعم بالكامل الجيش الإسرائيلي وجنوده. وعلّق في مقابلة إذاعية: "أن نجلس في تل أبيب وندين الجنود فهذا أمر غير جدي، هل بدأنا نحكم على الجنود انطلاقا من جودة الحوار؟ هل نحن مجانين؟ من غير المجدي أن يتم الحكم على الجنود وهم يحمون الحدود".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع