"إسرائيل تتكلم بالعربية" و"إيران بالعربية" تكذبان… رشقات تضليل تواكب التصعيد الإسرائيلي الإيراني

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

يواكب التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران رواج واسع النطاق لادّعاءات مضللة حول نتائج الضربات والرشقات الصاروخية المتبادلة. في هذا السياق، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مولّدةً بالذكاء الاصطناعي، تحاكي بعضها مشاهد للهجمات، فيما بالغ آخرون في تصوير آثار بعض الاستهدافات. وتلعب صفحتا "إسرائيل تتكلم بالعربية" التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، و"إيران بالعربية"، دوراً كبيراً في ترويج المقاطع والمعلومات المضللة مع تفاعل واسع مع منشوراتهما اعتقاداً من المستخدمين أنها من "مصادر موثوقة". في المقابل، نشطت منصّات التحقق من المعلومات العربية في تفنيد هذه الادعاءات، وكشف ما تتضمنه من تزييف.

"إيران بالعربية" وسقوط الـ"إف 35"

نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، على رأسها صفحة "إيران بالعربية"، مقاطع مصوّرةً ادّعت أنها تُظهر مشاهد لإسقاط طائرة "إف 35" إسرائيلية على الأراضي الإيرانية. 

دقّقت منصّة "صحيح مصر" في مقطعَين، وأثبتت أنهما مضللان عقب إجرائها بحثاً عكسياً بيّن أنّ الفيديو الأول يعود لاعتراض طائرة مسيّرة إيرانية في أثناء تحليقها، ولا علاقة له بسقوط طائرة "إف 35". أما الثاني، فاتضح أنه يعود لأحد مشاهد لعبة محاكاة الطيران القتالي "DCS"، وليست له علاقة بالحرب الإيرانية الإسرائيلية.

وجاء انتشار المقاطع بالتزامن مع تقارير نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، تحدثت فيها عن إسقاط طائرتين حربيتين إسرائيليتين داخل الأجواء الإيرانية.

"إيران بالعربية" و"إسرائيل تتكلم بالعربية" تضلّلان الجمهور العربي في ما يخصّ تطورات التصعيد الإيراني الإسرائيلي. كيف فنّدت منصات تدقيق معلومات عربية كذب ادعاءاتهما؟

جدير بالذكر أنّ صفحة "إيران بالعربية" عبر منصّة إكس، تحظى بتفاعل واسع من الجمهور العربي ظناً بأنها مصدر رسمي موثوق وهو أمر غير صحيح.

"إسرائيل بالعربية" تضلّل الجمهور العربي

غير بعيد عن ذلك، نشرت صفحة "إسرائيل تتكلم العربية" على فيسبوك، منشوراً تدّعي فيه أنّ الهجوم الإسرائيلي على إيران استهدف القادة العسكريين الذين وصفتهم بـ"الإرهابين"، في حين أنّ الهجوم الإيراني استهدف "المدنيين الإسرائيليين العُزّل"، واصفةً إياه بـ"الهجوم الإرهابي".

أوضحت "متصدقش"، أنّ منشور الصفحة الإسرائيلية مضلل، فبجانب استهدافها القادة العسكريين والمنشآت والمعدات العسكرية الإيرانية، استهدفت إسرائيل منازل ومناطق سكنيةً، ما أسفر عن وقوع مئات الضحايا من المدنيين.

كما ذكّرت المنصّة المصرية المتخصّصة في تدقيق المعلومات، بالمجازر والجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حق المدنيين العزل في كلّ من فلسطين ولبنان.

وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية مقتل ما لا يقلّ عن 224 إيرانياً وإصابة أكثر من ألف آخرين في الهجمات الإسرائيلية، وذلك حتى فجر الإثنين 16 حزيران/ يونيو 2025. 

"مقتل أفيخاي أدرعي"

بالتزامن، روّجت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً مفاده: "أنباء أولية تتحدّث عن مقتل المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي". راجع فريق منصة "الفاحص" حساب أدرعي على "إكس"، ووجد أنه ما زال نشطاً ، وشارك عليه فيديو له عقب القصف.

كما لم تنشر أي وسيلة إعلام رسمية أو موثوقة خبر مقتل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جرّاء الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل. ولا يزال حساب أدرعي ينشر عن تطوّر المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، حتى نشر هذه السطور.

"زعيم كوريا الشمالية يعتزم دعم إيران"

عقب اندلاع المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، أطلقت صفحات عدة على السوشال ميديا مزاعم عن دخول دول أخرى على خط التصعيد بين الطرفين، دعماً لأي منهما. أبرز هذه المزاعم، ما صرّح به العسكري العراقي المتقاعد عبد الجليل خلف، بأن "زعيم كوريا الشمالية أعلن أنه يقف مع إيران بكل المراحل، ومستعد لتقديم أي مساعدة".

أكدت "صحيح العراق" أنّ التصريح خطأ، إذ استند خلف، إلى مزاعم متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عن إعلان رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، استعداد بلاده للدخول في الحرب إلى جانب إيران. وخلص البحث إلى أنّ الرئيس الكوري الشمالي لم يدلِ بأي تصريح بشأن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية هكذا خبر.

في السياق نفسه، نشرت صفحات عراقية فيديو من تغطية إخبارية حول تحرّكات بريطانية مرتبطة بالحرب، مرفقة بزعم أنّ بريطانيا تعلن رسمياً دخولها المواجهة لصالح إسرائيل. 

لكن "صحيح العراق"، وجدت أنّ هذه المنشورات مضلّلة، إذ لم تعلن بريطانيا رسمياً دعمها إسرائيل بإعلانها الحرب ضد إيران، واقتصرت تحركاتها على إرسال مقاتلات إلى الشرق الأوسط. 

ونشرت "متصدقش"، تقريراً عن انطلاق طائرات عسكرية بريطانية من قاعدة العديد القطرية العسكرية بإتجاه أوروبا قبيل الهجوم الإسرائيلي على إيران.

"الجيش السوري يلاحق الميليشيات المدعومة إيرانياً"

ونسبت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى وكالة "رويترز"، أنباء مفادها أنّ التحالف الدولي منح الجيش السوري الضوء الأخضر "لملاحقة الميليشيات المدعومة من إيران". عادت منصة "ترو بلاتفورم" السورية إلى الحسابات الرسمية للتحالف الدولي والجيش السوري، ولم تجد ما يدعم هذا الادعاء. كما لم تجد المنصة هكذا خبر على "رويترز" أو غيرها من وكالات الأنباء المحلية أو الدولية. 

"اغتيال أفيخاي أدرعي" و"الجيش السوري يلاحق الميليشيات المدعومة إيرانياً" و"زعيم كوريا يدعم إيران في مواجهة إسرائيل"... كيف فنّدت منصات تدقيق المعلومات العربية هذه الادعاءات المضلّلة؟

وفي السياق ذاته، نشرت صفحات صوراً لطائرات حربية، مرفقة بادعاء أن إسرائيل أنشأت قاعدةً عسكريةً في محافظة الحسكة السورية، لاستخدامها في هجماتها على إيران. تحققت "ترو بلاتفورم" من الصور المرفقة بالمنشور، وأثبتت أنها قديمة وسبق أن نُشرت عبر مواقع وحسابات إسرائيلية وعربية خلال سنوات سابقة، ولا علاقة لها بسوريا. ولم يسفر البحث الذي أجرته المنصة السورية عن نشر أي وسيلة إعلام رسمية أو موثوق بها خبر تدشين إسرائيل قاعدة عسكرية في الحسكة.

"صورة مستشار المرشد مصاباً"

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة مستشار المرشد الإيراني علي شمخاني، وهو يرقد على سرير داخل مشفى، مع ادعاء بأنها حديثة إثر إصابته باستهداف الطائرات الإسرائيلية مقرّ إقامته في الهجوم الإسرائيلي على إيران.

أجرى مرصد "كاشف" بحثاً عكسياً عن أصل الصورة، ووجد أنها قديمة، سبق أن نُشرت عام 2023، ولا علاقة لها بالأحداث الجارية. وخضع شمخاني آنذاك لعملية جراحية، ونشرت وسائل إعلام رسمية عدة صورةً له من داخل المشفى. 

جدير بالذكر أن وسائل إعلام إيرانية أعلنت أنّ شمخاني يتلقى العلاج بالفعل في أحد المستشفيات تحت رعاية طبية مكثفة، بعد إصابته بجروح خطيرة جراء استهداف الطائرات الإسرائيلية مقرّ إقامته.