شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
أطفالكم فلذات أكبادكم... وسبب انفجار مدينتكم أحياناً

أطفالكم فلذات أكبادكم... وسبب انفجار مدينتكم أحياناً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 27 مايو 201704:21 م
كل ما يتعين عليكم فعله للربط بين الفقر والكثافة السكانية هو الدخول إلى أحد مخيمات قطاع غزة الخمس. مجتمع ترتفع فيه نسب الإنجاب ويتجاوز عدد الأفراد داخل بعض الأسر إلى 14 فرداً. إلا أن ما يسميه السكان ب "ثقافة الإنجاب" ليست مقتصرة على المخيمات فقط، ففي مناطق القطاع الأخرى يتجاوز عدد الأفراد أحياناً هذا الرقم بكثير. حيث تشير الاحصاءات إلى تنامي غير مسبوق في مستوى المواليد بقطاع غزة، فقد بلغت النسبة أعلى مستوياتها في إبريل الماضي، إذ سجلت وزارة الصحة انجاب 3600 مولود، أي بما يعادل 5 مواليد كل ساعة.

تكدّس

يقول خميس عمر (44 عاماً) أنه يجد صعوبة أحياناً في التفريق بين أسماء أبنائه. ذلك ليس نتاج ذاكرة سيئة وإنما لتجاوز عدد أفراد أسرته الـ14 فرداً. يقيم عمر وزوجته وأبنائه الـ12 داخل بيت لا تتجاوز حدوده الـ70 متراً على أبعد تقدير، ويبعد عن شاطئ بحر مدينة غزة نحو 200 متر تقريباً. يعمل على مركب صيد ضخم برفقة عدد من أبناء عمومته، إلا أن محدودية دخله، هو الذي يقول أن الإنجاب عزوة وجاه، لم تدفعه يوماً لاتخاذ قرار بتحديد النسل. يقضي عمر ثلثي يومه في البحر كداً وتعباً، بحثاً عن لقمة العيش، ليطعم أبناءه الذين يبلغ عمر أصغرهم عام ونصف. يقول إنه لا يتلقى معونات إغاثية من الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة (أونروا) لكونه مواطناً ليس لاجئاً، على عكس جيرانه في مخيم الشاطئ. ثلاثة من أبنائه اضطروا تحت وطأة الفقر لترك مقاعد الدراسة وتوجهوا للعمل في مهنة الصيد التي ورثتها العائلة عن أجدادها. قد تبدو المعضلة، أن فريقاً كبيراً من الفلسطيين المقيمين في قطاع غزة يؤمنون بأن كثرة الإنجاب تجلب البركة والرزق، وهو برأي بعضهم فعل مقاومة للاحتلال الاسرائيلي، رغم أنهم يواجهون صعوبة بالغة في توفير قوت يومهم، حيث تخطت نسبة الفقر في غزة حاجز الـ50% وفق آخر احصاءات.

انفجار ديموغرافي

هذا الصعود المتواصل لمؤشر النمو السكاني، ينبىء عن انفجار سكاني قد يقع في المستقبل القريب، على ضوء محدودية مساحة القطاع البالغة 365 كيلومتر مربع، ويقيم عليها ما يزيد عن اثنين مليون نسمة. ويعني الانفجار السكاني أو الديموغرافي، زيادات كبيرة في أعداد السكان بالمقارنة مع الموارد المتاحة. فإذا كانت مساحة معينة من الأرض يعيش بها عشرة أشخاص ولكن كمية الماء والغذاء في هذه الأرض تكفي تسعة أشخاص فقط، فإن هذه المنطقة تعاني من زيادة في الكثافة السكانية، وفق تعريف توماس مالتوس.
الصعود المتواصل لمؤشر النمو السكاني ينبىء عن انفجار ديموغرافي قد يقع في مستقبل غزة القريب
مساحة قطاع غزة 365 كيلومتر مربع يقيم عليها ما يزيد عن اثنين مليون نسمة، ويولد كل ساعة 5 أطفال، وضع لا يبشر بالخير
ففي مجال السكن، يواجه القطاع عجزاً كبيراً في توفير الوحدات السكنية بمقابل حجم النمو الغير مسبوق، إذ يؤكد ناجي سرحان، وكيل مساعد وزارة الأشغال العامة والإسكان، أن العجز في الوحدات السكنية بلغ أكثر من 120 ألف وحدة، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج قرابة 14 ألف وحدة سنوياً بسبب الزواج الطبيعي في المجتمع الفلسطيني. وبين سرحان، أن نحو 20% من مساحة القطاع يُمنع إقامة منشآت سكنية عليها، على اعتبار أنها مناطق حدودية، موضحاً أن 30% من الأسر في غزة تقل مساحة بيوتها عن 120 متر مربع. كما أكد وكيل الوزارة أن القطاع سيواجه خلال السنوات القليلة القادمة عجزاً كبيراً في توفير مساكن لمئات الأسر.

هل يبقى لدينا ماء؟

يقول يوسف إبراهيم، وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية بغزة، وأستاذ الديموغرافيا السابق بجامعة الأقصى أن العجز لن يتوقف عند حدود الإنفجار السكاني مستقبلاً، وإنما متعلق بمياه الشرب والازدحام المروري أيضاً، عدا عن عجز المؤسسات الصحية والتعليمية على احتواء هذا الكم من الناس. ولا يجد إبراهيم بُداً، من اقتراح نشر ثقافة التوسع الرأسي في المساكن تأجيلاً لوقوع الكارثة، ولم يقل تلافياً. وهذا يعني أن الكارثة حتماً واقعة خلال السنوات القليلة القادمة.

وسائل منع الحمل مجانية

من بين التداعيات التي لا يمكن القفز عنها أيضاً، التأثير السلبي للنمو السكاني على التنمية الاقتصادية، لاسيما في ضوء حالة الحصار المفروضة على غزة، وانحسار البدائل والخيارات وتعطل عجلة الاقتصاد. يقول معين رجب، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر بغزة: "إن تدني مستوى النمو الاقتصادي مقارنة بالنمو السكاني في القطاع، يخلق عجزاً لدى مؤسسات الدولة في توفير احتياجات المواطنين". ‏ ولفت رجب إلى أن هذا النمو يعتبر كبيراً جداً مقارنة بالضفة الغربية، بل ويعد الأعلى على مستوى الدول العربية بنسبة 3-4%. زيارة واحدة لإحدى العيادات الصحية الخاصة بمخيمات اللجوء، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (الأونروا)، كفيلة بأن تعطي تصوراً عن حجم التحدي الذي تواجهه الوكالة الدولية، على صعيد نشر ثقافة تحديد النسل. حيث تغطي الملصقات التوعوية من مخاطر زيادة الإنجاب المساحة الأكبر من اللوحات الإرشادية. وتعمل الأونروا وهي الجهة المخولة بالإشراف على مخيمات اللاجئين، أكثر مناطق القطاع كثافة، على تقديم النشرات التوعوية واللقاءات التثقيفية لأجل مكافحة هذه الظاهرة، وتوفر للأمهات جميع وسائل منع الحمل مجاناً.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image