شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
ممنوع الاستحمام وقت ما نشاء. ممنوع رؤية النور في المساء. ممنوع العيش في هذا القطاع؟

ممنوع الاستحمام وقت ما نشاء. ممنوع رؤية النور في المساء. ممنوع العيش في هذا القطاع؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 11 أكتوبر 201707:31 م
لم يكن سكان قطاع غزة في فلسطين يعلمون أن سيطرة حركة المقاومة الإسلامية، حماس، في منتصف يونيو 2007، على الحكم، عقب الاشتباكات المسلحة التي دارت بين عناصرها وعناصر الأمن التابعين للسلطة الوطنية الفلسطينية، ستؤدي إلى تدهور أبسط مقومات الحياة على مدار السنوات العشر التي تلت الانقسام السياسي الفلسطيني. فمنذ اليوم الذي تلا سيطرتهم، توالت العقوبات على السكان، من قِبل الحكومة الإسرائيلية التي فرضت حصاراً مشدداً، وجمهورية مصر العربية التي أغلقت معبر رفح البري، إضافة إلى بعض العقوبات التي فُرضت على السكان من حركة حماس والسلطة الفلسطينية. بين عامي "2007 و2017"، حُرِم قرابة 2 مليون إنسان يقطنون القطاع، من الحصول على أبسط حقوقهم الأساسية وممارستها، كان من أهمها منع عشرة حقوق أدت إلى إعاقة سير حياتهم ومستقبلهم بالطريقة التي يرغبون فيها، فما هي الممنوعات العشرة؟

1- ممنوع أن نرى النور في المساء

قبل الانقسام الفلسطيني عام 2007، كان سكان القطاع ينعمون تقريباً بـ24 ساعة كهرباء يومياً، من مصادرها الرئيسية الثلاثة "محطة توليد الكهرباء التي أنشئت عام 1999، الخطوط الإسرائيلية والخطوط المصرية". وكانت قبل ذلك العام تقطع لساعات قليلة بسبب بعض الأعطال والإصلاحات حتى عام 2006. عقب فوز حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي بالغالبية عام 2006، قصفت المروحيات الإسرائيلية شركة توليد الكهرباء، ملحقة بالتوربينات أضراراً جسيمة، لتبدأ من هنا معاناة السكان مع أزمة الكهرباء. يوماً بعد يوم تفاقمت الأزمة، وأصبحت الخطوط الإسرائيلية والمصرية تقطع لساعات طويلة، لتبدأ شركة توزيع الكهرباء العمل وفق جدول 8 ساعات انقطاع مقابل 8 ساعات وصل، لكن الاستهداف الإسرائيلي الثاني لمحطة التوليد عام 2014، فاقم الأزمة. لم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، فقد برزت أزمات وخلافات عدة خلال العام الأخير، بين حركة حماس المسيطرة على القطاع وبين السلطة الفلسطينية في الضفة، أدت إلى توقف محطة التوليد بشكل تام لفترات طويلة، إضافة إلى تخفيض كمية الكهرباء الواصلة من الخطوط الإسرائيلية إلى النصف. جميع الأسباب السابقة، إضافة إلى تعطل الخطوط المصرية باستمرار أدت إلى انقطاع الكهرباء عن المنازل والشركات لأكثر من 21 ساعة متواصلة وأحياناً تجاوزت الـ30، مقابل ساعتين وصل فقط. وبات ممنوعاً على سكان القطاع التنعم بالكهرباء 24 ساعة متواصلة، الأمر الذي أدى إلى شبه تعطيل كثير من جوانب حياة السكان.

2- ممنوع أن تستحم وقت ما تشاء

إن مشكلة وصول الماء إلى سكان القطاع، ليست مختلفة كثيراً عن أزمة الكهرباء، وذلك بسبب الارتباط الوثيق بينهما، حيث إن وصول الماء إلى السكان بحاجة إلى توافر الكهرباء لتشغيل توربينات الضخ إلى جميع المناطق من الخزانات التابعة للبلديات. انقطاع المياه لأيام عدة متواصلة عن السكان، تلازم مع أزمة الكهرباء، ما أجبر السكان على شراء المياه من شركات خاصة، أو حفر آبار خاصة في المنازل والأبراج، لكن ذلك أيضاً لم يكن كافياً لينعموا بـ24 ساعة متواصلة من المياه، بسبب عدم توافر المحروقات المشغلة مولدات كهرباء المنازل.

3- ممنوع أن تعبر...

قديماً، كان سكان القطاع يتنقلون عبر حاجز بيت حانون "إيرز"، وهو الممر البري الوحيد المخصص لعبور الأفراد بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، ويسيطر عليه الجانب الإسرائيلي، حيث كان يسمح للجميع تقريباً بالمرور بعد الحصول على تصاريح من إسرائيل. مع بداية مجيء السلطة الفلسطينية وحتى عام 2007، كان التنقل عبر حاجز بيت حانون يتراجع، حتى حدوث الانقسام الفلسطيني السياسي، وفرض الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع. خلال السنوات العشر الماضية، وكنوع من تحفيف الضغط والانفجار، سمح الجانب الإسرائيلي بمرور تجار ومرضى وسياسيين وطلاب، لكن عمل المعبر في الأشهر الأخيرة من هذا العام، عاد إلى الأسوإ. يشدد الجانب الإسرائيلي على من هم بحاجة إلى السفر للعلاج أو استكمال التعليم، في منح التصاريح، الأمر الذي أدى إلى وفاة بعض المرضى على أسرّة المرض من دون تلقي العلاج، وضياع فرص الدراسة على كثر من الشباب.

4- منع السفر من معبر رفح البري مع مصر وقت الحاجة

قد لا يختلف الوضع كثيراً في معبر رفح البري عن حاجز بيت حانون، فأيضاً يجب حصول المسافر على موافقة مصرية للعبور، ويجب أن يكون ذا حاجة ماسة إلى السفر، كما أن معبر رفح لا يفتح بشكل دائم، وغالباً ما يكون مغلقاً من الانقسام الفلسطيني وإشراف حركة حماس على عمل المعبر من الجانب الفلسطيني. مع إغلاق معبر رفح شبه المستمر، وعدم فتحه لسوى يومين أو ثلاثة شهرياً خلال السنوات العشر الأخيرة، كثرت أعداد المسافرين، حيث أصبح يتوجب على كلٍّ منهم تسجيل اسمه قبل موعد سفره بثلاثة أشهر على الأقل. وشهد معبر رفح "فترة ذهبية" وفق قول المواطنين في غزة، في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ولكن في ما بعد وحتى الآن عاد أسوأ من ذي قبل، فمنذ مطلع العام الحالي 2017 وحتى اليوم لم يُفتح المعبر إلا لـ17 يوماً فقط. وبحسب هيئة المعابر والحدود في غزة، فإن عدد المسجلين للسفر حالياً تجاوز الـ30 ألف مسافر على لائحة الانتظار، وأدى إغلاق المعبر لأيام وشهور عدة، إلى تعطيل مصالح وفقدان مستقبل واضح لطلاب وأصحاب إقامات وتجار ومرضى.

5- ممنوع أن تحلّق...

قبل عام 2007، تحديداً عام 1998، أنشئ المطار الدولي الفلسطيني الأول في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لكن في عام 2001 ومع بداية انتفاضة الأقصى، تم تدميره بشكل جزئي من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. في عام 2009 وخلال العدوان الإسرائيلي الأول على القطاع بعد سيطرة حماس على الحكم، استهدفت الطائرات الإسرائيلية المطار ودمرته بشكل كامل، ومذّاك تفرض إسرائيل حظراً على إعادة بناء المطار، إضافة إلى أن إعادة بنائه بحاجة إلى تكاليف باهظة.

6- ممنوع رسو سفنكم…

إن عدم قدرة قطاع غزة على استقبال السفن التجارية والسياحية، ليس لعدم وجود ميناء بحري تجاري، لكن في حقيقة الأمر أن الحكومة الإسرائيلية تمنع إنشاء أي ميناء بحري في غزة، خلافاً للاتفاق الذي أبرمته مع السلطة عام 2000. ففي عام 2000 وبعد اتفاق جرى بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على إنشاء ميناء بحري، بدعم من دول أوروبية وإشرافها، وُضع حجر الأساس في منطقة حُدّدت وسط قطاع غزة، وبالفعل بدأ العمل على بنائه، إلا أن الجيش الإسرائيلي دمر ما بُني عام 2003 أثناء انتفاضة الأقصى، وأوقف المشروع. عام 2014 وأثناء العدوان الإسرائيلي الثالث على قطاع غزة، أجريت مفاوضات بين الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي بوساطة مصرية، كان من ضمن الشروط الفلسطينية أن تتم الموافقة إسرائيلياً على بناء ميناء بحري ومطار دولي في القطاع، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن، وما زالت إسرائيل تمنع بناء ميناء بحري لاستقبال السفن التجارية، لاستفادتها اقتصادياً من السفن التي ترسو في موانئها.

7- طيبات البحر وثماره ليست لكم...

عام 1993، وتحديداً مع توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، تم الاتفاق على أن تكون مساحة الصيد المسموح بها للصياد الفلسطيني 20 ميلاً بحرياً، وذلك ما نُفّذ بعد إقامة السلطة الفلسطينية. لكن، منذ عام 2000 وانطلاق انتفاضة الأقصى، بدأت إسرائيل تضايق الصيادين في عملهم وتقليص مساحة الصيد شيئاً فشيئاً. وبعد عام 2007، وإثر الانقسام الفلسطيني والحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، قلصت إسرائيل مساحة الصيد المسموح بها للصيادين إلى 6 أو 9 أميال في أعلى تقدير. لم يكتفِ الجانب الإسرائيلي بتقليص مساحة الصيد، بل في بعض الأوقات فرض حظراً أمنياً على دخول الصيادين بشكل محكم خلال الأعوام العشرة الماضية، ويواجه الصيادون مضايقات كثيرة واعتقالات في عرض البحر، إلى جانب إطلاق النار عليهم وعلى مراكبهم الصغيرة، ضمن المساحة الصغيرة الممنوع تجاوزها. بسبب جميع الإجراءات الإسرائيلية السابقة، إضافة إلى ندرة وجود الأسماك في المساحة المسموح لهم بدخولها، فإن صيادين كثراً تركوا مهنة الصيد وانضموا إلى جيش العاطلين من العمل.

8- ممنوع العيش بأمان...

بعد مرور عشر سنوات من الحصار والقصف والاجتياحات شبه المتواصلة على سكان قطاع غزة، بات الشعور بالأمان مفقوداً لدى الكبار والصغار، فلم يعد يأمن أحد على نفسه من دون توقع أن تنتهي حياته أو يتعرض للإصابة في أي وقت. صوت طائرات الاستطلاع غير المنقطع، وصوت التفجيرات بين الحين والآخر، إضافة إلى عدم الاستقرار الفلسطيني، واستمرار التهديدات بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، ولّدت شعوراً لدى المواطن في القطاع بأن الحرب يمكن أن تنشب في أي لحظة وبات الشعور بالخوف وعدم الأمان مسيطراً على السكان.

9- ممنوع التصدير

قبل عام 2007، كان يسمح للتجار بتصدير الخضروات والفواكه والحمضيات التي يشتهر بها القطاع، إلى جانب الورود والملابس وبعض صناعات الخشب والبلاستيك، من طريق المعبر التجاري بين قطاع غزة والجانب الإسرائيلي، معبر كرم أبو سالم "كارني". لكن، ومع فرض الحصار الإسرائيلي بعد ذلك العام، منعت إسرائيل التصدير إلا في حالات نادرة، وبكميات لا تكاد تذكر، الأمر الذي كبّد المزارعين والتجار خسائر كثيرة.

10- منع حرية التعبير ومعارضة حكم حركة حماس

منذ سيطرة حركة حماس على الحكم في قطاع غزة عام 2007 بقوة السلاح، خرجت أصوات تعارض ما حدث. حركة حماس لم تتقبل النقد، بخاصة اللاذع منه، حيث واجهت الأمر بقوة سلاح جناحها العسكري، في محاولة منها لمنع حرية التعبير. وفي الأشهر القليلة الماضية، ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وإبداء المواطنين آراءهم بكل سهولة، عمدت الأجهزة الأمنية والقضاء الذي شكلته حماس إلى اعتقال بعض الصحافيين والناشطين وتوجيه تهمة "سوء استخدام التكنولوجيا" بهدف تخويف المواطنين ومنعهم من إبداء آرائهم وانتقاداتهم قرارات حركة حماس وحكومتها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image