شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
سوريّو الميم - عين في ألمانيا: أسقطنا الديكتاتورية وسننتصر لحقوقنا

سوريّو الميم - عين في ألمانيا: أسقطنا الديكتاتورية وسننتصر لحقوقنا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 16 فبراير 202510:14 ص

تكاد تكون التظاهرة التي نظّمها سوريون من مجتمع الميمعين أمام مقرّ السفارة السورية، الأحد الماضي، الخطوة الأولى التي تعكس اشتباك السوريين في الشتات مع ضرورة استكمال نضالهم المدني بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتولّي أحمد الشرع، بخلفيته الإسلامية الثقيلة، دفّة إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا.

حملت التظاهرة، التي شارك فيها سوريون من مجتمع الميمعين، إلى جانب متضامنين عرب وألمان، شعارات مناهضة للعنف الذي تعرّض له أفراد من المجتمع في سوريا، وخصوصاً العابرين والعابرات جنسياً، في الآونة الأخيرة. فقد تعرّض بعضهم للاعتقال والاعتداء على يد عناصر من الأمن السوري، الذين تفاخروا بأفعالهم إلى حد توثيقها عبر مقاطع فيديو نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي، وظهر في هذه المقاطع عناصر من الأمن، في مدينتي حلب ودمشق، وهم يعتدون بالضرب والشتائم على العابرين والعابرات جنسياً، في مشاهد تجسّد الانتهاكات الجسيمة التي يتعرّض لها أفراد مجتمع الميمعين في البلاد.

دائرة الجحيم

تحدثت دانيا نجاري، الناشطة في مجال حقوق الإنسان والداعية إلى التظاهرة، إلى رصيف22 قائلة: "شاهدت عدداً من الفيديوهات لعابرات جنسياً تعرضن للإذلال من قبل الإدارة الأمنية الجديدة في سوريا، وتأثرت نفسياً بشكل كبير. تواصل معي أشخاص كوير وعابرون/ات من سوريا يطالبونني بالتحرك من أجلهم/نّ، لأنني في مكان أكثر أماناً منهم/نّ، ولدي شبكة من الحلفاء/ الحليفات، فبدأت مباشرة البحث عن طريقة لترخيص مظاهرة في برلين، ونجحت في تنظيمها في زمن قياسي".

الخوف دفع مجتمع الميم-عين إلى اتخاذ قرار بعدم الخروج من المنزن فهم لا يستطيعون التنبؤ بردود فعل المحيطين بهم، الذين قد يفسرون أي تصرف على أنه أنثوي

تولي نجاري أهمية كبيرة لهذا الحراك، بوصفه النواة الأولى نحو صياغة مجتمع مدني في سوريا يقوم على احترام حقوق الجميع، لافتةً في الوقت ذاته إلى أن مجتمع الكوير، بشكل عام، يتعرّض للاستهداف بدرجات متفاوتة داخل سوريا وخارجها، حيث قالت:"وضع مجتمع الميم-عين في سوريا غير آمن، بل سيءوحزين ومخيف جداً، وكذلك من هم/ن خارج سوريا يعانون/يعانين بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة من انعدام الأمان. لذلك، مجتمعنا بحاجة إلى صوت أعلى وتضامن كبير، خصوصاً من الأشخاص المغايرين/ات".

كما كشفت نجاري أنه من خلال تواصلها مع أفراد مجتمع الميم-عين في سوريا، تبين أن الخوف قد بلغ درجة كبيرة، حيث يدفعهم إلى اتخاذ قرار بعدم الخروج من المنزل. فهم لا يستطيعون التنبؤ بردود فعل المحيطين بهم، الذين قد يفسرون أي تصرف على أنه "أنثوي"، بحسب الصور النمطية القائمة، مما يعرضهم لخطر الاعتداء بالضرب أو الشتائم أو الاعتقال، أو حتى جميع هذه المخاطر معًا. وتستدرك نجاري قائلة: "بل الأسوأ من ذلك، فقد يتعرضون للقتل. وحتى الآن تم توثيق مقتل ثلاث نساء عابرات من قبل فصائل درزية".

فُصام الحريّة

وفي سياق الاعتداءات على مجتمع الكوير في سوريا، وثقت منظمة "سين" للعدالة الجنسية والجندرية، وهي منظمة سورية غير حكومية تأسست في عام 2021 وتعمل على قضايا مجتمع الميم-عين، 25 انتهاكًا استهدف هذا المجتمع.

الممارسات العنيفة ضد فئة الكوير تهدد قيم المواطنة المتساوية، وهي من صلب مطالب الثورة السورية التي قامت على مبادئ الحرية والكرامة

وأوضحت رئيسة المنظمة، حسناء العجيلي، لرصيف22 قائلة: "وقعت هذه الاعتداءات في مرحلة كان من المفترض أن تكون مرحلة انتقالية وحاسمة تجاه مبادئ الثورة السورية. ممارسة أي عدالة انتقالية يجب أن تكون شاملة وغير انتقائية. هذه الاعتداءات ليست تهديداً لأفراد مجتمع الميم-عين حصراً، إذ أن الممارسات العنيفة ضد فئة الكوير تهدد قيم المواطنة المتساوية، وهي من صلب مطالب الثورة السورية التي قامت على مبادئ الحرية والكرامة وإزالة إرث الدولة العنيفة".

بدوره، أكد الفنان والناشط السوري "الدرويش" لرصيف22:"باعتقادي، كل من شارك في الوقفة احتجاجًا يشاركني الغضب من الازدواجية والحزن على مجتمعنا. هذا النوع من النفاق واستخدام أساليب الاضطهاد كما كان في عهد النظام البائد لا يُبشّر بسوريا جديدة ديمقراطية. حان الوقت لكي نفهم أن حريات الشعب ليست محسوبيات، وعلى حلفاء مجتمعنا الوقوف بجانبنا".

ونظراً لأن برلين تحتضن مجتمعاً كويرياً كبيراً من السوريين/ات والعرب، ترى دانيا نجاري أنه من المرجح أن يشهد هذا الحراك تصاعداً وتنسيقاً أكبر خلال الفترة المقبلة. وقد شهدت التظاهرة الأولى بالفعل تبادلاً للأفكار والطروحات حول تنظيم هذه المطالبات المدنية والحقوقية من خلال الفعاليات التي لن تقتصر على المهجر فقط، بحسب رأيها.

المواجهة على الأرض

تشرح حسناء العجيلي لرصيف22، قائلة: "يعيش أفراد مجتمع الكوير رعباً على حياتهم/ن، خصوصاً العابرات جنسياً، واللواتي يتواصلن مع المنظمة لإعادة التوطين خارج سوريا، في الوقت الذي يخطط فيه السوريون/ات للعودة إلى سوريا. وتُعد هذه الانتهاكات استمراراً لمنظومات القمع الأمنية التي كانت موجودة خلال نظام الأسد، والمتغير هو السلطة التي ارتكبت هذه الاعتداءات. كان لدينا تطلعات لسوريا غير عنفية، وتفاجأنا بالاعتداءات، بعضها ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي وبعضها لم يظهر".


حسناء العجيلي: التصعيد الذي تقوم به السلطة الانتقالية في سوريا يستحق تصعيداً من مجتمع الكوير والحقوقيين السوريين بشكل عام، وبصورة عاجلة وسريعة، داخل سوريا وخارجها.

وأشارت العجيلي إلى تاريخ الجماعات التي تقوم بهذه الاعتداءات، والتي وصلت إلى السلطة اليوم، مع مجتمع الميمعين بشكل خاص، وكيف ارتكبت هذه الجماعات جرائم موثّقة ضد أفراد المجتمع. وقالت: "نحن يعترينا الخوف من المستقبل، وذلك بناءً على تحليلنا للممارسات التاريخية للفصائل الحاكمة وأيديولوجياتها الدينية المتطرّفة جداً، والتي رصدنا ممارساتها بعد عام 2012 في المناطق التي كانت تحت سلطتها".

وتحدّثت العجيلي عن المظاهرة في برلين، قائلة: "عملية التضامن الكويري السوري داخل سوريا وفي الشتات هي أمر مهم جداً. وأفراد مجتمع الميمعين داخل سوريا يقدّرون التجمّعات التي تتحدّث عما يحدث لهم/ن"، لافتةً إلى أن التصعيد الذي تقوم به السلطة الانتقالية في سوريا يستحق "تصعيداً من مجتمع الكوير، والحقوقيين السوريين بشكل عام، وبصورة عاجلة وسريعة، داخل سوريا وخارجها".

وختمت حديثها قائلة: "نحن لسنا محبطين/ات، فقد ارتفع سقف الحرية بعد سقوط نظام الأسد. أصبح العمل على الأرض متاحاً بشكل أكبر، حتى وإن كانت هذه التهديدات موجودة. تعويلنا على المجتمعات المعتدلة، والاستفادة من تجارب حقوقية أخرى، مثل تونس ولبنان".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image