يصادف الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر، اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، وجاء تخليداً لذكرى اغتيال الصحافيَين الفرنسيَين "غيسلان دوبون" و"كلود فيرلون"، العاملَين في إذاعة فرنسا الدولية (RFI)، إذ قُتلا في هذا التاريخ من العام 2013، في مالي، في أثناء تغطيتهما النزاع في كيدال، شمالي البلاد.
لكن ماذا عن 256 صحافياً شهيداً قتلتهم إسرائيل في غزة وأسكتت أصواتهم؟ وماذا عن 6 صحافيين شهداء استهدفتهم إسرائيل في جنوب لبنان؛ ألا يستحقون يوماً عالمياً أو على الأقل محاسبة من قتلهم وملاحقته دولياً؟
مشهد قتل الصحافيين على يد إسرائيل في قطاع غزة وجنوب لبنان، لا يختلف كثيراً عن مشاهد قتلهم وإخفائهم وترهيبهم في بلداننا، وعلى يد السلطات أو على يد ميليشيات متنازعة أو أنصار أحزاب، لمجرد مخالفتهم الرأي وتغطيتهم الحقيقة ولو بوتيرة أقل. وحوادث الاعتداء على الصحافيين هذه، إن لم تنتهِ بالقتل فلا تخلو من اعتداء جسدي وإهانة دون محاسبة، ما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب وازدياد حالات الاعتداء عليهم.
في غزة… "العام الأكثر دمويةً للصحافيين"
"العام الأكثر دمويةً على الإطلاق للصحافيين"؛ تكفي هذه البداية لمعرفة أنّ حديثنا عن الصحافيين في قطاع غزة، هو العنوان الذي أطلقته لجنة حماية الصحافيين على تقريرها الذي نُشر في 12 شباط/ فبراير 2025، وأفادت فيه بأنّ 70% من الصحافيين قُتلوا على يد إسرائيل. وقالت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين، جودي جينسبيرغ: "اليوم هو أخطر وقت على الصحافيين في تاريخ لجنة حماية الصحافيين. إنّ الحرب في غزة غير مسبوقة من حيث تأثيرها على الصحافيين، وتُظهر تدهوراً كبيراً في المعايير العالمية لحماية الصحافيين في مناطق النزاع".
نقيب الصحافيين الفلسطينيين: "لو استطاعت إسرائيل قتل كل الصحافيين في غزة لفعلت ذلك، لأنها تريد قتل شهود الحقيقة. وكما فعلت في غزة، فعلت في جنوب لبنان، وكان قرار القتل بقرار رسمي من الحكومة الإسرائيلية وليس بالصدفة، وعليه هي من تتحمل مسؤولية هذه الجرائم"
هذه الدموية بحق الصحافيين في فلسطين مستمرة حتى اليوم، وهنا نطرح سؤلاً: من يحاسب قتلة الصحافيين في فلسطين ومناطق النزاع؟ وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها على الصعيدين النقابي والحكومي وصولاً إلى الدولي؟
هذان السؤالان كان جوابهما في بيروت خلال جلسة حوار عُقدت أمس الأول السبت 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، بمناسبة اليوم العالمي للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، بحضور نقيب الصحافيين الفلسطينيين ونائب رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين ناصر أبو بكر، ونقيب الصحافيين التونسيين ونائب رئيس اتحاد الصحافيين الأفارقة، زياد دبّار.
يرى أبو بكر، في حديثه إلى رصيف22، أنه "لو استطاعت إسرائيل قتل كل الصحافيين في غزة لفعلت ذلك، لأنها تريد قتل شهود الحقيقة. وكما فعلت في غزة، فعلت في جنوب لبنان، وكان قرار القتل بقرار رسمي من الحكومة الإسرائيلية وليس بالصدفة، وعليه هي من تتحمل مسؤولية هذه الجرائم".
ويضيف: "بالنسبة للقانون الدولي، هي جرائم يحاكَم عليها مرتكبوها، ولكنها تعدّت جرائم الحرب، لتصل إلى حدّ الإبادة الإعلامية، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الإنسانية وتاريخ الإعلام في العالم الذي تُشنّ فيها حرب إبادة إعلامية مخططة ومنسقة ومرصودة لها كل الموازنات والإمكانيات. لذلك نحن نرصد منذ اليوم الأول للحرب أولاً الجرائم، وثانياً التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين، وبالتوثيق ارتفع العدد إلى 235 صحافياً شهيداً، وفي لبنان ارتفع عدد الصحافيين الشهداء إلى 6، وكل يوم نكتشف أنّ هناك صحافيين أسرى، وهناك 10 آلاف مفقود بينهم صحافيان".
"لم يقف الأمر عند قتل الصحافيين الذين سعوا إلى تغيير السردية الإسرائيلية ومواجهتها، بل قتلت إسرائيل أكثر من 650 من أبنائهم وعائلاتهم، أي أنها كانت تعاقبهم بقتل أبنائهم وعائلاتهم وتدمير منازلهم حيث دمّرت نحو 1،600 منزل، ولم يتبقَّ لصحافي واحد منزل، وجميعهم يعيشون في الخيم. بالإضافة إلى ما سبق، كان الصحافيون الفلسطينيون يغطّون النزاع في غزة في ظلّ المجاعة وانعدام المأوى، وكانوا ينامون في ساحات المستشفيات والشوارع في عزّ البرد، إذ لم تكن هناك خيام في بداية الحرب، وكانوا تحت القصف وبين الجثث، بل كانوا يرون الجثث والدم على مدار سنتَين، وغالباً صُدموا مما رأوا، ومنهم الزميل محمد العانون الذي صُدم عندما وجد 4 من أبنائه بين الجثث. هذا لم نقرأ عنه في التاريخ، ولم نشاهده في الأفلام"، يردف أبو بكر.
توثيق وتنسيق وفريق قانوني
على المستوى القضائي والدولي، ينسّق نقيب الصحافيين الفلسطينيين ونائب رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين ناصر أبو بكر، مع باقي النقابات العربية، لتوثيق هذه الجرائم وتقديمها للمحاكم الدولية، ومنها نقابة الصحافيين التونسيين، واتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان، وهو جزء من الاتحاد الدولي للصحافيين.
تقول رئيسة اتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان، إلسي مفرّج، لرصيف22، إنّ التنسيق والتشارك مستمران عبر التواصل مع المنظمات الدولية والأممية، وكذلك توثيق الانتهاكات والضغط على الدولة في هذا الإطار، ونشارك التجارب مع باقي النقابات في هذا المجال، كالنقابة الفلسطينية، كما أنّ الاتحاد الدولي للصحافيين في طبيعة الحال يلعب دوراً مهماً في هذا الإطار عبر تسهيل الوصول إلى العدالة الدولية كونه مؤسسةً أمميةً".
الخطوات السابقة لم تكتفِ بتوثيق مقتل الصحافيين في غزة ولبنان، بل عمل اتحاد الصحافيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحافيين، على تشكيل فريق قانوني يضمّ مجموعةً من المحامين على مستوى العالم. يقول أبو بكر: "كنا نوثّق منذ اللحظة الأولى في غزة، ونقدّم ما وثّقنا بالأدلة عبر محامين فلسطينيين ودوليين، وكان الصحافيون الفلسطينيون والصحافيون اللبنانيون من مسؤوليتنا ولا نفرّق بينهم".
رئيسة اتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان: "التنسيق والتشارك مستمران عبر التواصل مع المنظمات الدولية والأممية، وكذلك توثيق الانتهاكات والضغط على الدولة".
وتابع: "لذلك سلّمنا المحكمة الدولية من خلال الاتحاد الدولي الذي نحن على شراكة معه كنقابة، ملفات الشهداء الصحافيين اللبنانيين، وليس بالضرورة أن تكون للحكومة اللبنانية علاقة بهذا الأمر، فالاتحاد الدولي جزء من مؤسسات الدولة وكل عضو في نقابة أو في اتحاد يتبنّاه الاتحاد الدولي تلقائياً. وعليه، مسؤولية الاتحاد أن يدافع ويذهب إلى المحاكم الجنائية".
لم يقف الأمر عند المحكمة الدولية. فهذا التنسيق بين اتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان مع باقي الاتحادات الفلسطينية والتونسية والمصرية وغيرها، نتجت عنه خطوة هي التوجه إلى محاكم في دول غربية وإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، وأيضاً أمريكا اللاتينية حيث يسمح القضاء الوطني برفع قضايا على مجرمي الحروب بغضّ النظر عن الدولة التي ارتُكبت فيها الجرائم، ويصبح المجرمون ملاحقين من قبل هذه المحكمة، كما نذهب إلى المحاكم الإقليمية، بحسب ما يضيف أبو بكر.
ويردف: "آلية العمل في البداية كانت عبر المحكمة الجنائية الدولية. لدينا محكمة لأهالي الشهداء، ولدينا ملف رابع، وخلال أسابيع سيتم أيضاً رفع شكوى أخرى في المحكمة الجنائية الدولية، وتسلّمنا رسالةً رسميةً من مكتب النائب العام للمحكمة تفيد بأنّ قضايانا تم استلامها، وهي قيد الإجراء، ونحن نتابع عبر القضاء الدولي في المحكمة الجنائية، والتقينا النائب العام في مقرّه في لاهاي، وأكد لنا أنّ القضايا متابعة بشكل فعّال، وعرّفنا على الطاقم المشكّل من المختصين في ملف الجرائم بحق الصحافيين، ولكن هذا لا يمنع من التوجه إلى القضاء الدولي، لكي يصبح المجرمون ملاحقين في 27 دولةً في الاتحاد الأوروبي، وجزء من الإعلام الذي حرّض على القتل سيتم رفع دعوى ضده لمحاسبته على جريمته".
قُتلوا بأسلحة دولية
أما الدور التونسي، فبرغم بُعد المقارنة عن مشهد مقتل الصحافيين في غزة، كان له تنسيق مع باقي النقابات، ومنها الفلسطينية واتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان، عبر التنسيق على مستوى الفيدرالية الإفريقية للصحافيين، وهي جزء من الاتحاد الدولي للصحافيين.
يقول نقيب الصحافيين التونسيين ونائب رئيس اتحاد الصحافيين الأفارقة، زياد دبّار، فكّرنا في دعم ميكانيزمات أي آليات عمل للتقاطع في القضايا، ونؤكد أنّ زملاءنا الصحافيين في لبنان استشهدوا بأسلحة فرنسية وألمانية وأمريكية وبريطانية، وهذا موثّق مع صفقات الأسلحة على الإنترنت التي استُهدف بها الصحافيون، ويجب أن نعمل على رفع قضايا على المسؤولين الأوروبيين في بلدانهم، وقضاؤهم يسمح بذلك وما حصل هو قتل للحقيقة عبر قتل الصحافيين".
ويرى دبّار، أنّ "مسألة محاسبة قتل الصحافيين لا يجب أن تقف عند حدود مَن قتل، ومَن أعطى الأمر، بل مَن حرّض ومَن موّل ومَن ساهم بالسلاح، وقلنا إنّ زملاءنا الصحافيين في غزة ولبنان قُتلوا بسلاح فرنسي وبريطاني وأمريكي، فسارع السفيران الفرنسي والألماني إلى الإدلاء بتصريحات إعلامية لدعم حق الصحافيين، فما بالكم في حال كانت حملةً دوليةً، ضمن تنسيق أكبر ومشترك وتقارب وتضامن أكثر؟ يجب أن نتجاوز هذا التقصير وننسّق في ما بيننا مع نقابة الصحافيين في لبنان".
يفتشون في أفكار الصحافيين!
برغم التنسيق السابق حول المشهد الفلسطيني، تبقى الصورة في تونس وإفريقيا مختلفةً في ما يخصّ الاعتداء على الصحافيين وقتلهم، ويتشارك لبنان جزءاً منها، مع الجرائم الإسرائيلية التي ارتُكبت بحق الصحافيين في جنوب لبنان.
نقيب الصحافيين التونسيين: "مسألة محاسبة قتل الصحافيين لا يجب أن تقف عند حدود مَن قتل، ومَن أعطى الأمر، بل مَن حرّض ومَن موّل ومَن ساهم بالسلاح، وقلنا إنّ زملاءنا الصحافيين في غزة ولبنان قُتلوا بسلاح فرنسي وبريطاني وأمريكي، فسارع السفيران الفرنسي والألماني إلى الإدلاء بتصريحات إعلامية لدعم حق الصحافيين، فما بالكم في حال كانت حملةً دوليةً؟"
لكن دبّار يرى أنّ الإشكال يطرح نفسه في تونس، ولا يمكن مقارنته مع فلسطين. فبقدر ما هناك هامش من الحرية، بقدر ما نحن أمام سلطة سياسية ترفض الانفتاح على الآخر. هذه السلطة المتجسدة في شخص رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي يرى أن كل من ليس معه فهو ضده، ترفع شعار الحرية في الدستور، ولدينا باب كامل للحقوق والحريات، وإذا طُبّق تشعر أنك في كوكب آخر. لكن على أرض الواقع هناك مرسوم من حيث التراتبية القانونية. الدستور يأتي بعد المعاهدات الدولية والمرسوم هو أسفل التراتبية القانونية، وفي هذا المرسوم هناك 4 فصول متشابهة في الدول العربية؛ المرسوم 54 المعروف الذي يتيح للقضاء أن يصبح مفتّشاً ضمانياً، ويتيح للقاضي أن يفتش في أفكارك كصحافي، بل يعطيه الوصاية والولاية عليك، ولو لم ترتكب جرماً، يمكن أن تتعرض لتفتيش هاتفك وأنت تمشي في الشارع في حال كنت صحافياً، ويمكن أن يتهموك في مراسلاتك الصحافية".
ويضيف: على ما سبق، الإشكالية في القضاء التونسي، إذ لا توجد قضية أنصفت بعدالة الصحافيين/ ات، إلا واحدة عن طريق قاضية شجاعة حكمت بما يمليه عليها ضميرها القانوني، فتمّت معاقبتها. وعندما نتكلم عن قوانين الجرائم الإلكترونية نتكلم عن سياسة عربية بامتياز؛ ما من دولة عربية لا يوجد لديها قانون للجرائم الإلكترونية. اختلفوا على مسائل عدة فيه، ولكنهم اتفقوا على أنّ هناك تهديدات تأتي من الداخل وعلينا أن نواجهها".
"في المقابل، في إفريقيا لا توجد مراسيم جرائم إلكترونية، لكن نتحدث عن تهديدات أخطر منها اختطاف صحافيين/ ات واغتصاب صحافيات بهدف التخويف والترهيب"، يضيف دبّار.
ويتابع: "هناك موجة تفقير، أي أن يكون الصحافي فقيراً ومعدماً مادياً، فيسعى دائماً إلى أن يصبح كل همّه الخبز، وينسى مسائل الحرية وينسى مسائل القيم والعدالة، لذا الصحافة اليوم تمرّ بمنعرج خطير جداً ليس فقط في تونس بل في العالم عموماً، وفي إفريقيا خصوصاً. وقد شاهدنا في أمريكا مؤخراً، إدارة ترامب وهي تقصي صحافياً من البنتاغون، كما رأينا مبعوث ترامب إلى لبنان توم براك، عندما بدأ يعطي الصحافيين دروساً عن الحيوانات. ثقافة الرجل الأبيض، ثقافة سائدة لديهم".
وبحسب "فهرس حرّية الصحافة العالمي لعام 2025"، الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود" سنوياً، والذي يصنّف الدول حسب مستوى حرّية الصحافة، يبقى ترتيب الدول العربية كالتالي: مصر 170 عالمياً، السودان 156، العراق 155، اليمن 154، ليبيا 137، تونس 129، ولبنان 123".
لبنان… الاعتداءات من الداخل والخارج
في المقابل، يتقاطع لبنان مع تونس في بعض القضايا المشتركة على مستوى تحقيق العدالة للصحافيين، وتضييق الحريات عبر استدعائهم إلى القضاء بتهم وجرائم مختلفة، ما يشكّل خرقاً قانونياً للدستور، إذ هناك محكمة المطبوعات التي تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بجرائم المطبوعات والصحافة.
وكيل نقابة الصحافيين المصريين: "نحن متواجدون في بيروت للتضامن مع قضية الاعتداءات والقتل بحق الصحافيين في جنوب لبنان وغزة... الصحافيون أصبحوا هدفاً، سواء من قبل إسرائيل أو من قبل أطراف متنازعة في السودان اليوم".
ويضيف: "نجتمع مع نقابات الصحافة العربية لبحث كيف نتضامن معهم، وكيف ندعمهم، وكيف تلاحق المجرمين الذين يقتلون الصحافيين حتى لا يفلتوا من العقاب
تقول مفرّج، في هذا الصدد: "الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في لبنان يتقاطع في مسارين؛ الأول خارجي تجاه إسرائيل وهي أكبر المتفلتين من العقاب، وطالما أنّ السلطات لا تعمل على ملاحقة إسرائيل في المحاكم الدولية والمجتمع الدولي أيضاً ووضع حدّ لها، فهذا يؤدي إلى تكرار هذه الجرائم. أما على مستوى الداخل اللبناني، فالاعتداء على الصحافيين يتكرر، ومنه مؤخراً الاعتداء على زميل قبل أيام عدة في جنوب لبنان. المعتدي على هذا الزميل، هو نفسه اعتدى سابقاً على زميلة أخرى كانت تقوم بمهامها جنوبي لبنان، بل أكثر من ذلك، يتبجح هذا الشخص بالاعتداء وقد كرر فعلته لأنه يشعر بأنه قادر على ذلك، دون محاسبة، لذا يجب القول إنّ المحاسبة والحد من العقاب يؤديان إلى إيقاف أو تخفيف الاعتداءات على الصحافيين، وتالياً ترك مجال لهم للقيام بعملهم ومنه كشف الجرائم الإسرائيلية، ونقل الحقيقة وكشف الفساد في دولهم".
عالم لا يعرف العدالة
التضامن والتنسيق في بيروت بين اتحادات الصحافيين في تونس وفلسطين مع لبنان، كان للدور المصري بصمات عليهما. يقول وكيل نقابة الصحافيين المصريين، محمد سعد عبد الحفيظ، لرصيف22: "نحن متواجدون في بيروت للتضامن مع قضية الاعتداءات والقتل بحق الصحافيين في جنوب لبنان وغزة، واليوم وفي أكثر من اجتماع في نقابات عربية ومصرية منذ بداية الحرب على غزة، نرى أنّ الصحافيين في فلسطين ولبنان، واليوم في السودان، أصبحوا هدفاً، سواء من قبل إسرائيل أو من قبل أطراف متنازعة في السودان".
ويضيف: "نجتمع مع نقابات الصحافة العربية لبحث كيف نتضامن معهم، وكيف ندعمهم، وكيف تلاحق المجرمين الذين يقتلون الصحافيين حتى لا يفلتوا من العقاب. بدورها، رفعت نقابة الصحافيين المصرية مذكرات وأرسلت خطابات لكل الأطراف الدولية، ومنها اتحاد الصحافيين الدوليين ومنظمات الدفاع عن الصحافيين ومراسلون بلا حدود، ووثّقنا جرائم إسرائيل في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، وسندعم أي ملاحقة قانونية في المحاكم الدولية بالتنسيق مع نقابة الصحافيين الفلسطينيين واتحاد الصحافيين العرب وباقي جهات الصحافة العربية في هذا المجال".
ويرى عبد الحفيظ أنّ "العالم في هذه اللحظة لا يعرف العدالة. لا نتحدث عن الصحافيين فحسب، فنحن أمام عالم منحط للأسف ومنافق. الدنيا ضجت بسبب جثامين إسرائيليين قُتلوا بسبب الصراع في غزة، ومن أناس تدافع عن حقها في الحياة وتقرير المصير. العالم يسأل عن الجثامين ويبعث فرقاً من الصليب الأحمر وفرقاً من الدبلوماسيين، والرئيس الأمريكي يتحدث في الأمر كل يوم، وكلهم تناسوا أنّ هناك 70 ألف فلسطيني قضوا، وكأن ليس لهم ثمن ومنهم صحافيون، لذا البحث عن العدالة ليس أن نتوقف عن رفع الصوت واتخاذ إجراءات المحاسبة المتاحة بل أن نكشف جرائم الإسرائيلي ونفاق حلفائه في الغرب. سنفعل ذلك ولكن نأخذ بأسباب القوّة كعرب، كي نحققها".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



