محكومون بالسجن ويراهم الناس في الأسواق والسهرات... كيف
يفلت وزراء في ليبيا من العقاب؟

محكومون بالسجن ويراهم الناس في الأسواق والسهرات... كيف يفلت وزراء في ليبيا من العقاب؟

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 13 نوفمبر 202513 دقيقة للقراءة


لا يعني الحكم بفساد على مسؤول ما في ليبيا السجن بالضرورة، فكثيرة هي أحكام الحبس التي تُصدرها النيابة العامة بحق وزراء ومسؤولين، ولا تُنفَّذ، بل تُحوَّل إلى أوراق تزيّن أرشيف العدالة المعطّلة. من وزير طباعة الكتب المدرسية الذي تجوّل حرّاً بعد إدانته، إلى وزراء النفط والصحة والثقافة الذين عادوا إلى مكاتبهم بعد صدور أوامر توقيف بحقهم، تتكرّر القصة نفسها: جرائم بلا عقاب، وقرارات قضائية تهمّش أمام نفوذ السياسة والسلاح.

ففي بلد مثقل بالانقسامات بين الولاءات، قد يصبح الحبس إجراءً مؤقتاً لغسل السمعة لا لتطهيرها، وكلّ من يضمن ولاءه لأحد مراكز النفوذ يبقى محصّناً، مهما تلطّخت سيرته بالاتهامات.

المثال الأقرب هو القرار الذي أصدره مكتب النائب العام في دولة ليبيا، يوم السبت 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، بحبس وزير التربية والتعليم المكلف في حكومة الوحدة الوطنية، ومدير عام مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية، علي العابد، على ذمة التحقيق، وذلك على خلفية فساد مالي وإداري في طباعة الكتب المدرسية، 

أُدين العابد بإهمال واجب إتاحة الكتاب المدرسي لمليونَي طالب خلال المواعيد المقررة في إستراتيجية التعليم المعتمدة؛ وبذلك قرر المحقق حبسه على ذمة التحقيق، لإضراره بالمصلحة العامة وإخلاله بالحق في التعليم.

على جري العادة، لم يُنفّذ قرار حبس العابد صاحب الوزارات الثلاث "التعليم والعمل والخدمة المدنية"، فقد رصد شهود عيان ومصادر خاصة، العابد وهو يتجول قبل أيام، في قرية البالم سيتي في العاصمة طرابلس حرّاً طليقاً.

والحكم الصادر في حقه ليس الوحيد، فقد صدرت أحكام عدة في حق أكثر من وزير في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، والمفارقة أنها كلها بقيت دون تنفيذ، ما يطرح علامات استفهام عدة حول واقع العدالة في ليبيا وأسباب عدم تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم والنيابة العامة في البلاد.

جرائم بلا عقاب

حالة أخرى للإفلات من العقاب يجسّدها موسى المقريف، وزير التعليم السابق في حكومة الوحدة الوطنية، موسى المقريف، إذ أعلنت النيابة العامة في 16 آذار/ مارس الماضي، أنّ محكمة استئناف طرابلس أنزلت به عقوبة السجن لمدة 3 سنوات و6 أشهر، مع تغريمه ألف دينار وحرمانه من حقوقه المدنية مدة تنفيذ العقوبة ومدة سنة عقب تنفيذها، بسبب ممارسته الوساطة والمحسوبية عند إدارة إجراءات التعاقد على طباعة الكتاب المدرسي وتوريده.

لكن بعد أيام من الحكم، وتحديداً يوم 23 آذار/ مارس الماضي، ظهر المقريف في منزله مستقبلاً الضيوف، ومتحدّياً الحكم القضائي بقوله: "ماعنديش أي تجاوز مالي والحكم ظالم".

حالة ثالثة لوقائع الإفلات من العقاب الخاصة بوزراء حكومة طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تمثلت في قرار النيابة العامة يوم 7 آب/ أغسطس 2024، بحبس وزير النفط في حكومة الوحدة الوطنية المكلف خليفة عبد الصادق، ومدير شؤون مكتبه. قرار الحبس جاء لاتهامهما بتهديد مسؤول محاسبة الشركات لحمله على اعتماد مستند يجيز التصرف في 457 مليوناً و600 ألف يورو لفائدة شركة أجنبية بالمخالفة للتشريعات، إلا أنّ عبد الصادق يمارس صلاحياته في الوزارة حتى اليوم، ويعقد اللقاءات والمؤتمرات بشكل طبيعي، ولم يخضع للتوقيف يوماً.

لماذا ينتقل المسؤولون الليبيون المتهمون بالفساد أو المخالفات الإدارية من موقع المساءلة إلى موقع النفوذ، في ما يشبه عملية "غسيل سمعة" مؤسساتية، تُستخدم فيها المناصب لترميم الصورة وإعادة تدوير الوجوه داخل دوائر السلطة؟ وكيف؟

الحالة الرابعة يجسدها نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة في حكومة الوحدة الوطنية، رمضان أبو جناح، حيث أمرت النيابة العامة يوم 7 أيار/ مايو الماضي، بحبسه و4 مسؤولين آخرين، لمخالفات في إجراءات استيراد أدوية علاج الأورام من دولة العراق، لكن أيضاً دون تنفيذ.

ولم تقتصر قرارات الحبس بعد الإدانة على الوزراء الذكور في حكومة طرابلس، بل شملت السيدات أيضاً، حيث أمر النائب العام في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2021، بحبس وزيرة الثقافة مبروكة توغي، على خلفية فساد مالي في أعمال صيانة مبنى دار الكتاب والنشر، وقاعة الاجتماعات في الوزارة، والدوار المروري المنشأ أمام مبنى الوزارة، قبل أن يتم الإفراج عنها بتدخل من الدبيبة، وعودتها إلى منصبها لاحقاً.

كما لم تقتصر حالات الإفلات من العقاب في حكومة طرابلس على الوزراء فحسب، بل شملت الأجهزة التابعة لها أيضاً، واستفاد منها المليشياوي البارز محمد بحرون، الملقب بـ"الفار" والمعيّن قائداً لفرقة الإسناد الأمني التابعة لوزارة الداخلية.

"الفار" ظهر بشكل مفاجئ خلال حفل إفطار رمضاني في منزل إبراهيم الدبيبة، المستشار السياسي لخاله عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، يوم 23 آذار/ مارس الماضي، برغم قرار النائب العام بحسبه بتاريخ 7 أيلول/ سبتمبر 2024، لتورطه في جريمة قتل قائد معسكر الأكاديمية البحرية في مدينة الزاوية، عبد الرحمن ميلاد، الملقّب بـ"البيدجا".

وكأنّ حكماً لم يصدر في حقه ويقضي بحبسه، إذ يتجوّل ويقضي أوقاته على مرأى من الحكومة بل يشارك في احتفالاتها حتى برفقة المسؤولين الرسميين وغير الرسميين، فالمائدة التي نظّمها إبراهيم الدبيبة، جمعت أبرز قادة الميليشيات في العاصمة طرابلس؛ مثل بشير خلف الله الملقب بـ"البقرة"، وآمر كتيبة "رحبة الدروع" في تاجوراء، ومعمر الضاوي آمر الكتيبة 55 مشاة، وعبد الغني الككلي "غنيوة" رئيس جهاز دعم الاستقرار (تمّت تصفيته لاحقاً)، وآخرين.

كما جمعت المائدة أيضاً، عماد الطرابلسي وزير الداخلية المكلف في حكومة طرابلس، عماد الطرابلسي، بالإضافة إلى عبد السلام الزوبي وكيل وزارة الدفاع التي يرأسها رئيس الحكومة نفسه عبد الحميد الدبيبة.

الملاحقات القضائية لمحمد بحرون "الفار"، لم تقتصر على الداخل الليبي، فهو مطلوب أيضاً من قبل الإنتربول الدولي على خلفية اتهامات تتعلق بقضايا تهريب البشر، إلا أنه يتمتع بكامل حريته داخل ليبيا.

قطار الإفلات من العقاب في ليبيا ركبه أيضاً المسؤول السابق في المؤسسة الوطنية للنفط، عماد بن رجب، الهارب إلى خارج البلاد، حيث تم تعيينه ضمن مجلس الإدارة الجديد لشركة "ميدستريم" للخدمات النفطية التابعة لها، ومقرّها في موناكو الإيطالية.

وعماد بن رجب هو مدير التسويق السابق في مؤسسة النفط الليبية، وفي تموز/ يوليو 2023، قضت المحكمة الجنائية في طرابلس عليه بالسجن 30 شهراً، على خلفية استيراد شحنات وقود لم تستوفِ المعايير الليبية "وقود مغشوش"، واتهمه الادعاء بإساءة استعمال المنصب والتسبب في ضرر مالي للدولة، وغرّمته المحكمة 10،000 دينار ليبي، كما حمّلته المسؤولية التضامنية عن 147 مليون دينار كتعويضات، أي نحو 32 مليون دولار أمريكي.

وفي تموز/ يوليو الماضي، قضت المحكمة العليا بنقض الحكم وألغت قرار محكمة استئناف طرابلس بحبس بن رجب، سنةً ونصف، وقررت إعادة الدعوى إلى دائرة الجنايات في محكمة استئناف طرابلس كي تفصل فيها مجدداً هيئة قضائية أخرى، ولا تزال القضية منظورةً أمام القضاء الليبي، ولم يتم الفصل النهائي فيها حتى الآن.

بعض الوزراء في حكومة الدبيبة يتجاوزون القانون معتمدين في ذلك على دعم الميليشيات، وضعف النيابة العامة، وكذلك سلك القضاء الذي وجد نفسه أمام واقع الانفلات الأمني.

وفي 22 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أصدر مجلس إدارة شركة البحر الأبيض المتوسط للخدمات النفطية، قراراً بتعيين بن رجب عضواً في مجلس إدارة شركة "ميدستريم" في مقرها في موناكو الإيطالية، برغم عدم تبرئته نهائياً إلى اليوم.

غرباً وشرقاً

الإفلات من العقاب لا يقتصر على غرب البلاد بل يتمدد في شرقها حيث يتمتع المسؤولون هناك أيضاً بحصانة من العقاب، فقد أصدرت محكمة الجنايات حكماً يقضي بإدانة 12 مسؤولاً عن إدارة مرفق السدود في البلاد، بعد كارثة إعصار درنة، من بينهم المحافظ السابق لمصرف بنغازي المركزي، علي الحبري.

وقضت المحكمة في 24 تموز/ يوليو 2024، بمعاقبة الحبري بالسجن لمدة 15 عاماً غيابياً، بتهمة الإخلال بواجباته كمدير لصندوق إعمار درنة، قبل كارثة انهيار السدّين التي راح ضحيتها آلاف الأرواح، إلا أنّ الحبري لا يزال حرّاً طليقاً.

وأكد المحامي والقانوني المهدي كشبور، في حديث تلفزيوني يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أنّ علي الحبري المتهم الرئيسي في كارثة درنة والمحكوم عليه غيابياً، يجلس على المنصات ويحضر المناسبات العامة ويصول ويجول في المنطقة الشرقية تحت حماية الأجهزة الأمنية المسيطرة عليها، عادّاً ذلك إهانةً للقضاء الليبي.

خلل بنيوي في منظومة العدالة

يعلّق المستشار القانوني هشام الحاراتي، في حديثه إلى رصيف22، على الأمر بقوله إنّ ظاهرة إفلات الوزراء والمسؤولين من العقاب تكشف عن خلل بنيوي في منظومة العدالة الليبية، فالإجراءات القضائية لا تجد طريقها إلى التنفيذ بسبب غياب منظومة عدلية فعّالة وتداخل الصلاحيات بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، بالإضافة إلى هيمنة الواقع الأمني غير المستقرّ في الدولة.

ويضيف الحاراتي، أنّ ما يحدث ليس مجرد ضعف مؤسسي فحسب، بل نتيجة مباشرة لغياب الإرادة السياسية في احترام مبدأ سيادة القانون، إذ تتحول بعض المناصب إلى مظلّة حماية من المساءلة.

ويتابع: "النيابة العامة قد تؤدّي دورها الإجرائي في التحقيق والإحالة، لكن حين تكون أدوات التنفيذ خاضعةً لنفوذ سياسي أو أمني، يصبح الحكم القضائي بلا أثر عملي".

ويوضح المستشار القانوني أنّ العدل لا يكتمل بالنطق بالحكم، بل بتنفيذه، ومن دون ذلك تظلّ الدولة أسيرةً لمعادلة النفوذ لا لميزان القانون.

ضعف وانقسام وواقع أمنيّ هشّ

من جهته، يقول رئيس حزب صوت الشعب وتجمع الأحزاب الليبية، فتحي الشبلي، إنّ الظاهرة لا يمكن اختزالها في سبب واحد، فهي نتيجة تداخل عوامل سياسية وأمنية وقانونية معقدة.

ويؤكد الشبلي في حديثه إلى رصيف22، أنّ تنفيذ الأحكام القضائية في ليبيا يواجه تحديات حقيقيةً بسبب ضعف مؤسسات إنفاذ القانون والانقسام القائم في أجهزة الدولة، بالإضافة إلى الواقع الأمني الهشّ وتعدد مراكز النفوذ داخل العاصمة.

ويسترسل: "في الوقت نفسه، تسعى السلطة التنفيذية إلى الحفاظ على توازنات دقيقة بين القوى المؤثرة، ما يجعل بعض الملفات الحساسة تُدار بحذر شديد".

ويستدرك: "لكن المؤكد أنّ استمرار مثل هذه الحالات يضع علامات استفهام حول فعالية منظومة المساءلة، ويؤكد الحاجة الملحّة إلى تعزيز استقلال القضاء وتكريس مبدأ سيادة القانون بعيداً عن أي حسابات".

الولاء السياسي أهم من النزاهة 

من ناحيته، يقول الدكتور سلامة الغويل، وزير الدولة لشؤون الاقتصاد سابقاً في حكومة طرابلس والرئيس الحالي لمجلس المنافسة ومنع الاحتكار والمترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، إنّ ظاهرة بقاء عدد من الوزراء والمسؤولين المدانين قضائياً في مواقعهم، أو حتى ترقيتهم إلى مناصب جديدة، تمثّل انعكاساً واضحاً لحالة اختلال منظومة الحكم وتداخل السلطات في غرب البلاد.

حالات الإفلات من العقاب في ليبيا لا تُعدّ ولا تُحصى، حتى أنّ مسؤولين ووزراء صدرت في حقهم أحكام بالسجن لا يزالون في مناصبهم، ويتجولون بحرية على مرأى من الحكومة بل يشاركون في احتفالاتها

ويرى الغويل، في حديثه إلى رصيف22، أن المسألة لا تقتصر على ضعف تنفيذ الأحكام، بل ترتبط ببنية السلطة القائمة على توازنات معقدة بين الحكومة والمجموعات المسلحة، حيث بات الولاء السياسي والأمني أحياناً أقوى من سلطة القانون.

ويبيّن أنّ هذا الواقع جعل بعض المسؤولين المتهمين بالفساد أو المخالفات الإدارية يتحولون من موقع المساءلة إلى موقع النفوذ، في ما يشبه عملية "غسيل سمعة" مؤسساتية، تُستخدم فيها المناصب لترميم الصورة وإعادة تدوير الوجوه داخل دوائر السلطة.

ويؤكد الوزير السابق في حكومة طرابلس، أنّ ظاهرة إعادة تدوير الوجوه داخل دوائر السلطة، تعكس هشاشة الفصل بين السلطات، وضعف أدوات الرقابة والمحاسبة، وتراجع هيبة الدولة أمام نفوذ السلاح والمال السياسي.

ويضيف: "برغم هذا المشهد المضطرب، تظل النيابة العامة واحدةً من المؤسسات القليلة التي حافظت على تماسكها واستقلالها المهني، فقد أثبتت خلال السنوات الأخيرة أنها صمام الأمان للدولة الليبية، وميزان العدالة الذي يقف في مواجهة الانقسام والضغوط".

ويستطرد: "وتمثّل اليوم، بقيادتها الراسخة، الملاذ الأخير لفكرة الوطن الواحد القائم على سيادة القانون، لا على شرعية القوة أو موازين النفوذ، فكلما ازدادت النيابة العامة قوةً واستقلالاً، ظلّ الأمل قائماً في أن تستعيد ليبيا مؤسساتها وتبني دولة العدل والإنصاف".

وبرأيه، فإنّ الأمن في طرابلس ليس غائباً بل مُسيّس، فهناك انضباط أمني حين يتوافق مع مصالح القوى النافذة، وفوضى حين يتعارض معها: "وعليه، فإنّ غياب تنفيذ الأحكام لا يعود إلى الفوضى وحدها، بل إلى تعدد مراكز القرار الأمني وتضارب صلاحياتها".

ويذكر الغويل، أنّ الولاء السياسي أصبح في طرابلس أهم من النزاهة، مضيفاً أن الحكومة القائمة في الغرب اعتمدت في بنيتها على مبدأ الولاء لا الكفاءة، فالمسؤول الذي يضمن ولاءه أو يمتلك نفوذاً داخل إحدى الدوائر النافذة يُكافأ، حتى لو كانت سيرته القضائية مثقلةً بالاتهامات.

ويخلص إلى أن بعض القرارات الإدارية تحولت إلى أدوات لتبييض الصورة وإعادة تدوير الوجوه التي فقدت شرعيتها القانونية، في إطار ما يشبه "غسيل السمعة المؤسسي"، للحفاظ على التوازنات الداخلية.

ضعف النيابة العامة وقوة الميليشيات

من جهة أخرى، يقول المحلل السياسي محمد قشوط، إنّ حكومة الدبيبة منذ إعلان تشكيلها بعد اختيارها في حوار جنيف سنة 2021، ثم منحها الثقة من مجلس النواب، حظيت بقبول ودعم شعبيين وكذلك بدعم كل الأطراف السياسية والعسكرية حتى المختلفة في ما بينها، لأن الآمال كانت معلقةً عليها في توحيد البلاد ونزع فتيل الحرب والمضي قدماً نحو البناء وإصلاح ما تم إفساده.

ويضيف قشوط، في حديثه إلى رصيف22: "إلا أن هذه الحكومة خيّبت كل تلك الآمال التي عُلّقت عليها، وكشّرت عن أنيابها مبكراً، فتم اختزال القرار فيها داخل دائرة ضيقة هي دائرة عائلة عبد الحميد الدبيبة والمقربين منه، واتخذت من الفساد المالي منهج عمل".

ويؤكد قشوط، أنّ كل وزراء حكومة الدبيبة يتجاوزون القانون ولا يبالون به، ويعتمدون في ذلك على دعم الميليشيات لهم، وضعف النيابة العامة، وكذلك سلك القضاء الذي وجد نفسه أمام واقع الانفلات الأمني داخل المنطقة الغربية التي تهيمن عليها الميليشيات بقوة السلاح.

ويختم قشوط، بأنّ هذا الواقع دفع بالوزراء للتطاول على المال العام، حتى أصبح أغلبهم ذوي سوابق وخرّيجي سجون نتيجة ما اقترفوه، لكن تظلّ العدالة ناقصةً طالما بعضهم يفلت من العقاب ولا يطبَّق عليهم القانون بالشكل المطلوب بسبب الانفلات الأمني بالدرجة الأولى وضعف الأجهزة الرقابية والقضائية في أداء مهامها.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

من 12 سنة لهلّق، ما سايرنا ولا سلطة، ولا سوق، ولا تراند.

نحنا منحازين… للناس، للحقيقة، وللتغيير.

وبظلّ كل الحاصل من حولنا، ما فينا نكمّل بلا شراكة واعية.


Website by WhiteBeard
Popup Image