يُنشر هذا النص ضمن ملف "لنتخيّل"، وهو ملف مفتوح يضمّ نصوصاً، مدوّنات، قصصاً، مقابلات، وتقارير صحافية، يتيح مساحة للخيال ولضرورته، سواء في تخيّل ماضٍ بديل، أو واقعٍ مختلف، أو مستقبلٍ نودّ أن نعيش فيه، أو ذاك الذي قد يُفرض علينا.
فشلت كل محاولاتي للحصول على دفتر تدوين جديد. وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة المتكررة بوصولنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، إلا أنّ خمس سنوات من الصمت التام كانت كافيةً لاستنفاد مخزون القاهرة من الورق، وحتى الجدران لم يعد فيها مكان لمحادثة جديدة.
"حين ابتلعت المدينة صوتها"
قبل خمس سنوات، استيقظت من النوم مخموراً كعادتي في تلك الفترة، أحاول التمتمة لكن دون صوت. ظننت في البداية أنها إحدى آثار السُكر الشديد، والتي كنت أتعرف عليها حينها. استمرت محاولاتي للتحدث قبل أن أذهب ملهوفاً لأوقظ "ليلى" التي كانت تشاركني السكن قبل زواجنا بسنتين. بعينين غلبهما نوم السكارى حاولت استيعاب إشاراتي، ثم اعتدلت في جلستها لتسألني عما يحدث، لنتفاجأ بشفتيها هي الأخرى تتحركان دون صوت.
قضينا يومنا الأول نحاول فهم أسباب تلك الحالة، ولا نستطيع إجراء أي محادثة سوى بالإشارات. بدأت ملامح القلق تظهر جليةً على وجه كلّ منّا، ورحنا نتصفح الإنترنت في محاولة للإجابة عن أسئلة نعلم مدى عبثيتها: هل يسبب الإفراط في تناول التيكيلا فقدان النطق المؤقت؟ ما هي أسباب عدم القدرة على النطق؟ رحنا نتصفح المواقع موقعاً تلو الآخر، ونتلقى إجابات تدفع جميعها للقلق. اتخذت ليلى موقعها المفضل في الشقة بجانب سور البلكونة، وراحت تتابع البحث بتوتر محاولةً الوصول إلى سبب لهذه الحالة. عرفت أنّ هناك ما يسمّى بـ"الحبسة الكلامية". ولكن هل من الطبيعي أن يُصاب بها كلانا في الليلة نفسها؟
قبل خمس سنوات، استيقظت من النوم مخموراً كعادتي في تلك الفترة، أحاول التمتمة لكن دون صوت. ظننت في البداية أنها إحدى آثار السُكر الشديد، والتي كنت أتعرف عليها حينها. استمرت محاولاتي للتحدث قبل أن أذهب ملهوفاً لأوقظ "ليلى" التي كانت تشاركني السكن قبل زواجنا بسنتين.
كان الكسل يدفعني وليلى أحياناً لتبادل الرسائل في أثناء وجودنا داخل الشقة. وأحياناً كنا نتبادل الرسائل مازحين على الكنبة نفسها، لكنها المرة الأولى التي نضطر فيها إلى إجراء محادثة مكتوبة قهراً. سحبت دفتر التدوين، وكتبت لها: ربما نحتاج لزيارة طبيب تخاطب، فأومأت برأسها موافقةً. فتحت تطبيقاً أستخدمه في حالات الكشف المستعجل، وحجزت عند طبيب عشوائي في محيط سكننا. كان أقرب موعد متاح بعد ساعتين.
نزلنا إلى الشارع بلا نية حقيقية للذهاب إلى العيادة، بقدر ما كانت محاولةً للهروب من قلق الصمت، علّنا نسمع صوتاً أو نجد تفسيراً. كانت الشوارع صامتةً تماماً على غير عادتها؛ لا أصوات للسيارات، لا جدال بين المارة، ولا صراخ لسائقي التكاتك، وحتى الشتائم التي لطالما كانت السمة المميزة لسكان القاهرة، اختفت.
كنا في نهاية الشهر، وبعد حساب ثمن الكشف تأكدنا أنّ تكلفة التاكسي لن تكون خياراً جيداً. أشرت لميكروباص بحركة يد اكتسبتها من أيام "الكحرتة" والسكن في شارع فيصل، وأحببتها لدلالتها البذيئة، فتوقف السائق وأشار لنا بالصعود بهدوء غير معتاد وتحرّك دون أن ينطق بكلمة. أجول بعيني مسترقاً النظر إلى الركاب؛ الجميع يجلس في صمت خانق، يطالعون بعضهم بعضاً عبر المرايا، وكأن كلاً منا يبحث عن إجابة عن سؤاله في وجه الآخر.
وصلنا إلى العيادة قبل الموعد بربع ساعة. لم تكن مزدحمةً بشدّة. عدد من المرضى يجلسون في صمت، يطالعون هواتفهم أو يتابعون الوافدين الجدد. دون أن ترفع موظفة الاستقبال رأسها، مدّت يدها بورقة مطبوعة كُتب في أعلاها: رجاءً كتابة سبب الزيارة بخط واضح، التواصل الصوتي غير ممكن.
كتبت ليلى: فقدان مفاجئ للنطق، لا يوجد أي التهاب.
وكتبت: الحالة بدأت صباح اليوم، لا يوجد أي أعراض، فقط عجز تام عن إصدار أي صوت.
سلّمنا الورقة دون أي تعليق، وأشارت لنا بالجلوس. بعد دقائق، أضاءت لمبةً حمراء على مكتبها وأشارت لنا بالدخول إلى غرفة الطبيب.
جلس الطبيب خلف مكتبه، مرتدياً كمامةً، ما أثار استغرابنا. جلسنا بعد أن أشار لنا بالجلوس. بجانبه سبورة بيضاء كبيرة وعدد لا يُحصى من الأقلام والماركات. كتب أوّلاً: هل أنتما من سكان القاهرة؟ أومأنا بالإيجاب.
كتب ثانيةً وقبل أن نشرح: "الحالات دي بدأت تتكرر من أسبوع، مفيش سبب أو تفسير عضوي واضح، مفيش فيروس، مفيش تلف في الأحبال الصوتية، وأشعة الرنين للحالات اللي قبلكم مش بتقول حاجة".
أشار إلى مجلد كبير أمامه، يحتوي على تقارير لحالات مشابهة، أعمار أصحابها مختلفة، لا يوجد رابط بينهم، ثم كتب جملةً أخيرةً قبل أن ينظر إلينا طويلاً: يبدو أننا أمام ما يُعرف بالخرس الجمعي النفسي، وبعض التقارير تسمّيه: الحبسة الكلامية الكبرى.
نظرت وليلى إلى بعضنا بعضاً، وكتبت على دفترنا: يعني ده مش مؤقت؟
رفع كتفَيه بحركة تشير إلى العجز، ثم كتب: "محدش يعرف".
خرجنا من العيادة ولم ننطق، ليس لأننا لا نستطيع، بل لأنّ سؤالاً حقيقياً بدأ يتكون بصمت داخل كل منّا: وماذا لو لم يعد الكلام أبداً؟
أشار إلى مجلد كبير أمامه، يحتوي على تقارير لحالات مشابهة، أعمار أصحابها مختلفة، لا يوجد رابط بينهم، ثم كتب جملةً أخيرةً قبل أن ينظر إلينا طويلاً: يبدو أننا أمام ما يُعرف بالخرس الجمعي النفسي، وبعض التقارير تسمّيه: الحبسة الكلامية الكبرى.
"نُحبّ في دفتر ونفترق في سطر!"
لم تبدُ الحكومة مشغولةً بالتعليق على تلك الكارثة التي حلّت بالقاهرة وسكانها. لم يصدر تصريح لأي مسؤول حكومي، وسط تداول شائعات بأنّ كل المسؤولين انتقلوا وعائلاتهم إلى الخارج. على مدار أسابيع بدت القاهرة وكأنها تخطو على أطراف أصابعها، المحال تفتح أبوابها دون أي صوت، السوبر ماركت أصبح يوزع مطبوعات يوميةً بأسعار المنتجات والعروض، وأمام كل "كاشيير" صندوق صغير عليه أوراق وأقلام لكتابة الطلبات.
في البنوك والمؤسسات الحكومية وُزّعت نماذج جاهزة للتعاملات اليومية المتكررة، وفي المستشفيات تحولت عيادات الاستقبال والطوارئ إلى قاعات صامتة، يمر فيها المرضى والأطباء كأنهم كومبارسات في مشاهد تمثيلية دون صوت مسموع. الشركات التي لم تكن مستعدةً للعمل الكتابي انهارت، والاجتماعات الدورية أصبحت بلا جدوى، وأولئك الذين لم يعتادوا التعبير إلا بالكلام بدوا وكأنهم فقدوا مؤهلاتهم وهوياتهم الوظيفية. بعض الإدارات والأقسام اعتمدت نماذج ورقيةً جاهزةً، وأخرى أكثر حظاً طوّرت تطبيقات مراسلة فورية. لم يعُد صراخ المديرين مألوفاً وأصبحوا يدوّنون ملاحظاتهم على أوراق ملوّنة تُلصَق بالمكاتب: "راجع التعديلات خلال ساعة… أين الملف المطلوب؟ سيب اللي في إيدك واشتغل على ده".
تغيرت ملامح الشارع تماماً؛ المتسولون صاروا يحملون لافتات طويلةً فيها أدعية مكتوبة بخط مهزوز، والباعة المتجولون ساروا بقوائم أسعار لمنتجاتهم الرديئة، وحتى سائقو الميكروباص والتاكسي علّقوا أوراقاً خلف الزجاج مطبوعة عليها المسارات، والأجرة، والمحطات. العلاقات الاجتماعية انهارت بوتيرة أسرع. فقدت المقاهي والبارات بريقها كأماكن لتجمّع الأصدقاء الذين يتبادلون الأحاديث والضحك لساعات. وجد الأزواج والمحبّون أنفسهم أمام نصوص باردة خالية من الدفء، والأمهات فقدوا القدرة على مواساة أطفالهم إلا عبر رسائل مكتوبة بجانب أطباق الطعام. بمرور الأيام صرنا نُدرك أننا لم نفقد أصواتنا فحسب، بل فقدنا كل ما كان غير مكتوب في لغتنا؛ النبرة، الغضب، التلميح، السخرية، الهزار، وحتى الشتائم.
خرجنا من العيادة ولم ننطق، ليس لأننا لا نستطيع، بل لأنّ سؤالاً حقيقياً بدأ يتكون بصمت داخل كل منّا: وماذا لو لم يعد الكلام أبداً؟
في تلك الفترة تحولت المنتجات الورقية من وسيلة تواصل إلى عملة نادرة. تكالب المستثمرون على تغيير أنشطتهم لإنتاجها، وظهرت سوق سوداء كاملة لبيع دفاتر التدوين، واستعاد الخطّاطون مكانتهم وبدأوا بتأجير خدماتهم لمن لا يُحسن الكتابة، وظهرت العديد من المهن الجديدة لمجموعات من كتّاب الشعر والروائيين "النص لبة" لمن لا يجيدون التعبير كتابةً ولآخرين غيرهم على اختلاف المجالات في كل نواحي الحياة تقريباً.
بعد فترة رضخت ليلى أخيراً لإلحاحي المستمر على الزواج. بدأ زواجنا في مشهد عبثي تماماً. كنا نعيش معاً منذ سنوات، جمعتنا مشاعر مترددة، لكننا كنا نؤجل الاعتراف بها، وحين حلّ هذا الصمت الإجباري على حياتنا قررنا في لحظة يأس وإحباط أن مصير كل منّا معلّق بالآخر. كان مشهداً كوميدياً. لم يستطع المأذون إملاء كلمات العقد، فاستبدلناها بالكتابة على دفتره البالي.
كتبت ليلى: زوّجتك نفسي.
وكتبت: وأنا قبلت الزواج.
تبادلنا نظرات قلقةً، وابتسامات باهتةً، ووقّع كلّ منا في الدفتر. كان زواجاً مكتوباً وغير منطوق.
مع مرور الشهور، بدأ الصمت يبلور حالةً غير مسبوقة على كل المستويات، وكأنه يُعيد كتابة عقد اجتماعي/ دستور جديد للقاهرة وسكانها. توقفت وسائل الإعلام عن البث المباشر، وحلّت محلها نشرات مكتوبة يتم توزيعها إلكترونياً تقتل كل محاولات الشعور باللحظة، وتزيد من إحساس قارئها بالعزلة.
الاحتجاجات أصبحت مستحيلةً، دون هتافات أو شعارات تُرفع. تحولت الميادين إلى ساحات خالية إلا من رجال ذوي شوارب موحدة يرتدون "الجاكيتات" الجلدية. جدران البنايات المُحيطة تزينت برسائل يغلّفها الغموض، ومعظمها منسوخة على دفاتر منتشرة في الشوارع والأحياء. الوزارات والمؤسسات الحكومية فقدت أدوات التواصل التقليدية مع سكان القاهرة. أما البرلمان، فصارت جلساته أشبه بكتابة المراسلات الداخلية، وانحصرت المناقشات في وثائق رسمية يتم اختيارها بعناية قبل عرضها. لم تعُد هناك مؤتمرات صحافية أو بيانات تلفزيونية، وباتت السياسة ميداناً للصراعات الصامتة والمكتومة. في هذا الفراغ انحصر الصراع في السيطرة على وسائل تدوين المعلومات، وأشرفت الحكومة على توزيع دفاتر التدوين، وأصدرت قوانين لتنظيم محتواها، وصارت تتحكم في صياغة الروايات التي تتم طباعتها وتناقلها.
لم يصمد زواجي وليلى طويلاً. كان الصمت أكبر منّا، وأقسى من أي خلاف لفظي، وأبرد من كل محاولاتنا للتقارب. بدأت علاقتنا تتآكل. لا أحد يحتمل العيش في فيلم صامت إلى الأبد. لم تفلح المهدّئات في إخماد نوبات الغضب المتكررة التي بدأت بالظهور، واستبدلنا فيها الصراخ والشتائم بنظرات طويلة جارحة، ودفاتر ممزقة، وبكاء منفرد على طرف السرير. لم نستطع الصراخ، لكننا كنا نحترق في صمت. اكتشفت أنّ الغضب حين لا يجد طريقاً للخروج من الحنجرة، يتحول إلى سمّ قاتل.
في أحد الأيام، جلسنا على الطاولة، وكتبنا ورقة الطلاق، دون عتاب ودون أن ننظر إلى بعضنا. إمضاءان صامتان فحسب. بعدها صارت الأيام أثقل، والشقة أوسع من اللازم، والصمت فيها أكثر قسوةً. لم يكن انفصالي عن ليلى مجرد انتهاء علاقة، بل ضياع آخر أثر لصوتي داخل شخص آخر.
تغيرت ملامح الشارع تماماً؛ المتسولون صاروا يحملون لافتات طويلةً فيها أدعية مكتوبة بخط مهزوز، والباعة المتجولون ساروا بقوائم أسعار لمنتجاتهم الرديئة، وحتى سائقو الميكروباص والتاكسي علّقوا أوراقاً خلف الزجاج مطبوعة عليها المسارات، والأجرة، والمحطات.
"صمت لا يشبه السكينة"
ذات مساء، كتبت رسالةً طويلةً لا أعرف لمن أرسلها. بدأتها بــ"عزيزي"، وانتهت دون اسم. لا أعرف إن كنت أكتب لله، أو للهواء، أو لصوتي الضائع. فكرت: هل يسمعنا الله حين لا نستطيع الكلام؟ هل يسمع أفكارنا الصامتة كما يسمع الدعاء؟ هل يعرف أننا ننكسر أحياناً ولا نقوى على البوح؟ تذكرت كل المرات التي دعوت فيها وأنا أصرخ، وأحياناً أخرى وأنا أهمس، ثم خطر لي أنّ أكثر لحظاتي صدقاً مع الله كانت وأنا ساكن تماماً، بلا كلمة. ربما لم يكن يريدنا الله أن نصرخ أبداً.
في تلك الليلة، حلمت بأن السماء تفتح أبوابها فجأةً، لا يخرج منها نور بل صوت لا يشبه أي صوت سمعته من قبل، صوت يقول كلمات لا أفهمها، لكنه بدا وكأنه يربت على قلبي. مددت يدي إلى السماء طالباً المزيد، ورجوت أن أسمعه مرةً أخرى، أن يُعيد الكلمات نفسها حتى لو لم أفهمها، لكن لا شيء. استيقظت وأنا أبكي، غير متأكد إن كان ذلك الصوت حقيقياً أو أنّ عقلي اخترعه فقط ليحميني من الجنون. أمسكت دفتري وكتبت: "اللهم إن كان الصوت وهماً، فلا تحرمني إياه".
ببطء شديد، بدأ سكان القاهرة بالتكيف مع الأوضاع. في البداية كنا نظن أنها أيام ستمضي. تمسكنا جميعاً بالأمل، وكنا نردد داخلنا بصمت أنّ ما يحدث مجرد حالة عابرة، عقاب إلهي، عطل فسيولوجي، لعنة ما ستهدأ، وسيعود للقاهرة صوتها الصاخب كما كانت. جلسنا ننتظر، الوقت يمرّ كسلحفاة تتأمل موتها، نحاول قتل الملل بأي طريقة، نكتب رسائل طويلةً دون ردّ، نملأ دفاتر التدوين والجدران باعترافات لم نكن نجرؤ على نطقها. لكن لا شيء يتغير، صوتنا لم يعُد، وبدأنا على مضض نستسلم لفكرة أن ما نعيشه واقع لا خلاص منه.
شيئاً فشيئاً بدأنا نُعيد اختراع الحياة، تعلّم البعض لغة الرموز والإشارات، وطوّرنا معاً لغة تواصل هجينةً، تقنيات جديدةً للتعبير عن المشاعر دون كلمة واحدة، صار السكوت نفسه مهارةً، وصارت القاهرة مجتمعاً كاملاً يُدار بلا صوت وبلا ضجيج.
شيئاً فشيئاً بدأنا نُعيد اختراع الحياة، تعلّم البعض لغة الرموز والإشارات، وطوّرنا معاً لغة تواصل هجينةً، تقنيات جديدةً للتعبير عن المشاعر دون كلمة واحدة، صار السكوت نفسه مهارةً، وصارت القاهرة مجتمعاً كاملاً يُدار بلا صوت وبلا ضجيج.
في غياب الصوت بدأت الحكايات تتغير، كان كل فرد في المدينة يبحث عن شكل جديد للسيطرة؛ يُعيد كلّ منّا اختراع سلطة مُتخيّلة ليكتب قصته. ذاب كل شخص داخل دور اختاره لنفسه، وبدأ شيء هشّ ينكسر في دواخلنا؛ ذلك الجزء البسيط الذي كان يعيش على ضحكة مرتجلة، أو صوت شخص تحبه يُناديك بصوته لا بخطّه.
أما اليوم، وبعد أن فقدت الأمل في الحصول على ورقة بيضاء، وجدت مساحةً صغيرةً على الحائط، تكفي لأكتب فيها رسالتي الأخيرة: "في عالم فُقد فيه الصوت، لا أحد يسمع حتى جنونك، لا أحد يصحح لك وهمك… لا أحد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.