"الحسبة" ليست ماضياً بعد… كيف تُعيد الجماعات المتشدّدة فرض "أخلاقياتها" في سوريا؟

حياة نحن والتطرف نحن والحقوق الأساسية

الجمعة 12 سبتمبر 202512 دقيقة للقراءة

في وقت يبدو فيه أنّ تنظيم داعش قد انتهى كتنظيم سياسي وأمني، يُعيد "متحف سجون داعش" فتح واحدة من أكثر الوثائق إثارةً للقلق في أرشيف التنظيم: ملف ديوان الحسبة. هذا الملف الذي نُشر حديثاً على الموقع الإلكتروني للمتحف، لا يوثّق فقط آليات الرقابة والعقاب التي طُبقت في الرقة والموصل بين عامَي 2014 و2017، بل يطرح، دون قصد مباشر، سؤالاً راهناً عن الحاضر: هل انتهت الحسبة في سوريا فعلاً؟ أو أنها تعود اليوم بأشكال جديدة، من نوافذ مختلفة، وبأسماء مختلفة؟

اللافت أنّ هذا النشر جاء متزامناً تقريباً مع سلسلة من الحوادث في مدن سورية، أثارت موجات من الغضب والتساؤلات حول مستقبل الحريات الشخصية في البلاد، خاصةً بشأن تعامل النظام السوري الجديد مع الأقليات.

في سوريا اليوم، لم تعد الرقابة الأخلاقية حكراً على التنظيمات المتطرّفة أو الجماعات التي فرضت نظاماً دينياً قسرياً في مناطق نفوذها. في العاصمة دمشق، وتحت السلطة الجديدة، يتجوّل رجال مسلحون ليلاً ويهاجمون ملاهي ليليةً، كما حدث في السادس من أيار/ مايو 2025، حين قُتلت فتاة وأصيب آخرون في هجومَين متزامنَين استهدفا ملهيَي "ليالي الشرق" و"الكروان". 

ملف "ديوان الحسبة" المنشور على موقع "متحف سجون داعش" ليس مجرد توثيق لحقبة انتهت، بل أداة لفهم ما يحدث الآن، أو ما قد يحدث. فهو يُفكّك بالوثيقة والمنهج كيف تحوّل الفضاء العام إلى مجال مراقبة مطلقة، وكيف تم تصدير العنف باسم "الآداب العامة"

في حمص، وبعد أقل من 72 ساعةً، اعتُدي جسدياً على الناشط عبد الرحمن كحيل، في أثناء قيادته سيارته برفقة خطيبته. تم توقيفه من قبل دورية تابعة للأمن العام، واقتيد إلى القسم، وتعرّض هناك للضرب، فقط لأنه لم يحمل وثيقةً "تثبت" علاقته بالمرأة الجالسة بجانبه. 

في حماة، شهد أحد مساجد المدينة خلال شهر رمضان سلسلةً من الاشتباكات بين مجموعات دينية ومصلّين على خلفية إقامة "حلقات ذكر" عُدّت ممارسات منحرفةً عن الشريعة، وانتهت إلى اشتباكات بالأيدي، واستدعاء قوات الأمن.

هذه الحوادث ليست معزولةً، بل تندرج ضمن موجة متصاعدة من الاعتداءات على الحريات الفردية والاجتماعية في مدن سورية مختلفة، في مرحلة يُفترض أنها انتقالية نحو "سوريا الجديدة". في هذه اللحظة الحرجة، ينشر "متحف سجون داعش" ملفّاً استثنائياً عن "ديوان الحسبة"، أحد أكثر أجهزة الرقابة الاجتماعية قسوةً وتنظيماً في عهد "داعش". يضمّ الملف، الذي عمل عليه فريق من الباحثين والموثّقين على مدى عامين، مئات الوثائق الرسمية التي توضح كيفية فرض "النظام الأخلاقي" على السكان، وكيف كانت تُدار شؤون اللباس، والحفلات، والموسيقى، واللغة، والعلاقات، وتحديد "المحرمات" اليومية.

تبدو هذه الوثائق اليوم وكأنها مرآة مبالغٌ فيها للواقع، لكن المؤسف أنها ليست نابعةً من زمن بعيد. ما كانت تفعله الحسبة، من مراقبة الأزواج في الشارع، ومنع المصافحات بين الجنسين، ومعاقبة استخدام كلمات معيّنة مثل "يا محمد"، وإرسال "مخبرين" إلى الأسواق لرصد الحلّاقين الذين يستخدمون الموسيقى، تعود تفاصيله اليوم إلى واجهة النقاش، لا كماضٍ مظلم، بل كاحتمال متكرّر. ليس في الرقة أو إدلب أو الموصل فحسب، بل في دمشق وحمص وحماة. وليس من قبل داعش، بل من قبل أجهزة السلطة أو في ظل تواطئها.

وبينما كانت المخاوف تدور في السابق حول تمدّد الجماعات المتطرّفة، باتت اليوم أكثر تعقيداً: كيف يمكن لسلطة ما بعد الحرب أن تُعيد إنتاج أدوات قمع دينية أو أخلاقية سبق أن مورست في سياق مختلف؟ من الذي يُقرّر معايير السلوك المقبول في سوريا القادمة؟ هل انتهى عصر الحسبة في سوريا فعلاً، أو أنه غيّر شكله فقط؟

في هذا السياق، لا يبدو ملف "ديوان الحسبة" المنشور على موقع "متحف سجون داعش" مجرد توثيق لحقبة انتهت، بل أداة لفهم ما يحدث الآن، أو ما قد يحدث. فهو يُفكّك بالوثيقة والمنهج كيف تأسّس "الانضباط الاجتماعي" على أساس العقاب، وكيف تحوّل الفضاء العام إلى مجال مراقبة مطلقة، وكيف تم تصدير العنف باسم "الآداب العامة".

يعرض الملف أيضاً كيف أنّ النساء كنّ الهدف الأول لهذا الجهاز، عبر التعليمات الخاصة باللباس، والاختلاط، والتجوال، بل حتى عبر "فرق نسائية" للحسبة تلاحق النساء في الأسواق والمدارس.

استعادة هذا التاريخ، في توقيت كهذا، يتضمن دعوةً مزدوجةً: لفهم جذور ما نراه يتكرّر، ولطرح سؤال سياسي وأخلاقي أوسع حول معنى "الحرية" في مرحلة ما بعد الحرب، ومَن يملك حق تعريفها.

"ملف الحسبة"

استند ملف "ديوان الحسبة" إلى آلاف الوثائق الأصلية التي تم العثور عليها داخل مقار الحسبة وسجونها بعد انهيار تنظيم داعش، وتم فحصها وأرشفتها بعناية فائقة على مدى سنوات. من هذا الأرشيف الضخم، اختار المتحف 36 وثيقةً نموذجيةً ونشرها للجمهور كعيّنة تمثيلية، تكشف المدى الواسع لانتهاكات التنظيم في حق الحريات العامة والشخصية. الوثائق موزّعة على خمسة محاور رئيسية: محاضر التحقيق، والأحكام القضائية، والبلاغات والتقارير، والتوجيهات الإدارية، والسجلات المالية.

تغطّي هذه الوثائق مواضيع محدّدةً، تتناول وجوهاً متعدّدةً من الحياة اليومية التي تحوّلت في ظل الحسبة إلى ساحة مفتوحة للمراقبة والقمع. بعضها يوثّق قضايا تتعلّق بما يُسمّى "الآداب العامة"، مثل ارتداء البنطال الضيق أو تدخين النساء في الشارع، وتُظهر كيف استخدم الجهاز لغةً فقهيةً متشدّدةً لتجريم ما عُدّت "مظاهر انحلال". في إحدى الوثائق، يَرِد أمر رسمي بمنع استخدام عبارة "يا محمد" في الأماكن العامة لأنها "تتضمن نداءً غير مشروع"، وهو مثال على رقابة شديدة على اللغة والكلام تصل إلى حدود العبث الديني.

وثائق أخرى تسجّل كيف حوّل ديوان الحسبة المساجد والمدارس والكنائس إلى أماكن احتجاز مؤقتة أو تحقيق أو تعذيب إذ تتضمّن الوثائق تعليمات بتحويل مراكز تعليمية إلى "أماكن ضبط"، حيث جرى توقيف مدنيين بسبب شبهة "التراخي الديني" أو امتلاكهم هواتف تحوي "محتوى غير شرعي". أما على مستوى النساء، فتظهر عشرات البلاغات التي كُتبت بحق سيدات بسبب خروجهنّ من المنزل دون "محرم"، أو ارتداء عباءة "ملوّنة"، أو حتى التحدّث مع الباعة الذكور. وقد فُرضت عقوبات شملت الجلد العلني أو السجن، بموجب أحكام صادرة عن "قضاة الحسبة" الذين لم يكن لهم أي تأهيل قانوني معترف به خارج حدود التنظيم.

تُظهر بعض الوثائق كيف استُخدم المخبرون المدنيون -نساءً ورجالاً- كأداة رئيسية في ترسيخ نظام الحسبة، حيث سُجّلت بلاغات موقّعة من جيران وأقارب ضد أفراد يُشتبه في مخالفتهم للتوجيهات الأخلاقية. وثيقة واحدة يمكن أن تكشف شبكةً معقّدةً من الرقابة المجتمعية المفروضة بالقوة، والجزء الأكبر من هذه البلاغات تم التعامل معه بسرّية تامة، ودون علم الضحايا.

شبهة "التراخي الديني" وارتداء "عباءة ملوّنة" والنداء "يا محمد" و"التحدث مع باعة ذكور"، نماذج لـ"تهم" في زمن الحسبة عوقب "فاعلوها" بعقوبات مشدّدة وصلت إلى الجلد العلني والسجن، وأحياناً الإعدام. فما الذي تعكسه عن واقع "سوريا الجديدة"؟

أما على المستوى المالي، فتوضح السجلات حجم الموارد التي خُصّصت لتشغيل جهاز الحسبة، بما في ذلك رواتب العناصر، ومصاريف الدوريات، وشراء أدوات المراقبة، وأحياناً تغطية "الجوائز" التي تُمنح للمخبرين. هذا يعكس أن الحسبة لم تكن مجرد جهاز فقهي أو دعوي، بل مؤسسة أمنية متكاملة تمتلك تمويلاً وإدارةً داخليةً، وتعمل وفق هيكل تنظيمي يشبه الوزارات في الدول.

الملف المنشور لا يكتفي بعرض الوثائق، بل يُرفق كل واحدة منها بشروح سياقية توضح خلفيتها وسياق صدورها، ما يحوّلها إلى دليل حيّ على كيفية إدارة التنظيم حياة السكان في مناطق سيطرته، من أدقّ التفاصيل اليومية حتى أحكام الإعدام العلني. هذه الوثائق تكشف، بالأدلة الأصلية، كيف بنى داعش نظاماً شمولياً يستند إلى الفقه كسلاح، ويُدير المجتمع كما تُدار ثكنة عسكرية.

وبينما يُقدَّم هذا الملف كوثيقة تاريخية، فإن تزامن نشره مع تصاعد حالات القمع الأخلاقي والانتهاكات الفردية في مناطق سورية اليوم، كما في دمشق وحمص وحماة، يُضفي عليه بُعداً راهناً، ويعيد فتح النقاش حول مصير الحريات الشخصية في المستقبل السوري.

نساء في ظلّ "الحسبة"

بناءً على الوثائق التي نُشرت ضمن "ملف الحسبة" في متحف سجون داعش، يمكننا تكوين صورة واضحة ومفصّلة عن الكيفية التي مارس بها تنظيم داعش رقابته على حياة النساء، وتحويل أجسادهنّ وسلوكهنّ إلى ساحات معاقبة وضبط يومي، تمأسَست عبر جهاز إداري أمني شديد التنظيم. الملف يسلط الضوء على مجموعة من الانتهاكات المنهجية التي مورست بذريعة "تطبيق الشريعة"، ويمثّل توثيقاً دقيقاً لما يمكن عدّه "نظام اضطهاد كاملاً وقائماً على النوع الاجتماعي".

من أبرز مظاهر السيطرة ما ورد في وثائق فرض الحجاب الشرعي وتغطية العينين، حيث لم يكتفِ التنظيم بفرض النقاب الكامل، بل ألزم النساء بتغطية أعينهنّ أيضاً، عادّاً أنّ إظهار حتى عين واحدة "فتنة" تستوجب المحاسبة. هذا النوع من التشدّد غير المسبوق، لم يُطبّق فقط عبر تعليمات نظرية، بل عُزز بتعليمات موجهة لعناصر الحسبة على الأرض، بمتابعة النساء في الشوارع والأسواق، وتوقيف من يخالف اللباس المفروض.

في وثيقة أخرى، حُدّدت آلية تغيير عباءة المرأة المخالفة، بحيث يُمنع استبدال العباءة إلا في حضور وليّ الأمر أو بواسطة الفرقة النسائية للحسبة، وهي فرقة أُنشئت خصيصاً لإدارة هذا النوع من القمع الموجّه للنساء، تضمّ متطوِّعات مكلّفات بتفتيش النساء واعتقالهنّ، والتحقيق معهنّ في بعض الحالات.

لم تقتصر رقابة الحسبة على المظهر الخارجي، بل امتدت إلى المجال العام والعمل. إحدى الوثائق تشير إلى منع النساء من العمل في مهنة السكرتارية أو الاستقبال في عيادات الأطباء الذكور، ما يعني فعلياً تقليص فرص النساء في العمل، وحصر وجودهنّ في المجال الخاص فقط. كما حظرت الوثائق سفر النساء إلا بشروط صارمة، مثل وجود محرم، أو رفقة "آمنة" من النساء في حالات نادرة، في إجراء يهدف إلى السيطرة على الحركة الجغرافية للنساء، ومنع خروجهنّ عن "ولاية الرجل".

الوثائق المتعلّقة بالفرقة النسائية في الحسبة توضّح كيف تم إنشاء جهاز أمني موازٍ مخصص للنساء، يختص بمداهمة المنازل، وتفتيش الأسواق، واعتقال النساء المخالفات. الفرقة لم تكن استشاريةً أو تعليميةً، بل كانت أداةً مباشرةً للقمع والاعتقال، تعمل بأوامر واضحة من ديوان الحسبة، وتُرفع تقارير دورية عن أدائها، تُقيَّم فيها "السلبيات والإيجابيات"، كما يظهر في تعميم مؤرخ بتاريخ 18 أيلول/ سبتمبر 2016.

عبر هذه الوثائق، يبدو واضحاً كيف استخدم تنظيم داعش اللغة الدينية لتبرير سياسات قمع النساء، من خلال الاستشهاد بالقرآن والحديث وآراء الفقهاء، لتقديم قراراته كـ"أوامر إلهية" غير قابلة للنقاش، الأمر الذي لا يجعل من هذه الانتهاكات مجرد تجاوزات فردية أو محلية فحسب، بل جزءاً من بنية سلطوية متكاملة هدفها إخضاع النساء، وتحويلهنّ إلى "كائنات مطيعة" تعيش في ظل رقابة دائمة، جسدية ونفسية.

الأخطر من ماضي الحسبة، هو استمرار منطقها، ولو بأسماء ومظاهر مختلفة. الحوادث الأخيرة لا تشير إلى هشاشة الحريات الشخصية فحسب، بل إلى عودة تدريجية للرقابة المجتمعية الأمنية التي عرفناها في زمن داعش، وإن كانت أقل وضوحاً وتنظيماً

تقدّم هذه الوثائق، وعددها 36 وثيقةً منشورةً من أصل آلاف، نموذجاً لما يمكن تسميته بـ"خريطة اضطهاد كاملة للنساء"، تبدأ من اللباس، وتشمل الحركة، والعمل، والتعامل مع المؤسسات، وتنتهي عند العقاب البدني أو المعنوي في حال المخالفة. وهذه الانتهاكات لا تمثل قمعاً ممنهجاً فحسب، بل تكشف عن نظام اجتماعي شمولي قائم على تدمير استقلالية النساء ومحو حضورهنّ من الحياة العامة.

ما تكشفه وثائق "ديوان الحسبة" التي نشرها متحف سجون داعش لا يخص الماضي وحده، بل يضيء على نمط من أنماط الحكم القائم على القمع باسم الفضيلة، والانتهاك باسم الشريعة، والتحكم بحياة الأفراد، خاصةً النساء، تحت ذريعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". لقد خلّفت تجربة داعش جروحاً مفتوحةً في الذاكرة السورية والعراقية، وجعلت من كل نص أو وثيقة أو شهادة وسيلة مقاومة للصمت والنسيان.

لكن الأخطر من ماضي الحسبة، هو استمرار منطقها، ولو بأسماء ومظاهر مختلفة. حين يُعتدى اليوم في دمشق على فتاة في ملهى ليلي، أو يُضرب شاب لأنه خرج مع خطيبته في حمص، أو يُطرد خطيب مسجد في حماة لأنه دعا إلى التسامح، فإنّ هذا لا يشير إلى هشاشة الحريات الشخصية فحسب، بل إلى عودة تدريجية للرقابة المجتمعية الأمنية التي عرفناها في زمن داعش، وإن اتخذت الآن أشكالاً أقلّ وضوحاً وأقلّ تنظيماً.

لذلك، لا يمكن النظر إلى ملف الحسبة كوثائق تاريخية وحسب، بل كأداة تحليل لفهم حاضر سوريا ومستقبلها. ما نحتاجه اليوم ليس توثيق الجرائم فحسب، بل مواجهة بنيتها الفكرية والاجتماعية، والانتصار لضحاياها، وبناء سردية مضادة تُعيد للناس حقهم في أجسادهم، وخصوصيتهم، واختيارهم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image