بالتزامن مع الحروب التي تخوضها إيران عبر وكلائها في منطقة الشرق الأوسط، تخوض أيضاً معارك من نوع خاص على الأراضي الأوروبية، عبر تشكيلات استخباراتية تخترق المعارضة الإيرانية في الخارج، وتجمع معلومات سياسيةً وعسكريةً، وتخطط لتنفيذ عمليات ضد المصالح اليهودية والإسرائيلية، ما دفع دولاً أوروبيةً عدة للتعبير عن مخاوفها إزاء تزايد هذا النشاط الاستخباراتي.
في نهاية تموز/ يوليو 2025، أدانت بريطانيا و13 دولةً حليفةً لها من بينها الولايات المتحدة وفرنسا، ما وصفته بتصاعد مؤامرات الاغتيال والخطف والمضايقة التي تنفّذها أجهزة المخابرات الإيرانية، وتستهدف أفراداً في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ودعت حكومات ألبانيا والنمسا وبلجيكا وكندا والتشيك والدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، السلطات الإيرانية إلى وقف مثل هذه الأنشطة غير القانونية على الفور، وقالت إنّ مثل هذه الأفعال تتم بشكل متزايد بالتعاون مع شبكات إجرامية دولية.
غير أنّ وزارة الخارجية الإيرانية رفضت هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها "افتراءات صارخة، وتكتيك تحويلي، وجزء من حملة خبيثة تهدف إلى الضغط على الشعب الإيراني".
رصد هجمات محتملة
لم يصدر بيان الدول الأوروبية الـ13 وأمريكا، من فراغ، ففي بداية تموز/ يوليو 2025، ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية، أنّ إيران خططت لشنّ هجمات على مؤسسات وأفراد يهود في ألمانيا، وأنّ وحدة نخبة تابعةً للحرس الثوري الإيراني أصدرت أوامرها بالتحضير لهجمات محتملة في برلين.
في صيف 2025، اجتمعت بريطانيا مع 13 دولة لتدق ناقوس الخطر: مؤامرات اغتيال وخطف تُحاك في الظل، بإدارة الاستخبارات الإيرانية، التي تتعاون مع عصابات عابرة للقارات، ما جعل العواصم الأوروبية في حالة استنفار قصوى
وأوضحت المجلة، أنّ المدعي العام الاتحادي ينس روميل، أمر باعتقال مشتبه به في مدينة آرهوس في الدنمارك على خلفية هذه المخططات. ويُقال إنّ شخصاً يُدعى "علي س"، وهو دنماركي من أصول أفغانية، استكشف أهدافا محتملةً في برلين، والتقط صوراً لمبانٍ، من بينها مقرّ الجمعية الألمانية الإسرائيلية، ومبنى يُقال إنّ رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا جوزيف شوستر، يقيم فيه أحياناً. ووفقاً لنتائج التحقيقات، يُعتقد أنّ "س" مُكلَّف من قِبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وامتدت هذه المخاوف إلى بريطانيا، ففي حزيران/ يونيو 2025، مثُل ثلاثة إيرانيين أمام محكمة بريطانية بتهمة مساعدة جهاز المخابرات الإيراني والتخطيط لأعمال عنف ضد صحافيين يعملون في محطة إذاعية مقرّها بريطانيا تنتقد طهران.
وفي أيلول/ سبتمبر 2024، كشفت صحيفة "ذا صن" البريطانية، عن مخطط لمهاجمة المؤسسات اليهودية في جميع أنحاء أوروبا من خلال عصابات ومجرمين جنّدتهم طهران للتجسس وتنفيذ الهجمات.
وبحسب الصحيفة، هؤلاء المجرمون مسؤولون عن أربع هجمات حرق متعمد على شركات مملوكة لإسرائيليين في فرنسا.
اللجوء السياسي وتجنيد العملاء
اللافت أنّ ألمانيا وفرنسا وبريطانيا من أهم الدول التي تنشط فيها خلايا التجسس الإيرانية، وذلك على خلفية الملفات الخلافية المتفاقمة بين إيران وهذه الدول الثلاث، وأبرزها برنامجا إيران؛ النووي والصاروخي، فضلاً عن تهديدات وكلاء إيران لأمن إسرائيل، حسب ما تذكر الباحثة في الشأن الإيراني ميرفت زكريا، لرصيف22.
وبحسب زكريا، تحاول إيران استغلال هذه الشبكات كورقة ضغط للمناورة في مواجهة هذه الدول في أثناء المفاوضات حول الملفات المختلفة.
وتعتمد إيران في تجنيد أعضاء هذه الشبكات على عدد من الوسائل، منها إرسالهم كطلاب أو كلاجئين سياسيين، فيحصلون على صفة اللجوء ويحظون بثقة الناشطين والمعارضة، ويقومون بالتجسس عليهم لصالح طهران، حسب ما يقول من لندن الخبير في الشأن الإيراني حسن راضي، لرصيف22.
وتستغلّ طهران أيضاً، الحُسينيات الشيعية والمراكز الإسلامية التي تُنشئها في الدول الأوروبية، مثل فرنسا وهولندا وألمانيا، والتي تحولت إلى أوكار استخباراتية لتجنيد الإيرانيين وغير الإيرانيين، ما يفسر اتجاه عدد من الدول إلى إغلاقها وطرد أعضائها، بحسب راضي.
ويضيف راضي، أنّ طهران تحاول من خلال هذه الشبكات اختراق المعارضة الإيرانية، ومراقبة غير الفارسيين، مثل البلوش والعرب والأحواز والتركمان والأكراد وغيرهم، ممن يعملون ضد النظام الإيراني في أوروبا، وكذلك التجسس على بعض الدول الأوروبية للحصول على معلومات مهمة وتوظيفها في مفاوضات الملف النووي.
أما الباحث في الشأن الإيراني مسعود إبراهيم حسن، فيقول لرصيف22، إنّ المعارضة في الخارج تمثّل مشكلةً كبيرةً للنظام الإيراني، خاصةً أنها كانت سبباً رئيساً في الخلل الذي أصاب البنية الأمنية في إيران قبيل حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل وفي أثنائها، لذا تعمل على مراقبة رجالاتها ورصد تحركاتها.
تقارير صحافية تحدّثت عن أوامر سرية من فيلق القدس لتحديد أهداف يهودية في برلين، بينما وجهت لندن لثلاثة إيرانيين تهم التخطيط لاستهداف معارضين إيرانيين.
وفق ما يقول، تسعى إيران أيضاً من خلال شبكاتها الاستخباراتية إلى التأثير على الرأي العام في هذه الدول، والقيام ببعض العمليات الخاصة، مثل الاغتيالات بحق بعض الدبلوماسيين أو رجال الأعمال.
السفارات بوابة استخباراتية
السفارات الإيرانية في أوروبا أيضاً ليست ببعيدة عن تجنيد العملاء، حسب ما يذكر من لندن الباحث في شؤون الإرهاب والأمن الدولي مجاهد الصمديعي، لرصيف22، مدللاً على ذلك بقضية الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، الذي استغلّ موقعه في سفارة طهران في النمسا لتجنيد عملاء والتخطيط لمحاولة تفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في فرنسا عام 2018.
وبحسب الصمديعي، تلجأ طهران أيضاً إلى الضغط على المعارضين من خلال التهديد بإلحاق الأذى بعائلاتهم داخل إيران، أو استقطابهم مالياً، وذلك لخدمة أهدافها الاستخباراتية.
ويرى الصمديعي، أنّ أنظمة اللجوء الأوروبية لم تتحول بالمعنى الكامل إلى بوابة اختراق لأجهزة الاستخبارات الإيرانية، لكن هناك شواهد على استغلالها.
ففي ألمانيا قُدّمت قضايا عدة أمام المحاكم ضد طالبي لجوء ثبت أنهم على صلة بأجهزة الأمن الإيرانية، كما تحدثت تقارير دنماركية وفنلندية عن محاولات لاستغلال أوضاع بعض اللاجئين لمراقبة معارضين آخرين أو التغلغل في الأوساط السياسية والإعلامية.
ويذكر الباحث في الشأن الإيراني أسامة الهيتمي، لرصيف22، أنه لا يمكن الجزم بأنّ اللجوء السياسي بوابة اختراق استخباراتي، ولكن يمكن القول إنّ معاناة بعض اللاجئين أو حتى المهاجرين بشكل شرعي أو غير شرعي، ربما دفعت البعض للقبول بالعمل مع الأجهزة المخابراتية، ليس لإيران وحدها، ولكن لكل الدول التي تنشط مخابراتياً.
برغم ذلك، لا يستبعد الهيتمي أن يكون من ضمن الأنشطة المخابراتية الإيرانية دفع إيرانيين للحصول على اللجوء السياسي في دول أوروبية لأهداف استخباراتية، باعتبار أنّ حق اللجوء يقلل من تتبع أنشطتهم داخل هذه الدول.
نشاط استخباراتي مكثّف في الدول الإسكندنافية
ما يلفت النظر أكثر، النشاط الإيراني المكثف في الدول الإسكندفانية. بحسب تقرير للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أصبحت فنلندا هدفاً لعمليات تجسس من قبل إيران، وفقاً لتقرير وكالة الاستخبارات في هلسنكي، في حزيران/ يونيو 2025، والذي أشار إلى أنّ إيران تلجأ إلى تجنيد جماعات الجريمة المنظمة لتنفيذ عمليات في فنلندا. وحذّرت الوكالة من عمليات مراقبة تستهدف المعارضة.
كما أفادت الشرطة السويدية في تقييمها السنوي في آذار/ مارس 2025، بأنّ إيران صعّدت أنشطتها الاستخباراتية، وأنها تستخدم شبكات إجراميةً لتتبّع المعارضة واستهداف الجماعات المرتبطة بإسرائيل، وتسعى أيضاً للحصول على تقنيات حساسة مزدوجة الاستخدام لتجاوز العقوبات ودعم برامج الأسلحة.
وبحسب التقرير، اتهمت السويد الاستخبارات الإيرانية باختراق خدمة الرسائل النصية في 24 أيلول/ سبتمبر 2024، حيث تم إرسال 15 ألف رسالة إلى السويديين، وعُثر على مجموعة إلكترونية تُدعى "أنزو" تعمل لصالح الحرس الثوري، سعت إلى تصوير السويد كدولة معادية للإسلام.
وامتدت هذه الأنشطة الاستخباراتية إلى النرويج، حيث حذّرت الشرطة في شباط/ فبراير 2023، من أنّ النظام الإيراني يمارس مراقبةً رقميةً على المعارضين، شملت اختراق أجهزة محمولة وأجهزة كمبيوتر وإصابتها ببرامج ضارّة عبر رسائل نصية قصيرة، بهدف تهديدهم والتأثير عليهم والتخطيط لاغتيالهم.
ويربط الهيتمي، تكثيف إيران الاستخباراتي في الدول الإسكندنافية بمساحة الحرية المتاحة في هذه الدول مقارنةً بغيرها. يقول إنّ هذه الدول تفتح أبوابها لصاحب كل فكر للتواجد على أراضيها ليعبّر عن قناعاته في إطار قانوني محدد، وهو ما أغرى كثيرين من رجالات المعارضة الإيرانية للتواجد على أراضيها والتعبير عن مطالبهم، وفي الوقت نفسه دفع ذلك المخابرات الإيرانية إلى تكثيف نشاطها في هذه الدول أيضاً لتتبّع المعارضة، وربما لتصفية بعض عناصرها التي يمكن أن تشكل خطراً على النظام الإيراني.
وبحسب الهيتمي، سهّلت مساحة الحرية في هذه الدول عمليات التجنيد وتشكيل خلايا موالية لإيران يمكنها أن تقوم بكثير من المهام، مثل نقل تعليمات أو أموال لباقي العملاء في دول أوروبية أخرى لتنفيذ بعض العمليات.
النشاط الإيراني تكثف في الدول الإسكندفانية جاعلاً من فنلندا هدفاً لعمليات التجسس وفقاً لتقرير وكالة الاستخبارات في هلسنكي، والذي ذكر أنّ إيران تلجأ إلى تجنيد جماعات الجريمة المنظمة لتنفيذ عملياتها التي تستهدف المعارضة
ويطرح الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، تفسيراً آخر لنشاط إيران الاستخباراتي في الدول الإسكندنافية. يذكر لرصيف22، أنّ هذه الدول كانت منذ ثمانينيات القرن الماضي إحدى الوجهات الأساسية لهجرة واسعة من دول الشرق الأوسط، خاصةً العراق ولبنان، ومن ثم تشكلت هناك جالية كبيرة، جزء منها محسوب على المعارضة العراقية ضد حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، وفي الوقت نفسه موالية للمشروع الطائفي الإيراني.
ويضيف أنه مع مرور الوقت، استقرّ هؤلاء وتولّوا مسؤوليات ومناصب في هذه الدول، وأصبحت لهم أجيال وُلدت ونشأت فيها، ونجحت طهران عبر بعض المجموعات العراقية الموالية لها في التغلغل داخل هذه المجتمعات، ما سهّل تجنيد كثير من العملاء.
وبحسب عبد الرحمن، كثيراً ما تلجأ طهران في كل الدول الأوروبية إلى تجنيد جماعات من أصول غير إيرانية، خصوصاً العراقيين واللبنانيين الموالين للنظام الإيراني، وغالباً ما توفر لهم امتيازات ماديةً، مثل منحهم محال تجاريةً أو تسهيلات اقتصاديةً مقابل تنفيذ عمليات لصالحها. وبهذه الطريقة، تضمن طهران تنفيذ أنشطة إرهابية أو عمليات نوعية دون أن تُتّهم بشكل مباشر، إذ تبدو هذه العمليات وكأنها صادرة عن جماعات محلية أو جاليات عربية مرتبطة بها.
مجرمون وعصابات منظّمة
تعتمد طهران أيضاً في أنشطتها الاستخباراتية على تجّار المخدرات وغيرهم من المجرمين في إيران كوسطاء لتجنيد مجرمين آخرين لتنفيذ هجمات في أوروبا، حسب ما يذكر تقرير صادر عن المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، مشيراً في ذلك إلى عدد من الوقائع، مثل قضية "أوميت ب."، وهو تاجر مخدرات من منطقة ليون في فرنسا من أصول تركية، وتُفيد بعض التقارير بأنه يعمل من إيران.
ولا تستخدم إيران الأفراد الذين لديهم ماضٍ إجرامي فحسب، بل جماعات الجريمة المنظمة أيضاً، مثل "فوكستروت" و"هيلز أنجلز" و"رومبا"، لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في جميع أنحاء أوروبا.
ففي السويد، عُثر على قنبلة يدوية غير منفجرة داخل مبنى السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم، في كانون الثاني/ يناير 2024، وبعد بضعة أشهر، كشفت أجهزة الاستخبارات السويدية والإسرائيلية أنّ الهجوم كان بتخطيط جماعة "فوكستروت" وبتوجيه من إيران، وفقاً للتقرير.
كما حققت الشرطة السويدية في حادث إطلاق نار خارج السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم، واعتقلت مشتبهاً فيه مرتبطاً بمنظمة "رومبا" بقيادة رجل العصابات إسماعيل عبده.
بحسب تقارير أمنية واستخباراتية أوروبية، استغلت طهران دور العبادة كالحُسينيات والمركز الإسلامي في هامبورغ، لجمع معلومات عن معارضين وربما تأدية أدوار مراقبة.
ووفقاً لمجلة "الحرب الطويلة"، التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، جنّد الحرس الثوري الإيراني زعيم عصابة "هيلز أنجلز" الهارب، رامين يكتابرست، الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والإيرانية، لتنظيم هجمات إرهابية تستهدف مواقع يهوديةً، بما في ذلك محاولة إحراق كنيس يهودي في دوسلدورف، في آذار/ مارس 2022.
وبعد الهجوم المُحبط، فرّ يكتاباراست إلى إيران، حيث تُشير التقارير إلى اغتياله على يد الموساد بعد شهر.
وردّاً على هذه الرابطة بين "فوكسترت" وإيران، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المنظمة وزعيمها راوة ماجد، في آذار/ مارس 2025، لتورطهما في مؤامرات ضد أهداف يهودية وإسرائيلية في أوروبا نيابةً عن طهران.
النشاط الاستخباراتي بعد حرب الـ12 يوماً
بعد حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل، وفي ظل المعطيات الراهنة، تتأرجح التوقعات بين نشاط استخباراتي مكثف ستقوم به طهران خلال الفترة المقبلة، أو هدوء نسبي.
ويرى الهتيمي، أنّ الفترة الزمنية التي مرّت على انتهاء هذه المواجهة العسكرية لا تمنح فرصةً لمراقبة تغيّرات جديدة على نهج إيران في التعامل مع شبكاتها التجسسية في أوروبا، خاصةً أنها لا تزال تحاول "لملمة" جراحها التي أصيبت بها جرّاء الحرب، وهو أمر سيستغرق وقتاً.
ومع ذلك، فإنّ ثمة تحدّياً كبيراً سيواجه إيران في المرحلة المقبلة يتعلق بالتصعيد بين إيران ودول الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا)، والتي أعلنت عن تفعيل آلية "سناب باك"، أي إعادة فرض العقوبات على إيران تلقائياً حال أخلّت باتفاق عام 2015، وهو ما يوتّر العلاقات بين إيران وأوروبا، ويدفع بطبيعة الحال الأجهزة الأمنية لمزيد من اليقظة والانتباه لأيّ نشاطات إيرانية في الداخل الأوروبي، يقول الهتيمي.
ويذكر الباحث في العلاقات الدولية رمضان الشافعي غيث، لرصيف22، أنّ الدول الأوروبية تخشى من تصاعد الاغتيالات والعمليات الإيرانية على أراضيها، خاصةً مع التصعيد الأوروبي تجاه إيران واحتمال تفعيل عودة العقوبات الأممية على طهران.
وفي فرنسا، ربما تزداد التهديدات لعوامل تتعلق بأهمية هذه الدولة في التكتل الأوروبي وطبيعة المجتمع الفرنسي. يوضح غيث، أنّ إحساس قطاع من المهاجرين والمسلمين بالنبذ واعتبارهم انفصاليين من قبل الدولة يزيدان من احتمالات التجنيد، لكن إيران ستحاول التقرب أيضاً من شخصيات نافذة في الأوساط الصحافية والدبلوماسية والأكاديمية.
بينما تتوقع زكريا، أن تزيد إيران من أنشطتها الاستخباراتية في دول أوروبا خلال الفترة المقبلة كنوع من ردّ الاعتبار لها بعد الاختراق الاستخباراتي غير المسبوق الذى نفّذته إسرائيل بمساعدة دول أوروبية قبيل الحرب، ورغبة طهران في التأكيد على أنها لا تزال قوةً إقليميةً قادرةً على التأثير، وأنها تمتلك أوراق ضغط خاصةً بها في مواجهة المخططات الأوروبية.
وقد تتزايد أنشطة طهران الاستخباراتية أيضاً لملاحقة المعارضة الإيرانية، والتي تمحور أحد أهدافها خلال الفترة الماضية حول استغلال الحرب لإسقاط نظام الولي الفقيه في إيران، تقول زكريا.
ويرى حسن، أنّ الدول الأوروبية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام توقعات تزايد النشاط الاستخباراتي الإيراني، حيث اتخذت عدداً من التدابير، مثل توسيع صلاحيات مراقبة وضبط جوازت سفر المشتبه بهم، وتعزيز قدرة الدولة على ملاحقة العملاء الأجانب، ومراقبة المؤسسات الإيرانية، فضلاً عن تكثيف التعاون بين الدول الأوروبية لمكافحة شبكات التجسس الإيرانية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.