شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
زواج القاصرات: عقد قران ممنوع لكنه ممكن بسبب رجال دين وهذه الثغرات

زواج القاصرات: عقد قران ممنوع لكنه ممكن بسبب رجال دين وهذه الثغرات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 14 نوفمبر 201702:27 م
حين وافقت ندى على وضع محبس الخطوبة في إصبعها وهي في الخامسة عشرة، كان صدى قول والدتها "البنت الكويسة اللي تتخطب وتتجوز بدري"، ما زال يرن في أذنها. ارتدت فستان الخطوبة وتزيّنت بالذهب تغمر قلبها السعادة لأنها "كويسة"، أي صالحة. بدأ صدى صوت الأم يتلاشى وارتفع صوت الخوف بدلاً منه بعد أيام من الخطوبة، ولم تفلح محاولاتها في إقناع أهلها بالتراجع عن الخطوبة والسماح لها بالخروج للعب في الشارع مع قريناتها. ندى (18 سنة الآن) تعود بذاكرتها إلى الوراء؛ تسترجع إقبالها على الحياة وكيف غدت مريضة بالاكتئاب تتردد على عيادة نفسية للعلاج "من كثر ما شلت الهم ونفسيتي تعبت من الجواز". تتذكر أيضاً محاولاتها الانتحار وإيذاء نفسها للتخلص من الزيجة المبكرة. تزوجت ندى "زواج سنّة" بعد أشهر من خطبتها؛ الأمر الذي يعني أن مأذوناً شرعياً يعقد القران، ولا يوثق إلّا بعد أن تبلغ العروس الثامنة عشرة، السّنّ القانونية للزواج. وكانت الحال كذلك بالنسبة إلى إصدار شهادة ميلاد لرضيعتها، إذ انتظرت عاماً قبل توثيقها، إلى ما بعد تسجيل عقد قرانها. بخوف شديد تحتضن ندى رضيعتها، وتقول: "لا يمكن أبداً أجوز بنتي بدري، وأقبل يحصلها اللي حصلي". وقعت ندى ضحية "زواج السنّة"، كآلاف من قريناتها، وهو نمط من الاقتران يستند إلى كلمة شرف من الطرفين بالقبول والإشهار. يتشارك في خرق القوانين مأذونون مرخّصون وآخرون ينتحلون صفة "مأذون" من دون ترخيص رسمي. لقياس حجم المشكلة، طرقت مُعدّة التحقيق أبواب مأذونين، فوجدت أن منهم مَن يوافق على عقد قران "سنّة" مقابل رسوم باهظة.        يستغل رجال دين ثغرة في قانون الأحوال الشخصية تسمح بعقد قران فتيات دون السن القانونية، ثم توثيقه لدى بلوغها الثامنة عشرة. يتوارى خلف هذا الباب أهالي قصّر وقاصرات، مستغلين ضعف رقابة وزارة العدل، في خرق لقانوني الطفل والأحوال الشخصية. واصطدمت محاولات برلمانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية بحيث يتضمن عقوبات رادعة، بتيارات محافظة تطالب بتخفيض سن الزواج.     Arij,R22-bArij,R22-b

هل زواج السّنّة حلال؟

تتخذ السلطة الدينية موقفاً ضبابياً حيال هذا النمط، فيما يعارضه بعض رجال الدين. ترى دار الإفتاء أنه صحيح إذا كان مكتمل الأركان بغض النظر عن سن العروس، وتؤكد وجوب توثيقه.     "دار الإفتاء بتقول عليه حلال"، إجابة تتردد في أوساط الفئات الشعبية، حيث يضعف الوعي المجتمعي. طرحت مُعدّة التحقيق السؤال على دار الإفتاء المصرية، فجاء الرد: "إذا كان الزواج مستوفياً جميع أركانه وشروطه، فهو زواج صحيح وتترتب عليه تبعاته. ولكن، ينبغي تسجيل الزواج لدى الجهات الرسمية، وذلك التزاماً بقوانين البلاد، وعملاً لما فيه مصلحة المتعاقدَين، وحفظاً لحقوقهما". صدر قانون الطفل عام 1994، وعدّل في 2008 برفع سن الزواج من 16 إلى 18، بإضافة المادة (143) التي تنصّ على أنه: "لا يجوز توثيق عقد زواج مَن لم يبلغ الثماني عشرة سنة من الجنسين،  ويعاقب كل من وثّق زواجاً مخالفاً أحكام هذه المادة". في المقابل، يقول الشيخ سيد زايد، العضو في لجنة الفتوى ورئيس مجمع الديري الإسلامي في بني سويف: "يؤسفني بل ويؤلمني أن يسمّى هذا القران زواج السنّة، فهو بعيد كل البعد من سنّة الرسول". ويضيف الشيخ زايد: "بعض من يدعّي العلم ينسبه إلى الرسول، لأنه عقد قرانه على السيدة عائشة في سن السادسة، ثم دخل عليها في سن التاسعة، ويزعم أنه زواج سنّة". ويرد على هذا التفسير بالقول: "كانت تلك خاصّية للرسول، وللرسول خصائص لم تطرح لبقية أمته". [full_width] [caption id="attachment_127310" align="alignnone" width="1200"]11 عضو لجنة الفتوى أثناء وعظ السيدات في بني سويف بمخاطر زواج السنه[/caption] [/full_width]

خلل قانوني

يرى عبدالفتاح يحيى المحامي في مركز قضايا المرأة المصرية، أن قانون الأحوال الشخصية "فتح الباب للزواج العرفي أو السنّة أو القبلي، وأحكام الشريعة الإسلامية لم تشترط وجود وثيقة". ويؤكد يحيى أن زوجة "السنّة ليس لها أي حق باستثناء الطلاق؛ ليست لها نفقة، ولا مؤخر أو مسكن زوجية. وهي لا ترث الزوج إذا توفي قبل توثيق العقد، والابن غير مثبت على اسم الأب". ويضيف أنه في حالات عدة، "تدخل البنت في دوامة وتسجل ابنها باسم والدها، أخيها أو خالها، ويحدث اختلاط أنساب". وطالب "بدراسة هذا الملف بتبعاته الاجتماعية والنفسية والقانونية من أجل إيجاد حل له".
"زواج السنّة": عن "بنّوتات في بيوت العدل" ورجال دين وأهال يستغلّون ثغرات قانونية لتزويج القاصرات
تحقيق يبحث عن الذين يزوجون الفتيات المصريات في عمر صغير وبشكل مخالف للقانون
أما رضا الدنبوقي، المحامي والمدير التنفيذي في مركز المرأة للتوعية والإرشاد القانوني، فيقول: "زواج السنّة وجه آخر للزواج العرفي؛ وهو محرّم وفق المادة (80) من الدستور المصري، لأنه لا يصح في أي حال من الأحوال عقد الزواج تحت سن 18، وهو مخالف الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر". ويضيف: "يسعى آباء إلى حفظ حقوق بناتهم بطلب إيصال أمانة من الأزواج حتى يوثقوا عقودهن بعد بلوغهنّ السنّ القانونية تحت مسمى "التصادق". إلا أنه في حال رفض الأزواج توثيق العقود، لا تعترف المحكمة بهذا الإيصال، فالأمر لا يخرج عن كونه علاقة زواج عرفي، فتحكم ببراءة الزوج من الجلسة الأولى. بالتالي، تضيع حقوق الزوجة".

من يزوج الأطفال؟

في جولات ميدانية واتصالات هاتفية موثقة بالصوت والصورة، وثّقت مُعدّة التحقيق كيفية تزويج الأطفال ومَن يقوم به. في حارة ضيقة بمحافظة بني سويف، على بعد أمتار من مجمع المحاكم، مكتب تعلوه لافتة: "مأذون شرعي" من دون كتابة اسم المأذون. تواصلت مُعدّة التحقيق مع المأذون (ش. أ) - الذي تبين أنه غير مسجّل رسمياً في وزارة العدل - وطلبت منه تزويج أخيها المغترب في إحدى الدول العربية بفتاة عمرها 15 سنة بعقد زواج رسمي أو بعقد زواج السّنّة. واقترحت أن يكون مؤخر الصداق 50 ألف جنيه (2755 دولاراً). بعد أن أقرّ خلال حديثه بأن هذا الإجراء مخالف للقانون، وافق المأذون على كتابة عقد رسمي مختوم، على أن يوثّقه بعد أن تبلغ العروس السن القانونية. وأبدى استعداده لإجراء مراسم القران في أي مسجد وربط العريس بإيصال أمانة لحفظ حق العروس. وقدّم نصائح كطريقة سفر الزوجة القاصر... لاحظت مُعدّة التحقيق أن المأذون غير المرخص رفض تحديد رسوم القران وأصر على ذكره عند الحضور إلى مكتبه. وتواصلت مُعدّة التحقيق مع (ش. ث) من منتحلي صفة مأذون في أحد مراكز محافظة بني سويف، وطلبت منه تزويج طفل عمره 16 سنة بطفلة في الرابعة عشرة. رد في البداية بسخرية "مستعجلين على أي؟"، ثم وافق على عقد القران بوثيقة رسمية مختومة من دون توثيق في المحكمة على أن يحصل بعد بلوغهما السن القانونية، مؤكداً أنه حلال. وطلب خمسة آلاف جنيه (280 دولاراً) مقابل عقد القران سواء كان شاملاً كتابة عقد أو لا.

تحايل وتزوير

يتهم محمد الخولي، السكرتير العام في نقابة المأذونين ببني سويف، منتحلي صفة مأذون بـ"تزوير دفاتر عقود الزواج في مطابع خاصّة بالشكل ذاته، والختم المماثل الدفترَ الأصلي الذي يطبع في المطابع الأميرية بأمر من وزارة العدل". الاختلاف يكمن فقط في "خامة الورق"، وفق ما يقول. هناك طريقة أخرى للتحايل عبر توثيق عقد الزواج المخالف في محافظة أخرى من خلال دفتر رسمي لمأذون مخالف، بالتعاون مع رئيس قلم المأذونين، وفق ما يضيف الخولي، مشيراً إلى "ضعف في الرقابة وتعاون في الخطأ من دون عقوبات رادعة".

الأهالي خارج نطاق القانون   

أما محمد عبده سلمان، مأذون شرعي في بني سويف، فيرى أن المسؤولية القانونية ملقاة بالكامل على عاتق المأذون الشرعي الذي يعاني بسبب منتحلي صفة مأذون. ويؤكد أنه أبلغ وزارة العدل عن مخالفين مرات عدة، لكنها لم تتخذ أي إجراء ضدهم. فيما يؤكد الشيخ مصطفى عبده، نقيب المأذونين في محافظة بني سويف، أن نقابة المأذونين برئاسة إسلام عامر - عدد المنتسبين إليها 4618 مأذوناً - أعدّت قائمة بالمخالفين وقدّمتها إلى النيابة العامة، إلّا أنّها لم تتخذ أي إجراء عقابي بحقهم، وفق الشيخ عبده الذي يؤكد أنهم معروفون في كل منطقة. يقول محمد الفقي، المأذون الشرعي في مركز الواسطي في بني سويف، أن المشرّع حمّل كامل المأذون المسؤولية وتغاضى عن الأب والزوج والأطراف الأخرى المشاركة في الزواج. "أنا السبب أنا اللي عملت في بنتي كده، كنت عايزة أجوزها واحد غني"، هكذا تندب الثلاثينية ثناء مأساة ابنتها التي تطلّقت قبل أن تكمل عامها الخامس عشر. والأسوأ من وقع الطلاق هو جرحها النفسي ومعاناتها البدنية التي تؤلم والدتها: "أنا اللي ضيعت بنتي".

سماسرة الزواج

تقول منال بحزم أنها سمعت شيخاً يقول في أحد البرامج التلفزيونية أن  الزواج المبكر ليس نصيباً، بل خيار خاطئ، وهو ما تأكدت منه بعد تجربتها.   تزوجت منال، وهو اسم مستعار لسيدة في بداية عقدها الرابع طلب إخفاء هويتها، وعمرها 17 سنة بعد معرفة وصفتها بأنها سطحية بزوجها في فترة الخطوبة. بعد إنجاب ابنتها الأولى علمت بعلاقة زوجها بسيدة أخرى، انتهت بزواجه منها وهو ما صبرت عليه في البداية لكن صبرها لم يستمر طويلاً وحصلت على الطلاق. تندم مراراً على زواجها المبكر، وترى أنه نتيجة ضغوط تعرضت لها هي وزوجها من المجتمع في سن مبكر. أما ثناء، وهي أم لطفلة اسمها هبة تزوجت وهي في الـ14، ترى أنها وابنتها كانتا ضحية جارتها المشهورة بالخطّابة وتزويج الفتيات. تشرد قليلاً وهي تنظر إلى رفيقاتها في المرحلة الإعدادية، وهن يستقبلن عامهنّ الدراسي الجديد من دونها، ثم تقول: "لم تستمر الزيجة سوى شهرين بعد توقيع إيصال أمانة بقيمة 130 ألف جنيه (2340 دولاراً)، لم نحصل على قرش منها حتى الآن". الصدمة الكبرى كانت في الشعور الذي سيطر على "هبة" بعد إصابتها بنزيف ليلة زفافها تطلّب إجراء خياطة في منطقة المهبل. بعد تلك الليلة، عاشت "هبة لمدة شهرين مع زوجها في منزله عوملت خلالهما على أنها مجرد خادمة". تستذكر الأم: "كانت هبة دائمة الشكوى وكنت أشجعها على العودة إلى منزلها". كانت الأم تعتبر المعاناة أمراً طبيعياً، حتى قالت لها: "لو خليتيني أروح تاني أنا هموّت نفسي، فخفت عليها ووافقت على تطليقها من زوجها الذي لم يتم حتى الآن". هناء، والتي ما زال جسمها يحمل أثر ندبات من زواجها السابق، والذي تم وهي في الـ16، فتقول: "طالني الأذى النفسي والجسدي منذ اللحظة الأولى من أخو زوجي الذي باع ذهبي ولم يترك لي حتى دبلة الزواج". [full_width] [caption id="attachment_127374" align="alignnone" width="1200"]7 copy7 copy منال تتمسك تتمسك بعدم تزويج بناتها مبكراً[/caption] [/full_width] [full_width] [caption id="attachment_127375" align="alignnone" width="1200"]6 copy6 copy هناء[/caption] [/full_width]

أزمة برلمانية

تقدّمت مارغريت عازر، العضوة في لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري باقتراح يحدد السن الدنيا للزواج بـ (21 سنة) حتى تملك الفتاة الخبرة الكافية لتحمل مسؤولياته. وفي ما يتعلق بالتحايل على القانون، ترى عازر أنه يجب تشديد العقوبات، وتعلق: "نحتاج إلى تغليظ العقوبات، لأن الزواج المبكر في المجتمعات الريفية يتم عبر الإشهار من دون توثيق، ما يعني ضياع حقوق الفتاة. يمكن تطبيق قانون العقوبات بمعاقبة ولي الأمر، لأن البكر لا تستطيع تزويج نفسها". في المقابل، تقدم النائب أحمد سميح، العضو في مجلس النواب عن دائرة الطالبية بمحافظة الجيزة، بمقترح أثار جدالاً كبيراً، لمطالبته بخفض سن الزواج إلى (16 سنة) بدلاً من (18). يقول سميح: "لم آت بجديد لأن القانون حدد سنّ 16 سنة للفتاة و18 سنة للولد منذ عام 1923، وكانت المخالفات أقل من ذلك بكثير وعندما رفعت عام 2008 إلى 18، اصطدم التشريع برفض شريحة كبيرة من الشعب المصري". ويؤكد أن اتخاذ القرارات التنموية يتطلب بيانات دقيقة، لكن قواعد البيانات المتوافرة ليست حقيقية بسبب عقود الزواج غير الموثقة، وغالبية الزيجات وثقت في المحاكم بعد بلوغ الفتيات السن القانونية لإثبات الزواج أو إثبات الطلاق أو إثبات النسب.

لا يمكن أبداً أجوز بنتي بدري وأقبل يحصلها اللي حصلي... تحقيق عن "زواج السنّة" في مصر وتزويج القاصرات بشكل مخالف للقانون

ويضيف سميح: "أنا مقيم في دائرة الجيزة وأُدعى أحياناً إلى حضور حفلات زفاف، أرى العروسة في عمر 14 سنة، وأتفاجأ بشيخ من الجامع أو عامل من الأوقاف أو شاب من الشارع معروف عنه الالتزام بالصلاة يكتب الكتاب". تحت عنوان "الزواج المبكر بين الواقع القانوني والممارسات الفعلية"، أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ورقة بحثية عن زواج الأطفال، في تموز (يوليو) 2016. اقترحت فيها تعديلات تشريعية تمثلت في رفع سقف عقوبة الإدلاء بأقوال غير صحيحة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السنّ المحددة قانوناً لتوثيق عقد الزواج. وطالبت باستحداث مادة في قانون الطفل تجرّم الزواج العرفي، واستحداث عقوبات تطاول الأب في حال زوّج ابنته تحت السن القانونية.

لا حل إلا بتشديد العقوبة

يعتبر سامح مصطفى، المسؤول في وحدة منع الإتجار بالبشر في المجلس القومي للطفولة والأمومة، والمسؤول عن ملف زواج الأطفال، بأن زواج الأطفال ملف شائك يتحكم فيه الجهل والفقر، إضافة إلى العادات والتقاليد. يضيف مصطفى: "نحتاج إلى حملات لرفع الوعي بالأضرار الصحية والاجتماعية والقانونية، لغياب عقوبات رادعة وانتشار التحايل بشكل كبير جداً، لذلك أُرسل مشروع قانون لمواجهة الانتهاكات ضد الأطفال إلى اللجنة التشريعية بالبرلمان، من بينها زواج الأطفال، لأن المنع يكون عبر سن القوانين وتشديدها". ورداً على اتهام المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتقصير في محاربة زواج الأطفال، يقول مصطفى: "إن دور المجلس هو رسم السياسات، وتقديم المقترحات ووضع خطط قومية لمواجهة الانتهاكات في حقّ الأطفال". ويضيف: "ليس دورنا تقديم التوعية ولا العمل على الأرض، بل العمل بالشراكة مع جهات عدة لأنها قضية مجتمعية". وعن التعديلات القانونية المطلوبة، يقول مصطفى: "نطالب بإصدار بعض المواد الأخرى التي تجرّم الزواج غير الرسمي، هناك موضوعات قيد الدرس لتعديل قانون الأحوال المدنية والمعاقبة التأديبية لكل من يوثق زواج طفلة دون السن القانونية". تؤكد نرمين محمود، المقررة في المجلس القومي للمرأة في بني سويف، قيام المجلس بحملات توعية من خلال حملات "طرق الأبواب"، والتي ترصد خلالها المشكلة بشكل كبير. وتضيف: "كثيراً ما تقابلنا حالات تزويج من دون أوراق ثبوتية، تحت السن القانونية بكثير، فضلاً عن مشكلات قانونية ناتجة من الطلاق المبكر وإثبات النسب لزيجات مبكرة غير موثقة". ليلى أبو عقل المحامية بالنقض ووكيلة وزارة العدل لنيابات شؤون الأسرة سابقاً في نيابات بني سويف والمقررة المناوبة للمجلس القومي للمرأة فرع بني سويف، ترى أن الحل يكمن في تطبيق عقوبة تقضي بحبس ولي الأمر ستة أشهر، إضافة إلى دفع غرامة عشرة آلاف جنيه في حال خرق القانون وزوّج طفلته.

التصادق

"التصادق على عقد الزواج"، هذا هو الحل الذي تلجأ إليه الأسر الراغبة في توثيق زيجات فتيات قبل بلوغهن السن القانونية. يقول المستشار أحمد المصري، محامي الأحوال الشخصية: "يصلني سنوياً المئات من الراغبين في توثيق عقود زواجهم، يكون مكتوباً فيها تاريخ الزواج". وأشار إلى استحالة التوثيق في حال وفاة الزوج وتهرب أسرته من الشهادة، ما يجعل الفتاة تنسب مواليدها إلى الجد أو الخال.

الزواج المبكر في البحيرة

تقع محافظة البحيرة، شمال غربي الدلتا، وتضم 16 مركزاً، ووفقاً لتقديرات المجلس القومي للسكان، فإن في البحيرة 4 مراكز هي: النوبارية، أبوالمطامير، حوش عيسى وكفر الدوار. وتعتبر محافظة البحيرة إحدى سبع محافظات، الأعلى في نسب الزواج المبكر في مصر، وفقاً لبيانات المجلس القومي للسكان. طبيعة المجتمع والعادات والتقاليد، جعلت من الوصول إلى حالات تصف معاناتها بالأمر الصعب، ما حتّم على مُعدّة التحقيق الاستعانة بمؤسسة "خطة" إنترناشيونال إيجبت، خلال العمل على التحقيق في البحيرة للتنسيق وتسهيل الوصول إلى الحالات. تروي نادية، اسم مستعار، بصوت هادئ تجربتها مع الزواج المبكر قائلة: "في المجتمعات الريفية، تتزوج الفتاة عادة في سن 18 سنة، وإذا أنهت تعلّمها من دون زواج، يعتبرها المجتمع تجاوزت مرحلة الزواج". [full_width] [caption id="attachment_127373" align="alignnone" width="1200"]55 نادية وهي تروي معاناتها بسبب الزواج المبكر[/caption] [/full_width] تكمل حديثها قائلة إنها تزوجت وعمرها 16 سنة، لم تكن حينذاك تدرك معنى الزواج. قيل لها أن الحب يأتي بعد العِشرة. لكن الخلافات مع زوجها استمرت. انتظرت الحب، ولم يأتي، فلجأت إلى الخلع وخرجت من زواج دخلته وهي طفلة. لكن فتيات كثيرات بقين عالقات. تم إنجاز هذا التحقيق بدعم من شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج) - www.arij.net وبإشراف الزميل محمد الكوماني.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image