فرح الهاشم فتاة لبنانية كويتية مسّها هوس الفنون والسينما منذ الصغر، فراحت تلهث خلفه في جميع مدن العالم، فتعلمت السينما والإخراج في أكاديمية الفنون بنيويورك، حتى ذهبت بها رياح الفن لتستقر في باريس، مدينة الفنون، لتشبع شغفها بالفن والكتابة والسينما، لعل رياح الإبداع الباريسية تجعل قريحتها الفنية لا تنضب ولا تتوقف عن إيجاد أفكار جديدة تُمتع بها جمهورها وتساعدها على الاستمرار في الحياة.
عندما تشاهدون للمخرجة فرح الهاشم فيلميها الروائيين "ترويقة في بيروت" و"قصة مش مكتوبة" تجدون أنكم أمام مخرجة عشرينية متفردة في طرحها للأفكار والتساؤلات بطريقة جذابة، بل إنها تصفعكم بطريقة مباشرة أحياناً عندما تواجهكم بكل الأسئلة التي تجول في خواطركم عن الحياة والعلاقات والوطن والترحال والغربة والحب.
لكن فرح بكل شجاعة قررت خوض مشاركة أجيال عدة أفكارهم ومخاوفهم وتساؤلاتهم في شكل أعمال روائية ربما تشبه الأفلام التسجيلية والوثائقية في بعض الثيمات، ولكنها بلا شك تنتمي أكثر لمدرسة سينما المؤلف.
دردشنا مع فرح عن الحب والفن والوطن والسينما والهجرة والثمانينيات والأحلام وودي آلن.
الوطن والغربة
تعتبر فرح أن كل مدينة لها تأثير خاص في حياتها، تأثير نجح في تحول شخصياتها، تقول:"الكويت علمتني الأمان، هي البيت القديم الذي أعود اليه كلما ابتعدت وأعرف دائماً انه سيحتويني. بيروت هي أنا، أرى نفسي في بيروت، بطبيعتها العنيفة والجميلة والعاطفية، إنها تشبهني. أمريكا اعطتني الحرية ونيويورك أعطتني ميزة أن كل شيء أود أن أفعله في حياتي أستطيع أن أفعله بكل أريحية وأنه ليس هناك ممنوع. لا يوجد مستحيل في قاموسها، نيويورك وبيروت هما اللتان شجعتاني على الحياة وعلمتاني الاعتماد على نفسي". وتضيف "باريس حالياً هي ملجأي، أختبئ داخل قلب باريس الفنية من كل عقد الحياة ومن كل الأشياء التي عانيت منها كامرأة في السينما والمصاعب والحياة والحروب والمشاكل. أعتبر باريس بعد رحلاتي وسفراتي بلكونة الحياة التي أتفرج منها على الحياة، أشتغل على دراستي وخططي الشخصية بهدوء، ببساطة كل مدينة أضافت إلي شيئاً، ومن حسن حظي أني عبرت بكل هذه المدن".عن الحب والحياة
في حياة كل منا شخص نحبه ونسعى لدوام علاقتنا به،ولعله يكون منجاة لنا في لحظة انكسار أو تشوش رؤية، تقول فرح: "هناك صديق عزيز لي هو الممثل بديع أبو شقرا، وهو بطل فيلم ترويقة في بيروت، أخبرني ذات مرة أن الحب حالات. ربما تعيش حالة في فترة معينة ثم تنتهي هذه الحالة". وتضيف "أنا كنت بعصب وأقوله إزاي والحب القديم والزواج، وهو ما كان بيوافقني". تتابع فرح "أول مرة أحببت منذ 7 سنوات وانتهت القصة وعبرت عنها بفيلم قصير اسمه 7 ساعات، ومدته 7 دقائق بكاميرا الموبايل ونجح نجاحاً لم أتوقعه، وهذا ما جعلني اتخطى حزن فراق الحبيب".السينما والشغف
شغفنا بالأشياء هو ما يجعل لدينا أسباباً أخرى للحياة والاستمرار، وعندما تكون صناعة الأفلام من مسببات الحياة لدى شخص، فللأمر جلاله وانعكاسه عليه، تكمل فرح "بكون فعلاً ميتة رعب ومتوترة، وخايفة وحاسة إني اللي بعمله هذا ولا شيء، وأنا بشتغل على الفيلم مشهد بمشهد وبعمل حوالي خمس نسخ، وكل مرة بنتقد نفسي. أقطع الأفلام لأجزاء صغيرة، وأقول مش ده اللي عاوزاه وساعات الفترة دي بتطول كتير، أشهر أو سنة ومرة سنتين، من أحلى الحاجات أنك تكون بتحضر لعمل هو إحساس حلو ومش حلو وسلاح ذو حدين، خوف وإحساس أنك عاوز تعمل حاجة كاملة. استغراق يأخذ من روحك وبمجرد الانتهاء منه بتشعر أن حاجة من جواك طلعت وتشبه عملية الولادة إلى حد كبير". هذا حدث لي بعد فيلم "ترويقة في بيروت"، توحدت معه وأخذ من روحي وتغيرت كثيراً أثناءه وبعده". وعن وودي آلن تقول: "بحب آلن من زمان وكنت بحضر أفلامه وما كنت بفهمها، وبعدين صرت أفهم أفلامه مع الكبر، وبحب شخصيته المتفردة. بس بزعل وأصاب بالإحباط أن شخصية عظيمة زيه في الفن يكون عليه قضايا تحرش جنسي، بشعر بتضارب في مشاعري، وبفكر ليه معظم الفنانين بتكون أخلاقهم زفت؟". وتكمل "قررت بيني وبين نفسي أن أركز على الناس ذوي الأخلاق الحسنة، لأن هؤلاء يصنعون فناً عظيماً مثل فريد الأطرش ومحمد فوزي، وفي مجال السينما لم أجد مثل المخرج الفرنسي المعاصر جان لوك غودار، من حيث الأفكار والأخلاق الحسنة ومناقشة المواضيع".أمنيات قبل الرحيل
هناك قائمة تسمى the bucket list وهي قائمة أمنيات يحددها كل شخص ويتمنى أن يفعلها قبل أن يموت، وبمجرد أن تنجز إحدى الأمنيات تضع حوله علامة وتتجه بكل شغف إلى الأمنية التالية. عن قائمة أمنياتها، تقول فرح: "أخرج حالياً فيلماً بكوبا عن الموسيقى والحب في هذه المدينة، وفيلماً عن فريد الأطرش، وفيلماً عن والدتي الكاتبة عواطف الزين، وأتمنى أن أعيش سنة واحدة في موسكو، وأن أكتب رواية بالفرنسية". وأما بعد الموت فتتمنى فرح التخلص من جثمانها عن طريق الحرق لأنها لا تحب فكرة الصندوق، تقول: "الحياة صندوق، فلماذا نحبس أنفسنا بصندوق آخر ونأخذ حيزاً من الأرض، ولأني لا أفضل مدينة على أخرى، أفضل الدفن في الهواء".جيل الثمانينيات ولعنة الوضع الوسط
يشعر كثيرون من أبناء جيل الثمانينيات أنهم وجدوا في مرحلة انتقالية حرجة على كافة المستويات، فالجيل الذي رافق التليفون المنزلي ذا القرص الدائري يحمل الآن هواتف ذكية ذات شاشات تعمل باللمس. والجيل نفسه الذي تعوّد استئجار شرائط أفلام أجنبية من نوادي الفيديو أصبح يضع المئات من الأفلام على قطعة بلاستيكية في حجم القداحة. ترى فرح أن جيلها، جيل الثمانينيات، ضائع بين العودة إلى الماضي وعدم الاستقرار في الحاضر. تقول: "الواقع رفضنا لأن هناك نوعاً من البرود والسطحية من الجيل الذي ولد بين التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة، جيل السوشيال ميديا واللايكات والبوستات والوقفات قبالة الكاميرا وتصوير كل شيء ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي".آلة الزمن
تتمنى فرح أن ترجع لأولى سنوات القرن العشرين عندما كان الرسام الإيطالي موديلياني يمشي في شوارع باريس ولا يملك فلساً واحداً، تقول "كنت حابه نشتغل سوا نطلع مصاري سوا، ويكون هو حبيبي الأول والأخير، لأني مغرمة فيه كرجل وكرسام وكإنسان. كنت أتمنى أن أتعرف على حد يشبه موديلياني، هذا هو الزمن اللي بحبه بين القرن التاسع عشر وأوائل العشرينات". وتضيف: "الأغنية التي أشعر أنها مكتوبة لي هي "وحداني هعيش كده وحداني"، لفريد الأطرش، وأحب قول للكاتب الروماني الفرنسي الفيلسوف إميل سيوران، هو: لا وجود إلا لعلامة واحدة تشهد على أننا فهمنا كل شيء: أن نبكي بلا سبب".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين