تعاني العديد من الدول العربية من هشاشة في أنظمتها الغذائية. وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لعام 2023، "بلغ عدد من يعانون من نقص التغذية في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، 59.8 ملايين شخص في عام 2022، وهو ما يمثل 12.9% من إجمالي عدد السكان، متجاوزاً بكثير المتوسط العالمي البالغ 9.2%. ويمثّل هذا الرقم زيادةً بنسبة 75.9% منذ عام 2000". وكان معدل انتشار الجوع هو الأعلى في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان العربية الأقل نمواً، حيث يعاني ثلث السكان تقريباً من الجوع. وكانت "معدلات نقص التغذية في البلدان التي تشهد نزاعات أعلى بنحو أربعة أضعاف مقارنةً مع البلدان التي لا تشهد نزاعات"، حسب التقرير نفسه.
يوضح الرسم البياني أدناه، تطور انعدام الأمن الغذائي الشديد من عام 1999 إلى عام 2027، في اليمن وسوريا والسودان ولبنان. وتستند البيانات إلى الاتجاهات السابقة وتتضمن استقراءً للسنوات المستقبلية.
المصدر: الباحثة، استناداً إلى البيانات المفتوحة للبنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة.
أهم العوامل التي تؤثّر في الأمن الغذائي في العالم العربي هي التغيّر المناخي، وازدياد عدد السكان، والحروب والصراعات، يضاف إليها تقاعس الحكومات عن القيام بدورها في مواجهة تحديات انعدام الأمن الغذائي.
"59.8 ملايين شخص يعانون من نقص التغذية في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في عام 2022، أي 12.9% من إجمالي عدد السكان، متجاوزاً بكثير المتوسط العالمي البالغ 9.2%. ويمثّل هذا الرقم زيادةً بنسبة 75.9% منذ عام 2000"
تأثير العوامل المناخية
يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التبخر إلى تدهور الإنتاج الزراعي. ويشهد العالم العربي انخفاضاً ملحوظاً في معدلات هطول الأمطار بنسبة تتراوح بين 10-20% في بعض المناطق. وبرغم أن المنطقة العربية، لا تسهم إلا بنسبة 4.5% من الانبعاثات التي تسبب الاحترار العالمي، إلا أنها تدفع الثمن الأكبر من جرّاء تغيّر المناخ.
تأثير التصحّر
يعاني العالم العربي من التصحر، فنحو 80% من أراضيه مصنفة كمناطق جافة أو شبه جافة، ما يحدّ من القدرة على زراعة المحاصيل. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، من المتوقع أن تزداد درجات الحرارة بمقدار 2 إلى 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، الأمر الذي سيؤثر بشدة أكبر على انعدام الأمن الغذائي في المنطقة.
تأثير ندرة المياه
إن انعدام الأمن الغذائي وندرة المياه مترابطان بشكل وثيق. تضمّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 6% من سكان العالم، وأقل من 2% من الموارد المائية المتجددة، فهي المنطقة الأكثر جفافاً في العالم، حسب مدوّنات البنك الدولي. وفي المتوسط، لا يتجاوز توافر المياه 1،200 متر مكعب، للفرد سنوياً، أي أقل بنحو ست مرات عن المتوسط العالمي البالغ 7،000 متر مكعب، وفق تقرير دولي صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والبنك الدولي.
تُعدّ العديد من الدول العربية من بين أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه في العالم. على سبيل المثال:
اليمن: أقل من 120 متراً مكعباً من المياه للفرد سنوياً.
الأردن: نحو 150 متراً مكعباً للفرد سنوياً.
المملكة العربية السعودية: نحو 100-300 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب المنطقة وهطول الأمطار.
تقع هذه الدول تحت عتبة الـ1،000 متر مكعب للفرد، والتي تُعدّ الحد الأدنى لمنطقة تعاني من نقص المياه. وبينما تواجه العديد من الدول العربية "ندرةً مطلقةً في المياه"، ويتم تعريف هذه الندرة بأنها أقل من 500 متر مكعب للفرد سنوياً.
بالمقارنة، تتمتع الدول الغربية بكمية مياه أكبر بكثير للفرد:
الولايات المتحدة: 8،800 متر مكعب للفرد سنوياً.
فرنسا: نحو 3،100 متر مكعب للفرد سنوياً.
ألمانيا: نحو 1،500 متر مكعب للفرد سنوياً.
كندا: 80،000 متر مكعب للفرد سنوياً، ما يجعلها واحدةً من أغنى الدول بالمياه في العالم.
ومن أمثلة تأثير توافر المياه حالة مصر، إذ يوفر نهر النيل نحو95% من احتياجاتها من المياه العذبة. ومن المتوقع أن تفقد مصر 12 إلى 15% من أراضي دلتا النيل بحلول عام 2050، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، بالإضافة إلى التهديد الذي يمثله لها سدّ النهضة.
من ناحية أخرى، يوضح الرسم البياني أدناه بيانات المياه لعام 2020 في اليمن وسوريا والسودان والأردن، مقارنةً مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفيه تظهر:
المياه المتاحة: تشمل المياه من مصادر متجددة، مثل الأنهار والبحيرات والخزانات الجوفية المتجددة. وهذا يمثل الجزء المستدام من المياه الذي يمكن استخدامه دون استنزاف طويل الأجل.
المياه المستهلكة: تشمل كل المياه التي تستخدمها الدولة، بما في ذلك الخزانات الجوفية غير المتجددة، وتحلية المياه، والمصادر المتجددة المستخرجة بشكل مفرط. في العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتجاوز الاستهلاك الموارد المتجددة المتاحة، ما يجبرها على الإفراط في استغلال الخزانات الجوفية غير المتجددة أو الاعتماد على طرق أخرى مثل تحلية المياه.
المصدر: الباحثة، استناداً إلى إحصاءات المياه لمنظمة الأغذية والزراعة.
أهم العوامل التي تؤثّر في الأمن الغذائي في العالم العربي هي التغيّر المناخي، وازدياد عدد السكان، والحروب والصراعات، يضاف إليها تقاعس الحكومات عن القيام بدورها في مواجهة تحديات انعدام الأمن الغذائي
تأثير سد النهضة
ولا يمكن التغاضي عن تأثير سد النهضة على مصر والسودان، إذ يُعدّ مشروعاً طموحاً للطاقة الكهرومائية بتكلفة 4.5 مليارات دولار، ورمزاً لتحويل إثيوبيا إلى لاعب إقليمي. ويهدف مشروع السد إلى تغطية احتياجات 60% من المنازل الإثيوبية من الكهرباء والتي لا تزال خارج نطاق الشبكة الحالية، وذلك في إطار خطة لتحويل الدولة إلى مُصدّر طاقة رئيسي في المنطقة.
وقد أدى السد إلى نقص حصة مصر من مياه النيل المُقدّرة سنوياً بـ55.5 مليارات متر مكعب من المياه إلى أقل من ذلك بكثير، مع استمرار إثيوبيا في حجز المزيد من المياه داخل بحيرة السد. وبافتراض أن الموارد المائية المتاحة والنمو السكاني لا يزالان ثابتين، فإن مصر ستصل إلى حد الندرة الشديدة في المياه في عام 2033. أما السودان فإنه قد يستفيد على الأرجح من سعر كهرباء السدّ المخفّض وتدفق المياه المستقر الذي سيقلل من الفيضانات ويزيد من الريّ.
مما لا شك فيه أن سد النهضة الإثيوبي سيشكل تهديداً كبيراً للأمن المائي في مصر والسودان، وسوف يؤثر بشكل مباشر على الزراعة، وهي جزء حيوي من الاقتصاد والأمن الغذائي في البلدين.
تأثير النمو السكاني السريع
يشهد العالم العربي واحداً من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم، ما يزيد الضغط على الموارد الزراعية. من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم العربي إلى 500 مليون نسمة بحلول 2050، ما يعني زيادة الطلب على الغذاء بنسبة تصل إلى 60%. إن النمو السكاني السريع يفرض ضغوطاً على الموارد، خاصةً في المناطق التي تكون فيها الإنتاجية الزراعية منخفضة بالفعل، ما يؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي.
يقارن الرسم البياني أدناه بين النمو السكاني والأمن الغذائي في اليمن وسوريا والسودان ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:
النمو السكاني (%): تظهر الأشرطة على المحور الأيسر باللون الأزرق، وتشير إلى أن اليمن وسوريا والسودان لديها معدلات نمو سكاني أعلى بكثير مقارنةً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
مؤشر الأمن الغذائي: يظهر على المحور الأيمن باللون الأخضر، حيث تعكس الدرجة المنخفضة حالةً أسوأ من الأمن الغذائي.
المصدر: الباحثة، استناداً إلى البيانات المفتوحة للبنك الدولي وشُعبة السكان التابعة للأمم المتحدة.
ومن العوامل الرئيسية التي تربط سلباً بين النمو السكاني والأمن الغذائي، زيادة الطلب على الغذاء، والضغط على الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي والطاقة، تضاف إليهما الهجرة من الريف إلى الحضر، ما يقلّل من قوة العمل المتاحة للزراعة.
المصدر: الباحثة، استناداً إلى البيانات المفتوحة للبنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة.
تأثير الحروب على الأمن الغذائي
بحسب التقرير العالمي لأزمة الغذاء، فإن البلدان التي تعاني من صراعات طويلة الأمد فيها أكبر عدد من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. تشهد هذه الدول انهياراً في الإنتاج الزراعي وتفاقماً في الاعتماد على المساعدات الدولية.
حرب أوكرانيا
تُعدّ الحرب الأوكرانية واحدةً من أكبر الأزمات التي أثرت على الأمن الغذائي عالمياً، خاصةً في المنطقة العربية التي تعتمد بشكل كبير على واردات الحبوب من أوكرانيا وروسيا، وهما تمثلان معاً نحو 30% من صادرات القمح العالمية، حسب منظمة الأغذية والزراعة، حيث تعتمد العديد من الدول العربية على هذه الواردات لتلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية .
على سبيل المثال، تعتمد مصر على استيراد ما يقرب من 60% من احتياجاتها من القمح، حسب تقارير البنك الدولي حول تأثيرات الحرب الأوكرانية على سلاسل التوريد الغذائية، وقد تأثرت بشدة بالحرب في أوكرانيا، التي تُعدّ من أكبر مصدري الحبوب لها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء. وهي تواجه أزمةً كبيرةً في تأمين احتياجاتها من القمح، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الخبز بنسبة لا تقلّ عن 50% بعد بدء الحرب، حسب برنامج الغذاء العالمي.
كما يعتمد لبنان على واردات القمح بشكل كبير، وتأتي نسبة 80% من وارداته من أوكرانيا. وقد عطلت الحرب وصول الشحنات إلى لبنان، وهو ما ساهم في أزمة خبز وارتفاع أسعاره بشكل كبير، حسب المصدر نفسه.
حرب السودان
يمثل السودان واحدةً من أكثر الدول العربية إنتاجاً زراعياً. ومع ذلك، فإن الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي قد أثّرا بشدة على قطاع الزراعة، بحيث تراجع إنتاج الحبوب بأكثر من 50% خلال سنوات الحرب الأخيرة. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يعاني أكثر من 15 مليون شخص في السودان من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
الصراعات في ليبيا
أدت الحروب المستمرة بين الفصائل المتنازعة إلى تدهور النظام الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم، ما جعل أسعار الغذاء ترتفع بصورة جنونية، وتأثر وصول الأغذية المستوردة إلى السوق الليبي. وبحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يعتمد أكثر من 1.3 ملايين شخص في ليبيا الآن على المساعدات الإنسانية للحصول على الغذاء، وفق برنامج الأغذية العالمي في ليبيا وتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (ocha).
الوضع الكارثي في غزّة
قبل الحصار في عام 2007، كان نحو 40% من سكان غزّة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ما يدلّ على تدهور كبير في الوصول إلى الغذاء بمرور الوقت. ووفقاً لتقرير جديد صادر عن مبادرة التصنيف المرحلي للأمن الغذائي للبنك الدولي، يتبين أن 96% من سكان غزّة، أي 2.15 مليون شخص، وأكثر من 495 ألفاً (22% من السكان)، يواجهون مستويات كارثيةً من انعدام الأمن الغذائي تصل إلى حد المجاعة. كما تم تصنيف 745 ألف شخص (33%)، في حالة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي، وكل ذلك بسبب حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل هناك.
التأثير الإقليمي للحروب
انهيار سلاسل التوريد: أثّرت ولم تزل تؤثّر الحروب بشكل كبير على سلاسل التوريد، حيث يصعب تأمين الواردات الغذائية أو توزيعها بشكل منتظم.
الاعتماد على المساعدات الدولية: كثير من دول النزاعات في العالم العربي أصبحت تعتمد على المساعدات الإنسانية الدولية، مثل ليبيا واليمن وسوريا. يؤدي الاعتماد على المساعدات إلى هشاشة اقتصادية وتفاقم في أزمة الأمن الغذائي.
ارتفاع أسعار الغذاء: تزيد الحروب من تكاليف النقل والتوزيع وتؤدي إلى تضخم كبير في الأسعار. على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الخبز في سوريا بأكثر من 200% منذ بدء الحرب.
لا بد من التساؤل عن دور الحكومات في تغيير واقع الجوع الذي يهدد المنطقة العربية. فهذه الحكومات لم تقم بالاستثمار في البنية التحتية الزراعية، ولا في تقنيات الري الحديثة ولا في الحلول المستدامة ولا حتى في التعاون الإقليمي إن كان من حظ لنجاحه
تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية
بسبب الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، ارتفعت أسعار الغذاء في المنطقة العربية بشكل ملحوظ. وفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ارتفع مؤشر أسعار الغذاء العالمي بنسبة 20% في عام 2022، ما أثّر بشدة على القدرة الشرائية للأسر في الدول العربية، خاصةً في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
كما أن تكلفة شحن المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 30% بسبب الصعوبات في تأمين ممرات الشحن، وهذا أضاف مزيداً من الضغط على المستوردين في الدول العربية.
ويظهر البيان أدناه تطور استيراد الغذاء في بعض بلدان المنطقة التي تعاني من ضعف الأمن الغذائي أو انعدامه، وفق البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة. ويظهر كيف أنه في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، كانت العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر اكتفاءً ذاتياً، حيث اعتمدت بشكل كبير على الزراعة المحلية. ومنذ التسعينيات، ارتفع اعتماد الدول على استيراد الغذاء بشكل مطرد مع ركود الإنتاجية الزراعية، بينما نمت أعداد السكان بسرعة. وبحلول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أصبحت الواردات بالغة الأهمية للأمن الغذائي، حيث تستورد دول مثل اليمن والأردن ولبنان أكثر من 80% من غذائها.
المصدر: الباحثة، استناداً إلى البيانات المفتوحة للبنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة.
واليوم، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد بشكل كبير على واردات الغذاء، ويبدو أن هذا الاتجاه في صعود مستمر، ولا تزال الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك المحلي تتّسع.
صندوق النقد الدولي ورفع الدعم عن الخبز
نصح صندوق النقد الدولي (IMF) العديد من الدول العربية برفع الدعم عن الخبز والسلع الأساسية، مبرراً ذلك بضرورة الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى معالجة العجز المالي وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي المكلف (مصر، السودان، تونس، الأردن، المغرب ولبنان).
وقد ولّد ذلك احتجاجات شعبيةً محقةً في معظم هذه الدول، حيث عدّ المواطنون أن هذه الخطوة تزيد من الضغوط الاقتصادية عليهم، في ظل اقتصاد متهور وغياب شبكات حماية اجتماعية كافية.
التأثير على برامج المساعدات الإنسانية
واجهت الدول التي تعتمد على المساعدات الإنسانية، مثل اليمن وسوريا وغزة ولبنان، صعوبات أكبر في تأمين الإمدادات الغذائية نتيجة ارتفاع الأسعار. برنامج الأغذية العالمي اضطر إلى تقليص الحصص الغذائية في بعض الدول العربية نتيجة ارتفاع تكاليف التوريد.
الحكومات غائبة
كما تبيّن المؤشرات الواردة أعلاه كافة، الكثير من بلدان المنطقة العربية على وشك المجاعة، والكثير من أهلها يعانون من سوء التغذية. لذلك، يمثل الأمن الغذائي تحدياً كبيراً في العالم العربي. وقد أتت الحروب في هذه البلدان وفي المنطقة لتزيد الأمر تفاقماً، إذ أدت إلى تدمير البنية التحتية الزراعية وتعطّل سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار وزيادة الاعتماد على الواردات.
96% من سكان غزّة، أي 2.15 مليون شخص، وأكثر من 495 ألفاً (22% من السكان)، يواجهون مستويات كارثيةً من انعدام الأمن الغذائي تصل إلى حد المجاعة.
ولا بد هنا من التساؤل عن دور الحكومات في تغيير واقع الجوع الذي يهدد المنطقة. فهذه الحكومات لم تقم بالاستثمار في البنية التحتية الزراعية، ولا في تقنيات الري الحديثة ولا في الحلول المستدامة ولا حتى في التعاون الإقليمي إن كان من حظ لنجاحه.
وباستثناء بعض المبادرات في إعادة التشجير، مثل "السدّ الأخضر" في الجزائر، و"المبادرة الخضراء" في السعودية، والتي تهدف إلى مكافحة التصحر وزيادة المساحات الخضراء في المناطق القاحلة، لم تقم حكومات هذه البلدان بوضع الخطط المناسبة لمكافحة انعدام الأمن الغذائي، مثال تطوير البحث العلمي لتطوير محاصيل مقاومة للجفاف، والاستثمار في الزراعة المستدامة وفي الاقتصاد الأخضر، وبقيت حتى الآن عاجزةً عن ضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة وتوفير مستقبل أفضل للسكان.
الدول العربية على مؤشّر الجوع العالمي
شروحات:
درجات مؤشر الجوع العالمي: بناءً على مقياس يتراوح من منخفض (أقل من 9.9)، إلى مثير للقلق للغاية (أعلى من 50). تعكس درجات مؤشر الجوع العالمي مستويات الجوع، مع الأخذ في الاعتبار سوء التغذية، ووفيات الأطفال، والتقزم، والهزال.
انتشار سوء التغذية: يمثّل النسبة المئوية للسكان الذين لا يحصلون على ما يكفي من السعرات الحرارية.
الاعتماد على استيراد الغذاء: يشير إلى النسبة المئوية من الغذاء الذي تستورده الدولة لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية. تعتمد دول الخليج بشكل كبير على واردات الغذاء بسبب الموارد الزراعية المحدودة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...