شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
بعد انتقاد الجمهور

بعد انتقاد الجمهور "شباب امرأة"... لماذا تستهوي غادة عبد الرازق المرأة المسيطرة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والنساء

الأربعاء 5 فبراير 202502:05 م

 تصدّر مسلسل "شباب امرأة"، الذي تخوض به غادة عبد الرازق موسم "دراما رمضان"، ترند موقع غوغل، وذلك بعد طرح البرومو الدعائي الرسمي للمسلسل، المستوحى من فيلم "شباب امرأة"، الذي تم عرضه عام 1956، وهو من بطولة تحية كاريوكا، وشكري سرحان، وعبد الوارث عسر، وشادية، وتأليف أمين يوسف غراب، وإخراج صلاح أبو سيف، والذي تدور قصته حول "شفاعات"، المرأة المتسلّطة التي تغرّر بشاب يصغرها سنّاً، "إمام"، وتقيم علاقةً جنسيةً معه برغم الفارق العمري الكبير بينهما، كي تستعيد شبابها من خلال تلك العلاقة.

وكان المسلسل قد تعرّض لانتقادات كثيرة بمجرد الإعلان عن بدء تصويره، وذلك بسبب مقارنة الجمهور بينه وبين الفيلم الذي سبق أن قدّمته تحية كاريوكا، وشكري سرحان، حيث انتقد كثيرون إعادة تقديم تلك التحفة الفنية الخالدة، بعد مرور 70 عاماً على تقديمها.

لم يتقبّل أحد تكرار تجسيد غادة عبد الرازق، شخصية "شفاعات"، ويوسف عمر شخصية "إمام"، لأنّ كلّاً من كاريوكا وسرحان، قدّما العمل على أكمل وجه، فلا حاجة إلى تكرار تقديمه، خاصةً أنّ معظم الأعمال الدرامية المأخوذة عن أعمال فنية أخرى سابقة لم تحقق نجاحاً يُذكر، بل كانت تثير الاستياء على الأغلب بسبب كونها دون مستوى العمل الفني الأصلي.

وقد ردّ حينها محمد سليمان عبد المالك، كاتب سيناريو المسلسل، على تلك الانتقادات الموجهة إلى العمل قبل تصويره، واصفاً إياها بأنها تصادر حرية الإبداع، قائلاً: "الفيلم تمّ تقديمه قبل قرابة سبعين عاماً، وكون الجمهور قد أحبّ الفيلم ليس معناه أن تُصادر حق فنان في أن يعيد تقديم رواية تم تقديمها كفيلم من قبل، فأنا أعدّ هذا مُصادرةً لحرية الفن، وظلماً لكل أطراف العمل، وذلك من طريق وضعه في مقارنة مع الفيلم قبل أن يبدأ تصويره من الأساس. هذا شيء غير عادل إطلاقاً، وهذه مقارنة عبثية ليس لها معنى، فلا يجب أن يضع أحد وصايةً على العمل الفني، ويجب ترك الناس لتحلم، وتعبّر عمّا تريد، وبعد طرح العمل يُمكن حينها الحكم إذا كان بمستوى الفيلم نفسه أو دونه".

المسلسل قد تعرّض لانتقادات كثيرة بمجرد الإعلان عن بدء تصويره، وذلك بسبب مقارنة الجمهور بينه وبين الفيلم الذي سبق أن قدّمته تحية كاريوكا، وشكري سرحان، حيث انتقد كثيرون إعادة تقديم تلك التحفة الفنية الخالدة، بعد مرور 70 عاماً على تقديمها

أما الآن، وقد وصلت الانتقادات التي وُجّهت إلى العمل منذ بداية الشروع فيه إلى ذروتها، وذلك بعد طرح الشركة المنتجة صور كواليسه، والبرومو التسويقي الخاص به الذي أثار الجدل، وبعد أن اعتلى المسلسل ترند غوغل بمجرد صدوره، حيث ظهرت خلاله غادة عبد الرازق، وهي تتقمص شخصية "شفاعات"، فترتدي العباءات الشعبية، وتدخّن "الفيب"، وتصرخ في وجوه جميع من حولها مسيطرةً، وآمرةً، وتتحدث عن نفسها قائلةً: "أنا عاملة عمليّة، وشايلة الحنّيّة"، في إشارة منها إلى القوة، والقسوة التي تتّسم بها، بينما جاءت جميع مشاهد البرومو مُستنسخةً من الفيلم الأصلي بحذافيرها، ولم يبدُ أنّ هناك أيّ فوارق بين العملين سوى في بعض الشخصيات الإضافية والهامشية التي ليست لها فائدة تُذكر على الصعيد الدرامي، وأضافها كاتب السيناريو من أجل الإطالة في الأحداث فحسب، حيث سيتم عرض المسلسل على مدار 15 حلقةً في شهر رمضان، وكان لا بدّ من إطالة أحداثه.

سخر البعض بسبب الفارق العمري بين غادة عبد الرازق ويوسف عمر، على الرغم من أنّ هذا الفارق من الواجب حضوره بالفعل في السياق الدرامي، حيث إنّ "شفاعات" خلال القصة ترغب في استعادة شبابها بإقامة علاقة مع شاب يصغرها سنّاً، إلا أنّ الفارق العمري بين غادة ويوسف، يبدو أكبر مما كان عليه بين شكري سرحان وتحية كاريوكا، وقد أكد كثرٌ مجدداً على رفضهم فكرة إعادة تقديم الفيلم الذي تم تصنيفه ضمن أهم مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.

بينما رأى آخرون من خلال البرومو الدعائي، أنّ المسلسل لم يرقَ إلى مستوى التوقعات، فأداء غادة عبد الرازق خلاله لا يضاهي الأداء الأسطوري الذي قدّمته تحية كاريوكا، في الفيلم الأصلي، ورأى البعض أنّ شخصية "شفاعات"، لم تعد تتناسب مع العصر الحديث، ما جعل العمل يبدو غير واقعي، ومبالغاً فيه. أيضاً، أثار يوسف عمر، جدلاً واسعاً بسبب تجسيده دور "إمام"، فأكد كثيرون أنه لن يتمكن من الوصول إلى مستوى أداء شكري سرحان، عادّين أنه لا يمتلك الأدوات التمثيلية الكافية لتجسيد الدور بالقوة نفسها، والتأثير عينه.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ مشاهد غادة عبد الرازق، وهي تدخّن "الفيب" بدلاً من النرجيلة التي استخدمتها تحية كاريوكا خلال الفيلم، أثارت جدلاً كبيراً، وجعلت رواد السوشال ميديا يسخرون من تلك المشاهد من خلال منشورات وضعوا فيها صوراً لكاريوكا، وهي تدخّن النرجيلة، إلى جانب صور لغادة عبد الرازق في مشهد مماثل من مسلسل "الباطنية"، وتساءل كثرٌ عن كيفية عرض قصة العمل الجريئة في ظلّ القيود الرقابية، خاصةً أنّ العمل سيُعرض حصرياً على قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المعروفة بتوجهها المحافظ. والجدل لا يتوقف عند حدود النص الجريء، بل يمتد إلى انتقاد الجهات المعنية بمكافحة التدخين في الأعمال الدرامية، لأنّ هناك فترةً من الفترات شهدت منع أبطال الأعمال الدرامية من التدخين على شاشات التلفاز في مصر، لكون الفعل ذاك غير مستحبّ.

ومن ضمن أزمات المسلسل التي جعلته يتصدّر الترند، أنه تعرّض للتعثّر مرات عدة، بسبب اعتذار عدد من الفنانين المشاركين في العمل، وفي مقدمتهم عبير صبري، ثم تبعتها بأيام رحاب الجمل، وأحمد فتحي، ما جعل التصوير يتوقف إلى حين استحضار بدلاء، وإسناد الأدوار نفسها إليهم، وعلّل البعض سرّ انسحابهم من بطولة العمل بأنّ بطلته غادة عبد الرازق كانت تريد تكثيف تصوير مشاهدها كي تنتهي من تصوير دورها مبكراً، وطلبت من المخرج أن يجعل تصوير مشاهدها في بداية اليوم حتى لا تظلّ بديكور التصوير لساعات طويلة، وهو الأمر الذي رفضه بعض الفنانين، ما تسبب في انسحابهم.

ويتضح من خلال المسيرة الفنية لغادة عبد الرازق، واختيارها أدوارها، بأنها مغرمة بأداء شخصية المرأة المسيطرة، والقوية على الشاشة، إذ قليلاً ما نراها في أدوار المرأة المستضعفة العاجزة، وإن حدث ورأيناها في دور كذلك، سرعان ما تتحول خلال النصف الآخر من الدور إلى شخصية قوية تسعى إلى تحطيم الحواجز، لذا فهي تفضّل إعادة تجسيد الأدوار النسائية المسيطرة التي جسّدتها فنانات أخريات من قبل، بل وصل بها الأمر إلى تجسيد شخصية فنانة عُرف عنها القيام بتلك النوعية من الأدوار.

يُعدّ مسلسل "شباب امرأة"، العمل الثاني الذي تعيد خلاله غادة عبد الرازق، تجسيد دور لتحية كاريوكا، بعدما قامت بتكرار تجسيد دور الأخيرة في فيلم "سمارة" الذي عُرض عام 1956، من خلال مسلسل يحمل الاسم ذاته، تم عرضه عام 2011، وتدور قصته حول الراقصة سمارة التي يتصارع تجار المخدرات للفوز بقلبها.

وقد أحبّت غادة عبد الرازق إعادة تقديم أدوار تحية كاريوكا، بسبب شهرة كاريوكا الواسعة بأداء أدوار المرأة القوية، صاحبة الصوت العالي، التي لا تخشى مواجهة شيء، وتفرض رأيها على من حولها بقوة شخصيتها، خلال مشوارها الفني، وهي طبيعة الشخصية المُفضلة لدى غادة عبد الرازق التي يستهويها الظهور بها.

أيضاً كررت غادة عبد الرازق، تجسيد دور نادية الجندي في فيلم "الباطنية" الذي عُرض عام 1980، من خلال مسلسل يحمل الاسم ذاته تم عرضه عام 2007، وتدور قصته حول عالم تجارة المخدرات، و"وردة" صاحبة المقهى في حي الباطنية التي تواجه ذلك العالم، وتسعى إلى الانتقام من أحد أباطرة المخدرات.

وقد اختارت غادة عبد الرازق، تكرار أدوار نادية الجندي، لأن طبيعة أدوار الأخيرة خلال أعمالها الفنية تُعدّ مادةً ثريةً للغاية، وفقاً لطابع الشخصية الذي يجذب غادة عبد الرازق، فنادية الجندي اعتادت على الظهور خلال أغلب أعمالها في دور المرأة المتسلطة، المرغوبة التي يتذلل لها الرجال، ويركعون تحت قدميها من فرط قوة شخصيتها، وتستخدم عقلها الواعي، وذكاءها الطاغي للتمكن من السيطرة على من حولها، فتستطيع دوماً التحكم في الجميع، واتخاذ قرارت منفردة يجب العمل بها برضوخ تام.

وفي فيلم "جمال عبد الناصر"، عام 1999، فضّلت غادة عبد الرازق، تجسيد شخصية برلنتي عبد الحميد، على تجسيد أيّ شخصية أخرى خلال العمل، وذلك لأنّ برلنتي كانت أيقونة الجمال والقوة في ذلك العصر، وبسبب بجمالها وسيطرتها، وقع في حبّها عبد الحكيم عامر، خلال فترة رئاسة جمال عبد الناصر، وتزوجها، وقد ردد البعض أنها كانت السبب في نكسة عام 1967، بسبب زواجها منه، فكان لها أثر سياسي كبير في تلك المرحلة، بالإضافة إلى أنّ أدوار برلنتي في الأعمال الفنية، كانت تتسم بالذكاء والتسلط والدهاء الشديد.

لم يتقبّل أحد تكرار تجسيد غادة عبد الرازق، شخصية "شفاعات"، ويوسف عمر شخصية "إمام"، لأنّ كلّاً من كاريوكا وسرحان، قدّما العمل على أكمل وجه، فلا حاجة إلى تكرار تقديمه، خاصةً أنّ معظم الأعمال الدرامية المأخوذة عن أعمال فنية أخرى سابقة لم تحقق نجاحاً يُذكر

من ناحية أخرى، ظهرت غادة عبد الرازق، في شخصية المرأة المسيطرة والقوية، في أغلب الأعمال الدرامية التي قدّمتها على الشاشة، ومنها:

 - مسلسل "صيد العقارب"، عام 2024:

قامت خلاله بدور الدكتورة "عايدة"، التي قررت الانتقام من إحدى العائلات بسبب اكتشافها مقتل شقيقها، وتم تسليط الضوء خلال العمل على قوة شخصية عايدة، وكيف استطاعت الصمود في مواجهة التحديات على الرغم من تعرّضها لعقبات كثيرة.

- مسلسل "سلطانة المعز"، عام 2020:

جسدت خلاله شخصية "سلطانة"، التي لقّبها أهل شارعها بالمرأة الحديدية بسبب صلابة عودها، ودفعتها الظروف إلى دخول السجن، وبعد خروجها منه، قررت الأخذ بالثأر، واسترداد حقّها، والانتقام ممن تسبّب في دخولها إياه.

- مسلسل "السيدة الأولى"، عام 2014:

يرصد قصة حياة الزوجة الثانية لرئيس جمهورية، وأدت خلاله دور "مريم" زوجة الرئيس، التي تسعى إلى السيطرة على الحكم بعد تعرّض زوجها لمحاولة اغتيال.

أما عن السبب الذي جعل غادة عبد الرازق، تهوى تقديم تلك النوعية من الشخصيات النسائية على الشاشة، فببساطة لأنّ غادة عبد الرازق، نفسها، تتسم بتلك الشخصية القوية المسيطرة، والجريئة، ويظهر ذلك خلال لقاءاتها في برامج التلفاز، فهي معروفة بآرائها القوية، وشخصيتها الواثقة من نفسها التي لا تهتزّ لأيّ شيء، والصريحة إلى أبعد الحدود، إلى درجة أنّ الكثيرات من فتيات السوشال ميديا ينجذبن إلى شخصية غادة بشدّة، ويعددنها مثلاً أعلى لهنّ في قوة الشخصية، ويقمن بنعتها بـ"القوية" على مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيراً ما ينشرن مقاطع من تصريحاتها، أو منشورات تحمل صورها عليها عبارات تدلّ على الثقة بالنفس. على سبيل المثال، أطلّت غادة من خلال أحد البرامج وأكدت بمنتهى الصراحة أنها تفضّل الأخذ على العطاء، والمال على الشهرة، وليست لديها مشكلة في البقاء في علاقة مع طرف ليس سعيداً معها، فالأهم لديها أن تكون سعيدةً ليس إلا.

 وقد اعترفت غادة عبد الرازق، خلال لقاء لها، بأنها بالفعل تهوى تقديم الشخصيات القوية والقيادية، في أعمالها الفنية، وعن سرّ ذلك قالت: "اتجه إلى تلك الأدوار حتى أعطي رسالةً لجميع السيدات اللواتي يمكثن في المنزل، وأكون نموذجاً يدلّهن على الطريق، وينصحهنّ بأن يرفضن الاستسلام".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image