"لا أهتم مطلقاً بكلام الناس"، جملة قالها الممثل المصري أحمد الفيشاوي في أحد البرامج التلفزيونية في شهر مايو الماضي، تشرح لنا بشكل واضح كيف يفكر بطل فيلم "شيخ جاكسون" الذي سيمثل مصر في مسابقة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنكليزية.
الجملة ببساطة تفسر لنا سبب صعود الممثل الشاب على مسرح مهرجان الجونة السينمائي مساء الجمعة الماضي، من دون أن يدعوه أحد، وقوله لفظاً اعتبره كثرٌ غير لائق، حين وصف الشاشة التي ستعرض فيلمه شيخ جاكسون (إنتاج عام 2017 ومن إخراج عمرو سلامة) بأنها "خرا".
المجتمع المصري كغالبية المجتمعات العربية، يتعامل مع الممثل باعتباره شخصية عامة، يجب أن يكون قدوة ويختار كلامه بعناية، وإلا فمن حق الجميع محاكمته ونصب المشانق له.
من هو أحمد الفيشاوي؟
أحمد الفيشاوي، ولد في فبراير عام 1980، والده الممثل فاروق الفيشاوي ووالدته الممثلة سمية الألفي. قبل عام 2004، لم تكن له أعمال فنية مميزة، بل مجرد أدوار غير مؤثرة في مسلسلات مثل وجه القمر والعمة نور، وفيلم لم يحقق نجاحاً يذكر سواء على المستوى الفني أو التجاري هو شباب على الهوا (إنتاج عام 2002)، لكن الوضع اختلف منذ عام 2004 حين خرجت سيدة مصرية هي هند الحناوي (مهندسة ديكور) تتهمه بقضية نسب طفلة، لكن الشاب الصغير (كان وقتذاك في 24 سنة) نفى أن تكون له علاقة بها أو بالطفلة. اتهم الممثل وأسرته السيدة آنذاك بالكذب، لكن في عام 2006 حصلت الحناوي على حكم قضائي بأن أحمد هو والد طفلتها، علماً أنه رفض إجراء تحليل الحمض النووي. بعد ذلك، اعترف الممثل أنه بالفعل والد الطفلة وكان متزوجاً بالحناوي عرفياً، وقال والده فاروق الفيشاوي أنه قرر وعائلته الكذب بحجة الحفاظ على مستقبل أحمد الفني بناء على فتوى دينية من الإسلامي صفوت حجازي (محبوس حالياً بتهمة التحريض على حوادث عنف عقب إطاحة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي). شكل هذا الموقف أول شرخ بين الفيشاوي وجمهوره الذي وجد في الأمر ظلماً وقع من رجل على امرأة، ووقفت – ربما لأول مرة – جمعيات حقوقية ونسوية ضد ممثل، وفتحت القضية ملف الزواج العرفي وحال النساء في المجتمع المصري. المفارقة أن أحمد الفيشاوي قدّم دوراً في فيلم 678 (إنتاج عام 2010 وناقش قضية التحرش الجنسي) لزوج "ندل" يقرر ترك زوجته بمفردها تواجه الألم النفسي الذي سببه لها تعرضها لتحرش جنسي."الفيشاوي يعيش بعقلية غربية في مجتمع شرقي يمارس الخطأ لكنه لا يسمح للمشاهير بأن يمارسوا نفس الخطأ"
قصة لا تنتهي من الجدل
لم يكن الجدال الذي تسبب فيه اللفظ الذي قاله الفيشاوي على مسرح مهرجان الجونة السينمائي أو رفضه الاعتراف بطفلته من هند الحناوي، هو فقط ما جعله مادة غنية لوسائل الإعلام، فهناك المزيد. فقد سبب ظهوره مع المذيعة سمر يسري في برنامجها أنا وأنا الذي تعرضه فضائية On E (مصرية) مزيداً من الجدال، حيث قال بتلقائية أنه تعاطى أنواعاً كثيرة من المخدرات، كما أنه يعاقر الخمر، وأنه لا يهتم على الإطلاق بكلام الناس. واعتبر أن هدفه من تعاطي المخدرات هو حب التجربة، ناصحاً من يريد خوض تجربة المخدرات بأن يكون على علم كامل بآثارها عليه. الحلقة التي عرضت في مايو الماضي، سببت صدمة في المجتمع المصري الذي لم يتعود أن يتحدث ممثل بمثل هذه الجرأة من قبل. وهاجمت مقالات وكتابات على وسائل التواصل الاجتماعي الممثل إلى درجة المطالبة بمحاكمته. لكن، يبدو أن أحمد كان يتوقع كل هذا الجدال قبل أن يبدأ، حيث قال في الحلقة نفسها أنه إنسان طبيعي يقوم بتصرفات "صح وغلط"، وأن معظم الناس مثله، وأنه لا يهتم بمن يهاجمه، مطالباً الجميع بعدم إصدار أحكام على أي شخص "فجميعنا بشر"."وسائل الإعلام تهاجمه بدون توقف"
في اتصال هاتفي مع رصيف22، رفض الفيشاوي أن يعلق على أي شيء، معبراً عن غضبه من "وسائل الإعلام باعتبارها تهاجمه من دون توقف". اكتفى الفيشاوي بالقول أنه وضح موقفه بالفعل على حسابه الرسمي في إنستغرام، وأن ما نشره هو كل ما يريد قوله في الوقت الحالي. في إنستغرام، نشر الفيشاوي يوم السبت فيديو يعتذر من خلاله عما بدر منه في المهرجان، قائلاً أن فريق العمل بأكمله عمل بجدية على هذا الإنتاج (في إشارة إلى فيلم شيخ جاكسون)، وأن هدفه الوحيد كان أن يعرض الفيلم للجمهور على شاشة أفضل حتى تتم مشاهدته بطريقة صحيحة. أما مخرج العمل السينمائي عمرو سلامة، فأصدر بياناً أيضاً قال فيه أن فريق شيخ جاكسون ينتابه إحساس بالإحباط والقهر عندما يتم هدم مجهود ثلاث سنوات من عمر صناعة الفيلم بسبب سلوك إنسان واحد، في إشارة إلى الفيشاوي. تعرّض الفيشاوي لهجوم كبير من ممثلين وإعلاميين مصريين، فالمذيع عمرو أديب وصفه على الهواء بأنه "قليل الأدب"، واعتبرت الممثلة غادة عبدالرازق أن اختياره من إدارة مهرجان الجونة جعل الوسط الفني يظهر بـ "أوسخ شكل" وفق تعبيرها. لكن الكتابات الأكثر تعبيراً عن سبب الأزمة بين الفيشاوي وجمهوره هي ما كتبه الممثل المصري محمد إمام (نجل الممثل عادل إمام) حيث وصف سبب المشكلة بأن "الفيشاوي يعيش بعقلية غربية في مجتمع شرقي محافظ يخطئ، لكنه لا يسمح للمشاهير بأن يقعوا في الخطإ نفسه، طالباً من الناس أن تترك أحمد يعيش حياته مثلما يريد. ما كتبه إمام يدلّ على أن دور أحمد الفيشاوي الذي قدمه في فيلم ساعة ونص (إنتاج عام 2012)، يعبر عنه فعلاً، حيث أدى دور شاب مصري منفتح يعيش بعقلية غربية، يتعرض لمحاكمة بسبب تقبيل فتاة برضاها في الشارع، وطوال الحوادث كان يعبر عن سخطه من المجتمع والنفاق والازدواجية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت