تحت ذرائع "خدش الحياء وإهانة الدولة وتهديد القيم الاجتماعية"، حلّت دول عربية، من بينها مصر والسعودية ولبنان وتونس والجزائر، إضافة إلى تركيا وإيران، في قوائم أكثر الدول انتهاكاً للحريات الإبداعية حول العالم عام 2017.
مؤسسة "FreeMuse"، المعنية بحرية الإبداع الفني، ومقرّها الدنمارك، أعلنت تقريرها في هذا الشأن منتصف مارس الجاري، في العاصمة السويدية ستوكهولم، بالشراكة مع مؤسسة "PEN Sweden".
وقصد تقرير المؤسسة بالفنانين من يعملون في المجالات الإبداعية، لاسيما الموسيقى والتمثيل والكتابة الأدبية والرقص.
ظاهرة عالمية "مثيرة للقلق"
وثّق تقرير "حالة الحرية الفنية 2018 "نحو 553 حالة اعتداء على حرية الإبداع الفني، حدثت في 78 دولة حول العالم، مُعتبراً أن "الحرية الفنية تخسر هذه المعارك، والفنانون يدفعون الثمن".
ووصف ما يحدث بأنه "ظاهرة عالمية مثيرة للقلق، حيث تعترض حرية التعبير الفني قوانين وطنية، بما في ذلك الدول الديمقراطية".
وقال المدير التنفيذي للمؤسسة سريراك بليبات: "خلقت السياسات القومية في الولايات المتحدة وأوروبا شرعية جديدة لرفض وجهات النظر والتعبير الفني"، موضحاً أنه "إلى جانب الأنظمة القمعية التقليدية، هناك ثقافة عالمية جديدة لإسكات الآخرين أخذت حرية التعبير الفني إلى مستوى منخفض جديد".
وأضاف بليبات: "يُظهر بحثنا أن من هم في السلطة في أي مكان يتشاركون الرغبة في إسكات أولئك الذين يختلفون معهم أو يكرهونهم أو يخشونهم أو يرونهم ببساطة مُختلفون".
ومثله، قالت آنا ليفيون إنغفارسون، الأمينة العامة لـ"بن سويدي" السويدية، إن عواقب هذه الانتهاكات ضد الفن والفنانين لا حصر لها، فـ"الفنانين يتحدون السلطات من خلال إبداعهم وبقوتهم في نقل الملاحظات والأفكار الحادة التي يشاركها الكثير من الناس… وعندما تُسكت السلطات الفنانين، فإنها تؤثر على مجموعة واسعة من القراء والمستمعين والجماهير"، حسب إنفارغسون.
في تصنيف الدول التي أجرت تحقيقات واتخذت إجراءات قانونية ضد الفنانين، جاءت مصر في الصدارة بين 6 دول، فيما وقعت 30% من هذه الحالات في منطقة الشرق الأوسط، حسب تقرير "FreeMuse"
بلغ إجمالي عدد سنوات السجن الصادرة في حق 48 فناناً حول العالم في العام الماضي نحو 188 عاماً، حسب تقرير "FreeMuse"
إحصاءات "مُزعجة"
أشارت "FreeMuse" إلى أن تحليلها الشامل رصد "تطورات مزعجة" حول العالم، بشأن كيفية التعامل مع الفنانين والمبدعين وحقهم في التعبير عن أنفسهم بالفن.
ووثقت المؤسسة 8 طرق لـ"إسكات الفنانين" في 2017، استُخدمت ضدّ 202 عمل موسيقي و131 فيلماً و110 من الأعمال الفنية التشكيلية، و52 عملاً مسرحياً و46 عملا أدبياً، و12 حالة في مجال الرقص.
وبيّنت "FreeMuse" هذه الطرق على النحو التالي:
1 - القتل: 2 من الموسيقيين قتلا في دولتين.
2 - الاختطاف: 5 اختطفوا في دولتين، وهم 4 موسيقيين وكاتب.
3 - السجن: 48 سجيناً في 11 دولة، منهم 31 موسيقياً و4 ممثلين و11 كاتبًا و2 من الفنانيين التشكيليين.
4 - الاعتقال: 50 اعتقلوا في 21 دولة، منهم 12 موسيقيا و18 مُمثلا و8 كتاب و6 فنانيين تشكيليين و6 راقصات.
5 – التحقيق في اتهامات متعددة: 57 خضعوا للتحقيقات في 25 دولة، منهم 31 موسيقياً و5 مُمثلين و6 كتاب و11 فنانا تشكيلياً وراقصة.
6 - الاعتداء: 57 حالة اعتداء ضد الفنانيين وحرياتهم في 26 دولة.
7 - التهديد: 88 حالة في 35 دولة تضم 37 موسيقياً و34 ممثلاً و5 كتاب و10 فنانين تشكيليين وراقصتين.
8 - الرقابة: هناك 246 واقعة للمراقبة في 56 دولة.
ماذا عن الدول العربيّة؟
جاءت مصر في المرتبة الثانية بعد إسبانيا من حيث الانتهاكات الواقعة ضد حرية الموسيقى وحق الفنانين في التعبير.
وضرب التقرير مثالاً على ذلك ما حدث مع المطربة شيرين عبد الوهاب التي منعتها نقابة الموسيقيين المصرية من المشاركة في حفلات غنائية داخل البلاد، ثم صدر حكم بحبسها 6 أشهر وتغريمها 6 آلاف جنيه بدعوى "إهانة الدولة المصرية وإذاعة أخبار كاذبة"، على خلفيّة "تصريحات البلهارسيا" التي أطلقتها خلال حفل في دولة الإمارات في نوفمبر الماضي.
وفي دول عربية وإسلامية مثل مصر والسعودية ولبنان وإيران وباكستان وإندونيسيا، ما زالت القيود الاجتماعية (خدش الحياء) تشكل نسبة 70% من الذرائع المستخدمة لتكرار الانتهاكات ومنع النساء من التمتع بحرية التعبير الفني والإبداع، حسب التقرير.
وفي تصنيف الدول التي أجرت تحقيقات واتخذت إجراءات قانونية ضد الفنانين، جاءت مصر في الصدارة بين 6 دول، فيما وقعت 30% من هذه الحالات في منطقة الشرق الأوسط.
وفي فئة الرقابة على الأفلام السينمائية، جاءت تركيا في المرتبة الثانية (9%) بعد الهند (20%)، في حين حلّ لبنان في المركز الرابع بنسبة 8% من حيث عدد الحالات.
كما تطرق التقرير إلى وقائع منع عرض الأفلام في عدد من الدول العربية لأسباب مختلفة، سواء لأسباب تتعلق بالممثلين فيها أو معتقدات دينية أو لأفكار اُعتبرت متعارضة مع قيم المجتمع.
من هذه الأفلام، الفيلم المصري «مولانا» وفيلمي "BEAUTY AND THE BEAST " و "WONDER WOMEN"، التي مُنع عرضها في لبنان والكويت والإمارات وقطر وتونس.
وفي نطاق آخر، ذهب التقرير إلى أن دول الشرق والغرب تشاركت القائمة السوداء للحريات الثقافية الأدبية والمسرحية.
وحسب القائمة، وردت الجزائر في المركز الثالث بواقع 132 حالة، بعد أوزبكستان (225) وفرنسا (140).
وبواقع محاكمة فنان أسبوعياً، بلغ إجمالي عدد سنوات السجن الصادرة في حق 48 فناناً حول العالم في 2017 الماضي نحو 188 عامًا.
وجاءت إسبانيا في صدارة أكثر الدول سجناً للفنانين بواقع 13 حالة، يليها بالترتيب الصين (12) ثم إيران (9) فمصر (5) وتركيا (3)، وتأتي بعدها السعودية وتونس وروسيا وكوبا وأريتريا بواقع حالة لكل منها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...