تُنشَر هذه المادة ضمن ملف "عام على ماذا؟... وإلى أين؟"، الذي ينشره رصيف22 بعد عام على سقوط نظام الأسد، وبكل ما عناه هذا العام للسوريين والسوريات من أمل وخذلان ومحاولات للنجاة.
ها قد مضى عام على هروب بشار الأسد من دمشق عند الثالثة فجراً حسب ما أشيع آنذاك.. فجراً كان مختلفاً اختلطت فيه نشوة غريبة بخوف ملتبس عرفنا اليوم بعد أقل من عام أسبابه الموضوعية.
اليوم لم نعد نسأل "أين نحن الآن؟".
تحولت سوريا إلى غرفة بملايين الجدران، يحاول كل من السوريين خدش أحد هذه الحيطان لعله يرى بعض الضوء من خلاله.
أهل الجنوب في السويداء، كان عامهم الأول بعد الأسد مليئاً بالشكوك والأحزان بالنسبة لهم، يرفعون جدراناً جديدة، كل جدار فيها يخفي وراءه انتهاكاً جديداً، ودمٌ ما زال دافئاً منذ تموز/يوليو.
بعد عام على سقوط نظام البعث، ودخول سوريا في مرحلة غامضة تحت حكم أحمد الشرع، تبقى محافظة السويداء واحدة من أكثر الملفات تعقيداً وألماً. لم تكن السنة الماضية سوى امتداد لصدمة "تموز الأسود"، حيث تحولت الحياة في الجبل إلى انتظار دائم تحت وطأة ذاكرة مجزرة لم يُحاسَب مرتكبوها، وغياب تام للعدالة، وحصار متعدد الأوجه. بينما ترفع السلطة في دمشق شعار "بناء الدولة"، يرى أهل السويداء أنها تبني حصوناً/جدراناً من المكاسب على جثث ضحاياهم وأطلال قراهم المحروقة. في هذا التقرير، تستعرض رصيف22 آراء محللين وناشطين من خلفيات متنوعة لفك تشابك أزمة تبدو مستعصية، وتتجاوز في جذورها العام المنصرم إلى إخفاق النموذج المركزي السوري برمته.
اللامركزية... الحل الجامع المرفوض
يقدّم الكردي السوري هوشنك أوسي قراءة شاملة تربط مصير السويداء بمصير الكرد وسوريا كلها. يؤكد أن ملف "قسد" والكرد، كما ملف السويداء، معلّق لأنهما يعكسان إخفاق نموذج الدولة المركزية الأحادية. ويستعيد البعد التاريخي مشيراً إلى أن السويداء اندمجت في سوريا الحديثة على أمل تحقيق نموذج اتحادي، لكن هذا الأمل تحطم أمام آلة القمع المركزي.
فكّ شيفرات العلاقة بين السويداء ودمشق يتطلب تفكيك السياسة السورية ككل، وفهم خصوصية السويداء الاجتماعية والدينية
يرى أوسي أن ما وصفه سياسة "نظام الجولاني" القمعية حولت الدولة إلى أداة هيمنة، مما دفع مناطق كالسويداء للتطلع للحكم الذاتي كرد فعل دفاعي، وليس كمشروع انفصالي أصلي. ويحاجج أوسي أن السلطة حاولت تشويه فكرة اللامركزية ووصمها بالتقسيم، وفشلت في حصر هذا المطلب بالكرد و"قسد"، لأنه تحول إلى مطلب وطني شامل في الجنوب والغرب بين مكونات سورية عدة.
الحل الوحيد من وجهة نظر أوسي هو الانتقال إلى "نظام لامركزي حقيقي" يعترف بالتعددية القومية والدينية في إطار دولة واحدة. ويتوقع في "مرحلة التأسيس الثانية" لسوريا حصول "تنازل متبادل": قد تتراجع السويداء عن الانفصال الصريح لكنها تتمسك بحكم ذاتي (إقليم الباشان)، وقد تتراجع "قسد" عن تسمية "الفيدرالية" لكنها لن تتنازل عن جوهر سوريا اللامركزية التعددية. ويختتم بأن النظام لم يعد يملك قوة فرض مركزيته، محذراً من وهم الاعتماد على دعم تركي لإعادة إنتاج هيمنة مركزية جديدة.
الواقع الميداني الكارثي
من جهة ثانية، يصف الناشط رواد بلان الوضع في السويداء بأنه "صعب ومعيشي وكارثي"، مؤكداً أن السويداء "محاصرة ميدانياً وسياسياً وطائفياً". حواجز السلطة تعطل الحركة مع درعا ودمشق، مما أوصل الحركة التجارية والاقتصاد إلى شلل شبه تام، مع اعتماد الناس على تحويلات المغتربين.
يكشف بلان لرصيف22 عن أبعاد مروعة للهجوم الذي وقع في تموز/يوليو: "36 قرية تم تهجير أهلها (نحو 180 ألف شخص)، تم حرقها بشكل كامل بعد نهب البنية التحتية والمحاصيل وردم الآبار". ويشدد بلان على أن "حالة الثقة انهارت تماماً" مع سلطة دمشق، ولن يعود أي حديث عن حل سياسي إلا بعد تحقيق شروط أساسية، أولاها "انسحاب جميع قوات الحكومة المؤقتة من المحافظة، وعودة المهجرين، وجبر الضرر، والاعتراف بالمجازر".
يطرح بلان تعريفاً واضحاً للحل: "لامركزية تشمل الأمن والعسكرة والإدارة والتشريع الداخلي"، لأن المنظومة الفكرية للسويداء "تختلف 180 درجة عن منظومة وذهنية من يحكم دمشق". وهو يرى أن هذا الحل يحتاج لأطراف ضامنة كالولايات المتحدة والأردن، ولن تكون اللقاءات المباشرة مع قيادات دمشق ممكنة إلا بعد بناء الثقة بشكل غير مباشر. ويعترف بأن المسألة معقدة جداً "بعد كل هذا الدم"، لكنه يرى أن الحل "يحتاج إلى عقد اجتماعي جديد بين أهل الجبل والعشائر" التي شاركت في الانتهاكات، وضمانات لوقف خطاب الكراهية والتجييش الطائفي.
رواية العشائر... خيانة وتدبير خارجي
من جهة أخرى، يقدم الشيخ مضر الحماد، رئيس تجمع العشائر في الجزيرة العربية، رواية مغايرة تماماً، معتبراً أن "إرادة الشعب السوري بإسقاط نظام الأسد تحققت لكنها بقيت منقوصة". ويضع جزءاً كبيراً من اللوم على "ميليشيات قسد" التي تسيطر على مناطق الموارد النفطية، وعلى ما حدث في السويداء الذي يصفه بـ"خنجر غُرز في خاصرة الشعب السوري".
يوجه الحماد اتهامات مباشرة، ويقول لرصيف22 إن الأحداث جرت "على يد الهجري وميليشياته المدعومة من إسرائيل"، مؤكداً أن إسرائيل "لا تريد الاستقرار لسوريا، فوجدت في الهجري أداة لتحقيق أهدافها". وينفي أي دور للعشائر في تدمير القرى، قائلاً إنهم لا يملكون السلاح الثقيل الذي بحوزة "الهجري وفلول النظام". كما ينتقد الدروز، متهماً إياهم بـ"محاولة تحويل المشكلة إلى فتنة قومية وطائفية" وشنّ "اعتداءات على العشائر البدوية المتجذرة منذ عقود".
ويرى حماد أن الحل الوحيد هو "عودة الأجهزة الأمنية التابعة للدولة" لأداء مهامها، خاصة مع معاناة الناس من برد الشتاء ونقص المواد الغذائية التي "تتم مصادرتها أحياناً من قبل جماعة الهجري".
الصدمة والخذلان... من حلم الدولة المدنية إلى ردة فعل وجودية
يقدم السياسي المعارض الدكتور يحيى العريضي تحليلاً يركز على الجانب النفسي والوجودي للمكون الدرزي. ويقول إن أزمة السويداء هي "النتيجة المأساوية لخيانة أهداف الثورة السورية"، حيث حلّ استبداد جديد (ويقصد هنا ما سماه نظام الجولاني) محل النظام السابق.
مطالب الهجري عملية: رفع الحصار، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان، وفتح المعابر الإنسانية، وتمكين الناس من تقرير مصيرهم تحت إشراف دولي.
يشير العريضي، ابن بلدة "الجنينة" التابعة لمدينة شهبا، إلى أن الدروز شاركوا في الأمل ببناء دولة مدنية بعد سقوط الأسد، لكن هذا الأمل تحطم بسبب المخاوف التاريخية من "هيئة تحرير الشام" التي ارتبطت بمجزرة "قلب لوزة"، ثم تحول إلى كارثة مع هجمات تموز "بأسلوب الإبادة الجماعية".
ويؤكد العريضي لرصيف22 أن "المطالبة بالاستقلال لم تكن خياراً مبدئياً، بل ردة فعل يائسة على خذلان مزدوج": داخلي من صمت أو مشاركة شرائح سورية في المجازر، وعربي رسمي غائب.
ويتابع بغضب واضح، أن حلّ "أزمة الإنسان" و"أزمة الوطن" ليست مرتبطة بالسويداء فقط. مرتبطة بسوريا ككل. كما يرفض وصف التدخل الإسرائيلي اللاحق لحماية الدروز بأنه "فخ"، معتبراً إياه نتيجة حتمية للمجازر. وينتقد الحملة الإعلامية التي تختزل القضية في "عصابات الهجري"، مذكراً بأن الهجري كان رمزاً وطنياً خلال الثورة على الأسد. ويخلص إلى أن الحل الجذري ليس محصوراً بالسويداء، بل يبدأ بـ"سقوط سلطة الإرهاب الحالية" وتأسيس سلطة وطنية بديلة تقوم على ميثاق جامع ونظام لا مركزي سياسي.
ساحة اختبار خطيرة ومقاربة وطنية عقلانية
بدوره، يرى الدكتور زاهر بعدراني، رئيس حزب المستقبل السوري، أن السويداء تمثل "أحد أبرز ساحات الاختبار وأخطر حقول الألغام لمستقبل سورية". ويشخّص المشكلة بأنها مركبة: غضب شعبي مشروع، وفواعل محلية تحمل مشروعاً سياسياً هشّاً، ومجموعات قبلية في دوامة انتقام، وتحذير من أن أي دعم خارجي سيزيد الشكوك.
يشير الإسلامي الدمشقي، وهو ابن الدكتور الشيخ إحسان البعدراني، المستشار الديني الأسبق للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد والذي كان أول رجل دين ينشق عن النظام السوري. يشير إلى أخطاء حكومة دمشق الحالية في الاكتفاء بالرد الأمني وغياب الحوار، ويحذر من مسارات بعض الفاعلين الدروز التي ترتكز على فرض حقائق ميدانية باستخدام لغة تحريضية ورموز مثيرة مثل "جبل الباشان"، مما "يهدد الهوية الوطنية ويجذب تدخلاً إقليمياً".
ويطرح "تيار المستقبل السوري" خريطة طريق متدرجة تبدأ بمرحلة فورية (هدنة، ممرات إنسانية، لجنة تحقيق)، ثم متوسطة (خطة أمنية مشتركة، نزع سلاح جزئي، مشاريع تنموية)، ثم طويلة الأمد (إصلاح دستوري، لامركزية خدمية، بناء ثقة). ويقترح بعدراني أفكاراً إبداعية كـ"وثيقة ضمانات دولية-عربية" و"مجلس سويداء للوفاق".
لا مصالحة مع "حكومة القاعدة" والانفصال كخيار دفاعي
قلب المعاناة ومن قلب السويداء المرتجف، يروي الناشط والفنان التشكيلي طارق عبد الحي، المستهدف من قبل نظام الأسد منذ بداية الاحتجاجات 2011، الذي يعيش في منزله، واقعاً يومياً قاتماً: "الجميع مصاب، والدمار يطال كل تفاصيل الحياة... لا يخلو حديث من ذكر المذبحة". ويؤكد أن "المصالحة مع ما يسميه أغلب الناس هنا 'حكومة القاعدة' مستبعدة"، وأن أي حل يحتاج في طبيعة الحال طرفاً ثالثاً.
يكشف عبد الحي أن الطرح السياسي السائد في السويداء اليوم هو "السعي لأقصى درجات الانفصال عن سورية تحت حكم هذه 'القاعدة'"، بمعنى إبعاد تدخل السلطة، وقد يتخذ شكلاً فيدرالياً. لكن هذا الموقف لم يتبلور بشكل واضح بسبب الخطر الوجودي المستمر. ويشير إلى رمزية الشيخ حكمت الهجري، الذي أصبح "وعاءً جامعاً لإرادة الناس".
يختم عبد الحي أن لا حل قريباً، لكن "مشهد المذبحة سيستمر دافعاً الناس في اتجاه واحد". ويتوقع أن إدارة الملف قد تكون بالحد الأدنى من العنف، مع بروز "كيان محلي واضح المعالم" أصبح القوة الأولى التي ترنو إليها قلوب الناس بحثاً عن الحماية، في ظل غياب أي بديل آمن.
صمت جرمانا المدوّي
وليس بعيداً عن دمشق، وفي مساء سبتٍ غائم وبارد، في السابع من ديسمبر 2024، حدثت اللحظة التي اعتبرها كثيرون السقطة النهائية الرمزية للنظام السوري: فقد أسقط ثوار السويداء تمثال حافظ الأسد من على قاعدته في ما كان يُعرف بساحة السيد الرئيس في جرمانا، ليحطّ مهشماً في "ساحة الكرامة" الاسم الجديد. هذه الصورة الهائلة تجاوبت بأصداء مختلطة في مدينة جرمانا، "خاصرة دمشق الرخوة"، التي عاشت سنوات من العلاقة الملتبسة مع نظام الأسد، علاقة طبعها القلق وحرصت عليها ببراغماتية محسوبة بدقة.
من داخل هذه المدينة الحائرة، التي توصف أيضاً بـ"سوريا الصغرى"، والتي استقبلت مئات الآلاف من النازحين، يتحدث أحد النشطاء لرصيف22 (رفض الكشف عن اسمه) ليكشف عن المشهد المعقد الذي تعيشه جرمانا اليوم. يفضّل شيوخ العقل الحياد والصمت الحذر، حفاظاً على شظايا الأمن المتبقية في مدينة لم تسلم من الانهيار الخدمي، ولا من تداعيات أزمة لم تنتهِ فصولها بعد.
الشيخ مضر الحماد: إسرائيل لا تريد الاستقرار لسوريا، ووجدت في الهجري أداةً لتحقيق أهدافها، ولا دور للعشائر في تدمير القرى
ويرى الناشط أن فك شيفرات العلاقة بين السويداء ودمشق، التي "أخذت حيز التعقيد"، يتطلب تفكيك السياسة السورية ككل، وفهم خصوصية السويداء الاجتماعية والدينية. ويشير إلى أن محافظة السويداء حاولت منذ 2011 التأني وتجنّب الانخراط المباشر، "لكنها لم تستطع أن تحيّد نفسها كلياً". والتصعيد الحالي، في ظل الأزمة المعيشية، يبرر ضرورة إعادة تعريف العلاقة مع السلطة المركزية على "أسس جديدة تضمن الكرامة وتحفظ الحقوق وتحقق الاستقرار".
ويؤكد الناشط دعوته إلى "اعتراف دمشق بخصوصية السويداء الدينية والثقافية"، مؤكداً أن هذه الخصوصية ليست دعوة للانفصال، بل "جزء لا يتجزأ من تنوع النسيج السوري المتكامل". ولتعميق العلاقة، يدعو إلى احترام حرية المعتقد دون وصاية أمنية، وإشراك أبناء السويداء في القرار الوطني، و"صياغة عقد اجتماعي جديد" يقوم على المشاركة الفعلية والخدمات التي تضمن الكرامة.
ويختتم الناشط هذا المحور بتأكيد مبدأ أساسي: "لا يجب ربط الخدمات بالولاء السياسي، بل يجب أن يُعامل أبناء السويداء وجرمانا وصحنايا وجبل الشيخ كمواطنين لهم حقوق، لا كرعايا يجب إخضاعهم". ويرى أن التنمية حق وطني وليست أداة إخضاع، داعياً إلى "دعم الشرطة المحلية في السويداء بدلاً من الميليشيات".
أما بالنسبة لبيان الشيخ حكمت الهجري في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، الذي استغاث به بالأمم المتحدة، فينقل الناشط عن قسم من الدروز في جرمانا اتهام الهجري بـ"الصبيانية السياسية"، لأن خطابه كان عاطفياً ويتهرب من العمل السياسي الداخلي، ويرون أنه يطالب بتقرير المصير دون توضيح آليات التنفيذ أو شكل البديل، مما يجعل بيانه "مجرد شعارات وتصورات بحتة".
بالمقابل، يروي الناشط لرصيف22 أن فريقاً آخر في جرمانا يرى في البيان تعبيراً عن "مسؤولية وطنية" بعد وصول الأزمة إلى "حدود وجودية خطيرة". ويبرر هذا الفريق صمت جرمانا بأنه "حلّ عقلاني" فرضه شيوخ العقل خوفاً من التصعيد في زمن متشابك. ويؤكدون أن مطالب الهجري عملية وعادلة: رفع الحصار، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان، وفتح المعابر الإنسانية، وتمكين الناس من تقرير مصيرهم تحت إشراف دولي.
إن خطاب الهجري، يختم ابن جرمانا، "مهما بدا مستفزاً، هو في آخر المطاف صرخة من قلب المعاناة"، معتبراً أنه "كسر حاجز الصمت الذي اعتادت عليه السلطة المركزية"، وطالب "بالانتماء الذي يقوم على العقلانية لا على الولاء".
هي جرمانا التي، يخلص الناشط، تقف اليوم على "حافة بركان من المشاعر المتباينة"، وتتطلع إلى الغد بحذر وخوف من ضياع الحلم بدولة المساواة والكرامة، وربما الوجود.
الدم لا يزال يسيل... والعدالة غائبة
بينما يستمر هذا الكباش حول الحلول السياسية والمستقبل الدستوري، لا تزال الأرض في السويداء تنزف دماً جديداً. ففي تصعيد مأساوي آخر، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه حصل "على معلومات تؤكد وصول الشيخ ماهر فلحوط إلى أحد مشافي المحافظة مفارقاً الحياة، بعد يومين فقط من اعتقاله من قبل قوات الحرس الوطني، ليكون ثاني حالة وفاة خلال ساعات بعد وفاة الشيخ رائد المتني الذي قضى تحت وطأة التعذيب".
هاتان الحالتان الجديدتان اللتان ربما تنذران بشرخ خطير داخل دائرة الهجري الضيقة، تذكران بأن معاناة السويداء ليست قضية سياسية مجردة، أو نقاشاً حول نمط الحكم، بل هي قضية إنسانية ملحّة تتعلق بالحياة والموت والكرامة. وهي تطرح سؤالاً عاجلاً على السلطة في دمشق والمجتمع الدولي: كم من الدماء يجب أن تسيل، وكم من الشهداء تحت التعذيب يجب أن يرووا تراب الجبل، قبل أن يجد هذا الملف المتشابك طريقاً حقيقياً نحو الحل والعدالة؟ بعد عام على سقوط الأسد، يبدو أن سوريا الجديدة لا تزال عاجزة عن معالجة جراحها القديمة، بل وتضيف إليها جروحاً نازفة جديدة أعمق وأكثر إيلاماً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



