شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
عن أمراء الحرب والحياة في اليمن حينما تُغلق منافذه

عن أمراء الحرب والحياة في اليمن حينما تُغلق منافذه

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 8 نوفمبر 201705:18 م
"انتصرواعلينا" يقول المواطن حسن عبدالله (46 سنة) الذي كان يدحرج نهار الثلاثاء، في شارع القاهرة بصنعاء. أسطوانة غاز منزلي اشتراها بمبلغ 6 آلاف ريال بزيادة قدرها نحو 90 في المئة، قياساً بسعرها يوم إعلان التحالف العربي بقيادة السعودية، إغلاق منافذ اليمن البرية والجوية والبحرية موقتاً. خلافاً للأهداف التي وضعها التحالف العربي لتدخله العسكري في اليمن في مارس 2015، صبت نتائج الحرب في مصلحة الانقلابيين وأمراء الحرب، وأنتجت فئة طفيلية تتغذى على التهريب والفساد والاستيلاء على المساعدات.

تضاعفت الأرباح

يرى اقتصاديون ورجال أعمال أن من شأن موجة الغلاء الجديدة التي سببها إغلاق المنافذ،  مضاعفة أرباح أمراء الحرب ودفع المجاعة التي تشهدها البلاد إلى حدودها القصوى، مؤكدين لرصيف22، عبثية خطوة إغلاق المنافذ التي تخضع أصلاً لرقابة التحالف منذ نشوب الصراع المسلح. وتظهر جردة أجراها رصيف22 لمسار الأوضاع والتصريحات الصادرة من التحالف العربي والحكومة الشرعية والحوثيين والأمم المتحدة منذ اندلاع الأزمة والحرب، تناقضاً في الخطاب وتدهوراً لافتاً للوضع الإنساني يقابلهما شبه جمود في النّشاط العسكري والسياسي. خلافاً لفترة الـ6 شهور التي حددها التحالف لإنهاء الانقلاب، تتواصل العمليات العسكرية منذ نحو 3 سنوات من دون ظهور مؤشرات إلى تحرير فعلي للمناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين. على العكس من ذلك، احتدم الصراع داخل التحالف المناهض للانقلاب، بدءاً من أزمة قطر وانتهاء بالصراع القائم بين القوى السياسية المؤيدة الحكومة الشرعية. ولئن انحسر القتال قياساً إلى ما كان عليه في 2015، فإن معاناة المدنيين تفاقمت بشكل مهول وباتت غالبية السكان على حافة هلاك جماعي وفق ما تفيد بيانات الأمم المتحدة، خصوصاً مع تفشي الجوع والكوليرا وتزايد أعداد الذين لا يملكون المال للعلاج. كما تسبب الفقر في ارتفاع حالات زواج القاصرات بحسب ما تقول منظمة يونيسف. سار التحالف العربي على غرار ميليشيات الحوثيين (حركة أنصار الله) والقوات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح التي رفعت صيف 2014 شعار إسقاط الجرعة (قرار رفع أسعار الوقود) لينتهي بها الأمر إلى إسقاط الدولة وإشعال حرب أهلية هي الأسوأ، وفق ما يقول لرصيف22 رجل أعمال في صنعاء طلب عدم كشف هويته.

كلما قلنا عساها تنجلي قالوا هذا مبيتداها

"كلما قلنا عساها تنجلي قالوا هذا مبيتداها"، يقول لرصيف22 الطالب في جامعة صنعاء رامي مرتضى، معبراً عن صدمته من ارتفاع أجور المواصلات 100 في المئة بعد أقل من 48 ساعة من إعلان التحالف إغلاق المنافذ اليمنية. ولئن حظي مرتضى بفرصة مواصلة التعليم، فإن زملاء له بحسب ما يذكر، تركوا مقاعد الدراسة واتجهوا إلى جبهات القتال لمساعدة أسرهم التي فقدت مصادر دخلها. بعد 20 شهراً من إطلاق التحالف "عملية إعادة الأمل"، والتي هدفت إلى استئناف العملية السياسية وحماية المدنيين، هيمن اليأس والإحباط على يمنيين كثر نتيجة استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية. وصار كلّ من ميليشيات الحوثيين والرئيس السابق، والتحالف العربي الداعم الحكومة الشرعية، وجهين لعملة واحدة وفق ما يرى البعض، أو "فكي كماشة تعض المواطن اليمني فقط"، بحسب حد تعبير الموظف الحكومي سعيد عبدالقادر.

التهريب...

على الرغم من الحظر الجوي والبحري الذي يفرضه التحالف على اليمن منذ بدء الحرب، وإخضاعه الطائرات والسفن الواصلة والمغادرة للتفتيش، إلا أن عمليات التهريب من اليمن وإليه استمرت، بما فيها تهريب السلاح والبشر وفق اعتراف مصادر التحالف والحكومة اليمنية.   تشبّه مصادر سياسية يمنية طلبت عدم كشف هويتها، التحالف الذي يحارب الحوثيين بحزب المؤتمر الشعبي الذي حكم اليمن لأكثر من عقدين، معتبرة تناقضات التحالف شبيهة بتناقضات المؤتمر الذي تأسس كجبهة تضم الأطياف السياسية المختلفة، الأمر الذي سهل تفكيك نظام الرئيس السابق. وخلافاً للصورة التي يقدمها الإعلام للصراع في اليمن، تبدو معادلة اللعبة على أرض الواقع أقرب إلى تهيئة نخب جديدة متوائمة مع التوجه الدولي لما بعد حوادث 11 سبتمبر منها إلى صراع تناحري بين طرفين متناقضين. عندما قررت حكومة الرئيس هادي صيف 2016، نقل البنك المركزي إلى عدن تعهد رئيسها بدفع رواتب جميع الموظفين في المحافظات المختلفة، بيد أن الحكومة لم تف بوعودها بصرف رواتب أكثر من 800 ألف موظف يعملون في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الحوثيين وصالح، ما أدى إلى انحسار تأييد الحكومة والثقة فيها. في المقابل، تصاعدت المواجهات بين أطراف الائتلاف المؤيد الحكومة داخل ما يسمى المناطق المحررة، ومنها العاصمة الموقتة عدن التي لم تقدم بعد أنموذجاً يحتذى لجهة الالتزام بالقوانين واحترام الحريات. ويرى الكثير من السكان أنه في البلد الأفقر، والذي ظل يعتمد حتى قبل اندلاع القتال على المساعدات الإقليمية والدولية، يبدو أنّ اليد الطولى للاعبين الخارجيين في تحريك مسار الحوادث، فتدهور الوضع الاقتصادي، والتجويع الممنهج على اليمنيين يراد منه أن يكون فزاعة لبقية شعوب المنطقة التي قد تفكر في إسقاط النظام وفق ما تتفق آراء الذين تحدث إليهم رصيف22. تجربة لبنان المنهار عملة واقتصاداً المزنّر بمعادلة الدولة واللادولة في آن، تبدو مستساغة  للاعبين الدوليين، خصوصاً أصحاب نظرية التوازنات الطائفية والمذهبية لاستنساخها في اليمن وهي قد تحل محل الاستفهامات التي يضعها البعض على قضية عدم حسم الصراع في اليمن.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image