من السعودية إلى لبنان فالأردن ومصر، مُنعت أفلام لأسباب سياسية، بعضها بقرارات رسمية وأخرى بقرارات شفوية، علماً أن المعايير تختلف بين دولة وأخرى، من إسقاطات مباشرة على الوضع الاجتماعي إلى رصد البيروقراطية ثم الإساءة إلى الدولة.
تقول الناقدة السينمائية المصرية ماجدة موريس "لدى كل دولة منعت فيلماً سينمائياً أسبابها الخاصة، منها الحفاظ على النظام الذي تخشى أن تهتز صورته أمام الجمهور بعد عرض الفيلم".
السعودية
موت أميرة قصة مستوحاة من أحداث حقيقية. أثارت الرأي العام في ثمانينات القرن الماضي بعد تناول قصة إعدام الأميرة السعودية مشاعل بنت فهد بن محمد بن عبد العزيز آل سعود، رمياً بالرصاص، عقب اتهامها بـ"الزنا" نتيجة علاقة عاطفية بينها وبين أحد الأشخاص إبان دراستها في بيروت. الفيلم الذي أنتج عام 1980 وصور في مصر وأدت دور البطولة فيه الفنانة سوسن بدر، أحدث ضجيجاً عالمياً، نتيجة عرضه إقامة حد الزنا رمياً بالرصاص في ساحة للسيارات في مدينة جدة، بالإضافة إلى منع السعودية عرضه والاعتراض على عرضه في الدول الأجنبية. ترى الناقدة موريس أن فيلم "موت أميرة" منع لتناوله علاقة صورة غير نمطية للمرأة السعودية، وتقول: "علاقة المرأة في الخروج عن الصورة والمنهج الموضوع لها من قبل النظام القائم في المملكة. قديماً كانت المرأة تعاني مشاكل كثيرة بسبب جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". وعلى إثر عرض الفيلم، أدرجت السعودية أسماء المشاركين فيه على قوائم المنع من دخول السعودية، كذلك غيرت الفنانة سوزان أبو طالب اسمها إلى سوسن بدر. ملك الرمال في منتصف 2012، منعت السعودية عرض فيلم "ملك الرمال" وسعت إلى منعه في سوريا ودول عربية وأجنبية. الفيلم يروي سيرة الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة السعودية، وكيف أراد السيطرة على الحكم في منطقة نجد، من إخراج السوري نجدت إسماعيل أنزور وتمثيل الإيطالي فابيو تيستي، إنتاج 2012. إلا أن بعض المشاهد أثار ردوداً غاضبة بعد أن ظهر الملك بأنه شخص شهواني جنسياً، متعطش للدماء. تقول موريس إن وجود أسرة مالكة يزيد من حساسية تناول أفراد نظام الحكم بأي صورة من الصور، وأحياناً يتعرض المشاركون في الفيلم لتهديدات نتيجة تناول أحداث مغايرة لوجهة نظر مركز الحكم. وقد تلقى المخرج السوري تهديداً من شركة محاماة بريطانية بوقف عرض الفيلم من الحكومة السعودية، لوجود محتوى يشوه شخصية الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة. المملكة منع فيلم المملكة (The Kingdom) من العرض في دول عربية عدة، منها السعودية والبحرين والكويت، نتيجة محتواه السياسي الذي يبرز شخصيات وصفت بأنها "جهادية" تهاجم فريقاً من وكالة الاستخبارات الأمريكية في السعودية إبان تحقيقهم في تفجيرات الرياض عام 2003. من إخراج بيتر بيرغ وتمثيل جيمي فوكس وجنيفير غارنر، تم تصوير مشاهده في المكسيك وأريزونا، بعيداً عن السعودية.مصر
شيء من الخوف أكثر الأفلام التي منعت عربياً في مصر كانت بسبب الأمن، بحسب قول الناقدة موريس، فإن الأفلام التي منعت لم يكن وراءها قرار رسمي، بل كان شفهياً. تقول الناقدة ماجدة موريس إن في الستينات وإبان حكم الرئيس السابق جمال عبد الناصر، منع عرض فيلم "شيء من الخوف"، وانتشرت إشاعات بأن شخصية "عتريس" تمثيل لشخصه، إلا أن عبد الناصر شاهد الفيلم وقال إنه لا يرى أي تشابه بينه وبين عتريس وقال: "إذا أنا طاغية إلى هذه الدرجة امنعوه، إنما أنا مش شايفه شبهي". فيلم من إخراج حسين كمال عام 1969، تمثيل محمود مرسي وشادية. وعرض الفيلم بعد ذلك في دار العرض. حائط البطولات في مصر منعت أفلام لأسباب سياسية بأمر شفهي غير رسمي، أبرزها فيلم "حائط الصد". خلال فترة التسعينات من القرن الماضي كان منتظرا، أن يصنع المنتجون فيلماً عن الضربة الجوية في حرب 6 أكتوبر 1973 وتكون الشخصية الأساسية هي شخصية الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وبعد الانتهاء من تصوير فيلم حائط البطولات، تقول موريس إن محتوى الفيلم وصل إلى مبارك فغضب لعدم تناوله سيرته الذاتية، وأمر بمنع عرض الفيلم بشكل غير رسمي. وظل الفيلم حبيساً حتى تنحى مبارك عقب ثورة 25 يناير 2011. بطولة محمود ياسين وفاروق الفيشاوي، إخراج محمد راضي، 1998. الهروب من الخانكة فيلم "الهروب من الخانكة" محتواه سياسي بالدرجة الأولى من البداية إلى النهاية، وهو عن الفساد والمحسوبية داخل أروقة الدولة واعتقال شخصيات معارضة والتنكيل بهم بعد ثورة 1952، وإدخال أصحاب الرأي مستشفى الأمراض العقلية. الفيلم بطولة ماجدة الخطيب وفريد شوقي وكمال الشناوي، وأنتج في 1987 إبان حكم الرئيس السادات، وتناول استخدام مراكز القوى بعد 1952 مستشفى الأمراض العقلية كسجن لأصحاب الرأي، وعرض التهم الموجهة للمفكرين بأنهم عملاء وممولون من الخارج. وكيف اختلف أعضاء مجلس قيادة الثورة بعد خلع محمد نجيب في الاستيلاء على السلطة أم تسليمها للمدنيين. زائر الفجر تقول الناقدة موريس إن "زائر الفجر" الذي أنتج 1973 من أكثر الأفلام التي رصدت إجراءات البوليس السياسي والقسوة التي تعامل بها مع المواطنين في حقبة الستينيات. الفيلم من إنتاج ماجدة الخطيب وتم عرضه في السينما نحو أسبوع واحد، وحجب سريعاً لمحتواه في انتقاد قسوة البوليس السياسي مع المعارضة السياسية، بداية من إلقاء القبض عليهم وإخفاء المعارضين في المعتقلات والسجون. بعض الروايات تقول إن الخطيب حاولت مقابلة الرئيس السادات في هذه الفترة لطلب إجازة عرض الفيلم مرة أخرى، إلا أنها لم تفلح، وقبل مرور عام عرض الفيلم ولكن حُذفت منه مشاهد عدة. حتى الآن "زائر الفجر" لا يعرض في الفضائيات المصرية خوفاً من رد فعل الجمهور على الممارسات العنيفة للنظام وقتذاك. وراء الشمس بعد أن أطلق الرئيس السادات ثورة التصحيح واعترافه بأن العهد السابق احتوى على ممارسات قمعية للمعارضة والمواطنين، انطلقت شركات الإنتاج في لحظة ثورية في إنتاج أفلام عدة لتوثيق هذه الفترة. تناول فيلم "وراء الشمس" عام 1978، الممارسات التي فرضتها الدولة بعد نكسة 1967 داخل السجون الحربية، وتجسس الشرطة على طلاب الجامعة ورصد كل من له ميول سياسية، وتناول اغتيال شخصيات طالبت بالتحقيق في أسباب الهزيمة. جملة "وراء الشمس" كانت تستخدم في الأحاديث المرتبطة بالتخلص من أي شخص، وتعني عدم الظهور مجداداً والاختفاء تماماً. سادات بعد وفاة الرئيس محمد أنور السادات، أنتجت شركة أمريكية عام 1983 فيلماً تلفيزيونياً من جزئين "سادات"، بطولة الممثل لويس جوست، لسرد سيرته ورحلة صعوده للحكم. لكن منعته وزارة الإعلام المصرية في السينما وأحكمت الشرطة قبضتها على سوق التوزيع حتى لا ينتشر الفيلم. فسرته وزارة الإعلام وقتذاك بأنه يحتوي على مغالطات تاريخية تشوه شخصية السادات.الكويت
فهرنهايت 9/11 أما في الكويت فالوضع مختلف، إذ لم تنتج أو لم تظهر للعلن أفلام تحوي إسقاطات أو تلميحات ضد الدولة لتمنع من العرض، فكان المنع من السينما الأجنبية. منع عرض فيلم "فهرنهايت 9/11" للمخرج الأميركي مايكل مور في يونيو 2004، لإحتوائه على تلميحات واضحة إلى عمل إدارة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ضد الشعب الأمريكي، وسوء إدارة الرئيس السابق جورج بوش إبان أحداث تفجير برجي التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001. على الرغم من ذلك، عُرض الفيلم في دول عربية عدة، أبرزها الإمارات المتحدة ولبنان، وحصد جائزة في مهرجان كان السينمائي، وكان أول فيلم تسجيلي يحقق إيرادات تبلغ 100 مليون دولار في أمريكا الشمالية، إلا أن وزارة الإعلام الكويتية رأت أن الفيلم احتوى على إساءة لدول صديقة يوجد مصالح مشتركة معها.سوريا
التجلي الأخير لغيلان الدمشقي وفي سوريا، يكتشف "سامي" الشاب الإنطوائي، ذو الشخصية الانهزامية، أن العالم من حوله مليء بالكذب والخداع، بدايةً من الفتاة التي أحبها لكن أهلها يرغبون في زوج ثري، مروراً بجارته بائعة الهوى. إسقاطات سياسية رافقت مشاهد فيلم " التجلي الأخير لغيلان الدمشقي" سواء على الصعيد المحلي أو العربي، حتى منع عرضه في الساعات الأخيرة دون إبداء أسباب. غيلان الدمشقي، الشخصية الأساسية التي تدور حولها رسالة الدكتوراة لـ"سامي" يعتبر من المبادرين في عصر الخلافة الإسلامية إلى ضرورة وجود ثورة فكرية، ورفض احتكار السلطة من طرف فئة واحدة، مشترطاً إجماع الناس واختيارهم الحر للحاكم.لبنان
الغواصة في لبنان، منع عرض فيلم "الغواصة" للمؤلفة والمخرجة مونيا عقل، إثر تناولها أزمة النفايات وتأثيرها على لبنان بشكل واضح. لم تبدِ السلطات أسباباً لمنع عرضه في لبنان. وقد حصد الفيلم جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دبي السينمائي وأدرج ضمن قائمة الأفلام الرسمية بالدورة 69 لمهرجان كان السينمائي. إنتاج 2016. بيروت بالليل لم تكن قصة الحب التي تناولها فيلم "بيروت بالليل" بين المطربة الشابة زها (دارين حمزة) والمحامي الفرنسي ماثيو، وبعض المشاهد الجنسية داخل الفيلم، السبب الرئيسي لمنعه من قبل الأمن العام اللبناني، لكن الحديث بشأن عمل ماثيو جاسوساً لمصلحة الموساد الإسرائيلي، وأنه يعرض أمن البلد للخطر. مخرجة الفيلم دانيل عربيد، صدمت من قرار المنع، وطالبت روادها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الاحتشاد قائلة: "احتشدوا لمواجهة رقابة العصور الوسطى".الأردن
"أنشالله استفدت" مشكلة المواطن في دول عدة، هي الفساد والمحسوبية، رصدها الفيلم الأردني "أنشالله استفدت" في إطار كوميدي، لكن بعد عرضه الأول والوحيد منعته هيئة الإعلام الأردنية عرضه في صالات العرض السينمائية بحجة أنه "يسيء إلى الدولة". وعلى خلفية المنع، أصدر مخرج الفيلم محمود المساد بياناً، في فبراير الماضي، قال فيه إن المشاهد التي اعترضت عليها الرقابة كانت لـ:"موظف جمارك، ورجال شرطة، وقاضٍ". "انتقد فيلم "أنشالله استفدت" التجاوزات والفساد في المؤسسات الرسمية من جهة، وأثر تردي الأوضاع وانعكاسها على الحياة اليومية للمواطنين"، قال مساد. تعتبر الناقدة السينمائية موريس أن تناول وجهات نظر مختلفة تحجب أفلاماً، ويكون السبب دائماً إما الإساءة إلى الدولة، أو عرض قضايا تهدد الأمن القومي، لذلك يسهل حجب الأفلام "المزعجة" للحكام والأنظمة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعتين??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 22 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون