أطلق الجيش التركي حملة عسكرية جديدة داخل سوريا يوم السبت، اسمها عملية غصن الزيتون، وهدفها مقاطعة عفرين ذات الغالبية الكردية والمحاذية لمحافظتي كلس وهاتاي التركيتين.
الحملة التي بدأت بكمية هائلة من القصف المدفعي وغارات جوية زادت عن 150 في أول يوم من العملية، جاءت رد فعل لمبادرة أمريكية الأسبوع الماضي، تنص على إنشاء جيش قوامه 30,000 جندي لحراسة الحدود السورية، يتضمن وحدات حماية الشعب الكردية.
تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابياً من قبل تركيا، ولذلك فإن اعتماد الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية على القوات الكردية في عمليات تحرير مدينة الرقة وريفها كان يشكل صداعاً للحكومة التركية، التي عدّت تمدد القوات الكردية تهديداً صارخاً لأمنها القومي.
إلا أن الإعلان الأمريكي عن قوة حرس الحدود أصبح العصا التي قصمت ظهر بعير العلاقات التركية الأمريكية، إذ اتهم الرئيس رجب طيب إردوغان واشنطن بإنشاء جيش إرهابي على الحدود التركية، وسرعان ما أعلنت القوات المسلحة إطلاق حملة غصن الزيتون بعد استشارة روسيا، التي تسيطر على المساحة الجوية فوق عفرين، وبمشاركة بعض فصائل من المعارضة السورية المسلحة التابعة لتركيا.
هنالك حوالى 600 ألف مدني في مقاطعة عفرين، أغلبهم من الأكراد، بالإضافة إلى نحو 9000 مقاتل من وحدات حماية الشعب بحسب تصريحات المسؤولين الأتراك.
ويعلل هؤلاء المسؤولون تدخل الجيش التركي للمرة الثانية في الحرب السورية بعد عملية درع الفرات في صيف 2016، والتي أدت إلى تحرير بعض المدن القريبة من الحدود مثل جرابلس والباب من تنظيم الدولة وإيقاف تمدد رقعة سيطرة القوات الكردية غرب الفرات، ويزعمون بأن عفرين أصبحت بؤرة إرهابية يقوم منها أعضاء الميليشيات الكردية بمضايقات على الحدود التركية.
وتهدف أنقرة، بحسب تصريحات رئيس الوزراء بن علي يلديريم، إلى إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل عفرين. بالإضافة إلى الهدف الأساسي وهو إضعاف القوات الكردية وتوجيه رسالة إلى واشنطن تفيد بعدم قبول تركيا ترسيخ كيان حكم ذاتي كردي في المنطقة الحدودية.
كما يقول المسؤولون الأتراك أنهم سيبنون أنظمة إدارية ديمقراطية في عفرين، وسيعملون على تأهيل البنية التحتية كما فعلوا في مدن درع الفرات.
يصر المسؤولون الأتراك على أن عملية غصن الزيتون ليست ضد الأكراد كلهم، ولكنها ضد الجماعات المصنفة إرهابياً. في المقابل، تعتبر وحدات حماية الشعب حسب ما جاء في بيان لها، أن العملية دليل على عنصرية الحزب الحاكم في تركيا واستعلائه القومي.
وبغض النظر عن إمكانية نجاح العملية العسكرية بشكل مستديم وإنشاء كيان مستقر يحل محل القوات الكردية، تشكل عملية غصن الزيتون نقطة مفصلية في الحرب السورية، وقد تكون أهم معالمها هي الإعلان الصريح عن تخلي أنقرة عن أولويات المعارضة السورية.يصر المسؤولون الأتراك على أن عملية غصن الزيتون ليست ضد الأكراد كلهم، ولكنها ضد الجماعات المصنفة إرهابية. في المقابل، تعتبر وحدات حماية الشعب أن العملية دليل على عنصرية الحزب الحاكم في تركيا واستعلائه القومي
تشكل عملية غصن الزيتون نقطة مفصلية في الحرب السورية، وقد تكون أبرز معالمها هي الإعلان الصريح عن تخلي أنقرة عن أولويات المعارضة السوريةشكل انخراط بعض فصائل المعارضة المسلحة في العملية نقطة جدال عند النشطاء السوريين. يعتبر البعض مشاركة الجيش الحر في العملية مسألة ذات أهمية إستراتيجية، بسبب اتهامات وجهت إلى القوات الكردية بتهجير العرب من المناطق المحررة من تنظيم الدولة، بالإضافة إلى إجراءات قمعية أخرى، وبسبب اعتقاد بعض أعضاء المعارضة بأن القوات الكردية تسعى إلى تفاهم مع نظام بشار الأسد. في المقابل، يرى آخرون أن تلك الفصائل المشتركة في العملية أصبحت مجرد مرتزقة تابعة للحكومة التركية ولا تمت للثورة السورية وأهدافها بصلة. تتجه تركيا منذ فترة باتجاه الرضا على بقاء الأسد، وقد أصبح هدفها الإستراتيجي الأعلى في سوريا هو منع إنشاء كيان مستقل كردي في الشمال السوري، خصوصاً إذا كانت وحدات حماية الشعب هي القوة الأهم فيه. فمعركة غصن الزيتون انطلقت في نفس اليوم الذي أعلنت فيه حكومة الأسد سيطرتها على مطار أبو الضهور العسكري في إدلب، بعد حملة استمرت قرابة شهر في المحافظة، أدت إلى نزوح نحو 212 ألف مدني، اتجه منهم أكثر من 50 ألفاً إلى الحدود التركية. ودخول النظام إلى إدلب، المعقل الأخير للمعارضة المسلحة، بالإضافة إلى السيطرة العسكرية لجبهة تحرير الشام التابعة سابقاً إلى القاعدة، خطر إستراتيجي للمعارضة المسلحة قبل مفاوضات السلام المزمع إقامتها في مدينة سوتشي الروسية خلال الأسابيع المقبلة، وهو خطر أكبر من انتشار الميليشيات الكردية في عفرين. عدا انشغال تلك القوات في معركة ليست ذات أهمية إستراتيجية للمعارضة، في وقت تمتلك الحكومة السورية زمام المبادرة العسكرية. وفاجأ وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو الجميع حينما صرح أن الحكومة التركية أعلمت الحكومة السورية كتابياً بنيتها دخول منطقة عفرين. وهو ما يوحي أن أنقرة أصبحت تتعامل مع حكومة الأسد على أنها أمر واقع على أقل تقدير. بينما لم تقم تركيا بمحاولات جادة لوقف العنف في إدلب برغم أن لها مواقع مراقبة في المحافظة، باعتبارها القوة الضامنة لحفظ اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت له تركيا وروسيا وإيران في أستانا. واللافت أيضاً إبداء المسؤولين الأتراك نيتهم ترسيخ المؤسسات الديمقراطية في منطقة عفرين، وتوقعهم أن يرحب القاطنون في المنطقة بالجنود الأتراك والمعارضة السورية، بلغة تشبه إلى حد ما الخطاب الأمريكي قبل غزو العراق. إذ قال مسؤول تركي: “هدفنا إعادة بناء المؤسسات الديمقراطية والبنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. نحن نرحب بدعم السكان المحليين لتدخل تركيا العسكري”. أما الولايات المتحدة فأعربت عن قلقها حيال العمليات العسكرية في الشمال السوري، ولكن في محاولة لتهدئة العلاقات قال وزير الخارجية ريكس تيليرسون إن تركيا من حقها حماية مناطقها الحدودية. إلا أن الرئيس التركي استهزأ بدعوة أمريكا لجعل العملية ضمن نطاق ضيق من حيث المساحة والزمان، قائلاً إن الولايات المتحدة لم تزل موجودة في العراق وأفغانستان.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين