بالتوازي مع

بالتوازي مع "الحالات الفردية"... حرب ناعمة يعيشها "الألمان" في دمشق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بعد تردُّدٍ كبير، وتحت وطأة تقلّص عملي الخاص (البعيد عن الصحافة)، إلى حدوده الدنيا، كما في كل المصالح دون استثناء، بدأتُ رحلتي باحثاً عن فرصةٍ جديدة. لم يكن الانتظار طويلاً قبل أن تتواصل معي شركة تجارية كانت قد أعلنت عن حاجتها إلى موظف علاقات عامة. تجاوزتُ اللقاء الأول مع قسم الموارد البشرية بنجاح، وكالعادة، كان يجب أن أقابل المدير. بدأت الجلسة رسميةً مهنيةً، ثم ساد جوّ من الودّ بعد أن توصَّلنا إلى صيغةٍ مناسبة للعمل. وأوشكنا على توقيع العقد.

لاحظ مدير الشركة أنني أراعي الأحرف اللثوية في كلامي، بينما أتحدّث اللهجة البيضاء الأقرب إلى الشامية، فأخبرته بأنني صحافي، لكنه عند أحد حروف القاف لم يستطع تمالك نفسه، وصفعني بسؤالٍ لم تعتد عليه سوريا إلا موارِباً بصيغة: "من وين حضرتك؟". إلا أنَّ أخانا المدير صوَّب نحوي "الجفت ذا العينتين": "أنت شو طائفتك؟ علوي؟".

ساد صمت، وشعرت بإهانة "وطنية" كبيرة جداً، لم أشعر بمثلها إلا حين كنت معتقلاً في فرع فلسطين السيئ الذكر.

نهضتُ واقفاً احتجاجاً على السؤال، وأخبرته بأنني لست علوياً، وإنما أقلويّ آخر، ففهمت أنه يضع مجموعة "عدس" كلها في خانة واحدة، و"عدس" هي إحدى كلمات السر المستخدمة في بعض المدن السورية اختصاراً للطوائف: العلوية والدرزية والإسماعيلية. قال المدير إنه من الأفضل لمصلحة العمل أن يكون الموظف شاميّاً، فأجبته بلطف: أما أنا، فمن الأفضل لمصلحتي أن يكون صاحب العمل "سورياً"، ثم غادرتُ الشركة يلفّني الحزن، لا على العمل بالطبع، بل على البلاد.

في طريق عودتي إلى المنزل، لم يفارق ذهني السؤال التالي: ما معنى أن تكون ابن "طائفة" ما؟

قال المدير إنه من الأفضل لمصلحة العمل أن يكون الموظف شاميّاً، فأجبته بلطف: أما أنا، فمن الأفضل لمصلحتي أن يكون صاحب العمل "سورياً"، ثم غادرتُ الشركة يلفّني الحزن، لا على العمل بالطبع، بل على البلاد

توصَّلت إلى كثير من الأجوبة، لكن أصدقها كان: أن تكون ابن طائفةٍ ما، يعني أن جدّك الرابع والخمسين، وقبل ثلاثة عشر قرناً، ارتأى أن يقف مع أحدٍ ما ضد أخيه أو ضد منافس آخر، في معركة السطوة على كرسي الحكم، ليس إلا، ثم على هذا الأساس بُنيت، وما زالت تُبنى، حكايات وسرديات ومظلوميات... يا له من معيار!

حرب ناعمة 

توترت الأوضاع الداخلية في سوريا عقب سقوط النظام، وحلّ الجيش، وحملة تسريح الموظفين التي استُهدف فيها أبناء الطائفة العلوية بشكل خاص في كثير من مؤسسات الدولة، ثم بدأت تتشكل ملامح حرب ديموغرافية ناعمة تستهدف الأقليات في دمشق، خاصةً العلويين منهم. كانت البداية بنظرة عدائية شامتة بهم، أيّدتها حملات تحريض ما زالت تُشنّ على الأزرق (يا للمصادفة!)، أقصد هنا فيسبوك، وتتلخص وقائع هذه الحرب في الدعوة إلى طرد الموظفين منهم في القطاع الخاص، سواء بشكل مباشر من أصحاب العمل، أو من خلال استفزازهم من قبل بعض زملائهم دون أي مبرِّر، كما وصل الأمر إلى تجييش من نوع آخر يدعو إلى "طردهم" كلياً من العاصمة. نتحدث هنا بالطبع عن حالات حقيقية تمّت معاينتها، لكن تزايدها هو ما استدعى الكتابة عنها، ولا نعتقد أننا بحاجة إلى التذكير بأنّ التعميم غير متصوَّر في هذا الحديث، وأنه لا يُقصد من هذا السرد أن كل السوريين تحوّلوا إلى وحوش بشرية. لكن هذا الأمر موجود، وبنسبة ليست قليلةً، وقابلة للتطور.

إياك والألمان

كان الشيف رامي (42 عاماً)، مديراً لأحد المطاعم في ريف دمشق، وقد تم طرده من عمله عقب أحداث جرمانا على خلفية طائفية (درزي)، فقرر خلال رحلة بحثه عن عمل آخر، تجنُّب التكلُّم بلهجته المحلية، وعدم الإفصاح عن "انتمائه الطائفي"، والمضحك المبكي أنّ رامي ملحد في الأصل، إلا أنَّ اسمه "حمّال طوائف" كما وصفه، ومواليده وقيده على الهوية حلب (تم نقل قيد النفوس بسبب وظيفة والده سابقاً)، ما ساعده على إيجاد عمل آخر بسرعة، إذ تم تعيينه مديراً للإطعام في سلسلة مطاعم يتم افتتاحها في دمشق.

جرى الاتفاق على أساسيات العمل مع صاحب سلسلة المطاعم العائد من تركيا، وتم التشديد خلال اللقاء على عدم قبول طلبات التوظيف من "الألمان".

ضحك رامي، على ما اعتقد أنها مجرد "دعابة مدير منتصر" يجب أن يتفاعل معها، ثم مع تجهُّمِ وجه المدير عاد وظنّ أنّ نشوة الانتصار جعلت المدير يظنّ بإمكانية أن يتقدم للعمل لديهم أشخاص يحملون الجنسية الألمانية، ليشرح له صاحب العمل: "المقصود بالألمان أصلاً العلويون، لكنني لا أريد منك الموافقة على طلبات التوظيف من أيّ أقلية أخرى".

أما تعبير "الألمان"، فتسمية شعبية سورية قديمة أُطلقت عليهم نتيجة تأييدهم دول المحور في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وعملهم مع قوات حكومة فيشي الموالية للألمان (1940-1941)، في سوريا، ودَرَجَ استخدام تعبير "الألمان" عند الحديث عن العلويين كنوع من الحياء الاجتماعي، رحمه الله.

يقول رامي، إنه فهم اللعبة، وهو بالطبع لا يفكر بالطريقة نفسها، لذا صار يعمد إلى الاتفاق مع كادر العمل الفندقي الذي يعرفه بحكم خبرته، ويحثّهم على أن يتقدموا لديهم للعمل، وألا يتكلموا بلهجات محافظاتهم، وأن يبقوا حذرين من الإفصاح عن مدينتهم الأصلية. أما النساء، فراح يُخبرهنّ بضرورة ارتداء الحجاب والتحدث باللهجة البيضاء مع زملائهم في العمل.

يحرص رامي، من خلال ذلك، على تشكيل فريق عمل احترافي باعتباره مديراً للإطعام، معتمداً بذلك على معايير مهنية بحتة، لا معايير قبليّة عائدة إلى الحياة من مجاهل القرون الوسطى، حسب تعبيره.

وفي ذاك المقهى الدمشقي، حيث أجلس عادةً طلباً للكهرباء حتى أكتب هذه المواد الصحافية، شاءت الصدفة أنني كنت أكتب مسوّدة هذا التحقيق، ثم نهضت لأدخل الحمام. أذكر أنني سمعت صوت امرأة تُجري مكالمةً هاتفيةً قرب غرفة المنظّفات. لم أُعِر الموضوع انتباهاً كونه أمراً طبيعياً جداً، لكن تلك السيدة انتظرتني حتى خرجت، وبعد أن قلت لها: "يعطيكِ العافية خيتي"، طلبت مني بلطف وبصوت خفيض ألّا أقول لأحدٍ أنني سمعتها. صدقاً لم أفهم القصد بدايةً. سألتها ما الأمر؟ فأجابت بأنها كانت تتكلم مع ابنتها، فانفعلت ونسيت أن تخفي لهجتها. قالت إنّ صاحب المقهى يعرف أنها سنّية وليست علويةً، وإن علم بذلك سيوقفها عن عملها -الجديد نسبياً- في تنظيف الحمامات.

قلت لها مُطَمئِناً ومازحاً: "ولو... الأقليات لبعضها"، واستأذنتها للحصول على رقم هاتفها لاستكمال الحديث، فأخبرتني عبر مكالمةٍ بأنّ زوجها الخمسيني كان عسكرياً، وبعد سقوط النظام بقي بلا عمل، بعد محاولات كثيرة قوَّضها عدم امتلاكه مصلحةً أخرى، فباءت كلها بالفشل، ما اضطرها إلى القبول بهذا العمل حتى تغطّي قسماً يسيراً من مصاريف بيتهم، وابنتيهما في جامعة دمشق.

تقول غادة (45 عاماً): "بعد إخراجنا من منزل كان يؤوينا في أحد المساكن العسكرية، لجأنا للسكن في بيت أخي مؤقتاً، ونفكر جدّياً في نقل سكننا إلى قريتنا في ريف حماه، لكننا ننتظر أن يستتبَّ الأمن في القرى العلوية، لأنّ عمليات القتل لم تتوقف حتى الآن". 

من الضفة المقابلة

مشيت في أحياء دمشق كثيراً، وأنا أفكر في صيغةٍ مناسبة مؤدّبة لأسأل التجار وأصحاب المهن والمعامل ما معناه: إن أتاك موظف علويّ، هل ستقبل بتشغيله؟

ترددت كثيراً، فمحتوى السؤال -مهما كانت طريقته- خارج عن أصول الأدب والأخلاق والمواطنة وكل شيء نشأنا عليه كسوريين.

لكنني في المحصلة لم أجد بدّاً من طرحه بشكله البسيط دون أي مواربةٍ أو تجميل، فجّاً، كتلك المشاهد والسلوكيات التي نراها اليوم.

إلا أنّ حظي العاثر قادني بدايةً إلى صاحب محل لبيع الألبسة القطنية في سوق مدحت باشا.

ما يشعر به الناجون العلويون عامةً على امتداد الأرض السورية الآن هي خيبة من نظام خدعهم، واستثمر في دمائهم عقوداً من الزمن، دون أن يكترث لحالة العِداء التي بناها ووضعهم فيها مع باقي مكونات الشعب السوري، ثم تركهم فريسةً ضعيفةً للفصائل المصنّفة "إرهابيةً" حتى اليوم

بعد التحية والتودد، عرَّفته بنفسي، وطرحت السؤال على العمّ السبعيني. لن أكتب لكم ما قاله لي بصريح العبارة، لكنه سألني مستنكراً في نهاية حفلة التوبيخ: "أنت ما بتستحي يعني؟".

أستطيع تلخيص ما قاله "الحجي"، بأنّ هذه الأرض تتّسع لنا جميعاً، وأنّ الإنسان مفطور على الخير، وتحديداً في بلاد الشام، وما نراه ونسمعه اليوم ليس سوى زوبعة في فنجان، مصيرها أن تنتهي، كما انتهى من قبلها، وما قبلها، لكنها حركة التاريخ وعلينا أن نقبل بها مرغمين، فقد مرَّ على هذه الأرض غزاة وأقوام وأشكال وألوان، وبقيت الشام المباركة خلال كل ذلك ملاذاً للمحبّين. أما نحن، فمسلمون شاميّون، والإسلام الشاميّ هو الإسلام السمح المعتدل البنّاء، لا مكان فيه للتطرف والأفكار الهدّامة مهما حاولوا... وسنّة سوريا (إن استطعنا الحديث عنهم تجاوزاً بوصفهم كتلةً واحدةً)، براء من هذه الأفعال، وممن يقومون بها اليوم. انظر في وجوه القَتَلة ترَ أنهم أناس غير متمدنين، لا يمتّون بصلةٍ إلى الحضارة، ولديهم عقائد عجيبة متنوعة لا تشبهنا.

تابعت طريقي مروراً بالمنطقة الصناعية، بجانب كراج الست، وفي مخرطة كبيرة للمعادن، كان لقائي الثاني مع صاحبها أبي سليمان، الذي تلقّى مني السؤال نفسه وكان جوابه: "بصراحة لا، أنا لا أقبل، ولي أسبابي". 

يروي: "لقد ارتبطت اللهجة الساحلية في أذهاننا عبر عقودٍ من الزمن بسطوة أجهزة الأمن، إتاوات وإهانات وكتابة تقارير وخوف، أنا بصراحة لم أستطع حتى الآن أن أتصالح مع الموضوع وأقبل بسماعها هنا في عملي عادّاً أنني أتكلم مع مواطن عادي، مع علمي بأنّ هذا الكلام غير منطقي ربما، ولا يتناسب ومفاهيم المواطنة، لكنه شعور نفسي مهم أعجز عن تجاوزه، كما أعتقد أن وجود "الأقليات" اليوم في دمشق بات مهدداً، فالعمليات العسكرية ما زالت قائمةً في قراهم وبلداتهم، وأبواب الاحتمالات مشرعة على مصراعيها، ومن الممكن أن يضطر العامل إلى السفر إلى أهله في أي لحظة، هذا عدا عن أنّ وضع العمل اليوم في عموم البلاد في حالٍ مزرية للغاية، نحن نعمل بربع طاقتنا الإنتاجية، وبالكاد نستطيع دفع رواتب العمال وتأمين الحد الأدنى من احتياجاتنا، وبالشكل العام نحن نتكلم اليوم بتجرّد، لكننا لسنا مع الجرائم التي تحدث بحق الأبرياء، وفي حقيقة الأمر نأسف أن نصل إلى مستوى من التفكير والسلوكيات، لطالما ظننّا أنفسنا أننا أبعد الناس عنه". 

خيبة وضياع وخوف

هذا تماماً ما يشعر به الناجون العلويون عامةً على امتداد الأرض السورية؛ خيبة من نظام خدعهم، واستثمر في دمائهم عقوداً من الزمن، دون أن يكترث لحالة العِداء التي بناها ووضعهم فيها مع باقي مكونات الشعب السوري، ثم تركهم فريسةً ضعيفةً للفصائل المصنّفة "إرهابيةً" حتى اليوم.

بقية السوريين يخافون ضعف الحركة الاقتصادية، مستقبل البلاد السياسي... إلخ. أما العلوي، فخوفه ما زال مقتصراً على سلامته وروحه وأطفاله.

وخيبة من شركاء في الوطن، صدحت الكثير من مآذنهم بإعلان الجهاد عليهم، ومن بعض جيرانهم الموتورين المدنيين الذين ركبوا موجة "انتصار الثورة"، ووضعوا أنفسهم في خدمة "الفصائل غير المنضبطة" كما وصفتهم دمشق، فساعدوها على ارتكاب الجرائم، وأمّنوا لها غطاءً شبه شرعيٍ عبر تبرير أفعالها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجاهدوا بإيموجي "أضحكني"، على أخبار المجازر وصور الضحايا من المدنيين الأبرياء، متكئين على كتلةٍ من المغالطات المنطقية.

خيبة من "دولةٍ" غدرت بهم، فسلّموا سلاحهم طائعين، لا يرومون إلا الأمان والحياة الكريمة، فأخذتهم جميعاً بجريرة مجرمي النظام السابق، متفوقةً بذلك على ستة عشر أسداً، وليس على أسد واحد. 

يبدو الخوف وكأنّه والسوريين توأم سيامي، عنوان لحياة الناس على هذه البقعة الجغرافية، وكأنّه لغتنا الأمّ.

حكم به نظام الأسد عقوداً، جمَّد فيها الحياة السياسية، وأقصى المجتمع المدني، ولجأ إلى العنف بدلاً من السياسة، وابتعد عن هموم الداخل، فظلم الجميع دون استثناء، على قاعدة الولاء المطلق للسلطة وليس على أساس طائفي، فتسبَّب في احتقان سياسي وفكري وانفعالي، يدفع جميع السوريين ثمنه اليوم خوفاً آخر، بنكهة جديدة.

بقية السوريين يخافون ضعف الحركة الاقتصادية، مستقبل البلاد السياسي... إلخ. أما العلوي، فخوفه ما زال مقتصراً على سلامته وروحه وأطفاله.

الكل خائف اليوم، ما عدا أولئك الذين يملكون لحيةً وبندقيةً؛ لا أحد يخيفهم، ولا حتى الخليفة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image