شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هل تستطيع مصر والأردن الوقوف أمام مخطط ترامب التهجيري لسكان غزة؟

هل تستطيع مصر والأردن الوقوف أمام مخطط ترامب التهجيري لسكان غزة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 30 يناير 202503:25 م

"أعتقد أنهما سيقبلان بنقل بعض من سكان غزة إلى بلديهما. لقد قدمنا لهم الكثير من المساعدة، وأنا متأكد أنهم سيساعدوننا أيضاً"؛ بهذه الكلمات فَجر الرئيس الأمريكي المُنتخب حديثاً، دونالد ترامب، قنبلة جديدة بشأن نواياه نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، ضمن خطة وصفها بـ"تطهير غزة".

ترامب الذي كان حجز الزاوية في التوصل لاتفاق الهدنة في غزة منذ أيام قليلة، اعتبر أن القطاع الفلسطيني كان "جحيماً لسنوات عديدة، ولطالما ارتبط بصراعات بين حضارات مختلفة منذ آلاف السنين، معتقداً أنه يمكن للناس أن يعيشوا في مناطق أكثر أماناً، وأكثر راحة، ويفضل المشاركة مع بعض الدول العربية في بناء مساكن بمكان مختلف ليعيش مليون ونصف فلسطيني في سلام"، على حد قوله.

وعلى الرغم من أن الحديث عن تهجير سكان قطاع غزة، ليس بالجديد، فقد سبقه سلفه بايدن في بداية حرب غزة بطرح هذا الأمر، إلا أن الجدية التي يبدو ترامب عليها منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية، فتحت الباب للحديث عن إمكانية تنفيذ التهجير، لا سيما وأنه ردّ على تساؤل بشأن ما إذا كان لا يزال ملتزماً بمبدأ "حل الدولتين" وقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، بالإشارة إلى أنه سيتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سيأتي لزيارة واشنطن في وقت قريب، من أجل التفاوض.

وقبيل سفر نتنياهو لواشنطن، كشف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، عن أنه يعد خطة مع نتنياهو والمجلس الأمني الكابينت "من أجل تهجير سكان غزة"، واصفاً مقترح الرئيس الأمريكي بنقل سكان غزة إلى الأردن ومصر بـ"فكرة رائعة".

مقترح الرئيس الأمريكي، والذي قوبل بتفاعل شعبي ورسمي كبير في مصر والأردن، أثار كذلك تساؤلاً هاماً، بشأن ما هي الأوراق التي تمتلكها القاهرة وعمان للوقوف في وجه مخططات ترامب الفترة المقبلة؟

رفض رسمي أردني

ولم تَكد تمضي ساعات قليلة على تصريحات ترامب بشأن التهجير، حتى خرج أول رد رسمي من الجانب الأردني على لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي، والذي أكد رفض بلاده لتهجير الفلسطينيين، مشدداً على أن هذا "أمر ثابت لا يتغير".

فخلال مؤتمر صحافي مع المنسقة الأممية لعملية السلام في الشرق الأوسط سيغريد كاغ، أشار الوزير الأردني إلى أن أولوية بلاده تتمثل في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، مؤكداً على أن "حل القضية الفلسطينية هو حل فلسطيني، والأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين"، وأن حل الدولتين هو السبيل لتحقيق السلام.

على الرغم من أن الحديث عن تهجير سكان قطاع غزة، ليس بالجديد، فقد سبق ترامب لهذا الاقتراح سلفه بايدن في بداية حرب غزة، إلا أن الجدية التي يبدو ترامب عليها منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية، وتحديده لمصر والأردن، فتحا الباب للحديث عن إمكانية تنفيذ التهجير

في هذا السياق، يؤكد الباحث السياسي الأردني، رجا طلب، أن الشعب الأردني وعلى الرغم من تشابكه ديموغرافياً مع الشعب الفلسطيني، إلا أن هناك إجماعاً وطنياً على رفض مسألة التهجير، إضافة إلى أن الأمر يتعلق بالجانب الاقتصادي أيضاً، فالمملكة الهاشمية في ظل أوضاعها الاقتصادية الصعبة لا تستطيع تَحمل كُلفة انتقال مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى أراضيها، والذي من شأنه الانعكاس سلباً على المستوى المعيشي للطبقة الفقيرة والمتوسطة في الأردن، ولذلك فالإجماع عام في الداخل من الملك لأصغر مواطن على رفض التهجير.

ويرى طلب في حديثه لرصيف22، أن التصريحات التي أطلقها ترامب مؤخراً بشأن تهجير سكان غزة للأردن ومصر، "ليست أفكاره، وإنما تعود لأفكار الأنجيليين المُتصهينين المتواجدين في إدارته"، دون تسمية أشخاص بعينهم، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من وزرائه يعتنقون أفكارَ الصهيونية المسيحية المُتعصبة، ويطمحون لإعادة بناء هيكل سليمان للمرة الثالثة في القدس، وظهور المسيح من جديد، مع السيطرة على العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين وأجزاء من شبه الجزيرة العربية، باعتبارها "أرض الميعاد" لإسرائيل التاريخية.

مخطط كوشنر

"المستقبل ضبابي في غزة"؛ هكذا يقول السياسي الأردني، ذاهباً لما وصفه بـ"معركة المخططات في غزة"، وفي مقدمتها "مخطط كوشنر"، الذي يستهدف تفريغ القطاع من سكانه، وتحويله إلى سنغافورة الجديدة في الشرق الأوسط، تجلب الاستثمارات وتصبح مكاناً لحياة رغيدة للإسرائيليين بالأساس، وبشكل محدود للفلسطينيين والمنطقة العربية، بالإضافة إلى مخطط عودة تل أبيب من جديد للحرب والذي يقوده اليمين المتطرف في إسرائيل، لا سيما وأن عودة سكان غزة من الجنوب للشمال أفشلت "خطة الجنرالات" التي هَدفت بالأساس لإبعاد الغزاويين عن الشمال، وأشعلت غضباً كبيراً في إسرائيل.

في 25 حزيران/يونيو 2019، أطلق جاريد كوشنر، صهر مستشار دونالد ترامب حينها، خطةً تنصّ على جذب استثمارات تتجاوز قيمتها خمسين مليار دولار "معظمها" لصالح الفلسطينيين، مع إيجاد مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلّي، على أن يمتد تنفيذها على عشرة أعوام، فيما يُشبه صناعة "سنغافورة" جديدة، دون التطرق إلى قيام دولة فلسطينية مستقلّة، ضمن ما عُرف بـ"صفقة القرن"، إلا أن الفلسطينيين رفضوا الأمر حينها.

ماذا يمتلك الأردن من أوراق؟

وبينما يعتقد السياسي الأردني أن الأوراق التي يمتلكها الأردن في وجه مخططات ترامب وإسرائيل "محدودة"، فإنه يُعوّل على الالتفاف الشعبي حول القيادة الأردنية لرفض المطالب الأمريكية، والتي يمُكن أن يكون لها تبعات لاحقاً، تتمثل في عقوبات اقتصادية وفرض نوع من الحصار على عمان، مؤكداً أن الأردن لا يمتلك سوى أن يقول "لا" لترامب وإدارته، ولا يمكن القبول بأي تنازل في هذه المسألة.

الأوراق التي يمتلكها الأردن في وجه مخططات ترامب وإسرائيل "محدودة"، لذا فإنه يُعوّل على الالتفاف الشعبي حول القيادة الأردنية لرفض المطالب الأمريكية.

يُضيف رجا طلب، أن موقف السعودية سيكون ركيزة أساسية في وجه مخططات التهجير، لا سيما وأن الرياض اشترطت في وقت سابق القبولَ بإقامة دولة فلسطينية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ضمن "حل الدولتين"، وهو ما ترفضه تل أبيب، وتحاول واشنطن حالياً إجهاضه. لذلك فالمملكة العربية السعودية بما تمتلكه من استثمارات كبيرة مع واشنطن قادرة على الوقوف في وجه تهجير الفلسطينيين، وبناء موقف عربي موحد مع الأردن ومصر.

ويتفق رداد القلاب، الكاتب والصحافي الأردني، مع سابقه، في أهمية الالتفاف الشعبي حول القيادة الأردنية لإيصال رسالة واضحة برفض التهجير، مبرهناً بموقف أكبر أحزاب المعارضة الأردنية، حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي للإخوان المسلمين) والذي أكد على لسان النائب صالح العرموطي، الوقوف خلف الملك ورفض مشروع التهجير والتوطين والوطن البديل. 

وكان العرموطي قد طالب في تصريحات صحافية، بإلغاء جميع اتفاقيات السلام مع الكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن تلك الاتفاقيات تعتبر فاتحة لأن يكون الأردن وطناً بديلاً، وتتيح تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، داعياً كذلك الحكومة الأردنية لتخصيص مبالغ في الموازنة العامة لدعم الجيش الأردني وتسليحه للدفاع عن الأردن وفلسطين.

ويُعدد القلاب في حديثه لرصيف22، الأوراق التي يمتلكها الأردن للوقوف في وجه مخططات التهجير، معتبراً أن عمان بما تمتلكه من أطول حدود مع إسرائيل لمسافة أكثر من 500 كلم، والهدوء الذي سيطر على تلك الحدود على مدار السنوات الماضية، ومدى إمكانية الحفاظ على تلك الجبهة هادئة من عدمه، ورقة ضغط هامة للأردن، إضافة لموقعه الجغرافي في قلب الشرق الأوسط، حيث سوريا والعراق والضفة الغربية، وحاجة أمريكا للتواصل مع هذه البلدان والمناطق المضطربة عبر وسيط مثالي يتثمل بالأردن، فضلاً عن معاهدة السلام مع إسرائيل، والتي منحت الدور للهاشميين في المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس، وتمنع المساس بالأمن والحدود الأردنية، وهي التزام قانوني أمام المجتمع الدولي.

ويستبعد الصحافي الأردني إمكانية الذهاب للخيارات العسكرية، لا سيما وأن ترامب وحكام المنطقة "غير راغبين" بفتح جبهة في إقليم ملتهب بحاجة إلى التهدئة، إلا أن الأردن عليه التحرك سريعاً والتواصل مع الشركاء العرب والإقليميين لبناء موقف موحد يقوم على رفض التهجير، مهما كانت الضغوطات أو المُغريات، معتبراً أن موقف الفلسطينيين بالتشبث بأرضهم ورفض الخروج من غزة هو حجز الزاوية، الذي يجب أن يقف خلفه كل العرب.

رفض مصري حاسم

القاهرة والتي تُمثل الطرف الثاني في خطة ترامب التي أسماها "تطهير غزة" تقف اليوم أمام اختبار صعب، حيث سبق أن رفضت خطة تهجير سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء إبان ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، فهل تستطيع أن تقف في وجه ترامب؟

وفي أول رد فعل رسمي، أكدت الخارجية المصرية، في بيان، "تمسك مصر بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، ورفضها أي مساس بالحقوق الفلسطينية، سواءً من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو التهجير"، مُشددة على أن القضية الفلسطينية "تظل هي القضية المحورية بالشرق الأوسط وأن التأخر في تسويتها، وفي إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة".

كذلك، أكدت استمرار دعم مصر لـ"صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه، وبمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

في 2019، أطلق كوشنر صفقة القرن، وهي خطة تنص على جذب استثمارات تتجاوز قيمتها خمسين مليار دولار "معظمها" لصالح الفلسطينيين، مع إيجاد مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلّي، فيما يُشبه صناعة "سنغافورة" جديدة، دون التطرق إلى قيام دولة فلسطينية مستقلّة، إلا أن الفلسطينيين والعرب رفضوا الأمر حينها

وبينما أكد الرئيس الأمريكي على أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري تناول مسألة نقل جزء من سكان غزة لمصر، نفى مصدر مسؤول رفيع المستوى، لقناة "القاهرة الإخبارية"، إجراء أي اتصال هاتفي بين السيسي وترامب.

جس نبض القاهرة

في غضون ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، طارق فهمي، إن تصريحات ترامب بشأن استقبال مصر والأردن لسكان غزة، محاولة "جس نبض" للقاهرة وعمان، وكذلك الدول المُنتظر أن تشارك في مشاريع إعادة إعمار القطاع الفلسطيني، مشيراً إلى أن مصر وعلى الرغم من عدم رغبتها في الدخول بمناكفات سياسية مع إدارة ترامب، إلا أن مسألة التهجير تُشكل "أمناً قومياً" بالنسبة لها، وإحدى ثوابت سياستها الخارجية، وحال اتخاذ ترامب لخطوات في هذا الملف فسيكون لمصر موقفاً شديد الحسم والوضوح بالرفض.

وبينما يشير طارق فهمي في حديثه لرصيف22 إلى أن المشروع الذي طرحه ترامب ليس الأول من نوعه، حيث سبق أن طرحته إدارة بايدن قبل أشهر قليلة، فإنه يُعول على نجاح القاهرة في وقف تلك المشاريع وإيصال رسالة واضحة لا تحتمل تقديم أي تنازلات للبيت الأبيض، خاصة في ظل التضامن الشعبي الواسع والإجماع على رفض مسألة التهجير.

ماذا تمتلك القاهرة من أوراق؟

وعن أوراق القاهرة، يقول فهمي: "مصر بالتأكيد لديها أوراق ضاغطة للوقوف أمام مخطط التهجير الشيطاني، حيث يجب الإشارة إلى أن مصر تعتبر دولة هامة في ميزان السياسة الأمريكية، وكذلك الأردن، وواشنطن على الرغم من مساندتها لتل أبيب، إلا أنها لن تُضحي بعلاقتها مع هاتين الدولتين العربيتين، لا سيما وأنها تعلم مَدى ثقلهما في ميزان المنطقة وخريطة الدول العربية، والمصالح المشتركة التي تجمع مصر وأمريكا سيكون لها دور هام حال الوصول لتفاوض حقيقي حول التهجير".

يرى خبراء بأن البيت الأبيض، رغم ضغطه على القاهرة، لن يضحي بمصالحه المشتركة معها لصالح تل أبيب، وخير دليل على ذلك استثناء مصر من قرار وقف المعونات الذي وقعه ترامب.

ويُكمل أستاذ العلوم السياسية، أن خير دليل على تأثير المصالح المشتركة والشراكات الأمنية والعسكرية بين واشنطن والقاهرة، هو استثناء مصر من تقييد المساعدات العسكرية المُقدمة لعدة دول، على غرار ما تم مع الأردن، معتبراً أن الكثير من أطروحات ترامب لا يتم تنفيذها على أرض الواقع، كطرحه في ولايته الأولى لما أسماه "ناتو الشرق الأوسط والناتو العربي"، بالإضافة إلى إحباط مخطط "صفقة القرن" التي سوّق لها بشكل واسع، ومساعيه لإعادة هيكلة الترتيبات الأمنية بالمنطقة.

وفي 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلنت الولايات المتحدة تجميد مساعداتها الخارجية بما فيها المساعدات الطارئة، مع منح إعفاءات تتعلق بتقديم "تمويل عسكري خارجي لإسرائيل ومصر، إلى جانب النفقات الإدارية، بما فيها الرواتب، الضرورية لإدارة التمويل العسكري الخارجي".

وتتلقى مصر معونة أمريكية ثابتة سنوياً منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية في 1979، تحولت منذ عام 1982 لمُنح لا ترد بواقع ثلاثة مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية والتي تقلصت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.

ويطالب طارق فهمي، بضرورة الاصطفاف الشعبي، وتحصين الجبهة الداخلية، وإيصال رسالة لواشنطن بالرفض الشعبي لهذا المخطط، بالإضافة إلى ضرورة الحشد العربي، وبناء موقف عربي موحد يرفض هذه الفكرة بشكل حاسم، بالتواصل مع القوى العربية المؤثرة والتي تمتلك أدوات ضغط، كالسعودية والإمارات، معتبراً أن المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لمصر "غير مؤثرة" بالنسبة لمسألة "في غاية الخطورة" كالتهجير.

أطراف عربية مؤثرة

ويتفق الكاتب والباحث في الشؤون السياسية، أيمن سمير، مع سلفه، في ضرورة دخول أطراف عربية مؤثرة مثل السعودية والإمارات وقطر، لدعم أي توجه لحل الدولتين الذي تبنته القاهرة لسنوات طويلة ورفض مسألة التهجير؛ حيث إن ذلك من شأنه أن يُشكل ضغطاً شديداً على إسرائيل وعلى ترامب، الذي تجمعه بتلك الدول مصالح اقتصادية كبرى، بالإضافة إلى أهمية بناء مسار دبلوماسي دولي رافض لفكرة التهجير القسري، والتأكيد على أن ذلك يتعارض مع القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني كونه بمثابة "تطهير عرقي" للشعب الفلسطيني.

يضيف سمير في حديثه لرصيف22، أن القاهرة عليها المساعدة في تثبيت وبقاء الفلسطينين على أراضيهم عبر الدفع بأكبر كمية من المساعدات الطبية والإنسانية لسكان القطاع، معتبراً أن بقاء وصمود الشعب الفلسطيني في أرضه جزء رئيسي من الأمن القومي العربي والمصري، ولا يمكن لمصر أن تقبل أو تتسامح مع هذه الخطة، لما تُشكله من خطر حقيقي على أمنها.

التهديد بتجميد اتفاقيات السلام

ويذهب الباحث المتخصص في الشؤون السياسية، لورقة التهديد بتجميد اتفاقيات السلام أو الانسحاب من الوساطة التي تقوم بها القاهرة بين حماس وإسرائيل في الوقت الحالي، وذلك كورقة ضغط أخيرة على ترامب وإدارته للتراجع عن مخططات التهجير، محذراً من أن الحديث عن خروج السكان بشكل مؤقت هو "خُدعة كبرى"، والولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن أن يقبلوا بعودة من خرج من الأراضي الفلسطينية، وخير شاهد على هذا الأمر هو القرار 194 الذي يدعو لعودة نحو 700 ألف فلسطيني تركوا بيوتهم في النكبة، وحتى اليوم ترفض إسرائيل عودتهم مرة أخرى الى أراضيهم، لا سيما وأن ترامب قد يَقبل في مرحلة لاحقة ضم غزة والضفة لإسرائيل، وهذا سيناريو لا تحتمله الشعوب العربية قبل حكامها، في ظل أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعهم.

ويَعرج أيمن سمير، لضرورة استغلال مساعي ترامب الاقتصادية، ورغبته في زيادة الاستثمارات الخليجية بالاقتصاد الأمريكي، في ردعه عن مساعي إخراج سكان غزة من أرضهم، خاصة وأنه يعتمد مبدأ يقوم على "الاقتصاد بدلاً من الحرب"، ويؤمن أن الحرب هي سبب تآكل وتراجع قدرات الأمم، وإذا رغبت أمريكا في الهيمنة على العالم لعقود مقبلة، عليها خفض فاتورة إنفاقها العسكري خارجياً، ووقف اندلاع الحروب. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image