شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
دخان الغارات الأمريكية يحجب الحقيقة في اليمن

دخان الغارات الأمريكية يحجب الحقيقة في اليمن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحرية

الأربعاء 23 أبريل 202509:53 ص

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متّصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22، بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصّص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحّدة، ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول إلى الحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

في الأسبوع الثاني من نيسان/ أبريل 2025، تصاعدت وتيرة الغارات الجوية الأمريكية على اليمن بشكل غير مسبوق، حيث شُنّت أكثر من 10 غارات ليلية استهدفت محافظات واقعةً تحت سيطرة جماعة الحوثيّ، وذلك ردّاً على تكرار استهداف الحوثيّين للسفن الأمريكية وغيرها من السفن التي تعبر البحر الأحمر ولها صلة بإسرائيل، كما تقول الجماعة. وقد رافق هذه الضربات تداول واسع لمعلومات ومقاطع فيديو مضلّلة تزعم وقوع عمليات عسكرية بين الطرفين، وهو ما خضع للتحقّق من قبل منصّات عربية متخصّصة في تدقيق المعلومات.

هل أصابت الصواريخ الحوثيّة السفن الأمريكية بخسائر فادحة؟

تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُزعم أنه يوثّق لحظة إطلاق جماعة الحوثيّ صواريخ باتجاه حاملة طائرات أمريكية وعدد من القطع البحرية التابعة لها في البحر.

حقيقة الادعاءات حول الهجمات الأمريكية والحوثية المتبادلة

دقّقت منصّة "صدق" اليمنية المتخصّصة في تدقيق المعلومات في الفيديو، وتوصّلت عبر البحث العكسي عن مصدره، إلى أنه نشر لأول مرة في 10 تموز/ يوليو 2024، ويظهر تحليق صاروخين روسيين من طراز "كاليبر" فوق بحر قزوين، باتجاه أهداف أوكرانية.

"خروج حاملة طائرات أمريكية من الخدمة بسبب الصواريخ الحوثية" و"الجيش اليمني يحتشد عسكرياً لاستعادة محافظات خاضعة للحوثيّين"…. كيف فنّدت منصّات تدقيق المعلومات العربية الادّعاءات المتصلة بالهجمات الأمريكية على اليمن ورد الحوثيين عليها؟

كما أوضحت منصّة "يوب يوب" اليمنية المتخصّصة في تدقيق المعلومات، أنّ مروّجي الادّعاء أجروا دبلجةً عليه، وأضافوا مؤثّرات صوتيّةً خارجيّةً للإيحاء بأنّ التسجيل يعود لهجوم نُفّذ من داخل اليمن.

كما تداولت حسابات يمنية على مواقع التواصل الاجتماعي، صورةً قيل إنها لثقب في سفينة "ترومان"، عقب استهداف الحوثيّين لها، وإنها أصبحت خارج الخدمة.

تحقّقت منصّة "مسند للتحقّق من الأخبار" من الصورة، عبر إجراء بحث عكسي قاد إلى أنها قديمة، وتعود إلى عام 2000. والتقطت هذه الصورة للسفينة "يو إس إس كول"، عقب استهداف القاعدة لها، ما تسبب في إحداث أضرار جسيمة في هيكلها.

حقيقة الادعاءات حول الهجمات الأمريكية والحوثية المتبادلة

تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو زُعم أنه يُظهر حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" خلال عمليات صيانة، مدعيةً أنّ المقطع دليل على تعرّضها لهجمات في البحر الأحمر يجري التستر عليها.

أجرت منصّة "يوب يوب" تدقيقاً للفيديو، وتوصّلت إلى أنّ المقطع يظهر حاملة طائرات يتم بناؤها في فرجينيا، ولا علاقة له بحاملات الطائرات الأمريكية الموجودة في مياه البحر الأحمر.

أعلنت جماعة الحوثيّين أخيراً تنفيذ سلاح الجو التابع لها عمليةً عسكريةً استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" والقطع البحرية المرافقة لها شمالي البحر الأحمر، باستخدام صاروخين مجنّحين وطائرتين مسيّرتين.

ويأتي تداول هذه المعلومات عن السفن الحربية الأمريكية امتداداً لسلسلة من الأخبار المضلّلة التي انتشرت منذ الأسبوع الماضي، ومن أبرزها الادّعاء بوصول حاملة الطائرات الأمريكية "فنسون"، وانضمامها إلى "ترومان"، وهو ما فسّره مروّجو هذه المزاعم بأنه تعزيز للحضور العسكري الأمريكي في البحر الأحمر نتيجة استخدام الحوثيّين أسلحةً متطوّرةً، وهي رواية نفت صحتها منصّة "حقيقة" اليمنية.

الغارات على الحديدة

نفّذ الطيران الأمريكي 13 غارةً استهدفت ميناء الحديدة ومطارها، ليلة يوم 19 نيسان/ أبريل 2025. وعقب هذا الهجوم انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، ادّعى ناشروه أنه يوثّق إحدى هذه الغارات.

أجرت منصّة "صدق" اليمنية، بحثاً عكسياً عن الفيديو، وتوصّلت إلى أنه مضلّل، إذ يعود تاريخ التقاطه إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2024، عندما استهدف الجيش الإسرائيلي خيام النازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وسط قطاع غزّة.

كما تداولت حسابات على منصّة "إكس"، مقطع فيديو يُزعم أنه يوثّق لحظة قصف مقاتلات أمريكية، ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة.

وكشفت منصّة "مسند للتحقّق من الأخبار"، أنّ الفيديو قديم، التُقط في 17 آذار/ مارس 2025، عندما استهدفت ضربات جوية أمريكية موقعاً عسكرياً تابعاً لجماعة الحوثيّ في محافظة الجوف، ولا علاقة له بالضربات الأمريكية التي استهدفت الحديدة.

كما تداولت حسابات يمنية على منصّات التواصل الاجتماعي فيديو مصحوباً بادّعاء أنه يوثّق قصفاً أمريكياً لـ"معسكر المجد" في محافظة البيضاء، ضمن استهدافها مواقع تخضع لسيطرة جماعة الحوثيّ.

وباستخدام البحث العكسي، توصّلت منصّة "مسند"، إلى أنّ المقطع قديم، ويعود تاريخ تسجيله إلى 20 نيسان/ أبريل 2015، ويوثّق قصفاً نفّذته قوات التحالف العربي على مواقع جماعة الحوثيّ في محافظة صنعاء.

"الغارات على صنعاء والحشد ضد الحوثيّين"

بجانب تداول مقاطع من محافظات مختلفة تخضع للحوثيّين، نشرت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو ادّعت أنه يظهر انفجاراً عنيفاً إثر قصف الطائرات الأمريكية مواقع حوثيّة في صنعاء.

تحقّقت منصّة "يوب يوب" من الادّعاء، وأظهر تدقيق المقطع أنه قديم، ويوثّق انفجاراً وقع في محطة المفرز لتعبئة الغاز في منطقة صرف، شرقي صنعاء، في أيلول/ سبتمبر 2023، ولا علاقة له بالغارات الأمريكية الأخيرة على العاصمة اليمنية.

لماذا رُوّج مقطع يوثّق استهداف الجيش الإسرائيلي خيام النازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى في غزّة، على أنّه لغارة أمريكية تستهدف مدينة الحديدة اليمنية؟

كما تداولت حسابات على منصّة "إكس"، مقطع فيديو بزعم أنه يظهر أصوات طائرات حربية، ما أثار الذعر في صنعاء.

وكشفت منصّة "مسند"، أن المقطع متلاعب به عبر تركيب صوت الطائرات، في حين أنّ المقطع الحقيقي لا يحتوي هكذا أصوات، كما يعود تاريخ نشر المقطع الأصلي إلى 28 آذار/ مارس 2025.

وإثر العمليات العسكرية الأمريكية، ادّعت حسابات على منصّة "إكس"، أنّ الجيش اليمني يحتشد عسكرياً لاستعادة محافظات خاضعة للحوثيّين.

ويُظهر مقطع الفيديو المتداول حشداً عسكرياً، زعم مروّجوه أنه يوثّق لحظة وصول تعزيزات إلى محافظة مأرب، استعداداً للمشاركة في ما سمّوه 'معركة استعادة الدولة من قبضة جماعة الحوثيّ.

حقيقة الادعاءات حول الهجمات الأمريكية والحوثية المتبادلة

تحقّقت "مسند"، من صحة الفيديو المتداول باستخدام أدوات بحث عكسي، وتبيّن أنّ المقطع يعود إلى تاريخ 26 أيلول/ سبتمبر 2022، وهو لعرض عسكري أقيم في مأرب بمناسبة ثورة 26 أيلول/ سبتمبر، وليس لوصول تعزيزات عسكرية حديثة إلى المحافظة، كما ادّعت الحسابات المروّجة للفيديو.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image