يوم الخميس 13 آذار/ مارس 2025، كان السوريون على موعد مع حدث آخر مفصليّ في المرحلة الانتقالية، حيث وقّع الرئيس أحمد الشرع، على مسوّدة "الإعلان الدستوري"، بعد انتهاء "لجنة الخبراء" المكلّفة بصياغته من العمل عليه، وهي اللجنة التي تشكلت قبل أقلّ من أسبوعين فقط، وضمّت الخبراء القانونيين: عبد الحميد العواك، ياسر الحويش، إسماعيل الخلفان، ريعان كحيلان، محمد رضى جلخي، أحمد قربي، وبهية مارديني.
بيان تشكيل اللجنة.
بيان تشكيل اللجنة.
وأثار "الإعلان الدستوري"، انقساماً كبيراً بين السوريين، المعنيين بالشأن القانوني والدستوري منهم، والمواطنين عموماً، وقوبل برفض شديد وانتقادات واسعة، إذ عُدَّ "فضفاضاً في بعض بنوده"، خاصةً تلك المتعلّقة بالحريات والحقوق الخاصة بالمكوّنات والأقليات، بالإضافة إلى "تكريسه سلطويةً جديدةً".
مقدّمة وأربعة أبواب
وفي صورته النهائية، عمدت لجنة صياغة الإعلان إلى تقسيمه إلى مقدّمة وأربعة أبواب. ضمّ الأول، الأحكام العامة، وهو من 11 مادةً، والثاني، الحقوق والحريات من 12 مادةً، والثالث، نظام الحكم في المرحلة الانتقالية (السلطات الثلاث) من 24 مادةً، وأخيراً الأحكام الختامية وتشتمل على ست مواد.
وعلّق الشرع، عقب توقيعه على "المسوّدة": "نأمل أن يكون ذلك فاتحة خير للشعب السوري على طريق البناء والتطور، ونتمنى أن يكون هذا تاريخاً جديداً لسوريا، نستبدل به بالجهل العلم وبالعذاب الرحمة"، وفق ما نشرته الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا".
"الإعلان الدستوري لم يحقّق تطلّعات السوريين في المواطنة والفصل بين السلطات، ولم يأخذ بمبدأ فصل الدين عن الدولة الذي يكرّس مفهوم المواطنة في الدستور. وبرغم التأكيد على الحريات العامة وحقوق الإنسان، إلا أنّه اشتمل على بعض المفاهيم الفضفاضة التي تُثير العديد من التساؤلات حول كيفية تطبيقها"
ونقلت "سانا" عن "لجنة الخبراء"، أنها استندت في عملها إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، موضحةً أنّ الإعلان ينصّ على حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة، مع التأكيد على التزام الدولة بوحدة الأرض والشعب واحترام الخصوصيّات الثقافية، مع الحرص على باب خاص بالحقوق والحريات لخلق توازن بين الأمن المجتمعي والحرية، بالإضافة إلى ضمان حق الملكية وحق المرأة في العلم والمشاركة في العمل، وكفالة حقوقها السياسية، وكذا أهمية القضاء وأحكامه واستقلاليته.
كما نبّهت "اللجنة" إلى أنّ مجلس الشعب يتولى العملية التشريعية كاملةً، فيما يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية. وحُددت المرحلة الانتقالية بـ5 سنوات، ومُنح رئيس الجمهورية الحقّ في إعلان حالة الطوارئ.
وفي مؤتمر صحافي، قال عضو لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري، عبد الحميد العواك: "اخترنا نظاماً سياسياً يعتمد الفصل التام بين السلطات، وهذا النظام السياسي المقترح في مسوّدة الإعلان الدستوري يساعد على إدارة المرحلة الانتقالية. عملنا على إعادة النظام السياسي إلى سكة دستورية حقيقية، وأوصينا بتقديم دستور دائم"، مردفاً: "لا سلطة لمجلس الشعب على رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية، وسيتم تشكيل هيئات عدة من بينها الهيئة العليا للانتخابات وهيئة دستورية عليا ستكون معنيةً بدستورية القوانين. في الدساتير السابقة، كان النص يخدم الدكتاتور، بينما يراقب عمل السلطات اليوم من قبل الشعب، كما لا يسمح النظام السياسي الرئاسي في مسوّدة الإعلان الدستوري بأن تقوم سلطة بعزل سلطة أخرى".
"خطوة ضرورية ولكن…"
وعن قراءته لـ"الإعلان الدستوري"، يقول الباحث في الشؤون الدستورية المحامي فادي كردوس، لرصيف22: "الإعلان الدستوري يصدر عادةً في ظروف استثنائية، وقد لا يفي بالضرورة بجميع المعايير القانونية المعتادة، ولكنه خطوة ضرورية في المراحل الانتقالية، ولا يمكن القول إنه سلك مسلكاً قانونياً لعدم وجود النص القانوني أو الدستوري للحالات المماثلة".
"الفصل بين السلطات لم يتحقّق في الإعلان الدستوري إلا من ناحية العناوين فحسب، ولا يزال موضوع استقلال القضاء والسلطة القضائية مبهماً".
ويرى كردوس، أنّ هذا الإعلان "تناول قضايا أساسيةً ومهمةً في المرحلة الانتقالية، ووضع أسساً للدولة السورية في المستقبل، ولكنه تغاضى عن أمر أساسي هو تحديد 'هوية الدولة'، كما أكد على مرجعية دستور عام 1950، لكنه لم يأخذ عنه مبدأ نظام الحكم البرلماني، ولا مبدأ الفصل بين السلطات".
كذلك، "الإعلان الدستوري لم يحقّق تطلّعات السوريين إلى المواطنة والفصل بين السلطات، ولم يأخذ بمبدأ فصل الدين عن الدولة الذي يكرّس مفهوم المواطنة في الدستور. وبرغم التأكيد على الحريات العامة وحقوق الإنسان، إلا أنه اشتمل على بعض المفاهيم الفضفاضة التي تُثير العديد من التساؤلات حول كيفية تطبيقها على غرار الأمن الوطني، وضوابط ممارسة الحريات العامة وغيرها"، وفق المحامي السوري.
ويردف كردوس: "كنا نتمنى لو وضع الإعلان الدستوري تصوّراً واضحاً للدولة السورية على أنها دولة مدنية ديمقراطية ذات تعددية سياسية، وعدّل التسمية إلى الجمهورية السورية، عوضاً عن الجمهورية العربية السورية، لما في ذلك من إقصاء لبعض المكوّنات السورية ذات الأصول غير العربية".
"لُبْسٌ قانوني وبنيوي"
وعن جزئية الفصل بين السلطات، يوضح كردوس، أنّ "ما ورد في الإعلان في هذه الناحية تطرّق إلى أنّ نظام حكم يعتمد على نظام الفصل بين السلطات، بينما يجب توضيح شكل نظام الحكم: فهل هو رئاسي أم برلماني؟ أو يجمع بين الرئاسي والبرلماني؟ هل هو مركزي أو لامركزي؟ فالفصل بين السلطات مبدأ دستوري وليس نظاماً للحكم".
وبرأيه، "الفصل بين السلطات لم يتحقّق في الإعلان الدستوري إلا من ناحية العناوين فحسب، ولا يزال موضوع استقلال القضاء والسلطة القضائية مبهماً، ولا سيّما أنّ المحكمة الدستورية العليا التي يعيّنها رئيس الجمهورية من مهامها محاسبة رئيس الجمهورية ومحاكمته، وهذا يشير إلى تدخّل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، ويمكن القياس على ذلك في ما يخصّ مجلس القضاء الأعلى، أو تعيين رئيس الجمهورية لمجلس الشعب بالكامل، سواء بطريقة مباشرة (التعيين)، أو بطريقة غير مباشرة (تعيين اللجان أو الهيئات الناخبة التي ستعيّن الثلثَين الباقيَين)".
فضلاً عمّا سبق، يحذّر كردوس، من أنّ "منح الإعلان الدستوري رئيس الجمهورية صلاحيات واسعةً، قد تجعله فوق الدستور، خاصةً أن طرق محاسبته أو الرقابة على أعماله أو محاكمته ليست من صلاحيات أيٍّ من السلطات الثلاث، وفقاً لما ورد في الإعلان".
"ما صدر دستور مؤقت وليس إعلاناً دستورياً. هذه مسألة ليست في صالح القيادة السورية الجديدة، إذ أربكت نفسها والجميع بذلك. فالإعلان الدستوري وإن ذكر الكثير من التفاصيل، لكنه مليء بالفجوات الخطيرة والتناقضات الفادحة التي من الضروري العمل على سدّها، ولكن وفق آلية أعقد مما لو كان إعلاناً مختصراً فحسب"
وبشأن التزام "الإعلان الدستوري" بالدساتير والقوانين الدولية، يبيّن كردوس، أنّ "هناك آراء متباينةً حول مدى التزام الإعلان الدستوري بالدساتير والقوانين الدولية. لكن الإعلان أورد التزام الدولة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وإن حصرها في الاتفاقيات والمعاهدات التي صادقت عليها سوريا سابقاً، وكنّا نتمنى لو تبنّى الإعلان الدستوري الشرعية الدولية لحقوق الإنسان بشكل واضح".
"نقص خبرة وسلق"
من جهته، يرى المحامي رامي جلبوط، أنّ ما صدر "يتجاوز الإعلان الدستوري إلى دستور مؤقت"، لأنّ الإعلان الدستوري يتكون عادةً من إعلان بعض المبادئ التي ستعمل الدولة على أساسها في الفترة الانتقالية، في حين أنّ ما أُطلق عليه "الإعلان الدستوري" احتوى على تفاصيل كثيرة ولم يكتفِ بالمبادئ العامة.
ويضيف لرصيف22: "هذه مسألة ليست في صالح القيادة السورية الجديدة، إذ أربكت نفسها بذلك وأربكت الجميع. فالإعلان الدستوري وإن ذكر الكثير من التفاصيل، إلا أنه مليء بالفجوات الخطيرة والتناقضات الفادحة التي سيكون من الضروري العمل على سدّها لاحقاً، ولكن بآلية أعقد مما لو كان إعلاناً مختصراً فحسب".
يتابع جلبوط: "بطبيعة الحال، يمكن القول إنّ هذا الإعلان الدستوري أو الدستور المؤقت يمثّل من وضعوه، وليس بالضرورة أن يمثّل جميع السوريين، لأنه -وكما تم التنبيه- فيه ما فيه من الفجوات والتناقضات التي تحتاج إلى تفسير وتوضيح". ويعتقد المحامي السوري، أنّ أسباب غياب بعض المصطلحات وورود الكثير من البنود الفضفاضة ترجع "بالدرجة الأولى إلى أنه يعبّر عن توجّه القيادة الجديدة في إدارة المرحلة الانتقالية، وإلى قلة الخبرة لدى واضعي الإعلان الدستوري وعدم إحاطتهم الكافية والوافية بالبنية التشريعية السورية، فضلاً عن الاستعجال في وضع الإعلان الذي 'سُلق سلقاً' حتى صدر بلا هوية واضحة. مثال على ذلك: محاولة وضع نظام رئاسي بدل النظام شبه الرئاسي السابق مع الاحتفاظ بالبرلمان… هذا يذكّرنا بالبدعة التي وضعها النظام السابق عندما تبنّى ما سمّاه وقتها 'اقتصاد السوق الاجتماعي'. فالإعلان جاء بنظام رئاسي يُفترض أنه يشبه النموذج الأمريكي، ولكن مع برلمان يتولّى عملية التشريع".
"لا ديمقراطية من دون انتخابات"
أما المحامي كامل نوفالي، فيرى أنّه "لا وجود لمسار جيّد أو سيئ في كيفية إصدار الإعلان الدستوري المتعلّق بالجهة المُكلّفة بصياغته أو الجهة التي كلّفتها بذلك، بل يعتمد الموضوع على أسلوب نهاية المرحلة الاستثنائية التي نطلب من الإعلان الدستوري تنظيم الانتقال منها نحو حالة مستقرّة دائمة. والمشكلة في سوريا، بعد سقوط نظام الأسد، ليست في كون السلطة منتخبةً أو لا، بل في إهمالها ديمقراطية المسار الإجرائي في انتخاب جمعية تأسيسية كما حصل في سوريا عام 1920، لتلافي أي طعن في شرعية العملية الانتقالية، ومنح الشعب إحساساً بمشاركته في الحدث، وتعزيز الوحدة الوطنية التي تحتاجها سوريا في هذه المرحلة".
ويستطرد نوفالي: "يُفضَّل عادةً ألا يتطرّق الإعلان المؤقت إلى ذكر المسائل الخلافية -وكم هي كثيرة في سوريا- وأن يقتصر على ما هو ضروري للمرحلة الانتقالية وأهدافها، وتفاصيل حياة الناس. فالمشكلة ليست في كونه مختصراً، بل في طول المرحلة الانتقالية، ولذلك لا يمكن لإعلان مختصر وفضفاض وغير دقيق أن يدير سوريا ومسائلها الإشكالية لخمس سنوات".
"من جهة أُخرى، لم يهتمّ واضعو الإعلان الدستوري بالديمقراطية الإجرائية المتعلّقة باللجنة التي صاغته، ولم تتحدث مواده عن عملية انتخابية واحدة. ولذلك، لا مجال أصلاً لذكر الديمقراطية في مواده، وهذا أمر كان من الممكن تلافيه لو تضمّن الدستور خريطة طريق لإعداد الدستور الدائم، وأكد على ديمقراطية المسار الإجرائي لوضعه، ولكن واضعي الإعلان أصرّوا على إهمال تحديد هذا المسار، وترك الموضوع فضفاضاً ريثما تستقرّ التوافقات الخارجية في ما يخصّ الشأن السوري، فيتمّ تعديل مواد الإعلان بما يتناسب مع تغيرات وتقلبات الظروف في المرحلة الطويلة نسبياً".
الأقليات أكثر تخوّفاً
إلى ذلك، تتعاظم مخاوف الأقليات في سوريا من "الإعلان الدستوري" على نحو خاص في غياب تحديد "هوية الدولة"، والتأكيد على "الديمقراطية" ومفاهيم "حقوق الإنسان والحريات"، والتغاضي عن حق المواطنة وأهميتها.
"لم يهتمّ واضعو الإعلان الدستوري بالديمقراطية الإجرائية المتعلّقة باللجنة التي صاغته، ولم تتحدث مواده عن عملية انتخابية واحدة".
والجمعة 14 آذار/ مارس، أعلن مجلس سوريا الديمقراطية "قسد"، رفضه الإعلان الدستوري، وعدَّ ذلك امتداداً لرفضه "مؤتمر الحوار الوطني"، مشدّداً على أنّ كل ما يُبنى على نتائج هذا المؤتمر "سيبقى قاصراً عن معالجة القضية الوطنية"، ومشيراً إلى أنّ "الإعلان الدستوري يعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، ويكرّس الحكم المركزي، ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقةً، ويقيّد العمل السياسي، ويجمّد تشكيل الأحزاب، ما يعطّل مسار التحوّل الديمقراطي".
كما رفض "المجلس الوطني الكردي"، في شمال شرق سوريا، على لسان عضو أمانته العامة شلال كدو، "الإعلان الدستوري"، إذ قال لشبكة "رووداو"، إنّ "الإعلان الدستوري كُتب بعقلية تقوم على أمّة واحدة ودين واحد، ولم يضمن حقوق المكونات القومية والدينية في البلاد"، مطالباً باتخاذ بعض الإجراءات لإصلاح الإعلان، بحيث "يضمن حقوق جميع القوميات والمكوّنات في البلاد، لأنّ خمس سنوات ليست مدةً قصيرةً لإدارة بلد".
كما اعتبرت الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، أنّ "الوثيقة الجديدة تضم بنوداً ونمطاً تقليدياً يتشابه مع المعايير والمقاييس المتّبعة من قبل حكومة البعث، ويتنافى الإعلان مع حقيقة سوريا وحالة التنوع الموجود فيها، وهو تزوير فعلي لهوية سوريا الوطنية والمجتمعية".
وأكد المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، في بيان له، أنّ "الإعلان الدستوري يُكَرِّس الرؤيا الشمولية للحكم السابق ويُعيد إنتاج ديكتاتورية إقصائية بصيغة جديدة، ولا يضمن التمثيل العادل لقيام الدولة التي تنشدها أطياف ومكونات الشعب السوري كافة، وهي الدولة المدنية التعددية الديمقراطية الوطنية الشاملة". كما لفت البيان إلى "طلب الحماية الدولية، وهو مطلب الأغلبية الساحقة من أبناء الطائفة العلوية وغيرها من الأقليات"، كما طالب بـ"سحب كل الفصائل بمختلف مسمياتها من الساحل السوري".
"وهم التصريحات… وصدمة الواقع"
وفي سياق متصل، يقول الكميت عيسى، من اللاذقية، لرصيف22، عن "الإعلان الدستوري": "كان الاعتقاد السائد عقب إسقاط نظام الأسد، أنّ أسباب الانقسام بين السوريين انتهت، وأنّ سوريا للجميع التي نحلم بها أصبحت أقرب من أي وقت مضى، خاصةً بعد وعود الإدارة الجديدة الجميلة إعلامياً، ولكن التنفيذ على الأرض استند إلى مبدأ 'من يحرّر يقرّر'".
كما يرى أنّ الإعلان "لم يراعِ أيّاً من مخاوف الأقليات المتعلقة بالتطرّف، وتهديد السلم الأهلي، لاعتقاد المعنيين بأنّ هذه القضايا بحاجة إلى وقت لحلّها، وكأن المتضررين من التطرّف يملكون الوقت الكافي للحفاظ على حياتهم من الانتهاكات المرتكَبة بحقهم".
ويشدّد عيسى، على وجوب "أن يتضمّن أي دستور مبادئ أساسيةً تُعدّ فوق الدستور ذاته، تراعي مخاوف جميع المكونات، كمخاوف الأقليات في الساحل من التجاوزات والانتهاكات الواقعة هناك من قتل طائفي وطرد للسكان من منازلهم. لم ترِد في الإعلان الدستوري أيّ مادة تجرّم هذه الأفعال أو تجرّم عملية التغيير الديمغرافي، وتضع خطةً تمنع ذلك وتساعد المتضرر على تحصيل حقوقه".
"لم يراعِ الإعلان الدستوري أيّاً من مخاوف الأقليات في سوريا المتعلقة بالتطرّف، وتهديد السلم الأهلي، لاعتقاد المعنيين بأنّ هذه القضايا بحاجة إلى وقت لحلّها، وكأنّ المتضررين من التطرّف يملكون الوقت الكافي للحفاظ على حياتهم من الانتهاكات المرتكَبة بحقهم"
"استمرار الشوفينية"
في الأثناء، يعتقد شفان حكمت العمر، من القامشلي، أنّ "الجميع يعلم أنّ الكرد سوريون ومتمسكون بأرضهم، وعانوا ما عانوه طوال فترة حكم البعث، خصوصاً في ما يتعلق بالهوية وحرية ممارسة طقوسهم، وتأمّلنا بعد إسقاط نظام البعث في عودة سوريا وطناً جامعاً لكل أبنائه".
ويستدرك في حديثه إلى رصيف22: "لكن الإعلان الدستوري لم يأخذ مخاوف الكرد السوريين بعين الاعتبار، فما الذي سيحصل لو تغيّر اسم الدولة ليصبح الجمهورية السورية، عوضاً عن الجمهورية العربية السورية؟ في سوريا العديد من القوميات غير العربية الشريكة في تاريخ سوريا وحاضرها ومستقبلها، ولا يجب أن يُجبَر أبناؤها على أن تكون العربية عنواناً لجنسيتهم. كذلك، ما الذي سيحصل لو تم اعتماد اللغة العربية لغةً رسميةً للبلاد مع ذكر لغات المكوّنات العرقية الأُخرى، كلغات تُغني الهوية السورية، وتثبيتها ضمن الدستور؟".
يضيف العمر: "خلال زمن البعث، حُرمنا من بطاقة الهوية، ومن يحصل عليها يُجبر على حمل جنسية عربية برغم كونه كردياً، هذا غير الخوف من الحديث باللغة الكردية علناً، إذ كان نظام البعث نظاماً شوفينياً يحاول طمس كل المكوّنات غير العربية، وهذا الإعلان الدستوري الصادر أخيراً لم يراعِ هذه الخصوصية بشكل واضح وصريح في بنوده، والخوف اليوم من استمرار عقلية الإقصاء الشوفينية البعثية".
"إعلان مُفصّل على قياس السلطة"
مُصلح هلال الجباعي، وهو ناشط مدني من السويداء، يقول لرصيف22: "صدر الإعلان الدستوري الحالي دون أن يشارك جميع السوريين في كتابة بنوده، بل اقتصر الأمر على مجموعة اختارتها الإدارة الجديدة لتصيغ بنود إعلان دستوري مفصّل على قياسها".
ويرى الجباعي، أنه من الضرورة في مكان أن تضمّ اللجنة ممثلين من أطياف المجتمع السوري كافة، حتى يُكتب للإعلان أن يكون "سورياً شاملاً ويراعي مخاوف وتطلعات جميع أبناء الشعب"، مردفاً أنّ "اتّباع هذه المنهجية بالإقصاء -والتي لمسناها منذ بداية تولّي الإدارة الجديدة مهمة قيادة البلاد كما حدث في المؤتمر الوطني وغيره من الأمور- تدفع البلاد نحو مزيد من التعقيد".
وفي ما يتعلّق بالإعلان، "لم نجد ما يضمن حقوق المكونات بشكل واضح، ولم نجد أي عبارة أو جملة أو كلمة تدلّ على الديمقراطية أو المدنية، فكل عباراته فضفاضة، عدا عن رفض المكوّنَين الكردي والعلوي للإعلان وفق ما صرّحت به قيادات المكوّنين. فهل من المنطق أن يتعرض الإعلان لكل هذه الانتقادات ويكون إعلاناً مناسباً للجميع؟"، يتساءل الجباعي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
م.هيثم عادل رشدي -
منذ 3 أياممقال رائع وضع النقاط على الحروف فالحقيقة أن النزاعات جعلت أبناء شعوبنا متشردين ولاجئين ومهاجرين...
Sohila Amr -
منذ أسبوعتعود من جديد شعلة ثورة في نفوس، وكأنها لعنة كلما كذبنا وقلنا انها صدفة او خدعة اصبنا بها ولكن لقد...
Yusuf Ali -
منذ أسبوعلن أعلق على كل كلامكِ والكثير من المغالطات التي وردت، وسأكتفي بالتعليق على خاتمتكِ فقط:
قلتِ:...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعThis media body is clearly within the circles of the Makhzen. Otherwise, it would not have been...
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ أسبوعفي اللاذقية قصص مثيرة للدهشة وللمزيد من البحث. اللاذقية مدينة القصص عير المكتشفة. شكرا
Karen Borji -
منذ أسبوععين الأصالة شمس الحدود كتبي واحزاني دفعتني إلى الحدود سكر وملح من انا غياب شروق عنبرة كتاب...