بعد عقود طويلة من الدعم المفتوح والتبرير الممنهج لسياساتها، تواجه إسرائيل تحوّلات لافتةً في مواقف كثير من حلفائها التقليديين، ظاهرياً بسبب جرائمها التي ترتكبها كل يوم في غزة، ولا سيّما سياسة التجويع الممنهج التي تفرضها على سكان القطاع منذ شهور، واستمرار حرب الإبادة لنحو عامين، فضلاً عن أسباب أعمق تتعلّق بمصالحها في الشرق الأوسط ورغبة هذه الدول في الانفصال عن القرار الأمريكي واعتماد سياسة خارجية أكثر استقلالية.
وشهدت الأيام الأخيرة إعلان عدد من الدول الأوروبية رفضها سياسة الحكومة اليمينية الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وصلت إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي بعض الأحيان المطالبة بفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، وهو ما دفع أصواتاً إسرائيليةً إلى التحذير من خطر فرض عزلة سياسية واقتصادية على تل أبيب قد تكون لها تبعات سلبية على المستوى الإستراتيجي.
تحوّلات لافتة في المواقف الأوروبية
أحدثُ التحوّلات التي شهدتها المواقف الأوروبية خرجت من ألمانيا، إحدى أبرز دول الاتحاد الأوروبي ارتباطاً بإسرائيل وانحيازاً إليها، حيث دعت المشرّعة زيمتيه مولر، العضوة البارزة في ائتلاف المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الحكومة إلى فرض عقوبات على إسرائيل، بما في ذلك تعليقاً جزئياً لصادرات الأسلحة إليها من ألمانيا أو من دول الاتحاد عموماً.
بحسب الكاتب الإسرائيلي شموئيل روزنر، فإنّ "إسرائيل تقف عند مفترق طرق خطير… في العديد من دول العالم، ثمّة من يتحيّن الفرصة لاستغلالها بأدوات لم تُستخدم حتى الآن، أدوات المقاطعة والنبذ والطرد… دولة واحدة فقط تقف دون دخول إسرائيل هذا النفق؛ الولايات المتحدة"
منتصف أيار/ مايو 2025، طالبت أيرلندا وست دول أوروبية، إسرائيل بـ"رفع الحصار فوراً" عن قطاع غزة و"الامتناع عن شنّ المزيد من العمليات العسكرية" على القطاع، مؤكدةً في بيان مشترك وقّعه قادة أيرلندا وأيسلندا ولوكسمبورغ ومالطا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا أنها "لن تسكت أمام الكارثة الإنسانية التي تحدث أمام أعيننا في غزة".
وعقب ثلاثة أيام من هذا البيان، أصدر قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، بياناً مشابهاً أعلنوا فيه معارضتهم توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، واصفين مستوى المعاناة الإنسانية في غزة بأنه "لا يُطاق"، كما أكدوا معارضتهم مساعي توسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
ومن الشجب والإدانة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث غرّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على منصة (X)، في 25 تموز/ يوليو الماضي، بأنّ "فرنسا ستعترف بدولة فلسطين" وذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2025. القرار نفسه أعلنه بعد بضعة أيام رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي أكد أنّ قرار المملكة المتحدة سيُنفّذ ما لم تنفذ إسرائيل ما وصفها بـ"الخطوات الحاسمة" لإنهاء الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة.
كما قال رئيس وزراء كندا، مارك كارني، إنّ بلاده تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين أيضاً، في اجتماع الأمم المتحدة السنوي، مندداً بسياسة حكومة نتنياهو التي تقود إلى "كارثة إنسانية في قطاع غزة".
لاحقاً، في 30 من تموز/ يوليو 2025، أصدرت 15 دولةً غربيةً بياناً مشتركاً ختامياً لمؤتمر "حل الدولتين" الذي عُقد في نيويورك، دعت فيه إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين كـ"خطوة أساسية نحو تحقيق حل الدولتين".
وتنقسم هذه الدول الـ15 إلى دول اعترفت بدولة فلسطين بالفعل (إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا والنرويج)، ودول أعلنت اعتزامها الاعتراف بها (فرنسا ومالطا وكندا)، ودول أبدت استعدادها لذلك (أستراليا وأندورا وفنلندا وأيسلندا ولوكسمبورغ ونيوزيلندا والبرتغال وسان مارينو).
أوروبا وصراع القيم والمصالح
وتعقيباً على المواقف الأوروبية الأخيرة ضد سياسات تل أبيب، قال المركز العربي واشنطن دي سي، في ورقة له، إنّ الأسابيع الأخيرة شهدت تحوّلاً ملحوظاً في السياسة الأوروبية تجاه غزة، مشيراً إلى أنه بعد تأييد دول الاتحاد الأوروبي عمليات إسرائيل في القطاع أو على الأقل غض الطرف عنها، صعّدت دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، انتقاداتها لجرائم إسرائيل الوحشية، بما في ذلك التجويع المُدبّر.
وأشار المركز إلى أنّ أوروبا بدأت ترفع الغطاء السياسي الذي وفّرته للسياسات الإسرائيلية في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، منبّهاً إلى أنّ الموقف الألماني هو الأكثر لفتاً للانتباه إذ كانت برلين ترى في تحالفها مع تل أبيب التزاماً أخلاقياً كتعويض عن المحرقة النازية، إلا أنها الآن تلوّح بوقف صادراتها العسكرية إليها والبالغة نحو 326 مليون يورو في عام 2023 وحده.
وأوضح المركز أنّه منذ نيسان/ أبريل 2025، العلاقات الأوروبية الإسرائيلية على المحك، وقد برز صراع القيم والمصالح أكثر من أي وقت مضى، لافتاً إلى أن لغة الخطاب تغيّرت من المطالبة بضبط النفس إلى التهديد بفرض عقوبات، وهو ما قد يزيد عزلة تل أبيب الدولية، خاصةً أن الدعوات المتزايدة إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، وعودة القضية الفلسطينية إلى صميم النقاش الأوروبي الرسمي تُعززان قدرة الفلسطينيين على استخدام القانون الدولي كأداة للمواجهة السياسية.
تحذيرات من "سيناريو الرعب"
على الجانب الآخر، فتحت المواقف الأوروبية المتلاحقة المندّدة بالجرائم الإسرائيلية في غزة نقاشاً عاماً في إسرائيل، حيث وصفتها صحيفة "سروغيم" الصهيونية بأنها المرة الأولى منذ سنوات التي تواجه فيها تل أبيب "عزلةً دوليةً" قد تصل إلى فرض قيود دبلوماسية عليها، مشيرةً إلى أنه مع استمرار القتال وتدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، تجد إسرائيل نفسها في خضم عاصفة دبلوماسية غير مسبوقة.
عطفاً على ذلك، وصف الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ناداف تامير، المواقف الأوروبية الملوِّحة بالاعتراف بدولة فلسطين والمندِّدة بالحرب على غزة، بقوله إنّ تل أبيب تواجه أزمةً دبلوماسيةً حقيقيةً، لافتاً إلى أنّ الدول التي لطالما دعمت إسرائيل تنحرف الآن بشكل كبير عن مسارها المعتاد.
كما حذّر الكاتب شموئيل روزنر، في مقال له نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، من أنّ "تل أبيب بالفعل على حافة العزلة العالمية"، وأنّ المساندة الأمريكية هي فقط ما تفصل إسرائيل عمّا أسماه "سيناريو الرعب"، لافتاً إلى أنه "إذا سحبت واشنطن دعمها، فقد تجد إسرائيل نفسها في وضع خطير" في وجه "التسونامي السياسي الذي يهدّد إسرائيل".
واستشهد الكاتب بتلقّي إحدى جامعات الأبحاث الإسرائيلية رسالةً قاسيةً عبر بريد إلكتروني تفيد بإلغاء اتفاقية توريد المعدّات إلى مختبرات الجامعة من شركة بريطانية، عادّاً أنه إن لم تتحرّك إسرائيل بشكل إستراتيجي، فإنّ هذه الحملة العالمية ستجد صداها.
"تقف إسرائيل عند مفترق طرق خطير، إذا سلكت الطريق الخطأ، فستخرج منه مصابةً ومتضررة. في العديد من دول العالم، ثمّة من يتحيّن الفرصة لاستغلالها بأدوات لم تُستخدم حتى الآن -أدوات المقاطعة والنبذ والطرد- أدوات قد تؤثّر قريباً في محفظة (يقصد مستوى معيشة) كل إسرائيلي… دولة واحدة فقط تقف دون دخول إسرائيل هذا النفق؛ الولايات المتحدة"، كتب.
يمكن رؤية الإجراءات التي اتخذتها باريس ولندن وأوتاوا أخيراً على أنها ليست فقط رد فعل على تزايد الضغوط الداخلية والسخط العام إزاء الوضع الإنساني المتدهور في غزة، بل أيضاً كجزء من صراع أوسع لتشكيل موقف مستقل وسيادي على الساحة الدولية بمعزل عن الموقف الأمريكي
هذا النقاش الداخلي تجسّد في تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، لموقع "بوليتيكو" الأمريكي، قبل يومين، حيث قال: "لقد أصبحنا دولةً منبوذةً"، مشدّداً على أنّ نتنياهو وحكومته الائتلافية اليمينية المتشددة "لا ينبغي أن يلوموا إلا أنفسهم" في ذلك، بسبب "الفجوة متزايدة الاتساع بين الفظائع المروعة التي ارتكبتها حماس في حق الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما نرتكبه (كإسرائيليين) الآن في حق الفلسطينيين".
أوروبا تبني مواقفها بمعزل عن واشنطن
وبعيداً عن "صراع القيم والمصالح" المشار إليه في أوروبا، يرى محللون أن المواقف الأوروبية الأخيرة تجاه إسرائيل تعكس "انهيار الوحدة الغربية" وحدوث تحوّلات عميقة في السياسة العالمية، بل بداية واقع دولي جديد جرّاء تفاقم الخلاف داخل ما يُسمّى "الغرب الجماعي" عقب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتزايد التوترات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين.
وبناءً على هذا التصوّر، يمكن رؤية الإجراءات التي اتخذتها باريس ولندن وأوتاوا أخيراً على أنها ليست فقط رد فعل على تزايد الضغوط الداخلية والسخط العام إزاء الوضع الإنساني المتدهور في غزة، بل أيضاً كجزء من صراع أوسع لتشكيل موقف مستقل وسيادي على الساحة الدولية بمعزل عن الموقف الأمريكي.
يتجلّى ذلك في تعليقات ترامب على تصريحات نظيره الفرنسي حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية حيث قال إنها بلا قيمة، كما انتقد كندا بشدّة، محذّراً من التعقيدات المحتملة في العلاقات التجارية بين واشنطن وأوتاوا إذا مضت قدماً في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وزارة الخارجية الأمريكية، بدورها، اعتبرت أن اعتراف المملكة المتحدة بفلسطين يمثل "صفعةً على وجه ضحايا السابع من أكتوبر" و"مكافأةً لحماس".
وفي مقال تحليلي، أبرزت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أنّ الاعتراف الأوروبي بفلسطين وإن لم يحرّك الأوضاع على الصعيد الفلسطيني إلا أنه كشف عن تصدّعات كبيرة في الموقف الغربي الموحد الذي لطالما كان داعماً لإسرائيل.
يرجح الباحث في العلاقات الدولية هاني الجمل، رئيس وحدة الدراسات الأوروبية في مركز العرب للأبحاث، في حديثه إلى رصيف22، أيضاً أن تكون التحركات الأوروبية موجهةً ضد ترامب بالأساس ولا تقتصر على إسرائيل، إذ إنّ هذه المواقف جاءت عقب عدد من الاجتماعات واللقاءات التي احتضنتها بروكسل خلال الأسابيع الماضية، ومارست فيها ألمانيا وفرنسا ضغوطاً كبيرةً لمواجهة التعنت الأمريكي، وطالبت الدولتان بموقف أوروبي أكثر استقلاليةً رفضاً للتبعية الأمريكية.
ويستشهد الجمل، بأنّ الموقف الأوروبي الأخير سبقته دعوات تبنّاها القادة الأوروبيون إلى ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي في محاولة للاستقلال عن القرار الأمريكي، خاصةً في ظلّ مواقف ترامب المتضاربة تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك رفض بعض الجهات الأوروبية دعم مؤسسة غزة الإنسانية المشبوهة والتي تسعى إسرائيل وأمريكا إلى أن تكون بديلاً للمؤسسات الإغاثية الأممية في غزة.
اتهامات لأوروبا بالتواطؤ مع إسرائيل
إلى ذلك، اتهم الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل، الذي كان أحد الدبلوماسيين الأوروبيين المنخرطين في قضايا الصراع في الشرق الأوسط، قادة الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ مع إسرائيل، بالإشارة إلى أن الدول الأوروبية لم تستطع حتى الآن فرض عقوبات رادعة على إسرائيل.
وقال بوريل، في مقال له عبر "الغارديان" البريطانية مطلع آب/ أغسطس الجاري، إنه لا يوجد شك في أن إسرائيل تفرض إبادةً جماعيةً في غزة وتستخدم التجويع كسلاح، ومع ذلك فإنّ قادة الاتحاد الأوروبي لا يعملون بشكل جاد لوقف هذه الجرائم برغم امتلاكهم العديد من الأدوات التي يمكن أن يؤدي استخدامها إلى التأثير بشكل فعّال في قرارات الحكومة الإسرائيلية، لافتاً إلى أنه من المحتمل أن تتم محاسبة قادة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في المستقبل على تواطئهم في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها حكومة نتنياهو.
المواقف الأوروبية غير كافية
وتعقيباً على التحركات الأوروبية الأخيرة، يقول السياسي الفلسطيني أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، إنّ إسرائيل بالفعل تواجه عزلةً دوليةً نتيجة ممارستها ضد المدنيين الفلسطينيين، مشيراً إلى أنّ تل أبيب وواشنطن سعتا إلى التغطية على جرائم التجويع وقتل الأهالي على تخوم مراكز توزيع المساعدات، إلا أن الإعلام الرقمي تجاوز ذلك كله، ووثّق وفضح، عبر الصور والمقاطع المصورة، حقيقة الأوضاع على الأرض ونقلها إلى كل العالم.
ويضيف الرقب، في تصريحات لرصيف22، أنّ مستويات الرفض والكراهية لإسرائيل تتصاعد بشكل كبير حول العالم، خاصةً عندما نتحدث عن دول صديقة لإسرائيل مثل أستراليا وكندا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا، وتغيّر موقفها الآن يمثّل انقلاباً كبيراً، حتى أنّ الإعلام الإسرائيلي وصفها بـ"التسونامي الدبلوماسي ضد إسرائيل".
لكن الرقب، يشير في الوقت نفسه إلى أنه برغم أهمية التحوّلات الأوروبية الأخيرة، إلا أن هذه الدول لم تتخذ أي خطوات جادة للضغط على إسرائيل لوقف الإبادة حتى الآن، وأن ملفات الشراكة المختلفة بين الطرفين لا تزال قائمةً، وأن الأمر لم يتعدَّ التصريحات وإعلان مواقف سياسية تتحدّث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، علماً أنه يرى أنها "إجمالاً، أحدثت حالةً من التوازن، ولا سيّما بعد عقد مؤتمر حلّ الدولتين في نيويورك، والذي شاركت فيه دول أوروبية وعربية فاعلة".
يلفت الأكاديمي الفلسطيني أيمن الرقب إلى أنّ الموقف الأمريكي لا يزال داعماً للسياسات الإسرائيلية الرامية إلى فرض واقع يقضي على فكرة حل الدولتين تماماً، واصفاً التحركات الأوروبية بأنها لا تزال ضعيفةً وأنها لن تؤثر في قرارات إسرائيل ما لم تشتمل على إجراءات جادّة تشمل العقوبات الاقتصادية ووقف الشراكات
ويلفت الأكاديمي الفلسطيني إلى أنّ الموقف الأمريكي لا يزال داعماً للسياسات الإسرائيلية الرامية إلى فرض واقع يقضي على فكرة حلّ الدولتين تماماً، واصفاً التحركات الأوروبية بأنها لا تزال ضعيفةً وأنها لن تؤثر في قرارات إسرائيل ما لم تشتمل على إجراءات جادّة تشمل العقوبات الاقتصادية ووقف الشراكات.
يتفق هاني الجمل، مع هذا الطرح، إذ يرى أنّ الموقف الأوروبي تأثّر بالجرائم الإسرائيلية في غزة، لافتاً إلى أنّ هذا التحوّل مرجعه أنّ إسرائيل تفرض المجاعة الممنهجة ضد الفلسطينيين، وتمنع وسائل الإعلام الدولية من كشف الجرائم التي تقوم بها في القطاع وتقفز على اتفاقيات أوسلو التي تؤكد على إقامة دولة فلسطينية على حدود الخامس من حزيران/ يونيو 1967.
"أوروبا تخشى ضياع نفوذها في الشرق"
ويضيف الجمل أنّ الجرائم الإسرائيلية جعلت الجانب الأوروبي يغيّر مواقفه، ويرفض الغطاء السياسي الأمريكي المبرر للمجازر الإسرائيلية، والتي تسببت في الحرج للكثير من الحكومات الغربية أمام الرأي العام الداخلي والعالمي، ما قد يؤدّي إلى تغيير المواقف الانتخابية ضد بعض التكتلات السياسية في هذه الدول.
يتفق الجمل أيضاً مع أن المواقف الأوروبية حتى الآن لا تزال قاصرةً على مجرد التصريحات الإعلامية، وأنه يجب أن تكون هناك آليات تنفيذ على أرض الواقع، وتكوين لجان مختلفة من أجل دعم إقامة دولة فلسطينية، ومراجعة الاتفاقيات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ووقف التعاون أو شراء المنتجات التي تُنتج في المستوطنات الإسرائيلية، إن كان هناك موقف حقيقي رافض لممارسات تل أبيب.
ويتحدث الخبير في العلاقات الدولية عن شعور أوروبي طاغٍ بأنّ مثل هذه الممارسات الإسرائيلية قد تضرّ بالمصالح الأوروبية في الشرق الأوسط، وعليه حرصت دول أوروبية كثيرة على المشاركة في مؤتمر حلّ الدولتين الذي عُقد في نيويورك برغم مقاطعة الولايات المتحدة له.
كما يشير إلى أنّ أوروبا تسعى إلى تحقيق الاستقلال الإستراتيجي في تحرّكاتها الخارجية، ولا سيّما بعد أن أدّت سياسات ترامب إلى تضرر المصالح الأوروبية خاصةً قرارات الرسوم الجمركية، وهو ما دفع أوروبا إلى محاولة بناء جبهة جديدة بالتوافق مع دول عربية وإسلامية لحماية مصالحها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.