شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
أيكي بوتشوق، ليرتين ونصف... تعلّموا أصول المساومة والتبضع في الأسواق الشعبية في تركيا

أيكي بوتشوق، ليرتين ونصف... تعلّموا أصول المساومة والتبضع في الأسواق الشعبية في تركيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 12 ديسمبر 201707:29 م
"دوماتس ني كدار، آبي"، "أيكي بوتشوق، ليرتين ونصف"، هاير ابي تشوك باهله". بتلك العبارات تبدأ عملية المساومة بين الباعة الأتراك وزبائنهم السوريين. فأولى الكلمات التي يتعلمها السوريون حال قدومهم إلى تركيا، هي المتعلقة بالبيع والشراء والمساومة. فالبازارات هي الأماكن المفضلة للتسوق لدى السوريين على اختلاف أوضاعهم المادية، وقد لا يبدو ذلك غريباً، فالطابع الشرقي للبازارات التركية يشبه الأسواق السورية إلى حد كبير في الشكل والمضمون، والبضائع المتنوعة والمميزة التي تحتويها البازارات، علاوة على تكلم الباعة الأتراك القليل من العربية، هذا كله سهل على السوريين شراء احتياجاتهم المختلفة من دون مشاكل مادية أو لغوية.

متعة التسوق في البازارات

ومع وجود البازارات التركية، لم يعد غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في مدينة إسطنبول وغيرها من المدن التركية، حائلاً دون استمتاع السوريين بالتسوق نظراً لدخلهم البسيط والمتوسط، إذ لا تخلو مدينة تركية من أسواق شعبية متنقلة يطلق عليها اسم البازار، أي سوق الأحد باللغة التركية، والتي يقصدها السوريون من جميع المناطق ويعتمدون عليها لتغطية احتياجاتهم من خضار وفواكه وأغذية مختلفة وملابس وأدوات منزلية ومدرسية بأسعار زهيدة لتكون البديل المناسب للتسوق من المولات والمحال التجارية ودفع تكاليف إضافية. Robbie_FlickrRobbie_Flickr وتسمى البازارات بأسماء الأيام التي تفتتح بها كبازار السبت والأحد والاثنين والأربعاء والجمعة، وتنتشر في المناطق السكنية المزدحمة، حيث يكثر الإقبال عليها.

بديل باب جنين في تركيا

Stew-Dean_FlickrStew-Dean_Flickr أبو أحمد أحد زبائن بازار الأحد في منطقة بيش يوز افلر في مدينة غازي عنتاب التركية، يتسوق أسبوعياً لمنزله من البازار، لتوافر الخضار والفواكه الطازجة بأسعار أرخص كثيراً من أسعار المولات والمحال التجارية، يقول: "يذكرني البازار بأسواقنا الشعبية. وكما كنت أقصد سوق باب جنين في حلب أسبوعياً لشراء حاجات المنزل من خضار وفواكه وألبان وأجبان، أفعل اليوم، أقصد البازار أسبوعياً لأشتري حاجتنا من الأطعمة المختلفة، فالبضائع هنا طازجة ومتنوعة تأتي من القرى مباشرةً إلى الأسواق بأسعار أرخص من المحال التجارية، وبالأخص مساءً قبل أن يغلق السوق، حيث تباع البضائع بربع ثمنها، كي لا تبقى وتذبل. بالطبع، فإن البضائع التي تبقى ليست ذات جودة عالية ولكنها تسد احتياجات الفقراء".

ظاهرة المولات غريبة علينا

لا تقتصر بضائع البازارات على الخضار والفواكه، بل تتنوع لتشمل الملابس وغيرها من أدوات المنزل المختلفة وفقاً لرنا التي تزور بازار الجمعة في مدينة غازي عنتاب بشكل دوري لشراء ملابسها وملابس أطفالها، تقول: "رجل في السوق ولا مال في الصندوق، أزور بازار الجمعة أسبوعياً لشراء احتياجاتي واحتياجات أطفالي من الملابس، لا تعد البازارات جيدة لشراء الخضار فقط بل لشراء الألبسة أيضاً، وخاصة للعائلات السورية المكتظة. Grand-Bazaar_ShopGrand-Bazaar_Shop لدي 4 أطفال أتسوق لهم ملابسهم من البازار، حيث يمكنني شراء 3 قطع بسعر قطعة واحدة من المولات، سعر بنطال الجينز في البازار 10 ليرات تركية (2.6 دولار)، في حين يتجاوز سعره في المولات 50 ليرة (13 دولار) دون أن تختلف الجودة، لا أفضل الشراء من المولات، فالبضائع فيها غالية جداً والموديلات تقليدية وبسيطة تفتقر للحركة، نحن معتادون الشراء من الأسواق الشعبية، فظاهرة المولات غريبة علينا، دخلت إلى سوريا قبيل الحرب، وكانت أعدادها محدودة حتى أنني لا أتذكر منها إلا مول الكارفور". توافقها أسماء الرأي في أن أسعار البضائع في المولات التجارية أغلى بكثير من الأسواق الشعبية لوجود ضرائب ونفقات إضاءة وتكييف يتوجب على أصحاب المحال دفعها، بينما الأسواق الشعبية تقام في ساحات البلدية المفتوحة أو في الشوارع وتتكفل البلدية بتنظيف الفوضى والأوساخ الناجمة عن البازار في المساء، ما يبرر لنا تفاوت أسعار البضائع بين البازارات والمولات. وعلى الرغم من تسوقها من البازارات، ترى أسماء أن المولات ضرورية لتغطية الاحتياجات العاجلة والتي لا يمكن تغطيتها من البازارات لأنها تُفتح يوماً واحداً أسبوعياً فقط.

السوري معفى من الضريبة

وقد ساهم السوريون في تطوير أسواق البازارات وزيادة أعدادها نظراً لإقبالهم عليها، جنكيز أوغلو بائع تركي في بازار السبت في مدينة غازي عنتاب، يذكر أن أسواق البازار ترجع إلى عهد البيزنطيين كما هو معروف لديهم، فهي موروث تاريخي حافظ عليه الأجداد، ولكن قدوم السوريين إلى تركيا ساهم في ازدهارها وتنوع البضائع فيها بشكل أكبر لتغطي جميع احتياجاتهم، فهي خيارهم الأول للتسوق. Alex-Berger_FlickrAlex-Berger_Flickr كذلك وفرت البازارات فرص عمل للعديد من اللاجئين السوريين، الذين نشروا بضائعهم السورية كالملوخية والكزبرة وصابون الغار الحلبي وغيرها من المستلزمات التي لا يمكنهم الاستغناء عنها، في إحدى زوايا السوق لبيعها وكسب لقمة العيش من دون دفع أي ضرائب أو تكاليف، بعدما أعفت  البلديات السوريين من دفع ضرائب على بسطاتهم وسمحت لهم بافتتاح البسطات دون رخص لكونهم نازحين. محمد أحد الباعة في بازار الأحد في عنتاب، يقول:" البلدية هي المسؤولة عن تنظيم أمور البازارات وضبط الأسعار، والتنظيف ليلاً، ونظراً لوضعي المادي الصعب، سمحت لي البلدية بافتتاح بسطة في بازار الأحد، دون أن أدفع ضريبة كغيري من أصحاب البسطات الأتراك".

خطوات بسيطة لتسوق ناجح

خطوات بسيطة تفصل بيننا وبين الاستمتاع بتسوق ناجح، وفقاً لعلي عبد الله أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، الذي يؤكد أنه يمكن لمحبي التسوق شراء جميع احتياجاتهم بأسعار زهيدة من خلال اتباع خطوات بسيطة، يقول:" التسوق من المولات سيوجب عليكم دفع تكاليف إضافية، لا داعي لها، فالبازارات في المدن التركية تغطي جميع احتياجات العائلة، ويمتاز كل بازار بنوع معين من البضائع، يتوجب عليك معرفته. فبازار الأحد مثلاً في مدينة غازي عنتاب، يمتاز بجودة الألبان والأجبان والخضار والفواكه، أما الملابس الجيدة والمتنوعة فهي في بازار الجمعة، في حين يحتوي بازار الأربعاء على أدوات منزلية جيدة، كأدوات المطبخ والسجاد المنزلي وغيره، ويمتاز بازار السبت بالأدوات المدرسية التي تباع بأسعار زهيدة. ما عليكم إلا أن تحددوا احتياجاتكم وتقصدوا البازار المناسب".

ديفو

ويمكن لمحبي شراء الملابس والمنسوجات اليدوية ذات الماركات العالمية، التسوق بأسعار زهيدة، كل ما عليهم فعله هو البحث عن الأسواق التي تبيع الـ "ديفو"، وهي منتجات ذات جودة عالية تباع بأسعار رخيصة لوجود عيوب بسيطة فيها، يقول: "سجادة رباعية كبيرة ذات ماركة معروفة اشتريتها العام الماضي بـ100 ليرة تركية (26 دولار) فقط، في حين يبلغ ثمنها 400 ليرة (104 دولار) لكونها ديفو، ولكنني إلى الآن لم ألاحظ ذلك العذر". Quinn-Comendant_FlickrQuinn-Comendant_Flickr

بازارات إسطنبول الأفضل للتسوق

تعتبر إسطنبول من أفضل مدن العالم في التسوق لكثرة أسواقها الشعبية، أما بازارات مدينة إسطنبول فهي الأشهر على الإطلاق حيث ترتبط بذاكرة الأجداد والأجانب الذين يزورون المدينة يومياً، وتتضمن المدينة 538 بازاراً موزعاً في قسميها الأوروبي والآسيوي، وتعد البازارات ببضائعها وفنها المعماري معالم أثرية تجذب إليها السياح العرب والأجانب. إليكم أشهر أسواق مدينة إسطنبول الشعبية: بازار الأربعاء يعد بازار الأربعاء أفضل أسواق إسطنبول الشعبية وذلك لما يحتويه من بضائع متنوعة ورخيصة، وهو عبارة عن سوق شعبي يقع في الشوارع الجانبية في منطقة الفاتح خلف مسجد السلطان محمد الفاتح، ويضم عدداً كبيراً من الباعة المتجولين الذين يعرضون بضائعهم المتنوعة من ملابس وأدوات منزلية وأطعمة محلية الصنع وخضار وفواكه على بسطاتهم، لبيعها للأتراك والسياح بأسعار تناسب جميع الفئات.

السوق المصري أو سوق التوابل

سمي بهذا الاسم نظراً لكونه المكان المخصص لبيع البضائع المصرية قديماً، وهو يقع في منطقة أمينوتو ويعتبر ثاني أكبر الأسواق في مدينة إسطنبول، تم بناؤه في عهد السلطان مراد الثالث عام 1597م لتمويل بناء الجامع الجديد الذي يقع مقابل السوق. يحتوي السوق على آلاف المحال التجارية التي تبيع البهارات والتوابل وراحة الحلقوم التركية.

جراند بازار أو السوق المغطى

Grnad-Bazaar_Miguel-Virkkunen-CarvalhoGrnad-Bazaar_Miguel-Virkkunen-Carvalho يعد السوق المغطى واحداً من أقدم الأسواق في العالم، إذ يتجاوز عمره الـ560 عاماً، وقد بناه السلطان أحمد الأول عام 1455م وتم توسيعه على عهد السلطان سليمان القانوني. يحتوي السوق على 4500 محل تجاري، ويزوره يومياً 300 ألف سائح، ويقع في منطقة الفاتح بالقرب من متحف آيا صوفيا ومنطقة السلطان أحمد، ويتميز بوجود آلاف المحال التي تبيع المجوهرات والهدايا والسجاد اليدوي والسيراميك والتحف وغيرها للسياح والأجانب الذين يقصدونه بحثاً عن البضائع الفريدة والجيدة.

سوق أراستا بازار

Mattia-Panciroli_FlickrMattia-Panciroli_Flickr يقع هذا السوق الشعبي خلف جامع السلطان أحمد مباشرةً، ويحتوي على قرابة الستين محلاً تجارياً، تبيع جميعها التحف الفنية والهدايا الفضية والنحاسية للزبائن، وغيرها من فنون تعكس تاريخ الدولة العثمانية. كما يشتهر ببيع المجوهرات والملابس الحريرية والسجاد المشغول يدوياً. Dmitriy-Fokeev_FlickrDmitriy-Fokeev_Flickr

الأسواق الشعبية عند العرب ملتقى اجتماعي وتجاري

وعلى غرار الأسواق الشعبية القديمة في تركيا وغيرها من بلدان العالم، حظيت الأسواق الشعبية بمكانة مميزة عند العرب منذ القدم إلى يومنا هذا، لأنها كانت ملتقىً اجتماعياً وتجارياً يجتمع فيه الشعراء الذين كانوا يأتون لعرض أشعارهم على الناس من كل حدب وصوب، إضافة للتجار الذين يقصدونها لعرض بضائعهم ولكسب المال. ويعتبر سوق عكاظ أقدم الأسواق العربية الثلاثة التي كان يقصدها العرب قديماً، وأهمها تاريخياً لما له من أثر بالغ في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وكسوق عكاظ عرف العرب سوق مجنة الذي يتميز بخضرته ومياهه الوفيرة، وسوق ذي المجاز الذي سمي بهذا الاسم نظراً لأن إجازة الحجاج تبدأ منه وصولاً إلى جبل عرفات، وكان يقام في ديار هذيل. وإلى يومنا هذا، تحظى الأسواق الشعبية بمكانة مميزة عند العرب أينما حلوا، وتعتبر الخيار الأول والأفضل للتسوق للكثير منهم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image