"جهنم ستُمطر عليكم كما لم تروا من قبل!"؛ بهذه الكلمات أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء السبت 16 آذار/ مارس الجاري، شنّ عملية عسكرية وصفها بـ"الحاسمة"، ضد جماعة الحوثي في اليمن، واصفاً إياهم بأنهم "إرهابيون انتهى وقتهم".
العملية العسكرية التي تُعدّ أكبر هجوم أمريكي على أهداف حوثية في اليمن، منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة، تمّت بسلسلة غارات استهدفت صنعاء ومدينة صعدة في اليوم الأول، قبل أن تستهدف محافظة الجوف في اليوم الثاني، حيث أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين، في 16 آذار/ مارس الجاري، مقتل ما لا يقلّ عن 53 شخصاً على الأقل، وإصابة نحو 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال.
وحتى نشر هذه السطور، تتواصل الهجمات الأمريكية على محافظات صنعاء والحديدة والجوف، فيما يواصل المسؤولون الأمريكيون التأكيد على أنّ التصعيد ضد الحوثيين مستمرّ، حتى يرفعوا الراية البيضاء، ويتوقّفوا عن تهديد الملاحة عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
لكن إلى الآن، قوبلت العملية العسكرية الأمريكية بتصعيد حوثيّ، حيث أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي، العميد يحيى سريع، صباح الخميس 20 آذار/ مارس الجاري، استهداف مطار بن غوريون الدولي في إسرائيل، بـ"صاروخ باليستي فرط صوتي"، في اليوم الخامس من الهجمات الأمريكية المتواصلة، وذلك بعد استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان"، والقطع البحرية التابعة لها شمالي البحر الأحمر، بـ18 صاروخاً بالستياً وطائرات مسيّرة. كما توعّد زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، الولايات المتحدة الأمريكية بخيارات تصعيدية إضافية.
وعلى عكس العمليات العسكرية الأمريكية السابقة التي استهدفت الحوثيين، فقد توعّد ترامب الحوثيين، بردّ "قويّ جداً" إذا شنّوا هجمات جديدةً، قائلاً إنّ بلاده ستنظر إلى أي هجوم من الجماعة باعتباره "هجوماً من إيران"، فيما واصل المسؤولون السياسيون والعسكريون في إدارته التأكيد على أنّ الضربات ضد الحوثيين لن تكون محدودةً كسابقاتها خلال حقبة الرئيس السابق جو بايدن.
"التصعيد الأمريكي الحوثي، قد يستمرّ لفترة أطول من المتوقّع، حيث سيحاول الحوثيون الوقوف 'ندّاً' أمام واشنطن؛ لإثبات أنفسهم أمام أنصارهم في الداخل اليمني، وتقديم أنفسهم كـ'أصحاب مشروع ضد أمريكا والغرب لنصرة القضية الفلسطينية'، محلياً وإقليمياً"
هذا التصعيد الأمريكي يقابله تصعيد حوثي، ما يفتح الباب للتساؤل عن توقيت تلك العملية وأهدافها، وإلى أين قد تتجّه هذه المواجهة، وإلى أي مدى قد تتحوّل إلى حرب أو ربما مواجهة أوسع في المنطقة، خاصة مع احتمالات إقحام إيران، الحليف الأهم للحوثيين، في الصراع؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه في هذه السطور.
التصعيد مُستمرّ
يرى الكاتب والباحث السياسي اليمني، وضاح الجليل، أنّ التصعيد الأمريكي الحوثي، قد يستمرّ لفترة أطول من المتوقّع حيث سيحاول الحوثيون الوقوف "ندّاً" أمام واشنطن؛ لإثبات أنفسهم أمام أنصارهم في الداخل اليمني وتقديم أنفسهم كـ"أصحاب مشروع ضد أمريكا والغرب لنصرة القضية الفلسطينية"، محلياً وإقليمياً، خاصةً أنّ الهجمات الأمريكية الأخيرة استهدفت مواقع في صنعاء ومحافظات ومدن أخرى، وتسبّبت في وقوع خسائر بشرية بين صفوف المدنيين.
يضيف الجليل، في حديثه إلى رصيف22، أنّ الضربات الأمريكية الأخيرة أثارت مخاوف كبيرةً لدى اليمنيين في صنعاء، حيث يشعرون بالقلق من أن تصبح تلك الضربات مقدّمةً لمواجهة طويلة الأمد، وسط استمرار التصعيد العسكري من الحوثيين، فالمتوقع أن تؤثّر كل تلك التطورات على معيشتهم، بالتوازي مع تبعات العقوبات الاقتصادية، بعد أن أعادت واشنطن، في 23 كانون الثاني/ يناير 2025، تصنيف جماعة الحوثي "منظمةً إرهابيةً"، ما يُتوقّع أن تكون له تبعات قاسية على الوضع المعيشي، وعلى وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين.
ويشير الباحث السياسي اليمني، إلى أنّ واشنطن في الولاية الثانية لترامب كانت واضحةً في انتهاك سياسة مغايرة لسابقتها، و"أكثر خشونةً" ضد الحوثيين.
لن يحقق أيّ طرف أهدافه
وفي الوقت الذي يشير فيه الجليل، إلى أنّ جماعة الحوثي استغلّت الضربات الأخيرة، لإطلاق حملة جديدة من "الجبايات والإتاوات" على حد وصفه، تحت اسم "دعم القوات البحرية"، يلفت إلى أنّ إدارة ترامب اختارت هذا التوقيت لتوجيه ضربات إلى الحوثيين، في ظلّ تعثّر التفاوض مع إيران في ما يتعلق بالبرنامج النووي لطهران وتدخّلاتها وأذرعها في المنطقة. يعتقد الجليل، أيضاً، أنّ ترامب يرى أنّ طهران تعاملت بنوع من "الاستهتار" مع دعوته إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، عادّاً الضربات الأمريكية على الحوثيين، "رسالةً شديدة اللهجة" لطهران في المقام الأول.
وقبل أيام، دعا ترامب إيران إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، بعدما بعث برسالة لطهران يقترح فيها إجراء مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد. إلا أنّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وصف دعوة ترامب بأنها "خداع للرأي العام"، معتبراً أنّ بلاده "لن تقبل بأي قيود على علاقاتها مع أي أطراف أخرى في المنطقة".
إلى ذلك، ينبّه الباحث السياسي اليمني، إلى أنّ كلا الطرفين -أي أمريكا والحوثيين- لن يستطيعا تحقيق أهدافهما من التصعيد الأخير، فواشنطن وإن نجحت في تدمير الكثير من القدرات العسكرية الحوثية؛ إلا أنّ طرق التهريب لا تزال مفتوحةً، وإيران تمدّ الحوثيين بالأسلحة والعتاد والمواد اللازمة لصناعة الطائرات المسيّرة، وزيادة مدى الصواريخ الباليستية التي يُصنّعونها.
معضلة أخرى يذهب إليها الجليل، في تعزيز رأيه بعدم قدرة أي طرف على تحقيق أهدافه من هذه المواجهة، وهي عدم رغبة واشنطن في التعامل مع طرف محلي؛ حيث لم تُظهر حتى الآن نوايا حقيقيةً في القضاء على الحوثيين ونفوذهم في المنطقة، ولم تُبدِ أيّ اهتمام بتقديم الدعم للحكومة الشرعية والقوى الموالية لها في الداخل اليمني، وكذلك لم تتعاطَ مع القوى العربية والإقليمية المؤثرة القادرة على صُنع الفارق في المسألة اليمنية، حيث يمكن وصف الوضع بأنه "عملية ابتزاز" أمريكية إيرانية متبادلة جناحها جماعة الحوثي، ومن المُتوقع أن تُفضي إلى نقطة تفاهم تفاوضية بين واشنطن وطهران. إلا أنّ تلك التشابكات ستُطيل أمد التصعيد العسكري الأخير.
الحلول الدبلوماسية تحسم المسألة؟
ويعتقد الجليل، أنّ "عمليةً عسكريةً برّيةً أمريكيةً في العمق اليمني قد تفتح الباب أمام إمكانية القضاء على الحوثيين وتهديداتهم"، لكنه يستبعد قيام واشنطن بذلك، مرجّحاً أن تلجأ في الأيام القادمة إلى "حلول دبلوماسية، عبر صفقة تقضي بتوقّف الحوثيين عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، مقابل استمرار نفوذهم في اليمن"، مضيفاً أنّ إيران التي تحاول حالياً استعادة بعض نفوذها الذي خسرته في الفترة الماضية على أكثر من جبهة، سترضخ للضغط الأمريكي، وستحثّ الحوثيين على قبول هذه الصفقة.
ومؤخراً، أبدت إيران "قلقاً متزايداً" من إمكانية جرّها إلى صراع أكبر مع الولايات المتحدة، خاصةً بعدما تضرّرت شبكة وكلائها وحلفائها في الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة، فيما أخبر مسؤولان إيرانيان كبيران وكالة "رويترز"، بأنّ طهران سلّمت إلى مبعوث الحوثيين رسالةً شفهيةً تحثّهم فيها على تهدئة التوتر.
وعن قدرة جماعة الحوثي على الاستمرار في المواجهة ضد أمريكا، ولا سيّما إن طالت، يقول الجليل، إنهم يمتلكون مخزوناً وفيراً من الأسلحة والصواريخ والطائرات المُسيّرة؛ فضلاً عن الإمداد الإيراني المستمرّ، إلا أن غالبية الأسلحة التي يمتلكها الحوثي هي "أسلحة نوعية"، وليست أسلحةً قادرةً على حسم المعارك. فعلى مدار أكثر من عام ونصف، واصل الحوثيون استهداف الملاحة في البحر الأحمر لكن دون إحداث أضرار كبيرة في السفن، فمن بين عشرات السفن التي استهدفوها، لم يتمكّنوا إلا من إغراق سفينتين، لكنهم مع ذلك لا يزالون يمتلكون قدرات تهديديةً قادرةً على إحداث اضطرابات في الملاحة الدولية ورفع كلفة الشحن البحري، وفق الجليل الذي يعدّ تهديدات عبد الملك الحوثي لواشنطن، وسيلة "دعاية" أكثر منها حقيقة.
أمريكا لا ترغب في القضاء على الحوثيين
ويتفق الخبير العسكري والإستراتيجي المصري، العميد سمير راغب، مع الباحث اليمني في عدم وجود رغبة أمريكية في القضاء على جماعة الحوثي، لما يشكّله من ورقة ضغط في مستقبل محادثاتها مع إيران بشأن البرنامج النووي، والذي يأتي في طليعة أولويات واشنطن حالياً، مستبعداً إمكانية إقدامها على التدخّل برّياً في أيّ عملية على الأراضي اليمنية.
"العملية الأمريكية الراهنة ضد الحوثيين بمثابة رسالة تحذير سياسية لإيران، خاصةً أنّ ترامب وفريقه ينظران إلى الأمور من باب المنافع الاقتصادية، ويدركان تماماً أن توجيه ضربة لإيران، أو محاولة القضاء على الحوثيين بشكل نهائي، يعنيان تعثّر إمدادات النفط في مضيقَي هرمز وباب المندب، وتالياً ارتفاع الأسعار، وهو ما لا يرغبان فيه"
ويرى راغب، في حديثه إلى رصيف22، أنّ الحلّ يتمثّل في دعم واشنطن للحكومة الشرعية في اليمن والقوات الموالية لها، وتوفير إسناد جوي قصير وبعيد، بما يتُيح إبعاد الحوثيين عن المناطق الساحلية في الحديدة وحجة، وإجبارهم على الدخول إلى العمق في صعدة وعمران، وتالياً إبعادهم عن المناطق القريبة من البحر الأحمر، والتي تتيح لهم تهديد الملاحة بشكل مباشر.
ويُلخص راغب، الهجمة الأمريكية الراهنة بأنها "رسالة تحذير" سياسية لإيران، خاصةً أنّ ترامب وفريقه ينظران إلى الأمور من باب المنافع الاقتصادية، ويدركان تماماً أنّ توجيه ضربة لإيران، أو محاولة القضاء على الحوثيين بشكل نهائي، سيعنيان تعثّر إمدادات النفط في مضيقي هرمز وباب المندب، سواء بحجب النفط والغاز الإيراني المُهرّبين، أو بالوقوف عقبةً أمام صادرات الخليج النفطية، وتالياً ارتفاع الأسعار، وهو ما لا يرغبان فيه.
كلفة عسكرية مرتفعة
ويشير الخبير العسكري والإستراتيجي، إلى الكُلفة الضخمة التي تتكبّدها واشنطن في العملية العسكرية ضد الحوثيين، حيث نفّذت نحو 50 طلعةً جويةً في بداية العملية، مع تشغيل حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان"، التي تتخذ من البحر الأحمر موقعاً لها، بهدف "ردع القوة العسكرية الحوثية في المنطقة"، عادّاً أنّ واشنطن تخسر يومياً مئات الملايين من الدولارات.
ويوضح أنّ هناك مفارقةً في هذه العملية العسكرية، حيث تصل تكلفة الصواريخ التي تُطلقها المقاتلات الأمريكية وحاملة الطائرات، إلى ملايين الدولارات، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه تكلفة الصاروخ الواحد من صواريخ الحوثيين حاجز الـ25 ألف دولار، ما يجعل استمرار التصعيد مكلفاً أكثر من الناحية العسكرية على واشنطن، خاصةً أنّ الحوثيين شرعوا في استهداف حاملة الطائرات الأمريكية الموجودة في البحر الأحمر.
لكن الخسائر المادية والبشرية التي يتكبدها اليمنيون في المحافظات المستهدفة، والتي لا تعلن عنها السلطات الحوثية بشفافية، يُتوقّع أن تكون كبيرةً للغاية.
خيارات الحوثيين
على النقيض مما سبق، يرى الباحث في الشؤون السياسية والأمنية اليمنية، عبد الملك اليوسفي، أنّ الحوثيين يمتلكون خيارات في المواجهة أمام واشنطن، وحتى لو عدّها البعض "محدودةً" إلا أنّها لا تزال مؤثّرةً وفعالةً، وأكبر دليل الاضطرابات التي تشهدها الملاحة في منطقة باب المندب والبحر الأحمر، واتجاه غالبية السفن نحو طريق رأس الرجاء الصالح، برغم تكلفته المرتفعة، وذلك لتجنّب تهديدات الحوثيين.
"خيار الانتحار لا يزل متاحاً أمام الحوثيين"، يضيف اليوسفي، لرصيف22، مشيراً إلى أنّ الجماعة التي تحكم صنعاء قد تتجه نحو مزيد من التصعيد للحفاظ على بقائها إن طالت المواجهة مع الأمريكيين بما تمتلكه من مخزون صاروخي وطائرات مُسيّرة، ومن المتوقع أن يُنفّذ إغلاقاً كلياً في البحر الأحمر ليشمل جميع السفن الأمريكية لا المتجهة إلى إسرائيل فحسب.
كما يذهب الخبير السياسي اليمني، إلى إمكانية تَحرك دول عربية وإقليمية لوقف التصعيد، خاصةً أنّ الوضع أصبح عبارةً عن "برميل متفجرات قابل للاشتعال في أي وقت، وسيطال تأثيره الجميع"، عادّاً أنّ الدول العربية على وجه التحديد تتعامل بنوع من "الحذر" مع الأمر، خاصةً أنّ مصالحها تتشابك مع الطرفين؛ فواشنطن هي الدولة العظمى والحليف الأهم، والحوثي قادر على إيذاء مصالحها، ولا سيّما دول الخليج، ضارباً مثالاً على ذلك السعودية المجاورة لليمن، ولديها ملاحتها ومشاريعها الاقتصادية التي تحرص على الحفاظ عليها وإبعادها عن التهديدات.
هل تخلّت إيران عن الحوثيين؟
يرى اليوسفي، أنّ طهران تخلّت عن الحوثيين في التصعيد الأخير، وإن كانت حجر الزاوية الذي شنّت لأجله واشنطن هجماتها، من باب التحذير، عادّاً أنّ الإمداد العسكري الإيراني ليس كافياً في الوقت الحالي للحوثيين؛ من أجل الاستمرار في الوقوف أمام الضربات الأمريكية.
ويبرهن اليوسفي، على حديثه، بالإشارة إلى تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، التي ألمح فيها إلى أنّ جماعة الحوثي تتصرّف من تلقاء نفسها دون مشورة طهران، معتبراً أنّ في ذلك "تنصّلاً من المسؤولية؛ خاصةً أنّ الحوثيين لطالما سعوا إلى تحقيق الأهداف الإيرانية في المنطقة، وخدمتها".
المواجهة مفتوحة
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة "موراي ستيت" الأمريكية، إحسان الخطيب، أنّ المواجهة اليوم مفتوحة، حيث منح الحوثيون ترامب فرصةً ذهبيةً لاستعراض القوة الأمريكية، وتحقيق بعض أهدافه في المنطقة، والظهور بثوب مختلف عن سلفه جو بايدن.
يشير الخطيب إلى أنّ الضربة العسكرية هذه المرة بمثابة اختبار لاستخدام ترامب القوّة، ليبرهن على أنه ليس بايدن، بينما يعوّل على المصالح الاقتصادية المهددة في هذه المنطقة، متوقعاً أن يرجع الحوثي خطوات إلى الخلف نزولاً عند نصيحة إيران التي لا ترغب في خسارة ورقة مهمة ومؤثّرة تقلّص نفوذها في المنطقة
وحدّدت مصادر أمريكية، في حديث لـ"وول ستريت جورنال"، أهداف واشنطن من العملية ضد الحوثي، في ثلاثة أهداف رئيسية، هي وقف منصّات إطلاق الصواريخ الحوثية، واستهداف قيادات الحوثيين المختبئين، وإيصال رسالة إلى إيران مفادها أنها قد تكون التالية.
ويوضح الخطيب، في حديثه إلى رصيف22، أنّ بايدن عدّ الحوثي مشكلةً مزمنةً والتعامل معها ينبغي أن يكون بالقطعة، مرحلة تلو الأخرى، إلا أنّ ترامب يريد إنهاء تهديد الحوثي للملاحة الدولية واستهداف القطع البحرية الأمريكية، معتبراً أنّ نجاح الحوثيين في واحدة من محاولات استهداف القطع العسكرية الأمريكية، وسقوط ضحايا أمريكيين، يعنيان استمرار المواجهة لفترة أطول، وتعزيز واشنطن قواتها الموجودة في المنطقة.
مع ذلك، "أمريكا لا تريد القضاء على الحوثيين، وواشنطن لن تحتاج إلى هجوم برّي في اليمن، حيث تعدّهم جزءاً من الشعب اليمني، وإن صنّفتهم كجماعة إرهابية"، بحسب أستاذ العلوم السياسية الذي يلفت إلى أنّ ترامب وإدارته قد يلجآن إلى تسليح الحكومة الشرعية والقوات الموالية لها، وتزويدهم بالمعلومات الاستخباراتية والأسلحة النوعية المتطوّرة؛ لردع الحوثي على الأرض، لكن في جميع الأحوال، واشنطن لا تريد أن تنخرط في حرب أهلية يمنية.
وبينما كانت لافتةً إشارة ترامب، خلال تهديده الحوثيين، إلى إيران، كونها تقف خلفهم وتمدّهم بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، يقول الخطيب، إنّ أمريكا لا ترغب في ضرب إيران بشكل مباشر، وتعتقد أنّ ضرب أذرعها كافٍ، بالتوازي مع الضغط الاقتصادي، الذي يُعدّ الأداة المفضّلة لترامب وإدارته.
ويضيف الخطيب، أنّ إسرائيل كذلك لا ترغب في الدخول في حرب مباشرة مع إيران، وتستخدم ملف البرنامج النووي الإيراني لأغراض داخلية وخارجية، حيث يوجد انقسام داخلها حول إيران وبرنامجها النووي، وكيفية التعامل معهما.
ويشدّد الخطيب، على أنه "في كل الأحوال، الخاسر الأكبر مما يحدث الآن هو الشعب اليمني، وكذلك جماعة الحوثي التي تضعها طهران في مقدمة المدفع تماماً مثلما فَعلت مع حزب الله في لبنان، حينما وقفت تشاهد إسرائيل وهي تقصف وتُدمّر أهم أذرعها في المنطقة"، منبهاً إلى أنّ طهران لا تربط مباشرةً بين ورقة البرنامج النووي وبين الحوثيين.
ويستبعد الخطيب احتمالية توسّع المواجهة الأمريكية الحوثية إلى نطاق الحرب، خاصةً أنّ طهران تُجيد استخدام وتحريك أذرعها سواء في لبنان أو اليمن أو العراق وبشكل أقلّ في سوريا، معتبراً أنّ التصعيد الأمريكي الأخير بمثابة "إنذار" لإيران بضرورة أخذ خطوة إلى الخلف والاستماع إلى مطالب واشنطن، وتأكيد على عدم تهاون الأخيرة إزاء أي استهداف حوثي للقواعد الأمريكية في المنطقة، حيث قد يكون الردّ موجّهاً نحو طهران.
ختاماً، يشير الخطيب إلى أنّ الضربة العسكرية هذه المرة تَحمل بنك أهداف كبيراً، في مقدمته عدد من قادة الحوثي، معتبراً أنها بمثابة اختبار في الوقت نفسه لاستخدام ترامب للقوة، ليبرهن على أنه ليس بايدن، بينما يعوّل على المصالح الاقتصادية المُهددة في هذه المنطقة للحصول على شرعية داخلية في واشنطن، وكذلك شرعية دولية لاستخدام القوة، متوقعاً أن يرجع الحوثي خطوات إلى الخلف نزولاً عند نصيحة إيران، التي لا ترغب في خسارة ورقة مهمة ومؤثّرة تقلّص نفوذها في المنطقة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Souma AZZAM -
منذ يومينالدروز ليسوا نموذجًا واحدًا في الاعتقاد والسلوك. اما في مستوى العقيدة، فهم لا يؤمنون بالسحر، وإن...
محمد دراجي -
منذ 3 أيامأخي الفاضل قبل نشر مقالة عليك بالتحقق خاصة في علم الأنساب والعروش والقبائل فتسمية بني هجرس ولدت...
م.هيثم عادل رشدي -
منذ أسبوعمقال رائع وضع النقاط على الحروف فالحقيقة أن النزاعات جعلت أبناء شعوبنا متشردين ولاجئين ومهاجرين...
Sohila Amr -
منذ أسبوعتعود من جديد شعلة ثورة في نفوس، وكأنها لعنة كلما كذبنا وقلنا انها صدفة او خدعة اصبنا بها ولكن لقد...
Yusuf Ali -
منذ أسبوعلن أعلق على كل كلامكِ والكثير من المغالطات التي وردت، وسأكتفي بالتعليق على خاتمتكِ فقط:
قلتِ:...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعThis media body is clearly within the circles of the Makhzen. Otherwise, it would not have been...