هُويات ضحايا قناصي

هُويات ضحايا قناصي "الشبح" في غزة تُكشف لأول مرة

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 10 سبتمبر 202514 دقيقة للقراءة

لم تظهر أي علامة تردد على وجه "دانيال راب" أثناء مشاهدته لقطات سالم دغمش (19 عاماً)، وهو يسقط أرضاً بجانب شقيقه في أحد شوارع مدينة غزة.

يقول راب: "كانت تلك أول عملية تصفية أقوم بها". يستمر الفيديو، الذي التقطته طائرة مسيرة، بضع ثوانٍ فقط. يبدو أن الشاب الفلسطيني لم يكن يحمل سلاحاً عندما أطلق راب النار صوب رأسه.

راب، من ضواحي شيكاغو، تخرج في جامعة إلينوي الأمريكية، خدم في الجيش الإسرائيلي كقناص. يقول راب إنه كان على علم بأن الشخص الذي أطلق النار عليه لم يكن مسلحاً. بالرغم من ذلك، أطلق النار على سالم في رأسه عندما حاول سحب جثة أخيه الأكبر محمد.

"لا أفهم لماذا (فعل ذلك)، كما أن الأمر ليس مهماً بالنسبة لي"، يقول راب في مقابلة مصوّرة نُشرت على منصة إكس: "أعني ما الذي كان مهماً في تلك الجثة؟".

تحقيق استقصائي استمر خمسة أشهر، أجرته أريج وصحيفة الغارديان، وPaper Trail Media، وDer Spiegel، وZDF، جعل من الممكن الإجابة عن السؤال الذي طرحه راب.

يكشف هذا التحقيق عن هُوية الأشخاص الذين أطلق قنّاصة إسرائيليون النار عليهم في غزة، يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ويتتبع كيف تمزقت أسرة من تل الهوا بغزة، على يد جنود في الجيش الإسرائيلي، نشأوا في ولاية إلينوي الأمريكية ومدينة ميونيخ الألمانية

من خلال مقابلات مع ناجين وشهود وأفراد من الأسرة، ومراجعة شهادات الوفاة وسجلات طبية وصور، تتبع التحقيق كيف تمزقت أسرة من تل الهوا بغزة على يد جنود في الجيش الإسرائيلي، نشأوا في ولاية إلينوي الأمريكية ومدينة ميونيخ الألمانية.

في ذلك اليوم، قنص جنود إسرائيليون أربعة أفراد من عائلة دغمش، وأصابوا اثنين آخرين. تُسلّط قصصهم الفردية الضوء على نمط متكرر من القتل على يد القوات الإسرائيلية، التي كثيراً ما تعتبر الرجال غير المسلحين، ما بين سن 18 و40، أهدافاً في غزة.

القتل على نطاق واسع لعشرات الآلاف من المدنيين، أحد العوامل التي يستند إليها باحثون ومحامون ومنظمات حقوقية في اتهامهم إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.

قال راب: "إنهم يعتقدون أن ارتداء ملابس مدنية، وكونهم غير مسلحين وهكذا، يحميهم (من القنص)، لكنّهم مخطئون، هذا هو سبب وجود القناصة".

بعد قنص سالم، هرع والده منتصر دغمش، البالغ من العمر 51 عاماً، إلى الموقع مع قريب له، محاولاً استعادة جثتي ابنيه لدفنهم، لكنّه أُصيب هو الآخر برصاصة قاتلة.

"عاد أحدهم راغباً في استعادة جثة المخرب. تركته يقترب أكثر فأكثر"، يقول راب في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت. ويضيف: "لا أعرف ما أهمية الجثة، لكنه جاء ليستعيدها، أطلقتُ عليه رصاصة وأصبته في رأسه".

الحاجة إلى جنازة كريمة غريزة إنسانية، و"إكرام الميت دفنه"، مقولة دارجة في المجتمع الغزي، وهي أيضاً محمية بموجب القانون الدولي، لكن ذلك لم يمنع راب من قتل سالم، يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. يقول: "استمروا في القدوم محاولين أخذ الجثث". 

تم نشر فيديو مقتل سالم على الإنترنت بعد خمسة أشهر من الحادثة، كجزء من مونتاج أعده جندي يُدعى شالوم غيلبرت للاحتفاء بما تقوم به كتيبته في غزة. كما تضمن الفيديو لقطات أخرى لقتل فلسطينيين غير مسلحين.

قال راب لاحقاً إنه وشريكه القناص، نفذا ثلاث عمليات قتل، التي ظهرت في مقاطع الفيديو، وذلك خلال مقابلة نسق لها الصحافي والناشط الفلسطيني يونس الطيرواي، وأجراها شخص آخر في إسرائيل. لم يُفصح راب عن اسم شريكه، لكن تم التعرف على هُوية دانيال غريتس لاحقاً من خلال الصور.

وافق راب على اللقاء، بعد إخباره بأنه يشارك بشكل مجهول الهوية في فيلم وثائقي، عن "أبطال الجيش الإسرائيلي". لكن الطيراوي نشر أجزاء من المقابلة في سياق فيلم عن مجموعة قناصين في الجيش الإسرائيلي. برّر الطيراوي القرار قائلاً إنه يصب في المصلحة العامة، نظراً لتورط مجموعة راب في العديد من عمليات القتل.

حاول فريق التحقيق التواصل مع راب وغريتس أكثر من مرة عبر إرسال أسئلة واتصالات هاتفية وخطابات، لكنهما لم يقدما أي رد. 

مأساة عائلة دغمش وقعت في شارع منير الريس بمدينة غزة، بالقرب من حديقة برشلونة؛ متنزه يضم ملاعب ومقاهي كان الناس يتجمعون فيه قبل الحرب. 

كانت قوات من الجيش الإسرائيلي موجودة في المنطقة صباح يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، لكن صوت تكسير الحطب في أول الشارع صبيحة ذلك اليوم، طمأن السكان بأن المكان ليس منطقة خطرة. كان ذلك إحساساً زائفاً بالأمان.

عندما اتجه محمد دغمش نحو الحديقة برفقة ابن عمه، كان القناصان راب وشريكه في مكانهما بالفعل. كان الثنائي ضمن فريق قناصة يطلقون على أنفسهم اسم "رفائيم - Refaim"، وتعني "شبحاً" باللغة العبرية. هذا الفريق ليس له أي صلة بوحدة القوات الخاصة الرسمية النخبوية المعروفة أيضاً باسم "رفائيم".

العديد من أعضاء مجموعة القناصة يحملون جنسيتين، وساعدت الصور ومقاطع الفيديو -التي نُشرت على الإنترنت عن عملياتهم- منظمات حقوقية وناشطين في تقديم شكاوى ضدهم في دول أوروبية، بشبهة ارتكاب جرائم حرب

قادت عملية تتبع لموقعهما -باستخدام الصور والفيديوهات وصور الأقمار الصناعية- إلى مبنى من ستة طوابق على بعد نحو 400 متر من مكان حادثة القنص. تُظهر الصور راب يصوب من خلال ثقب في الجدار، وشريكه غريتس عند إحدى نوافذ المبنى.

ذلك المبنى، وفر لهما رؤية واضحة لشارع منير الريس. زار صحافي فلسطيني -يعمل مع فريق التحقيق- المبنى ووجد أدلة إضافية على وجود القناصين؛ رسومات على الجدران: الرقم 9 مع قرون الشيطان وذيله. وهي شعار غير رسمي لمجموعة القناصين.

أدلة إضافية على وجود القناصين؛ رسومات على الجدران: الرقم 9 مع قرون الشيطان وذيله. وهي شعار غير رسمي لمجموعة قناصي "الشبح" رفائيم.

طلب الصحافي، الذي تعرف على هُوية الضحايا من عائلة دغمش، عدم ذكر اسمه، لأن إسرائيل قتلت ما لا يقل عن 189 صحافياً في غزة. 

العديد من أعضاء مجموعة القناصة يحملون جنسيتين، وساعدت الصور ومقاطع الفيديو -التي نُشرت على الإنترنت عن عملياتهم- منظمات حقوقية وناشطين في تقديم شكاوى ضدهم في دول أوروبية، بشبهة ارتكاب جرائم حرب.

محمد منتصر دغمش، كان يبلغ 26 عاماً عندما قُتل. كان يساعد أسرته من خلال جمع الخردة لإعادة بيعها، بمساعدة شقيقه سالم الذي ترك الدراسة بعد الصف العاشر.

تعرفت فايزة دغمش على ابنيها فور عرض فيديو القنص عليها: قميص سالم الأخضر الزيتي، وملابس محمد السوداء. بكت كثيراً وهي تشاهد المقطع بعد سنة ونصف من مقتل ولديها.

استيقظ سالم ومحمد مبكراً صباح آخر يوم لهما. كان محمد أول من خرج. اصطحب ابن عمه يوسف* من منزله القريب، وانطلق الاثنان نحو حديقة برشلونة.

يضم مونتاج غيلبرت مقطعي فيديو آخرين، مصورين بتقنية التصوير الحراري، يظهران عمليات قتل في غزة. 

يقول يوسف إنه تعرف على نفسه في أحدهما، وهو يمشي ويداه في جيوبه "كالعادة"، بجانب محمد الذي وصفه بأنه "أعز شخص" في حياته. 

يصف راب ذلك المقطع المصور بأنه عملية القنص الثانية لشريكه. يظهر غريتس، في فيديو غيلبرت، وتم تأكيد هُويته من خلال تقنية التعرف على الوجوه، ومقابلات مع زملاء دراسة سابقين.

انقسم خبراء الأسلحة، الذين فحصوا الفيديو، حول ما إذا كان المقذوف الظاهر هو رصاصة قناص. رأى بعضهم أن سرعة المقذوف أبطأ من سرعة رصاصة تُطلق من بندقية قناص. كما تُظهر الصور رجلاً أُصيب في ظهره، بينما يقول يوسف إن محمداً قد أُصيب من الأمام.

المقطع يُظهر شابين يمشيان بأريحية في شارع مدمر. لا يبدو أن أياً منهما كان يحمل سلاحاً، ويؤكد الأقارب أنهما لم يشكلا أي خطر. 

في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أخطرت القوات الإسرائيلية سكان عدة أحياء في غزة، ومن بينها تل الهوا، بإخلاء مناطق سكنهم. يقول راب إن المنطقة كانت "منطقة قتال"، ما يعني أن وجود أي شخص فيها يجعله "في عداد الموتى". ويشرح راب أنها "مسألة مسافة؛ هناك خط نحدده، أنت لا تعرف هذا الخط، لكننا نعرفه".

إنشاء "طوق أمني" غير مرئي، ثم إطلاق النار على مَن يتجاوزه من المدنيين، هو ممارسة شائعة في غزة، وفق شهادات جنود إسرائيليين آخرين. 

راجع فريق التحقيق مقابلات مع راب مدتها 158 دقيقة، معظمها لم ينشر من قبل. وفحص معهد The Fraunhofer Institute for Secure Information Technology المقاطع التي تضم أهم التصريحات، ولم يجد أي مؤشر على أن المحتوى قد تم تغييره.

بعد قنص محمد، ركض يوسف وأخبر إخوة محمد بما حدث، فأسرع سالم نحو الموقع، ليلقى مصير أخيه.

يشرح راب أمام الكاميرا سبب إطلاقه النار على الأخ الثاني: "جاء لاستعادة الجثة، ربما كان الميت شخصاً مهماً، ربما كان يشغل منصباً قيادياً، أو كان يقوم بعمل استخباراتي. لا أعرف ما الذي كان مهماً في تلك الجثة، لكنه جاء لاستعادتها. أطلقت رصاصة وأصبته في رأسه". 

استعادة الجثث أثناء الحروب محمية بموجب القانون الدولي، "حتى لو كانت جثة شخص مقاتل"، بحسب توم دانينباوم، أستاذ القانون الدولي في جامعة ستانفورد الأمريكية

تنصّ لوائح الجيش الإسرائيلي نفسه على أن الأشخاص الذين يحاولون استعادة الجثث ليسوا أهدافاً مشروعة، وذلك وفق شهادات جنود سابقين وآسا كاشير، الذي شارك في وضع ميثاق الأخلاقيات الخاص بالجيش الإسرائيلي. "إذا رأيت شخصاً ينتشل جثة أو يساعد جريحاً، فهذه عملية إنقاذ يجب احترامها (...) لا ينبغي إطلاق النار عليه".

كان الضحية التالية منتصر والد سالم ومحمد. لم يستطع قول شيء سوى: "هاي أولادي"، عندما وجدهما مُلقيين في الشارع. 

كان برفقته ابن عمه خليل* الذي قال له: "أنا باحمل محمد وأنت احمل سالم"، لأن سالم كان أخف وزناً. وبينما انحنى منتصر لحمل ابنه، أصابته رصاصة.

يقول خليل: "أي واحد كان يقرب هناك كان يتم قنصه". حمل خليل ابن عمه المصاب، وتمكن من المشي بضع خطوات قبل أن يُصاب هو أيضاً: "أكلت طلاق (طلقات)، حسيت إيدي طارت طير". لم تمضِ ثوانٍ حتى أصابته رصاصة ثانية، ففقد وعيه.

نُقل منتصر وخليل إلى المستشفى. توفي منتصر في اليوم التالي. ونُقل خليل إلى جنوب قطاع غزة لتلقي العلاج.

لا يتوفر فيديو يوثق إطلاق النار على خليل، لكن راب يصف عملية قنص لشخص آخر، قام بها أحد أفراد المجموعة في المنطقة نفسها: "كأن ذراعه قد انفجرت تقريباً، وافترضنا أنه لن ينجو".

بقي جثمانا سالم ومحمد في الشارع حتى بدء وقف إطلاق النار في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، حيث كان من الخطر استعادتهما. 

تتطابق هذه الهجمات مع نمط وصفه جندي احتياط إسرائيلي سابق، قال إن الجنود الذين خدم معهم في غزة كانوا يطلقون النار بشكل متكرر على فلسطينيين غير مسلحين، أثناء محاولتهم استعادة الجثث.

"هذا شيء رأيته بنفسي، ويمكنني أن أشهد عليه"، مشيراً إلى أن هذه الجرائم غالباً ما كانت تحدث بعد استهداف أول شخص غير مسلح، لمجرد عبوره "طوقًا أمنياً غير مرئي"، يقول الجندي الإسرائيلي الذي رفض العودة إلى غزة لأن الحرب أصبحت "غير أخلاقية".

لم يكن محمد وسالم ومنتصر الضحايا الوحيدين من عائلة دغمش، الذين أُطلق عليهم النار بالقرب من حديقة برشلونة.

في ذلك اليوم، ذهب محمد فريد دغمش (47 عاماً)، لتفقد منزله في شارع منير الريس، بعد نزوح عائلته أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، حيث التقى أحد أقاربه "جمال*"، وبدأ الرجلان بالسير معاً.

عندما وصلا إلى زاوية شارع فرعي، على بعد أمتار قليلة من منزل جمال، أُطلق الرصاص على فريد. من الشرفة، شاهدت أمل* زوجة جمال ما حدث.

في فيديو غيلبرت، هناك مقطع ثالث يُظهر عملية قتل أخرى، والتي قال راب إنها من تنفيذ شريكه أيضاً. 


يُظهر المقطع شخصين يسيران في شارع مدمر. لا يبدو أن أياً منهما يحمل سلاحاً. تُطلق رصاصة، فيسقط أحدهما على الأرض، ويهرع الآخر للخروج من خط النار.

شهود عيان، بينهم أفراد من عائلة فريد وابن عمه جمال، قالوا إن الشخص الذي سقط في الفيديو هو فريد، مستشهدين بوشاح كان يرتديه دائماً على رأسه. نُقل فريد إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة في غضون نصف ساعة.

105 عمليات قنص... "مثير للإعجاب حقاً"

يقول راب إن القناصين أطلقوا النار على ثمانية أشخاص خلال يومين بالقرب من حديقة برشلونة. تتطابق الحصيلة التي ذكرها مع ما وثقه التحقيق. أربعة قتلى: الشقيقان محمد وسالم ووالدهما منتصر، بالإضافة إلى محمد فريد. وإصابتان: خليل وشخص آخر من العائلة حاول سحب جثماني الشقيقين من موقع القنص. كلهم من عائلة دغمش. ويقول شهود إن هناك جثتين أخريين لم يتم التعرف عليهما في المنطقة. 

105 عمليات قنص نفذتها مجموعة "الشبح" في غزة، خلال الفترة التي خدم فيها راب، وفق قوله. في المقابلة التي أجراها، يقول إن ذلك "مثير للإعجاب حقاً". 


عدة خبراء في حقوق الإنسان والقانون الدولي، يقولون إن ما حصل في شارع منير الريس أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، ربما يخالف القانون الدولي، وقد يشكل جريمة حرب.

"تشير الأدلة إلى جريمة حرب"، يقول خبير القانون الدولي توم دانينباوم، الذي راجع اللقطات. 

"ممارسة تحديد خطوط وهمية أو مناطق محظورة في غزة، وإطلاق النار على كل من يعبرها، تُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي. لا يمكن الافتراض بأن الأفراد مقاتلون فقط بناء على موقعهم الجغرافي"، بحسب عمر شكير، مدير هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين.

تنصّ لوائح الجيش الإسرائيلي نفسه على أن "إذا رأيت شخصاً ينتشل جثة أو يساعد جريحاً، فهذه عملية إنقاذ يجب احترامها (...) لا ينبغي إطلاق النار عليه". لكن جنوده يفعلون عكس ذلك تماماً في غزة

على مدار خمسة أشهر، أرسل فريق التحقيق عدة طلبات للجيش الإسرائيلي، للرد على أسئلة محددة حول مقتل وإصابة أفراد عائلة دغمش، وقواعد الاشتباك المُتبعة خاصة فيما يتعلق باسترجاع الجثامين. رد الجيش جاء عاماً، وقال متحدث باسمه "إن قواته تتبع بدقة قواعد الاشتباك والقانون الدولي، وتتخذ الاحتياطات الممكنة لتقليل الأذى الذي يلحق بالمدنيين".

وأبلغت منظمات حقوقية "المدعي العام" في فرنسا وبلجيكا، عن جنود من مجموعة "الشبح"؛ إذ تسمح الولاية القضائية العالمية بالتحقيق في الجرائم المزعومة ضد الإنسانية، حتى لو وقعت في دول أخرى.

في الولايات المتحدة، تعد مقاضاة الجنود الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، أكثر صعوبة. وتتطلب الملاحقات القضائية موافقة المدعي العام وإثباتاً أنها تخدم المصلحة العامة، حسب دانينباوم.

بعد مرور نحو عامين على قتل ولديها، يبقى "أمل" فايزة في العدالة الإلهية أكبر من المحاكم البشرية. 

تتذكر فايزة المكان الذي كانت تقف فيه، بجوار عمود بالقرب من منزلها، عندما أحضروا جثتي ابنيها على عربة (كارو) يجرها حصان. توقفت فايزة عن مسح دموعها، وهي تتذكر سالم ومحمد خلال اللقاء. كان محمد يحب أجنحة الدجاج ويساعدها على العجين لإعداد الخبز كل صباح. بينما كان سالم يهتم بارتداء ملابس أنيقة. نخبرها كيف تحدث راب عن مقتل ابنيها، وكيف وصفهما بالمخربين. تقول: "إذا أنا سامحته، الله من عنده مش راح يسامح".

*الأسماء المشار إليها بعلامة النجمة (*) أسماء مستعارة غُيّرت لحماية أصحابها.

تتوجه أريج بشكر خاص للصحافي من غزة الذي أسهم بجهوده في إنجاز هذا التحقيق، وكشف هوية ضحايا عمليات القنص، والذي حجب اسمه حفاظاً على سلامته.

أسهم في إعداد هذا التحقيق: إيما جراهام-هاريسون وماريا ريتر ودانيال لاوفر وفريدريك اوبيماير وماريا كريستوف وفراس الطويل.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image