شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
 الأمن الغذائي للمغرب في مهبّ الجراد الصحراوي… تغيّر المناخ يعقّد المهمة

الأمن الغذائي للمغرب في مهبّ الجراد الصحراوي… تغيّر المناخ يعقّد المهمة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

السبت 26 أبريل 202510:09 ص

لم يعد ظهور الجراد في المغرب، حدثاً استثنائياً كما في السابق، بل بات تهديداً موسمياً يتكرّر على نحو يثير القلق، ولا سيّما في المناطق الجنوبية والشرقية. ففي كل مرة تشهد البلاد فيها طقساً متطرّفاً، سواء كان ارتفاعاً غير معتاد في درجات الحرارة، أو أمطاراً مفاجئةً بعد فترات جفاف طويلة، تزداد فرص ظهور أسراب الجراد الصحراوي، وتبدأ معها حالة استنفار في صفوف الفلاحين والسلطات. 

هذا النمط المتكرّر في السنوات الأخيرة، لا ينفصل عن التغيّرات المناخيّة المتسارعة التي أثّرت بشكل كبير على النظم البيئيّة والزراعية في بعض دول شمال إفريقيا، وسط أنباء عن وصول أسراب إلى جنوب شرق المملكة المغربية.

وبينما تتوالى التحذيرات بشأن تأثير الجراد على الأمن الغذائي، يتّسع الجدل حول مدى نجاعة التدخّلات الحالية، ومدى استعداد البلاد لمواجهة موجات أكثر شراسةً في المستقبل. وتشير معلومات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إلى أنّ الجراد الصحراوي يتكاثر في بيئات تتوفّر فيها تربة رطبة بعد هطول الأمطار، ودرجات حرارة مرتفعة نسبياً، وغطاء نباتي كثيف، إذ تؤدّي الأمطار إلى ترطيب التربة، ما يوفّر بيئةً مناسبةً لوضع البيض ونمو الغطاء النباتي الذي يستخدمه الجراد كمصدر للغذاء والمأوى.

هذه الظروف المناخيّة، التي تتكرّر بشكل ملحوظ في الجنوب الشرقي والأقاليم الصحراوية، تجعل البلاد أكثر عرضةً لتفشّي هذه الظاهرة، وتطرح تساؤلات حقيقيةً حول فعالية التدخّلات الحالية، وقدرة الدولة على احتواء موجات الجراد المقبلة في ظلّ مناخ مضطرب ومتغيّر. 

"ينتمي الجراد الصحراوي (واسمه العلمي Schistocerca gregaria)، إلى فصيلة تضمّ آلاف الأنواع المنتشرة في إفريقيا وآسيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية، ويعيش عادةً حياةً انفراديةً بلون أخضر أو رمادي. لكن في ظروف مناخيّة وغذائية مواتية، يتحوّل سلوكه من فردي إلى جماعي، وتظهر عليه تغيّرات في اللون والشكل، ليشكّل أسراباً كثيفةً تقطع آلاف الكيلومترات وتلتهم كل ما تجده في طريقها. أكثر هذه التحوّلات شيوعاً تُسجَّل في مناطق شمال إفريقيا والساحل"، هذا ما يقوله لرصيف22، الخبير البيئي مصطفى بنرامل، رئيس جمعية "المنارات" الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ.

المناخ والجراد… علاقة معقّدة تزداد اضطراباً

مع اشتداد حدّة التغيّرات المناخيّة ووفرة الأمطار، تزداد فرص ظهور هذه الأسراب، ما يجعل الرصد المبكّر والتدخّل السريع أولويةً لا تحتمل التأجيل. كما يحذّر بنرامل، من هشاشة التنسيق المؤسسي في مواجهة هذه الآفة، مفيداً بأنّ ذلك "يُضاعف حجم الكارثة".

يمكن لكيلومتر واحد من سرب الجراد الصحراوي (يناهز 80 مليون جرادة)، أن يستهلك محاصيل تكفي لإطعام 35 ألف شخص في يوم واحد، ما يجعله من أخطر التهديدات للأمن الغذائي، خصوصاً في المناطق التي تعتمد على الزراعة بشكل أساسي. لماذا تتكرّر تهديدات الجراد الصحراوي في المغرب حديثاً؟

ويشير الخبير البيئي المغربي، إلى أنّ أسراب الجراد بدأت تتحرّك من جنوب السودان، مستفيدةً من الرياح الموسمية والظروف المناخيّة المناسبة، وقد مرّت عبر مصر وليبيا وتونس ثم الجزائر، مخلّفةً أضراراً جسيمةً على المحاصيل الزراعية، ومهدّدةً باجتياح مناطق واسعة من المغرب.

كما يعدّ التغيّرات المناخيّة "سبباً مباشراً في اتساع رقعة انتشار الجراد، إذ إنّ ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التساقطات المطرية في مناطق كانت جافة، يخلقان ظروفاً مثاليةً لتكاثر الجراد، خصوصاً بعد مواسم الجفاف التي تغري الحشرة بغطاء نباتي كثيف وسريع النمو".

وبكلمات أخرى، يقول بنرامل، إنّ موجات الأمطار الغزيرة التي تعقب الجفاف لا تُحيي التربة فحسب، بل توقظ أيضاً جحافل الجراد المدفونة في الرمال. وبفعل التركيبة الجغرافية المتنوّعة، يظلّ الجنوب الشرقي والصحراء الغربية منطقتي ولادة وتكاثر محتملتين في كل دورة مناخيّة.

دراسة حديثة نُشرت في دورية Science Advances، في شباط/ فبراير 2024، وجدت صلةً وثيقةً بين حجم تفشّي الجراد الصحراوي والتغيّرات المناخيّة، بما فيها درجات الحرارة، وهطول الأمطار، ورطوبة التربة، وقوة الرياح. وسلّطت الضوء على دور ظاهرة "النينيو" المناخيّة في تفشّي الجراد بشكل أكبر.

وظاهرة "النينيو"، وفق الفاو، هي "ظاهرة مناخيّة طبيعيّة تُصبح فيها المياه السطحية في وسط المحيط الهادئ وشرقه دافئةً بشكل غير عادي، وتتسبّب في تغيّرات في أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم. وتتكرّر، في المتوسط، كل سنتين إلى سبع سنوات، وتستمر عادةً من تسعة أشهر إلى 12 شهراً". 

الدراسة نفسها توقّعت أن تتوسّع موائل الجراد بنسبة 5% على الأقل، بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، خصوصاً في غرب الهند وغرب آسيا الوسطى، فيما سُجّلت مؤشّرات مقلقة في بداية 2025، حول نشاط الجراد في جنوب المغرب وشرقه.

البيئة المتغيّرة سمحت لهذه الحشرة، التي قد يشمل سربها 80 مليون جرادة لكل كيلومتر مربع واحد، بالانتشار في مناطق لم تكن تقليدياً جزءاً من مجالها الحيوي، كما حدث في صحراء الربع الخالي عام 2019، حين تحوّلت إلى نقطة ساخنة لتفشّي الجراد بعد أعاصير وأمطار غزيرة.

الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتفشّي الجراد الصحراوي

تكمن خطورة الجراد، في قدرته التدميرية الهائلة إذ تصفه "الفاو"، بأنه "أكثر الآفات المهاجرة تدميراً في العالم"، إذ يمكن لكيلومتر واحد من سرب الجراد الصحراوي (يناهز 80 مليون جرادة)، أن يستهلك محاصيل تكفي لإطعام 35 ألف شخص في يوم واحد، ما يجعله من أخطر التهديدات للأمن الغذائي، خصوصاً في المناطق التي تعتمد على الزراعة بشكل أساسي.

فقد شهدت دول غرب إفريقيا، بين عامي 2003 و2005، موجة تفشٍّ ضخمةً للجراد، قُدّرت خسائرها الزراعية بأكثر من 2.5 مليارات دولار، بحسب البنك الدولي. وفي 21 أيار/ مايو 2020، أطلق البنك برنامجاً بقيمة 500 مليون دولار لمساعدة 23 دولةً في إفريقيا والشرق الأوسط في مكافحة أسراب الجراد التي اجتاحت أراضيها في واحدة من أسوأ الأزمات منذ 70 عاماً، مهدّدةً سبل عيش ملايين السكان.

على المستوى الاجتماعي، يُساهم تفشّي الجراد في زيادة معدلات الفقر، خصوصاً في المناطق الريفية حيث تُعدّ الزراعة المصدر الوحيد للعيش. العديد من الأسر تجد نفسها في مواجهة جوع وفقر مدقع بعد تدمير محاصيلها، ما يزيد مستويات القلق الاجتماعي ويعزّز الهجرة الداخلية بحثاً عن مصادر دخل بديلة. ومع تزايد التأثيرات السلبيّة على قطاع الزراعة، لا يقتصر الأثّر على المزارعين فحسب، بل يشمل أيضاً الصناعات الصغيرة التي تعتمد على المحاصيل الزراعية، مثل الصناعات الغذائية والملابس، ما يوسّع دائرة تأثير الأزمة إلى قطاعات اقتصادية أخرى.

وتحذّر الدراسة المذكورة سلفاً، من أنّ البلدان المتضررة من تفشّي الجراد الصحراوي تواجه أصلاً ظروفاً مناخيّةً متطرّفةً، وأن التصاعد المحتمل لمخاطر الجراد في هذه المناطق قد يؤدّي إلى تفاقم التحدّيات القائمة، مضيفةً أنّ الفشل في التعامل مع هذه التهديدات يمكن أن يزيد الضغط على أنظمة إنتاج الغذاء ويؤدّي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي العالمي.

ولتفادي كارثة زراعية واقتصادية محتملة، يشدّد بنرامل، على ضرورة "إدماج التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية، ضمن إستراتيجيات الرصد والمراقبة، لضمان تحرّك استباقي وفعّال قبل خروج الوضع عن السيطرة".

يُعدّ التصدّي لموجات الجراد أمراً حتمياً، لضمان استقرار الاقتصاد المغربي، لكن الأمر يتطلّب إستراتيجيات فعّالةً لمكافحة هذه الآفة والسيطرة عليها، تتضمّن دعم البحوث العلمية لتطوير أساليب وقائية مستدامة. فما الذي يعرقل ذلك؟

وعليه، يُعدّ التصدّي لموجات الجراد أمراً حتمياً، لضمان استقرار الاقتصاد المغربي. لكن الأمر يتطلّب إستراتيجيات فعّالةً لمكافحة هذه الآفة والسيطرة عليها، تتضمّن دعم البحوث العلمية لتطوير أساليب وقائية مستدامة، وكذا الاستجابة السريعة من الحكومة والمجتمع الدولي للحدّ من الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن يترتب عليها تفشّي الجراد، من خلال توفير تدخّلات مالية طارئة لضمان الدعم للمزارعين المتضررين، وتحقيق تعافٍ سريع للمناطق المتأثّرة.

"في المغرب، هناك نوعان من الجراد؛ 'الجراد المغربي'، وهو غير مهاجر ويظهر موسميّاً في الأراضي الفلاحية، بل يسهم في توازن النظام البيئي. أما الخطر الحقيقي، فيكمن في أسراب الجراد المهاجر القادمة من الجنوب، تحديداً من الصحراء الكبرى والساحل والقرن الإفريقي، والتي قد تخلّف أضراراً جسيمةً يصعب احتواؤها بجهود دولة واحدة"، وفق الخبير البيئي الذي يشير إلى إمكانية الحدّ من هذه المخاطر من خلال المراقبة الدقيقة باستخدام الأقمار الصناعيّة والذكاء الاصطناعي، وتعبئة الموارد اللازمة لدعم المركز الوطني لمكافحة الجراد وتجهيزه بكل ما يلزم للتدخّل السريع عند الضرورة.

السياسات المغربية… بين ردّ الفعل وغياب الوقاية

برغم الجهود المبذولة في المراقبة، فإنّ موجات تفشّي الجراد تسير بنمط شبه دوري كل 10 سنوات، كما يوضح بنرامل، الذي يشير إلى أنّ المغرب عرف موجات قويةً في تسعينيات القرن الماضي، ثم عامي 2003 و2004، وتهديدات أقرب في 2019 و2020. ويضيف: "الجراد لا يظهر فجأةً، بل هناك مؤشّرات بيئيّة تسبق ظهوره، مثل تكاثره في الصحراء الكبرى، ثم يبدأ الزحف مع التيارات الهوائيّة الموسميّة، وقد يصل بسرعة إلى مناطق فلّاحية في الجنوب الشرقي وسوس والغرب".

من حيث السياسات، يعتمد المغرب تقليدياً على إستراتيجيات قائمة على المراقبة والتدخّل السريع باستخدام المبيدات الكيميائية، بالتعاون مع "الفاو" والمكتب الوطني للسلامة الصحيّة في المغرب (ONSSA). لكن بنرامل، يرى أنّ هذه الإستراتيجيات لا تزال "أقرب إلى ردّ الفعل منها إلى الوقاية"، ويُحذّر من الاعتماد المفرط على المبيدات لما لها من أضرار بيئيّة وصحيّة.

ويشدّد على أنّ "الوقاية تبدأ من رصد الظروف البيئيّة التي تسبق التفشّي، ومن هناك يمكن تجنّب تحوّل الأزمة إلى كارثة"، داعياً إلى التفكير في بدائل بيولوجية ومستدامة للمبيدات.

من الناحية البيولوجيّة، تختلف دورة حياة الجراد حسب الظروف المناخيّة، ويمكن أن تشمل ما بين ثلاثة إلى خمسة أجيال سنوياً. وتكمن الخطورة، وفقاً للمصدر ذاته، في التحوّل من مرحلة الحوريات إلى الأسراب القادرة على الطيران، وهو ما يجعل توقيت التدخّل أمراً بالغ الأهمية. وتُنفَّذ عمليات المكافحة غالباً قبل شروق الشمس، حينما يكون السرب ساكناً، أو قبل التاسعة صباحاً تفادياً لتحليق الحشرات. ويوصى بتعقّب أماكن وضع البيض أيضاً، إذ يمكن إبادته قبل الفقس، وهو ما يقلّل من احتمالات انفجار أسراب جديدة.

ويتوقع الخبير مصطفى بنرامل، أن تزداد موجات تفشّي الجراد حدّةً خلال السنوات المقبلة، بفعل التغيّرات المناخيّة المتسارعة. فقد شهدت دول الصحراء الكبرى، بما فيها المغرب، تساقطات مطريةً غير معتادة خلال الصيف الماضي، تزامنت مع ارتفاع درجات الحرارة، ما أدّى إلى تراجع أعداد الطيور المهاجرة التي تُعدّ من العوامل الطبيعية للحدّ من تكاثر الجراد. كما أنّ هشاشة الموارد المالية المخصصة لمواجهته، بسبب أزمات المياه والنزاعات الداخلية والحرائق، تضعف قدرة الدول على التدخّل السريع والفعال. ويزيد من تعقيد الوضع غياب خطة تنسيقية محكمة على مستوى إقليمي، برغم جهود "الفاو"، فضلاً عن النقص في الموارد البشرية المؤهلة والوسائل التقنية، سواء من حيث العتاد الأرضي أو الطائرات المستعملة في مكافحة الجراد.

ويتبيّن أنّ التعامل مع الجراد في منطقة مثل المغرب، يتطلّب تحوّلاً في السياسات ورؤية استباقية تمتد لسنوات طويلة. في هذا السياق، يلخص مصطفى بنرامل، توصياته في أربع خطوات رئيسية: 

1- تعزيز أنظمة الإنذار المبكّر وتكاملها مع البيانات المناخيّة الإقليمية، خاصةً في دول الساحل والصحراء.

2- الاستثمار في البحث العلمي لتطوير بدائل للمبيدات الكيميائية، مثل الحلول البيولوجيّة.

3- إشراك المجتمعات المحلية من خلال تدريب الرعاة والفلاحين على رصد وتبليغ نشاط البيوض واليرقات في وقت مبكّر.

4- دمج الجراد الصحراوي في الإستراتيجيات الوطنية لمكافحة تغيّر المناخ، باعتباره تهديداً ناتجاً عن اختلال المنظومة البيئيّة وليس مجرد طارئ.

يحذّر الخبير البيئي المغربي من التراخي في التعامل مع الجراد الصحراوي، مؤكداً أنه "ليس مجرّد تهديد مفاجئ، بل نتيجة لاختلالات بيئيّة"، وعندما يختلّ هذا التوازن، قد تكون موجة واحدة كفيلةً بتدمير المحاصيل والجهود الزراعية لمدة عام كامل

وفي ما يتعلّق بالحلول المستدامة، يشير بنرامل، إلى أهمية اللجوء إلى تقنيات بيولوجيّة تعتمد على الفطريات والبكتيريا، بالإضافة إلى تشجيع تكاثر الطيور المحلية والمهاجرة، التي تساهم في تقليص أعداد الجراد. ويؤكد أنّ المغرب، بفضل استعداده المبكّر وتجربته السابقة، في وضع جيد للتدخّل الفوري حال تفشّي الجراد، وهو ما يفسر تأخر وصول الأسراب الكبيرة إليه مقارنةً ببقية دول الساحل الإفريقي.

ويختم بنرامل، بتأكيد ضرورة عدم التراخي في التعامل مع هذه الظاهرة، محذّراً من أنّ "الجراد ليس مجرّد تهديد مفاجئ، بل نتيجة لاختلالات بيئيّة". وعندما يختلّ هذا التوازن، قد تكون موجة واحدة كفيلةً بتدمير المحاصيل والجهود الزراعية لمدة عام كامل.

أمام مشهد بيئي مضطرب، تتبدّى الحاجة إلى إعادة التفكير في معنى "الاستعداد" لمواجهة الجراد، لا بوصفه مجرّد "حشرة مدمرة"، بل كمؤشّر حيوي على هشاشة التوازنات البيئيّة في زمن التغيّرات المناخيّة. فكل موجة تفشٍّ ليست كارثةً زراعيّةً فحسب، بل هي أيضاً اختبار حادّ لقدرة السياسات البيئيّة على التكيّف مع تحوّلات لم تعد استثنائيّة. وفيما ترفع شعارات الاستدامة، يبقى الرهان الحقيقي على مدى التزام الحكومات ببناء نماذج تدخّل لا تقتصر على رش المبيدات، بل تنخرط في عمق التحوّلات المناخيّة، بوصفها السبب والنتيجة في آن واحد.

وفي نهاية المطاف، لا يتعلّق الأمر بالقضاء على الجراد فحسب، بل بإعادة ترميم العلاقة المختلّة بين الإنسان والطبيعة، قبل أن تتحوّل الرمال إلى بؤر دائمة لولادة الأزمة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما أحوجنا اليوم إلى الثقافة البيئية

نفخر بكوننا من المؤسّسات العربية القليلة الرائدة في ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺇﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﻲ البيئيّ. وبالرغم من البلادة التي قد تُشعرنا فيها القضايا المناخيّة، لكنّنا في رصيف22 مصرّون على التحدث عنها. فنحن ببساطةٍ نطمح إلى غدٍ أفضل. فلا مستقبل لنا ولمنطقتنا العربية إذا اجتاحها كابوس الأرض اليباب، وصارت جدباء لا ماء فيها ولا خضرة.

Website by WhiteBeard
Popup Image