هل تكون نهاية التحرش في أحياء القاهرة على يد سائقي التوكتوك؟
الخميس 25 مايو 201704:09 م
"توكتوكي ده أمان لا فيه معاكسة ولا إدمان" شعار كُتب على ملصق يغطي دراجة النقل الصغيرة ذات العجلات الثلاث التي يقودها محمد سيد النمر (23 عاماً)، في منطقة منشأة ناصر.
[caption id="attachment_104780" align="alignnone" width="700"]
بعدسة شيماء السيد[/caption]
يسير بعربة التوكتوك هذه بين شوارع المنطقة الضيقة ناقلاً سكانها، فخوراً بين أصدقائه وجيرانه بثقة السيدات به. وقد بدأ بتوعية زملائه في المنطقة عن التحرش الجنسي.
سيد النمر هو واحد من عشرات الشباب الذين تم تدريبهم في إطار مشروع "مدن آمنة"، الذي أطلقته هيئة كير الدولية عام 2013 من خلال شراكتها مع ثلاث جمعيات محلية، هي الجمعية المصرية للتنمية الشاملة وجمعية حواء المستقبل ومؤسسة الشهاب للتنمية.
وقد استخدم المشروع الفنون ومنها المسرح والأوريجامي والنشاط الرياضي لتدريب الشباب في مناطق منشأة ناصر وعزبة الهجانة وإمبابة، وهي مناطق تتسم بالعشوائية وتتسع فيها نسبة التحرش بشكل عام.
بعدسة شيماء السيد[/caption]
تقول خديجة الطاهر، المشرفة الميدانية على المشروع إن الهدف هو العمل على أرض الواقع من أجل تغيير الأفكار المغلوطة عن المرأة ومحاربة التنميط من خلال أبناء المنطقة أنفسهم، خاصة الشباب، لينقلوا ما تعلموه لذويهم.
"نعمل بمبدأ الطَرْق أكثر من مرة انتظاراً لحدوث استجابة؛ لأن التفكير لا يمكن أن يتغير بعد حملة توعية واحدة بل يتغير مع الوقت".
يكون التدريب من خلال الأعمال الفنية كالجرافيتي والأوريجامي، بالإضافة إلى المسرح والرياضة، وهم يستخدمون ملصقات كالتي يضعها سيد النمر على عربته لتكون الرسالة واضحة، وترسخ في ذهن الركاب وأهل الحي من خلال رؤيتها باستمرار.
[caption id="attachment_104781" align="alignnone" width="700"]
بعدسة شيماء السيد[/caption]
بعدسة شيماء السيد[/caption]
بعدسة شيماء السيد[/caption]

في "منشية ناصر"
حي منشأة ناصر أو كما يقول عليه العامة "منشية ناصر"، هو أحد الأحياء العشوائية في المنطقة الشرقية من محافظة القاهرة.وقدسمي نسبة إلى الرئيس جمال عبد الناصر. تعداد سكان المنطقة على موقع المحافظة الرسمي يعود لعام 2009، وقد نشر موقع "فيتو" إحصائية عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التي تقول أن عدد سكان الحي وصلت في عام 2013 إلى 296380 نسمة، ويعمل 65% من قاطنيه في الأعمال الحرفية، و14% في الأعمال المرتبطة بفرز مخلفات القمامة و21% في الأعمال الحرة. يقوم مشروع "مدن آمنة"، الذي يُنفذ بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بإعداد المتطوعين من أهل الحي ليكونوا هم سفراء التغيير في مجتمعهم وينشروا ثقافة الأمن فيه، بهدف خلق مساحات خالية من العنف ضد النساء والأطفال، ولتتمكن النساء من التمتع بحقوقهن في التحرك والعمل بأمان في الأماكن الخاصة والعامة. [caption id="attachment_104783" align="alignnone" width="700"]

"توكتوكي بقى أمان"
في البداية رفضت السيدات والفتيات ركوب التوكتوك الذي يقوده محمد عبد التواب (21 سنة) في المنطقة، وكان ذلك يزعجه. هو كغيره من السائقين يعانون من التنميط الذي يصبغهم بصبغة اللصوص. كان يزعج الأمر عبد التواب، لكن الوضع تغير بعد تلقيه التدريب ومشاركته في حملات مناهضة التحرش. وقد شارك في رسم جرافيتي على مبنى الجمعية المصرية للتنمية الشاملة. بدأ ظهور هذه العربة الصغيرة في الهند في أوائل الستينيات، ثم ظهرت في البلاد النامية ذات الكثافة السكانية العالية، وذلك لانخفاض تكلفتها وقدرتها علي السير داخل الشوارع الضيقة. ظهر التوكتوك بالظهور في مصر منذ عام 2006، ويصل سعره الآن إلى 32 ألف جنيهاً. يعتبره البعض وسيلة لحل أزمة البطالة في مصر، إذ تقدر دراسة استفادة 30 مليون مواطن منه يومياً. استخدامه غير مقنن حتى الآن ولا يخضع لرقابة هيئة مواصلات، ما تسبب بإلحاق صورة سلبية عن سائقي التوكتوك، تقرتهم عادة بتعاطي المخدرات واتصالهم بعالم الجرائم. وهو أمر لا يمكن تعميمه. ولا يوجد تقدير رسمي لأعداد التوكتوك في مصر، لكنه ينتشر بكثرة في المناطق العشوائية والقرى، وإن كان بدأ انتشاره في الشوارع الرئيسية في عدة مناطق سكنية كحي المعادي على سبيل المثال. [caption id="attachment_104779" align="alignnone" width="700"]
"أنتم إزاي بتتكلموا في الحاجات دي؟"
"أنتم إزاي بتتكلموا في الحاجات دي عادي كده؟"، كان هذا رد فعل سيد النمر عند حضوره أول محاضرة. "تعجبت من الحديث عن التحرش لكن مع الاستمرارية والتدريبات عرفت أنواعه، فهو يشمل النظرة والصفير، وتدربت أيضا على معرفة حقوق المرأة وأوجه انتقاص هذه الحقوق في المجتمع"، يقول لرصيف22. يعتبر سيد النمر تعلم "الأوريجامي" في المؤسسة، أو فن طي الورق الياباني، من أجمل التجارب التي خاضها في حياته. وقد شارك في المسرح التفاعلي الذي نتج عنه تقديم عروض مسرحية نبعت أفكارها من المناقشات بين المتطوعين، وتناولت قضايا التحرش وحرمان المرأة من الميراث وحرمان الفتيات من التعليم، وغيرها من أشكال العنف والتمييز ضد المرأة. "كنت منمط إني سواق توكتوك مينفعش أعمل أي حاجة كويسة. دلوقتي اجتهدت إني أقول للناس إني مش وحش وإني طورت نفسي وإتعلمت مهارات جديدة"، يحكي سيد النمر لرصيف22 عما يعتبره النقطة الفارقة في حياته، التي دفعته للمشاركة في حملات لنبذ التحرش بالمرأة في حي منشأة ناصر. تقول الطاهر أن فكرة المشروع باعتماد التغيير من داخل المجتمع حققت نجاحاً، وقد لمستها من خلال سائقي التوكتوك وتوعيتهم لزملائهم عن التحرش وهو ما له تأثير أكبر من قيام شخص من خارج المنطقة بتوعيتهم.مبادرة مدن خالية من العنف والتحرش الجنسي في القاهرة تغير حياة سكان بعض أحياء القاهرة عبر المسرح والفن
"كنت منمط إني سواق توكتوك مينفعش أعمل حاجة كويسة، اجتهدت وقلت للناس إني مش وحش وإني طورت نفسي"[caption id="attachment_104782" align="alignnone" width="700"]
