يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
بين ادّعاء تنظيم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤتمراً صحافياً للإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، ومزاعم استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ حوثي، مروراً برواج فيديو يدّعي ناشروه أنه يُظهر اختراق المخابرات العامة المصرية غرف التحكم في سد النهضة الإثيوبي، وصولاً إلى تكرار شائعة وفاة الفنان المصري عادل إمام، تعدّدت المعلومات المضللة التي راجت عربياً هذا الأسبوع، وكانت موضع تحقّق منصات تدقيق معلومات عربية.
"المخابرات المصرية تخترق سدّ النهضة"
راج فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، ادّعى ناشروه أنه يُظهر "المخابرات العامة المصرية وهي تخترق غرف التحكم في عمق سدّ النهضة الإثيوبي".
دققت منصّة "متصدقش" المصرية، في الفيديو، وتوصلت إلى أنه مركّب من فيديوهات عدة منشورة على منصة "تيك توك"، بين نيسان/ أبريل وتموز/ يوليو 2024. وكان أول من نشر الفيديو على "تيك توك" شخص يُدعى "Belay Tegabe"، وهو إثيوبي يبدو أنه يعمل في موقع بناء سدّ النهضة، ويشارك بشكل متكرر فيديوهات شخصيةً له من موقع السدّ.

"اختراق المخابرات العامة المصرية غرف تحكّم سد النهضة"، و"علاء عبد الفتاح لم يتعرّض لأي تعذيب في السجن"، و"استهداف جماعة الحوثي مطار بن غوريون الإسرائيلي للمرة الثالثة خلال هذا الأسبوع"... كيف فنّدت منصات تدقيق المعلومات العربية هذه الادعاءات المضللة؟
وفي إطار التضليل الإعلامي المتصل بالشأن المصري، أدلى الإعلامي المصري المقرّب من النظام، نشأت الديهي، بتصريحات عدة مغلوطة بشأن ظروف احتجاز المدوّن والناشط علاء عبد الفتاح، في وقت تتدهور فيه الحالة الصحية لوالدته، ليلى سويف، التي تخوض إضراباً كلياً عن الطعام احتجاجاً على استمرار حبس نجلها من دون سند قانوني.
قال الديهي: "عمر ما علاء عبد الفتاح اتعذّب في السجن"، وهو ما نفته "صحيح مصر"، مشيرةً إلى ما جاء في تقارير حقوقية دولية ومحلية وشهادات من أسرته عن تعرّضه للتعذيب في السجن. كذلك، أنكر الديهي، أنّ التعذيب يمارَس في السجون المصرية، برغم أنّ منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قالت في أحدث تقاريرها إنّ "عناصر الشرطة والأمن الوطني واصلا إخفاء المنتقدين والمعارضين قسراً في أماكن احتجاز غير رسمية، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب ويُكرهون على الاعتراف".
كما أصدرت منظمات حقوقية مصرية عدة، بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تقريراً في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعنوان: "التعذيب في مصر… جريمة ضد الإنسانية"، قالت فيه: "تلجأ السلطات المصرية، مستخدمةً خطاب مكافحة الإرهاب، إلى الاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وما يتبع ذلك من تعذيب، لاستهداف الأفراد بسبب نشاطهم السياسي الحقيقي أو المفترض، أو نشاطهم في مجال حقوق الإنسان".
"أمريكا وإعلان وقف إطلاق النار في غزّة"
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أخبار منسوبة إلى القناة 12 الإسرائيلية، تفيد بأنّ الرئيس الأمريكي يعتزم الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة في مؤتمر صحافي. تحقق فريق مرصد "كاشف" الفلسطيني، من صحة هذه الأخبار المنسوبة إلى القناة الإسرائيلية، وتوصّل إلى زيفها، بعد العودة إلى صفحاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي وموقعها الإلكتروني حيث لم تنشر هكذا خبر.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، المحدّثة لإطلاق سراح المحتجزين، فإنّ "حماس" لا تزال متمسّكةً برفضها. علّق ويتكوف، على رد "حماس" على مقترحه لوقف إطلاق النار في غزة، بأنه "غير مقبول على الإطلاق، ولن يؤدي إلا إلى تراجعنا".
وفي الشأن الفلسطيني أيضاً، راجت صورة من مدرّجات ملعب كرة قدم لجماهير ترفع لافتةً تضامنيةً مع فلسطين، مرفقةً بادعاء أنّ الصورة التُقطت في أثناء مباراة نهائي بطولة أبطال أوروبا الأخيرة. أجرى "كاشف"، بحثاً عكسياً عن أصل الصورة، ووجد أنها قديمة، وتعود إلى رفع جماهير "باريس سان جيرمان" لافتةً تضامنيةً تدعو إلى تحرير فلسطين، لكن في عام 2024، ولا علاقة لها بالنهائي الأوروبي الأخير. وكان وزير الخارجية الفرنسي برونو ريتايو، قد انتقد، في حينه، رفع اللافتة، قائلاً: "لا مكان لهذه اللافتة داخل الملعب"، مضيفاً: "في حال تكرار ذلك، سنضطر إلى منع الأندية التي لا تطبّق القوانين من رفع لافتات".
في سياق منفصل، تداولت حسابات على مواقع التواصل، فيديو قالت إنه يُظهر "استهداف جماعة الحوثي لمطار بن غوريون الإسرائيلي للمرة الثالثة خلال هذا الأسبوع".
فحص المرصد الفلسطيني "تحقق"، الفيديو المنتشر باستخدام أداة Sightengine، وتوصل إلى أنه مولّد بالذكاء الاصطناعي. فضلاً عن ذلك، وجد فريق المرصد أن آخر استهداف لمطار بن غوريون وقع في تاريخ الرابع من أيار/ مايو 2025؛ أي قبل نحو ثلاثة أسابيع من نشر الفيديو.
"جنود جزائريون محتجزون في سوريا"
نشرت مواقع إعلامية خبراً مفاده أنّ النائب البرلمان الجزائري عن "حركة البناء الوطني"، عبد القادر بريش، دعا وزير الخارجية الجزائري أحمد عاطف، إلى التوجه إلى أنقرة لطلب وساطة من السلطات السورية للإفراج عن "جنود جزائريين ومن جبهة البوليساريو محتجزين لدى الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع".
كشفت منصّة "ألجيريا تشك" الجزائرية لتدقيق المعلومات، أنّ الخبر لا أساس له من الصحة، إذ نفى بريش صحة التصريح المنسوب إليه. وادّعت مواقع إعلامية أن بريش، أدلى بهذه التصريحات في لقاء له خلال استضافته في برنامج "المفيد" المذاع على قناة "الشروق" الجزائرية. لكن فريق "ألجيريا تشك"، لم يجِد أي ظهور حديث للنائب في البرنامج، أو أي تصريح أدلى به في هذا الشأن.
إعلان ترامب التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتصريح بوجود جزائريين محتجزين في سوريا، وتصريح نتنياهو بالتوصّل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع سوريا، ادعاءات كاذبة راجت هذا الأسبوع، فكيف فنّدتها منصات تدقيق المعلومات العربية؟
وفي السياق السوري أيضاً، تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تصميماً منسوباً إلى قناة "الجزيرة"، يتضمن تصريحاً منسوباً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يزعم فيه التوصّل إلى اتفاق مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لتحرير سوريا، مقابل منح إسرائيل السيطرة على محافظتي السويداء والقنيطرة. كما يُدّعى في التصميم أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أبلغ الشرع بذلك خلال لقاء جمعهما في السعودية.
بحثت منصة "ترو بلاتفورم" السورية، عن المزاعم المتداولة عبر مراجعة المواقع الرسمية للحكومة الإسرائيلية، والحسابات الرسمية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على منصات التواصل الاجتماعي، فلم تعثر على أي تصريح يشير إلى مباحثات مع أحمد الشرع. كما لم ترصد المنصة أي نشر لهذا الخبر على منصات قناة "الجزيرة"، ما يرجّح أنّ التصميم مفبرك ومنتحل.
كما نسبت بعض الصفحات هذا الادعاء إلى الناشط الإسرائيلي إيدي كوهين، لكن مراجعة حساباته أسفرت عن عدم وجود أي منشور له يدعم الادعاء.
"وفاة عادل إمام"
تداولت حسابات وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، صورةً تُظهر الفنان المصري عادل إمام راقداً في مكان يُشبه المستشفى، مرفقةً بادعاء يزعم وفاته عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد دخوله في غيبوبة وتدهور حالته الصحية.

دققت منصة "صحيح العراق" في الصورة، وتوصلت إلى أنها مولّدة بالذكاء الاصطناعي، إذ تبدو ملامح الوجه غير حقيقية. ولم تعلن عائلة الفنان أو أي من الوسائل الإعلامية الموثوقة هكذا خبر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Michel abi rached -
منذ يومينمقال مميز
Ali Ali -
منذ 5 أيامجميل و عميق كالبحر
Magdy Khalil -
منذ 6 أياممقال رائع، يبدو انني ساوافق صاحب التعليق الذي اشار اليه المقال.. حيث استبعد ان يكون حواس من سلاله...
Thabet Kakhy -
منذ أسبوعسيد رامي راجعت كل مقالاتك .. ماكاتب عن مجازر بشار ولا مرة ،
اليوم مثلا ذكرى مجزرة الحولة تم...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينيا بختك يا عم شريف
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينمحاوله انقاذ انجلترا من انها تكون اول خلافه اسلاميه في اوروبا