"الوقت حان للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"؛ "أطلب من وزارة الخارجية الأمريكية اتخاذ التحضيرات في أسرع وقت لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس". جملتان قالهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفتح بهما سجالاً لن ينتهي قريباً.
لأول مرة في التاريخ، يعلن رئيس للولايات المتحدة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، خلافاً لما كانت تتبعه أروقة السياسة الخارجية في واشنطن. ولكن الآراء الإسرائيلية حول هذا الإعلان تباينت، وإنْ كان جلّها قد فرح بهذا القرار.
اليسار ضد ترامب
عارض اليسار الإسرائيلي إعلان ترامب واعتبره دعماً لليمين في الدولة العبرية. واعتبرت رئيسة حزب ميرتس زهافا غال-أون أن القرار يضرّ بالجهود الآيلة إلى دفع مسار عملية السلام إلى الأمام لأن "أية تسوية تتطلب تسوية السيادة بشأن القدس"، ولأنه "بشكل شبه مؤكد سيدعم اليمين المجنون والمهووس في إسرائيل". وأضافت: "يعيش في القدس أشخاص حقيقيون سيتأثرون بهذا القرار الذي اتخذه شخص سأكون متفاجئة إن كان يعلم حتى موقع القدس على الخريطة. نعم سيحتفل أنصار اليمين المتشدد بهذا الانتصار، وأتمنى أن لا ندفع ثمنه". أما عضوة الكنيست ميخال روزين المنتمية إلى نفس الحزب، فقد اعتبرت أن "إدارة ترامب أنهت دور الولايات المتحدة الأمريكية التاريخي كوسيط بين الإسرائيلييين والفلسطينيين، والاعتراف الحقيقي والمستدام بالقدس عاصمة لإسرائيل كان يجب أن يكون مقبولاً في إطار دعم قرار إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية"، مضيفةً أن "القرار يضر بالتسوية المستقبلية ومن شأنه أن يضر بالرؤية الصهيونية التي تأسست عليها دولة إسرائيل". وعارض عضو الكنيست المنتمي إلى حزب المعسكر الصهيوني زهير بهلول قرار ترامب بقوله إنه "وضع ألغاماً في طريق التسوية المستقبلية، ومن شأنه أن يُفشل علاقة إسرائيل بالدول الإسلامية". وتابع: "قد تشعر الحكومة الإسرائيلية اليوم بأنها حققت فوزاً، لكن على المدى الطويل فإنها تسببت بخسارة كبيرة. سنكون عرضة للدخول في حرب دموية. القدس أبداً لم تكن عاصمة لطرف واحد، فهي عاصمة للدولتين المخطط قيامهما جنباً إلى جنب".بتسليم: لا لنقل السفارات
واعترضت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية على إعلان ترامب وأشارت إلى أن إسرائيل لم تعترف أبداً بسكان القدس الشرقية من الفلسطينيين، رغم أنها بادرت وضمتهم إلى حدودها وخالفت بذلك القوانين الدولية".رأي إسرائيلي: قرار ترامب يضر بالتسوية المستقبلية ومن شأنه أن يضر بالرؤية الصهيونية التي تأسست عليها دولة إسرائيل
كاتب إسرائيلي يحذّر من "تحوّل الذل السياسي في القدس إلى ذل ديني" ما يدفع المقدسيين إلى ردة فعل عنيفةوتابعت: "لا لنقل السفارات ولا للإعلانات أحادية الجانب، فنقل السفارات لا يمكنه محو حقيقة أن هناك مساحات من الأراضي أصبحت محتلة، يعيش فيها ملايين الفلسطينيين بدون حقوق سياسية. هذا هو الواقع الذي يجب تغييره".
ناطوري كارتا: القدس ليست عاصمة سياسية
وطالبت جماعة ناطوري كارتا، وهي حركة يهودية أرثودكسية ترفض الصهيونية بكل أشكالها وتعارض وجود دولة إسرائيل، الرئيس الأمريكي بالتراجع عن قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وقالت في بيان أصدته: "نطلب من الرئيس الأمريكي عدم نقل السفارة خشية أن يتسبب ذلك في متاعب لليهود وفي تنفيذ هجمات إرهابية ضدهم، في جميع أنحاء العالم، وسيدفع اليهود ثمن آثام الصهيونية". ونشرت الجماعة اليهودية إعلانا في صحف ووسائل إعلام يهودية أمريكية جاء فيه: "عاصمة يهود أمريكا هي واشنطن، عاصمة يهود روسيا هي موسكو، عاصمة يهود فرنسا هي باريس، عاصمة يهود إنكلترا هي لندن، عاصمة يهود إيران هي طهران، لذلك دولة إسرائيل لا تستطيع إعلان القدس في الوقت الحالي عاصمةً لليهود. القدس هي مدينة مقدسة وليست سياسية".القائمة العربية المشتركة في الكنيست
وبطبيعة الحال، أثار قرار ترامب غضب أعضاء القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي. واعتبر النائب طالب أبو عرار أن بيان ترامب "مخجل وشهادة دفن لعملية السلام، لأنه لن تقام دولة فلسطينية عاصمتها غير القدس الشرقية"، معتبراً قرار ترامب "إعلان حرب على العالمين الإسلامي والعربي". ورأى زميله في الكتلة عبد الحكيم حاج يحيى أن ترامب تحوّل من وسيط إلى طرف. واعتبر عضو الكنيست العربي أحمد طيبي أن "نضال الشعب الفلسطيني الشعبي وليس المسلح تجاه ما حدث للقدس، مثل نضالهم لإزالة البوابات الإلكترونية في المسجد الأقصى، هو النموذج الأكثر فاعلية في النضال". وأشار رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة إلى أن ترامب أشعل منطقة الشرق الأوسط بتصريحاته، وسيدفع كلا الشعبين ثمن هذا الإعلان، مضيفاً أن أمريكا أعلنت "أنها جزء من القوة المحتلة، وبالتالي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال راعية للمحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين".رأي إسرائيلي: قرار ترامب يضر بالتسوية المستقبلية ومن شأنه أن يضر بالرؤية الصهيونية التي تأسست عليها دولة إسرائيل
كاتب إسرائيلي يحذّر من "تحوّل الذل السياسي في القدس إلى ذل ديني" ما يدفع المقدسيين إلى ردة فعل عنيفة
انقسام القدس
في مقالة نشرتها صحيفة هآرتس، لفت الكاتب الإسرائيلي نير حسون إلى أن قرار ترامب قسم أبناء المدينة بين شعورين مختلفين، أحدهما النشوة والانتصار للإسرائيليين، والآخر اليأس والإحباط للمقدسيين. وأكد أن القرار سيزيد من حالة الإحباط الفلسطيني من السياسية الإسرائيلية، وقد يحوّل هذا الإحباط إلى إحباط ديني، محذراً من أن يتحول "الذل السياسي في المدينة إلى ذل ديني" ما يدفع المقدسيين إلى ردة فعل عنيفة تجاه الإسرائيليين. وقلل محلل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس تسفي برئيل من قيمة إعلان ترامب بحال قررت إسرائيل التوصل إلى سلام حقيقي مع الجانب الفلسطيني، لافتاً إلى أنه "لو أصبح موضوع التوصل إلى سلام جاداً بين الجانبين فإن مسألة اعتراف ترامب لن تشكل عائقاً". واعتبر أن ترامب وقف باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل على قبر عملية السلام، وتفاخر بأنه أعلن عن موتها، بعكس أسلافه من رؤساء أمريكا الذين كانوا يرددون خدعاً كثيرة حول عملية إحياء السلام.الفرح يغمر اليمين
غمر قرار ترامب قلب المنتمين إلى الأحزاب اليمينية في إسرائيل بفرح عبّروا عنه بأساليب مختلفة. فاعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الإعلان "يوماً تاريخياً، وعلامة مهمة في تاريخ القدس". وقال: "القدس هي عاصمتنا منذ 3 ثلاثة آلاف عام، هنا كان يمشي آباؤنا، هنا كان هيكلنا، وهنا حكم ملوك بني إسرائيل، وهنا وعظ أنبياؤنا، خلال آلاف السنين صلى أجيال من اليهود"، مضيفاً: "بكت أجيال يهودية كاملة وحلمت بصهيون، وقبل 70 عاماً حققنا صلواتنا، وجلعنا القدس من جديد عاصمة لدولة اليهود، والآن جاءت تصريحات الرئيس ترامب التاريخية التي تعترف بهذه الحقائق التاريخية". وقال الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين تعقيباً على قرار ترامب: "لا توجد هدية أجمل وأقيم من هذه خلال السبعين عاماً الماضية منذ قيام إسرائيل".وعبّرت وزير الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف عن فرحتها بالقول إن ترامب "دخل التاريخ وحفر اسمه للأجيال القادمة على أحجار الحائط الغربي"، مضفة أن قراره "ينقل الخطاب الدولي من الدعاية الفلسطينية الزائفة إلى الحقيقة التاريخية للقدس، وهذه هدية عظيمة ورائعة من الشعب الأمريكي للشعب اليهودي ودولة إسرائيل". وقال وزير النقل الإسرائيلي يسرائيل كاتس: "القرار هو واحد من أعظم الإنجازات في تاريخ الصهيونية واليوم مَن لا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو كمن لا يعترف بإقامة دولة يهودية لنا". وشبّه سفير إسرائيل لدي الأمم المتحدة داني دنون ترامب بالرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان الذي اعترف بدولة إسرائيل عام 1948، داعياً أعضاء الأمم المتحدة إلى اتخاذ ترامب قدوة، وحذو "حذو الأصدقاء الأمريكيين والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل". وتعبيراً عن فتح قرار ترامب شهية اليمين الإسرائيلي على المزيد من الاعتداءات على حقوق الفلسطينيين، قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي إيلي داهان: "بعون الله نعد بأن تبقى القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، سنستمر في بناء منازل جديدة ومستوطنات وأحياء ونستقر في كافة أرجاء القدس". واعتبر وزير التعليم الإسرائيلي وزعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت أن إعلان ترامب هو الخطوة الأولى في الاعتراف الدولي الشامل بالقدس عاصمة لإسرائيل، مضيفاً أن "الصبر الاستراتيجي للدولة أتى بثماره".ترامب وقف باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل على قبر عملية السلام، وتفاخر بأنه أعلن عن موتها، بعكس أسلافه الذين كانوا يرددون خدعاً كثيرة حول عملية إحياء السلام
صفحات الصحف الأولى
وتعبيراً عن كيفية استقبال الإسرائيليين لإعلان ترامب، كتبت صحيفة "يسرائيل هيوم" على غلافها عبارة "شكراً سيدي الرئيس، القدس عاصمة إسرائيل"، وكتبت اسم القدس Jerusalem باللون الأبيض، وأبرزت حروف USA من الكلمة الإنكليزية ولونتها بلون العلم الأمريكي. ونشرت معظم الصحف صورة العلمين الإسرائيلي والأمريكي على أسوار مدينة القدس المحتلة، وهي الصورة التي اختارتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" لغلافها.بينما رأت صحيفة "هآرتس" المعروفة باتجاهها اليساري إلى حد ما أن قرار ترامب يشكل تراجعاً عن حل الدولتين لشعبين، وانحيازاً لرؤية نتنياهو المتعلقة بالسلام في المنطقة، وهديه له بدون مقابل. وجاء في افتتاحية الصحيفة أن ترامب ساعد نتنياهو على تحقيق إنجاز دبلوماسي يصب في مصلحته وأزال الشكوك حول إمكانية أن تملي الولايات المتحدة رأيها على مفاوضات السلام. وأشارت الصحيفة إلى أن حديث ترامب "الجميل" عن عملية السلام لن يحل أزمة 320 ألف مواطن فلسطيني يقطنون في القدس، دون أية حقوق مدنية ولن يستطيع إيقاف اليمينيين الإسرائيليين الذين يهدفون إلى إعادة بناء الهيكل حتى لو كان ذلك على حساب حرب أبدية مع العالم الإسلامي. وقلل رئيس تحرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ومؤسسها دافيد هوروفيتش من أهمية قرار ترامب لأن "القدس التي تحدث عنها ترامب هي المناطق غير المتنازع عليها والتي هي بالفعل قائمة تحت السيطرة الإسرائيلية، لكن المناطق المقدسة تبقى كما هي، سواء للمسلمين أو المسيحيين أو اليهود"، مضيفاً أن "القدس عاصمة إسرائيل منذ قيام الدولة، لذا ترامب لم يأت بجديد"، ومكتفياً بوصف دعم الرئيس الأمريكي بـ"اللطيف".بتسليم: نقل السفارات لا يمكنه محو حقيقة أن هناك مساحات من الأراضي أصبحت محتلة، يعيش فيها ملايين الفلسطينيين بدون حقوق سياسية
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت