شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
صورة عن ما تتعرض له مصورات صحافيات في شوارع بلدهن، مصر

صورة عن ما تتعرض له مصورات صحافيات في شوارع بلدهن، مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 5 مارس 201804:57 م
خمس سنوات كاملة أمضتها المصورة الصحافية فتحية السيسي تحاول اكتشاف شوارع مصر بكاميرتها. بدأت العمل منذ أن كانت طالبة إعلام في السنة الأولى. تعمل فتحية لموقع إلكتروني في القاهرة، ومهمات عملها توثيق الحياة في العاصمة من خلال صور فوتوغرافية وفيديوات. تقول لرصيف22: "لا تتوقف المضايقات التي أتعرض لها، سواء مما يمكن أن أطلق عليهم المواطنين الشرفاء (مصطلح انتشر بعد ثورة يناير على المواطنين الذين قد يعملون لمصلحة الأمن) أو من بعض رجال الأمن المصرّين دائماً على أن التصوير ممنوع في شوارع مصر من دون سبب". اختارت فتحية العمل مصورة شارع، لأنها اعتبرته الأقرب إلى شخصيتها، فهي متمردة، تحب اكتشاف كل شيء حولها، وتوثيق جميع التفاصيل. وهي تنزل إلى الشارع أيضاً لعمل مشاريع مصورة مستقلة خاصة بها. لكن كثيراً ما تُطرح عليها أسئلة من بعض رجال الأمن مثل: "هل لديك تصريح من وزارة الداخلية بالتصوير في الشارع؟"، وحين تخبرهم بأنها مصورة صحافية وتظهر لهم بطاقة العمل، لا تتوقف المضايقات التي قد تصل إلى حد مسح الصور من ذاكرة الكاميرا. يتعامل الشارع المصري بقسوة مع النساء عموماً، ومع الفتيات اللاتي اخترن النزول إلى الشارع بكاميراتهن خصوصاً. فالأمر هنا يتعدى التحرشات العادية التي تواجهها الفتيات في بلد يحتل ترتيباً متقدماً في التحرش بالنساء ويصل إلى مرحلة معقدة كثيراً. مضايقات من المواطنين ورجال الأمن، تحرشات، عنصرية لمجرد أنهن فتيات. [caption id="attachment_132101" align="alignnone" width="700"]INSIDE_EgyptianPhotographers_fathia المصورة الصحافية فتحية السيسي[/caption]

تشوهون صورة البلد

يشكو مصورون كثر من الصعوبات التي تواجههم أثناء التصوير في الشارع المصري. يقول مراقبون أن نظرية المؤامرة تتعدّى رجال الأمن وقد تصل إلى المواطن العادي الذي يشعر بأن المصور يهدف إلى تشويه صورة بلده. "قد أكون ألتقط صوراً لمكان، فإذا بمواطن عادي يبلغ الشرطة عني"، تقول فتحية. تروي فتحية حادثة حصلت معها قائلة لرصيف22: "كنت أغطي تظاهرة سياسية لإسلاميين في منطقة الهرم (إحدى مناطق محافظة الجيزة) فطردني المشاركون فيها فقط لأنني فتاة". وتشكو مصورات من أن التمييز الذي يمارس ضدهن في الشارع يصل أحياناً إلى أماكن عملهن، حيث يفضل بعض رؤساء التحرير إرسال مصورين ذكور لتغطية مهمات صحافية باعتبارهم الأنسب للتغطية في الشارع.

أعشق تصوير الشارع

في السنوات الأخيرة، زاد عدد الفتيات اللاتي يعملن في مهنة التصوير بعد أن كان الأمر حكراً على الرجال لسنوات، وتظهر مسابقات تصوير مهمة منها المسابقة السنوية التي تنظّمها ساقية عبدالمنعم الصاوي (مركز ثقافي مستقل في القاهرة)، زيادة نسبة مشاركة المصورات. أصبح هناك عدد غير قليل من المصورات في أقسام التصوير بالمؤسسات الصحافية المصرية، وبرزت مصورات مستقلات حققت صورهن مشاركات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، على رغم أنهنّ لا يعملن في مكان بعينه، ومنهن المصورة منى حسن. "تصوير الشارع من أحب أنواع التصوير إلى نفسي، فمن خلاله أوثّق لحظات من الزمن لن تتكرر مرة أخرى"، تقول منى لرصيف22. "أبحث عن وجوه المصريين وتفاصيل حيواتهم في كل مكان، وتصوير الشارع جعلني قريبة من حياة الناس. فبعد إلقاء التحية والحديث معهم، أجد دائماً قصة بطلها شخص منهم، تساعدني في توثيق يتعرف من خلاله الجيل المقبل إلى طبيعة الناس وحياتهم وأسلوب معيشتهم بجميع التفاصيل"، تضيف منى. [caption id="attachment_132100" align="alignnone" width="700"]INSIDE_EgyptianPhotographers_mona المصورة منى حسن[/caption] أما الصعوبات التي تواجه أي مصورة بحسب منى، فهي ثقافة المجتمع نحو حامل الكاميرا بصفة عامة في الأماكن العمومية، "هناك أشخاص يظنون أنني أعمل لمصلحة قنوات أجنبية وأريد تشويه صورة مصر". تتذكر منى حادثتين حصلتا معها، وترويهما: "كنت أصور في أحد الموالد الدينية، فرأيت الناس متخوفين من أن أنشر الصور في الجرائد وأنتقد شعائرهم. مرة أخرى، كنت أصور الباعة في سوق محطة قطار مصر (بالقرب من وسط القاهرة) فاعترضوا على التصوير بسبب تخوفهم من أن أتسبّب لهم في قرارات إزالة لأنهم يعملون بشكل غير رسمي". لا يتوقف طرح الأسئلة في الشارع على منى: "ماذا تصورين؟ لماذا؟ أين ستنشرين هذه الصور؟"... "فأقابل كل هذا بابتسامة وصبر وسعة صدر وأسلوب مهذب". وتحظر مصر عمل قنوات عدة غالبيتها تمولها قطر، منها قناة الجزيرة والتلفزيون العربي إلى جانب مواقع يعمل فيها صحافيون من جماعة الإخوان التي تصنّفها مصر جماعة إرهابية.

أن تكوني مصورة في الصعيد

بعكس القاهرة، يتميز الصعيد (جنوب مصر) بعادات وتقاليد مختلفة، ففيه قرى تعتبر عمل المرأة عيباً، وتنتشر عادات مثل الثأر والتعصب الطائفي. تقول المصورة ندى علي التي تعيش في صعيد مصر وتعمل لحساب بعض المواقع الصحافية: "كوني مصورة تعيش في الصعيد، جعلني أقوم بمجهود كبير على المستويات كافة. كانت البداية في إقناع من حولي بأنه يمكنني أن أصبح مصورة، على رغم العادات والتقاليد التي تمنع ذلك". [caption id="attachment_132102" align="alignnone" width="700"]INSIDE_EgyptianPhotographers_nada المصورة ندى علي[/caption] "لا يتعرض المصورون الرجال للقدر نفسه من المضايقات التي تواجهها المصورات"، هكذا تقول ندى لرصيف22. وتكمل: "في البلاد العربية، عمل الأنثى (خصوصاً التصوير) دونه عقبات تصادفها في حياتها، فما إن تظهر آلة التصوير حتى تتعرّض لمضايقات لفظية كثيرة مرتبطة بكونها أنثى تحمل كاميرا". وتضيف: "لا يتوقف التحرش الجنسي بالنساء بصفة عامة وبالمصورات بصفة خاصة، كأن المجتمع يعاقبهن على أنهن يرغبن في النجاح وتحقيق ذواتهن"، تقول ندى. وبصراحة، تتابع: "هناك دائماً خوف عندي وتساؤلات عمّا سأفعل إذا ساء الأمر، سواء كان هذا الأمر متعلقاً بتقنيات التصوير أو بالناس الذين سأقابلهم... بخاصة عند ذهابي إلى أماكن يكثر فيها الثأر أو تبادل إطلاق النار بين الأهالي، ودائماً أسأل نفسي ماذا سأفعل لو...؟". وتردف: "لكنّني أتغلب على هذا الخوف بالعمل، واكتساب خبرة أكبر، حيث يصبح تعاملي بعد ذلك مع المواقف المختلفة أكثر حكمة وحنكة، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسي ومعداتي، وقد خضعت لدورات تدريبية على كيفية التصرف في المواقف الخطرة، فضلاً عمّا قرأت من مراجع في هذا الشأن". "أنت تحمل كاميرا إذاً أنت متهم بالجاسوسية والتآمر ضد الدولة"، تقول ندى وتكمل: "في الشارع المصري، خصوصاً الصعيدي (مكان عملي)، ستجد الغالبية العظمى تجتمع حولك ليس من أجل المشاركة في التصوير بل لاستجوابك، فلمجرد رؤية المارة الكاميرا يتحولون ضباطاً في المخابرات العسكرية وأنت في نظرهم متهم". وهناك صعوبة أخرى تواجه المصورة الصعيدية، "لا يؤمن الناس في الشارع بأن المرأة قادرة على العمل، كأن الرجال يعرفون مهنتي أكثر مني، حيث يصادفني من يحاول التدخل في عملي لتوجيهي مثلاً لتصوير أماكن معينة بطريقة ما، وغالباً ما أسمع عبارة "صوري هذا ولا تصوري ذلك"، ويتطور الكلام في بعض الأحيان ليصبح بصيغة الأمر". "غالباً ما أحاول أن أكون إيجابية وأصنع جوّاً من الإلفة لمحو الخوف، وأبسّط الموضوع للمواطنين غير المعتادين على وجود كاميرا تصور مشكلاتهم، وأحدثهم بشأن أهمية عرضها... ولا أستطيع القول أنني أنجح دائماً، فقد خُذلت مرات عدة، لكن الأمر ليس بالمشكلة الكبيرة، حيث يمكنني إيجاد أماكن بديلة أو أظل أسأل حتى يجيبني أحد ويوافق على التصوير، وقد وضعت لنفسي قاعدة للانسحاب إذا رأيت سلاحاً أو أحسست بخطر داهم"، تختتم ندى.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image