يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق المعلومات، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، مما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، مما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
أسبوع جديد محمّل بادعاءات عدّة طافت الدول العربية. من مصر مروراً بسوريا والعراق وصولاً إلى اليمن، تنوّعت صور التضليل والتي شملت تصريحاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول فاتورة دعم السلع الأساسية في البلاد، وادعاءً آخر حول نسبة زيادة أعداد المصريين سنوياً، مروراً بمزاعم عزم سوريا تسليم عدد من المقاتلين الأويغور إلى الصين، ومزاعم أخرى بالعثور على أطنان من الذهب في إحدى المناطق، وادعاء متكرّر بحذف الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع كلمة "العربية" من اسم سوريا الرسمي.
في مواجهة هذه الادعاءات، عملت منصّات التحقّق العربية على تفنيد مختلف المعلومات وكشف حقيقتها وأوجه الزيف و/أو عدم الدقة فيها.
رجل وزوجته المريضة أمام الكعبة
أحد أبرز الادعاءات التي حظيت هذا الأسبوع بانتشار واسع في مواقع التواصل الاجتماعي في عدة دول عربية هو مقطع فيديو قصير يظهر فيه رجل يحمل زوجته التي تبدو مريضة ويدعو لها بالشفاء، وهي أيضاً تبكي وتدعو بأن تُشفى.
لكن مرصد "تحقّق" تمكّن من إثبات أن المقطع مُولد باستخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك بالاستناد لنتائج فحص الفيديو عبر أداة Sightengine، التي قدّرت ذلك بنسبة تصل إلى 99%. وفي الوقت نفسه، احتوى الفيديو على تشوّهات في الوجوه والحركة عزّزت هذا الاستنتاج.

السيسي وفاتورة الدعم
صرّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه طلبة أكاديمية الشرطة قبل أيام، بأن "فاتورة الدعم تتمثّل في الوقود والخبز والسلع التموينية وأسعار الكهرباء وبعض الخدمات الأخرى بإجمالي يناهز 600 مليار جنيه".
تصريح غير دقيق للرئيس السيسي عن "فاتورة دعم المصريين"، وادعاءات متكرّرة حول عزم سوريا تسليم مقاتلين أويغور إلى الصين، ومزاعم بافتتاح "أكبر تمثال لفاطمة الزهراء في البرازيل"... كيف تنوّعت المعلومات المضلّلة هذا الأسبوع؟
تتبّعت منصّة "صحيح مصر" الادعاء ووجدت أنه غير دقيق، حيث ارتفعت قيمة دعم السلع بنسبة 2% على أساس سنوي، وذلك من نحو 312.1 مليار جنيه في الموازنة المتوقعة للعام المالي 2024/ 2025 إلى قرابة 318 مليار جنيه في مشروع موازنة العام المالي الحالي، وليس 600 مليار جنيه كما قال الرئيس المصري.
بدراوي وزيادة أعداد المصريين
في مصر أيضاً، زعم السياسي حسام بدراوي أن أعداد المصريين تزيد كل عام بمعدل 2 مليوني فرد. غير أن منصّة "متصدقش" فنّدت هذا الادعاء وتبين لها أنه غير دقيق، وذلك لأن آخر عام سجلت فيه الزيادة السكانية الطبيعية 2 مليوني نسمة أو أكثر كان عام 2017 حين سجلت 2.1 مليوني نسمة. أما السنوات السبع الأخيرة، فلم يصل عدد الزيادة السكانية الـ 2 مليونين لا بل والزيادة السكانية في انخفاض مستمر من وقتها.
سوريا وتسليم مقاتلين من الأويغور
بالانتقال إلى سوريا، تنوّعت الادعاءات المضلّلة التي راجت هذا الأسبوع كذلك. من أبرز هذه الادعاءات، المزاعم حول عزم سوريا تسليم مقاتلين من الأويغور إلى الصين. تقصّت منصّة "فارق" الأمر، وخلصت إلى أنه غير صحيح لأنه مبني على مزاعم غير مثبتة، جرى تضخيمها وإعادة نشرها من دون الاستناد إلى وثائق أو تصريحات رسمية. كما نفى مصدر في وزارة الخارجية السورية لوكالة "سانا" الرسمية نية بلاده تسليم هؤلاء المقاتلين.
مغارة وأطنان ذهب في سوريا
في السياق السوري أيضاً، رصدت منصّة "تيقن" ادعاءً متداولاً على نطاق واسع بأن "السوريين عثروا على أطنان من الذهب في باطن الأرض". وجدت المنصّة أن تلك المقاطع والصور ليست من سوريا بل نُشرت على قناة عبر يوتيوب قبل أيام، مرجحةً أنها مولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
الشرع وحذف "العربية"
في غضون ذلك، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لنموذج شهادة قيل إن الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، قدّمها للأطفال الذين اجتمع بهم لمناسبة اليوم العالمي للطفل، ويظهر فيها "رئاسة الجمهورية السورية" بدلاً من "رئاسة الجمهورية العربية السورية"، وهو الاسم الرسمي للدولة، مع ادعاء بأن هذه الشهادات تم التلاعب فيها بحذف كلمة "العربية".
من جهتها، فنّدت منصّة "ترو بلاتفورم" الادعاء وخلُصت إلى أنه لم يتم التلاعب في الشهادات التي وزّعها الشرع والتي تظهر فيها "الجمهورية السورية" بحذف كلمة "العربية". علماً أنه لم تُصدر الرئاسة السورية أو وسائل الإعلام الرسمية أي توضيحات حول سبب اختلاف ترويسة الشهادات.
وكانت تغريدة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، قد تضمنت عبارة "سفارة الجمهورية السورية"، قد أثارت جدلاً مشابهاً.
نسبة المشاركة في انتخابات العراق
وصولاً إلى العراق حيث قال زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي: "في هذه الانتخابات ورغم تحدياتها كانت نسبة المشاركين أكثر من 56%، في الانتخابات السابقة لم تصل إلى 35 - 40%... ولأول مرة في تاريخ العراق نتجاوز الـ50 في المئة".
تتبّعت منصّة "صحيح العراق" المعلومات الواردة في تصريح المالكي للتحقّق من صحتها، فوجدت أنها مضلّلة، إذ إن أعلى نسبة مشاركة للناخبين منذ عام 2003، كانت في عام 2005 بنسبة 79.6% في اقتراع كانون الأول/ ديسمبر 2005 لاختيار أول مجلس نواب بموجب الدستور الدائم.

كذلك، شهدت الانتخابات البرلمانية في السنوات اللاحقة نسب مشاركة متفاوتة قبل أن تصل إلى أدنى مستوياتها في تاريخ العراق الحديث في دورتي 2018 و2021، بـ 44.5% و43% على التوالي، وفق المنصّة.
أكبر تمثال لـ"فاطمة الزهراء"
إلى ذلك، تداولت حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، بخاصة إنستغرام، مقطعاً مصوراً مرفقاً بادعاء أنه يعود لافتتاح أكبر تمثال في العالم للسيدة فاطمة ابنة النبي محمد، في البرازيل، مع إرفاق الفيديو بقصيدة إسلامية، محققاً تفاعلاً واسعاً على منصّات التواصل الاجتماعي.
منصّة "الفاحص" فنّدت الادعاء، ووجدت أن الفيديو حقيقي، إلا أنّ النص المرفق به بحاجة إلى التوضيح إذ إن الخبر يعود إلى افتتاح تمثال للسيدة مريم العذراء، المعروفة باللقب الكاثوليكي "سيدة فاطيما"، في مدينة كراتو في ولاية سيارا في البرازيل، وليس إلى السيدة فاطمة الزهراء كما فهمه العديد من المستخدمين.
الجيش السوداني وتدمير عربات "الدعم السريع"
وفي السودان، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة تُظهر عربات محترقة في منطقة صحراوية، مع ادعاء بأنّها توثّق تدمير الجيش السوداني 750 عربة قتالية تابعة لقوات الدعم السريع وفيها عناصرها في محور الصحراء.
"أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات في تاريخ العراق" و"الجيش السوداني يدمّر 750 عربة قتالية للدعم السريع" و"التلاعب بحذف كلمة العربية من اسم سوريا الرسمي"... نشرة بأبرز المعلومات المضلّلة التي راجت عربياً هذا الأسبوع
تحقّقت منصّة "بيم ريبورتس" من الادعاء، وتوصّلت إلى أن الصورة مولَّدة بالذكاء الاصطناعي، ومما عزّز عدم صحة الادعاء أن الحساب الرسمي للقوات المسلحة السودانية لم ينشر أي تفاصيل تؤكد صحة الزعم.
"القاعدة" واستهداف "المجلس الانتقالي" في اليمن
ختاماً في اليمن حيث راجت العديد من الادعاءات المضلّلة هذا الأسبوع، وفي مقدمتها الحديث عن تفجير مركبة لقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بعد غرس تنظيم القاعدة عبوة ناسفة فيها، وذلك في منطقة المصينعة بمحافظة شبوة (جنوبي شرق البلاد).
أثبتت منصتا "مسند" و"حقيقة" أن الصورة المتداولة تعرّضت للتلاعب باستخدام الذكاء الاصطناعي، وكشفتا أن الصورة الأصلية ترجع لاحتراق مركبة عسكرية في أبين في كانون الثاني/ يناير عام 2024.
الجدير بالذكر أن إعادة نشر هذه الصورة يتزامن مع تداول أخبار عن وقوع انفجار جراء سقوط قذيفة هاون في المصينعة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



