فرنسا أرض ذات طاقة ثقافية كبيرة، وهي موطن نموّ وازدهار مئات الفنانين والرياضيين والمثقفين من أصول عربية؛ شخصيات كان لكلّ منها تأثيرها الهائل على الثراء الثقافي لهذا البلد، حيث ألهمت العديد من الفنانين والمشاهير وحتى الشباب الأوروبي.
عدد هؤلاء المشاهير، الذين أصبحوا نجوماً مشهورين لعدة أجيال، كبير جداً بحيث لا يمكن جمع أسمائهم كلها في مادة واحدة، لذا سنكتفي بتسمية ثلاث شخصيات بارزة من الجيل السابق وثلاثة نجوم مشهورين من الجيل الجديد، وسنبني اختيارنا على الشهرة. ومن الواضح أن هناك عدداً لا يحصى، من الرسامين والممثلين والصحافيين ومخرجي السينما والمسرح والكوميديين والرياضيين والموسيقيين والمغنين الفرنسيين من جذور عربية.
إيزابيل أدجاني
وُلدت إيزابيل أدجاني، في 27 حزيران/يونيو 1955 في باريس، من والدة ألمانية تدعى إيما أوغستا شوينبرغر ووالد جزائري مسلم اسمه محمد شريف أدجاني، الذي كان يعمل في ورشة لتصليح السيارات.
إيزابيل، هي الممثلة الفرنسية الوحيدة التي حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان سيزار السينمائي لخمس مرات، وذلك بتأديتها أدواراً في العديد من الأفلام المهمة، أبرزها فيلم "قصة أديل"، للمخرج فرانسوا تروفو، وفيلم "سكون" (Possession)، للمخرج أندرية زولاواسكي. بدأت إيزابيل التمثيل في سن 14 عاماً.
إنريكو ماسياس
إنريكو ماسياس، واسمه الحقيقي غاستون غريناسيا، وُلد في 11 كانون الأول/ديسمبر 1938 في قسنطينة بالجزائر في عائلة يهودية.
إيزابيل، هي الممثلة الفرنسية الوحيدة التي حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان سيزار السينمائي لخمس مرات، وذلك بتأديتها أدواراً في العديد من الأفلام المهمة، أبرزها فيلم "قصة أديل"
كان والده عازف كمان في فرقة موسيقى أندلسية بمدينة قسنطينة، وعاش إنريكو أجواء الموسيقي منذ طفولته، حيث أظهر اهتمامه بالعزف على آلة الغيتار في سن مبكرة، وحينها تعلم العزف على هذه الآلة. بعد ذلك بدأ العزف في فرقة الشيخ ريمون ليريس، لكن حرب الجزائر غيرت حياته؛ ففي عام 1961، وبعد مقتل الشيخ ريمون، هاجر برفقة زوجته سوزي ليريس، ابنة الشيخ ريمون، إلى فرنسا واستقرّا هناك.
فور وصوله إلى فرنسا، واصل إنريكو العمل في مجال الموسيقى، واشتهر بإصدار أغانيه الفريدة مثل "وداعاً يا بلادي". موسيقى إنريكو ماسياس هي مزيج من الموسيقى الشرقية والغربية، ما جعله رمزاً للسلام بين أبرز رموز الموسيقى الفرنسية. كما أن مسيرته الفنية مليئة بالأعمال التي يظهر فيها الالتزام الإنساني والجهود المبذولة لإرساء السلام والمحبة.
داني بريان
داني كوهين، أو كما يعرف، داني بريان، وُلد في 28 كانون الأول/ديسمبر 1963 في تونس في عائلة يهودية. هاجرت عائلته من تونس إلى فرنسا عندما كان داني يبلغ من العمر عاماً واحداً فحسب، وذلك هرباً من التوترات العربية الإسرائيلية التي أدت إلى حرب 1967. بعد هذا الفرار استقرت العائلة في بلدة تقع على بعد 24 كيلومتراً من جنوب باريس.
في سن الثانية عشرة، انتقل داني إلى باريس مع أسرته، وتمكن والده الذي اضطر إلى بناء حياته وعائلته من الصفر بعد الهجرة، من فتح محل بقالة هناك. داني الذي كان مفتوناً بموسيقى الجاز والروك والموسيقى اللاتينية، وبموسيقى سيرج غينسبور وشارل أزنافور، ترك دراسة الطب في سن الحادية والعشرين وبدأ الغناء في الشوارع مع أحد جيرانه، الذي كان عازف الساكسفون في المقاهي والمطاعم.
إلى جانب الموسيقى، كان مهتماً بالسينما والمسرح، والتحق بمدرسة "كور فلوران" للمسرح، وظهر على المسرح عدة مرات، لكنه لم يحقق نجاحاً في هذا المجال. لذلك ترك المسرح وتفرغ للموسيقى، وفي عام 1991، أصدر أول ألبوم موسيقي له تحت عنوان "هذا جيد"، وكان نجاح هذا الألبوم وخاصة أغنية "سويزت" مبهراً للغاية.
كان داني قد كتب أغنية "سوزيت" (Suzette) بالأساس لفيلم فرنسي، لكن المشهد الذي كانت ستبث فيه هذه الأغنية حذف من الفيلم، وبعد إزالة المشهد، استمرّ داني في أداء هذه الأغنية في الحانات والمقاهي. فهكذا وقبل إصدار ألبومه، اشتهرت الأغنية وكان لها جمهور كبير.
ألبومات داني بريان الأخرى كانت بمثابة تجارب ناجحة بحد ذاتها، ومعظم أغاني الألبومات كانت من موسيقى الجاز اللاتينية بطريقة داني بريان الفريدة. ومع ذلك، كانت تجربته الأولى هي الأكثر نجاحاً، لا سيما أن أغنية "Suzette" لا تزال تُغنى في الحفلات والسهرات، حتى يومنا هذا.
لام
وُلدت لام (بالاسم الحقيقي لمياء) في 1 أيلول/سبتمبر 1971 في باريس، وهي الابنة الثانية بين سبعة أبناء لزوجين تونسيين هاجرا إلى باريس وأنشآ أسرتهما هناك، لكنهما لم يتمكنا من توفير الظروف المناسبة لحياة أطفالهما، لذلك كانت طفولة لام صعبة ومليئة بالمشاكل، وتأزمت حياتها أكثر بعد أن انفصل والداها. وبما أنها كانت لا تزال صغيرةً، وضعت في منظمة تعني برعاية الأطفال سيئي العناية "داس" (DDASS).
في تلك السنوات لجأت لام إلى الموسيقى، وكانت طوال طفولتها تحلم بأن تصبح مغنيةً مشهورةً، حيث كانت مفتونةً بتينا تورنر وبوني تايلور، وقامت بتأليف الأغاني في الزاوية الهادئة من غرفتها. فكتبت الأغاني وقامت بتأديتها في محطات مترو باريس. وأخيراً في عام 1998، حظت لام بشعبية وجمهور كبير، بعد تقديمها أغنية "أغني لأولئك البعيدين عن منازلهم".
صدر ألبومها الأول عام 1999، وبيع منه أكثر من 600 ألف نسخة، ومع أكثر من عقدين من النشاط المهني في مجال الموسيقى، كفنانة من أصل عربي لها هويتها وتعبيرها الفني الفريد، تمكنت من لعب دور مهم للغاية في تشكيل الذوق الموسيقي للجمهور الفرنسي. هذا يعني أنها، إحدى الشخصيات المهمة في صناعة الموسيقى الفرنسية.
إنديلا
عديلة سدريا، والتي تعرف باسمها الفني "إنديلا"، وُلدت في 26 حزيران/يونيو 1984 في باريس في عائلة جزائرية، وكما ذكرت هي مرات عديدة، لا يمكن حتى اعتبارها جزائريةً، لأن والديها لهما جذور كمبودية ومصرية وجزائرية وهندية، ومع هذا الوصف فمن الطبيعي أن تكون موسيقى أنديلا عبارة عن دمج بين موسيقى هذه الثقافات، والطريقة التي تختار بها أداء الموسيقى وتأليفها عادة ما تكون مزيجاً من موسيقى البوب والموسيقى الشرقية وأنواع مختلفة من الموسيقى الفرنسية.
دخلت أنديلا مجال الموسيقى، من خلال العمل في جوقة الفنانين، وخاصة مع مغنيي الراب، أمثال: روف وسوبرانو ويوسوفا. في عام 2013، أصدرت أغنية بعنوان "الرقصة الأخيرة"، والتي جذبت انتباه واهتمام العديد من جمهور الموسيقى. أدى هذا النجاح المذهل إلى نقل أنديلا من جوقة الكواليس إلى المسرح الرئيسي. بعد عام فحسب، أي عام 2014، تم إصدار أول ألبوم موسيقي لإنديلا بعنوان "عالم صغير"، والذي ظلت أغانيه في قائمة أفضل الأغاني الفرنسية لفترة طويلة.
مثلت ليلى بختي في العديد من المشاريع، من الأفلام إلى المسلسلات التلفزيونية ومسلسلات نتفليكس، وتحظى الآن بشعبية كبيرة ليس كممثلة وحسب، بل كواحدة من مشاهير السينما الفرنسية اللاتي يعملن على دعم التنوع الثقافي في سينما البلاد
تُعد أنديلا من الفنانين الذين لا يحبون الكشف عن حياتهم الشخصية وماضيهم، وبحسب رأيها، تفضل أن تتحدث أعمالها الموسيقية نيابة عنها. وقد أتاح تنوع الثقافة واللغة والتجارب الموسيقية لهذه المغنية إمكانية إنشاء عالمها الموسيقي المتميز والفريد من نوعه.
ليلى بختي
وُلدت ليلى بختي في 6 آذار/مارس 1984 في ضواحي باريس، في عائلة من أصل جزائري من مدينة سيدي بلعباس، نشأت في بيئة عائلية حافظت على ارتباطها بالجذور الجزائرية الأصيلة، لكنها اعتادت واختلطت بالمجتمع الفرنسي. ليلى، التي كانت مهتمة جداً بالسينما منذ الصغر، درست المسرح والتمثيل في "أكاديمية كرِيتي" (l'Académie de Créteil)، ثم انتقلت للدراسة في مدرسة "مسرح الأطفال المخيفون" (l'École des Enfants Terribles).
دخلت ليلى عالم السينما عام 2005 من خلال فيلم "الشيطان" للمخرج كيم تشابيرون، حيث أدت فيه دور البطولة إلى جانب فانسن كاسل، ويمكن القول إن هذا الفيلم فتح لها أبواب النجومية في السينما الفرنسية، لكن مشاركتها في فيلم الدراما الكوميدية "كل الأشياء التي تلمع" (Tout ce qui brille) يعد نجاحها الأول. أُنتج هذا الفيلم عام 2010 للمخرجَين جيرالدين نقاش وهيرفي ميمران، وحصلت عن دورها في هذا الفيلم، على جائزة سيزر في فئة "آمال المستقبل".
بعد ذلك، مثلت ليلى بختي في العديد من المشاريع، من الأفلام إلى المسلسلات التلفزيونية ومسلسلات نتفليكس، وتحظى الآن بشعبية كبيرة ليس كممثلة وحسب، بل كواحدة من مشاهير السينما الفرنسية اللاتي يعملن على دعم التنوع الثقافي في سينما البلاد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
حوّا -
منذ يومينشي يشيب الراس وين وصل بينا الحال حسبي الله ونعم الوكيل
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل هذه العنجهية فقط لأن هنالك ٦٠ مليون إنسان يطالب بحقه الطبيعي أن يكون سيدا على أرضه كما باقي...
Ahmed Mohammed -
منذ 3 أياماي هبد من نسوية مافيش منطق رغم انه يبان تحليل منطقي الا ان الكاتبة منحازة لجنسها ولا يمكن تعترف...
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياموحدث ما كنا نتوقعه ونتأمل به .. وما كنا نخشاه أيضاً
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامصادم وبكل وقاحة ووحشية. ورسالة الانتحار مشبوهة جدا جدا. عقاب بلا ذنب وذنب بلا فعل ولا ملاحقة الا...
mahmoud fahmy -
منذ أسبوعكان المفروض حلقة الدحيح تذكر، وكتاب سنوات المجهود الحربي، بس المادة رائعة ف العموم، تسلم ايديكم