لم يتبقَ للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن إلا أيام داخل أروقة البيت الأبيض قبل أن يغادره ليحل محله سلفه دونالد ترامب يوم 20 كانون الثاني/ يناير 2025 بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الشهر الماضي.
فترة قصيرة، يستغلّها بعض الرؤساء والمسؤولين لتوضيب مكاتبهم وجمع أوراقهم وإنهاء بعض الأعمال العالقة أو القيام بأعمال ضرورية مستعجلة، إلا أن بايدن خالف العادة وسافر إلى أفريقيا، وتحديداً إلى أنغولا، مطلع الشهر الجاري، في أول زيارة لرئيس أمريكي لهذه الدولة الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.
توقيت الزيارة يعكس أهميتها، وقد استغلها بايدن لتجديد تعهّد بلاده توسيع "ممر لوبيتو" الذي يعتبر من أهم الطرق التجارية في أفريقيا، والسيطرة عليه تعني نفوذاً أكبر في القارة السمراء وخطوة هامة لتحقيق مكاسب سياسيّة واقتصاديّة وعسكريّة في مجالات عدة أبرزها التكنولوجيا.
عن أهمية "ممر لوبيتو"
"ممر لوبيتو" هو أحد أهم الممرات التجارية في القارة الأفريقية، وهو عبارة عن خط سكة حديد يمتد لمسافة 1300 كيلومتر، ينطلق من ميناء لوبيتو، في مقاطعة بنغيلا على ساحل المحيط الأطلسي الأنغولي، ويصل إلى مدينة لوآو على الحدود الشمالية الشرقية لأنغولا مع الكونغو الديمقراطية، وفق معهد أبحاث السياسات الأفريقية (APRI).
عقب زيارته إلى أنغولا، في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، أعلن بايدن نية بلاده استثمار 560 مليون دولار إضافية لتوسيع "ممر لوبيتو" في أكبر استثمار أمريكي مباشر في مجال السكك الحديد في القارة الأفريقية، في دليل آخر على أهميته بالنسبة لواشنطن. لماذا الآن؟
يمتد "الممر العابر لأفريقيا" لمسافة 400 كيلومتر أخرى داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى مدينة التعدين كولويزي التي تعتبر مركزاً لتعدين النحاس والكوبالت واليورانيوم والراديوم، حيث تشكّل أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية جزءاً من منطقة ما يسمى "حزام النحاس" الأفريقي، في قلب مناطق التعدين، وفق المصدر نفسه.
يعود إنشاء خط السكك الحديدية هذا إلى أوائل القرن العشرين، وقد استغرق إنجازه ما يقرب من ثلاثين عاماً، وذلك بسبب الجغرافيا الصعبة وتداعيات الحرب العالمية الأولى، وكان الهدف منه ربط مناطق التعدين في زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية عبر المحيط الأطلسي بمناطق التصدير في أوروبا والأمريكتين.
واستمر العمل عليه حتّى منتصف سبعينيات القرن الماضي حيث بلغ ذروة كفاءته التشغيلية عندما وظّف 13 ألف شخص في أنغولا، وبعدها تقلّص استخدامه بسبب الأضرار التي لحقت به خلال الحرب الأهلية في أنغولا.
انتهت الحرب الأهلية الأنغولية عام 2002، لكن لم يكن يتبقَ من الممر إلا 34 كيلومتراً من السكك الحديدية في الخدمة أي أقل من 3% من السكك الحديدية قيد التشغيل. وفي عام 2015 تمت إعادة تأهيله بموجب اتفاق مع الصين بقيمة ملياري دولار أمريكي.
تم إصلاح الممر وتصميمه لاستيعاب 67 محطة، وقطارات تسير بسرعة تصل إلى 90 كيلومتراً في الساعة، بحيث يكون قادراً على نقل 20 مليون طن من البضائع وأربعة ملايين مسافر، وهي الأرقام التي لم تتحقّق.
استثمار صيني
عملت الصين في السنوات الأخيرة على تعزيز حضورها العالمي من خلال إحياء مبادرة "الحزام والطريق" والتمدّد أكثر في المناطق الإستراتيجية الغنية بالمواد الخام الحيوية، ومنها دول القارة الأفريقية لصالح دفع نموها الاقتصادي للأمام بطريقة أسرع.
ضمن هذه المساعي، شاركت بكين في إعادة بناء خط السكة الحديدية المتهالك في لوبيتو في أنغولا -في مثال على المنافسة على النفوذ السياسي والموارد الطبيعية في المنطقة- وذلك من أجل تعزيز التجارة وتحسين الوصول إلى المواد الخام الحيوية.
استغلت الشركات الصينية انتهاء الاحتكار البرتغالي البلجيكي للممر الذي دام 99 عاماً، وبدأت الاستثمار بشروط تعجيزية. فتوازياً مع إحكام قبضتها على الموارد المعدنية الغنية في الدول الثلاثة التي يمر عبرها الممر خنقت الدول بقروض كبيرة جعلتها تقع في فخ الديون.
وتتمثّل تفاصيل الشراكة الصينية مع دول الممر في قيام بكين ببناء البنية التحتية للممر، وفي المقابل تقوم أنغولا وزامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بتصدير مواردها الطبيعية بكميات وفيرة إلى الصين وبدأ العمل بهذا الاتفاق منذ عام 2006.
ويعتبر هذا الممر جزءاً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تهدف بكين من ورائها إلى تأسيس ارتباطات تجارية واستثمارية تمتد إلى كل أنحاء الكرة الأرضية، وربط نصف سكان العالم ببعضهم البعض عبر شبكة من السكك الحديدية والطرق البرية السريعة والموانئ البحرية والجوية والمعابر الحدودية المبسطة، فضلاً عن أنابيب الطاقة.
تعلم الإدارة الأمريكية أهمية تطويق النفوذ الصيني المتزايد والسيطرة على طرق التجارة العالمية بمختلف مساراتها البرية والجوية والبحرية، فالسيطرة على هذه الممرات تعني امتلاك مفاتيح النفوذ والقوة للخريطة الجيوسياسية العالمية… كيف انعكس ذلك على اهتمامها بأفريقيا وبـ"ممر لوبيتو" تحديداً؟
الجدير ذكره في هذا السياق أن سداد الدول الثلاث للديون الصينية مرتبط بمواردها الطبيعية، فالصين قامت بالاستثمار في الممر بضمان إمدادات المعادن والنفط، لكن تقلّبات قيمة الموارد الطبيعية، وفقاً للطلب العالمي أجبر هذه الدول على طلب إعادة هيكلة سداد الديون من بكين.
اهتمام أوروبي أمريكي
تراجع الاهتمام الصيني بالممر في ظل بحث بكين عن طرق للحصول على ديونها المستحقة لدى دول المنطقة، إلا أنه لم يلبث حتّى شهد انتعاشاً في الأشهر الأخيرة من طرف آخر منافس للصين، كما يتضح من توقيع مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تتعلّق معظمها بتطوير الممر والأنشطة المتصلة بتقنيات الطاقة الخضراء والنظيفة، وخاصة منتجات سلسلة قيمة بطاريات السيارات الكهربائية.
لم يكن الاهتمام هذه المرة صيني إنما أوروبياً أمريكياً، والدافع وراء هذا الاهتمام متفهّم، فهناك عوامل وديناميكيات تشير إلى أن جدوى الممر قد تكون موضع تساؤل، وسوف يحتاج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى البقاء على دراية بهذه الديناميكيات المعاكسة ووضع التدابير المناسبة لمعالجتها.
وفي سياق هذا الاهتمام الأمريكي الأوروبي، فازت الشركات الأوروبية "ترافيغورا" و"موتا-إنغيل أفريقيا"، و"فيكتوريس"، نهاية عام 2022، بامتياز خدمات السكك الحديدية والدعم اللوجستي لممر لوبيتو لمدة 30 عاماً من الحكومة الأنغولية. وقد بدأت هذه الشركات في تحديث 500 كيلومتر من المسارات القائمة وإجراء تحسينات في ميناء لوبيتو. وينص الاتفاق على استثمار إجمالي بقيمة 450 مليون دولار أمريكي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2024، أعلنت "فيكتوريس"، شركة تشغيل السكك الحديد البلجيكية، استحواذ شركة "سكة حديد لوبيتو الأطلسية" على عمليات خط سكة حديد بنغيلا، وهو خط السكة الحديد الأساسي الحالي في "ممر لوبيتو".
بعدها بـ8 أشهر، أعلنت الحكومة الأمريكية، استعدادها لتوسيع مشروع السكة الحديد حتّى يصل الممر إلى المحيط الهندي عبر تنزانيا، فضلاً عن إعادة تأهيل خط سكة حديد بنغيلا الذي استُخدِم قديماً لتصدير المعادن.
وقبل أيام قليلة، زار الرئيس الأمريكي جو بايدن أنغولا في أول زيارة لرئيس أمريكي لدولة أفريقية منذ 2015، وهناك التقى الرئيس الأنغولي، جواو لورينسو، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، والرئيس الزامبي، هاكيندي هيشيليما، ونائب الرئيس التنزاني، فيليب مبانغو.
تمحورت هذه الزيارة على مسألة توسيع "ممر لوبيتو"، حيث أعلن بايدن نية بلاده استثمار 560 مليون دولار إضافية لتوسيع الممر، في أكبر استثمار أمريكي مباشر في مجال السكك الحديد في القارة الأفريقية، في دليل آخر على أهميته بالنسبة لواشنطن.
وتأمل الولايات المتحدة من خلال توسيع الممر إلى تقليص الوقت الذي يستغرقه نقل المعادن، من 45 يوماً براً إلى ما بين 40 و50 ساعة بالقطار، كما سيربط الممر بين جنوب أفريقيا ووسطها، ويوفر الوصول إلى شرق أفريقيا ومساراً إلى المحيط الأطلسي.
الاستحواذ على المعادن
تقول واشنطن إن الهدف من وراء توسيع "ممر لوبيتو" تنمية التبادلات الزراعية والتجارية داخل القارة الأفريقية، هذا الأمر صحيح لكن الهدف الأبرز من الاستثمار في المشروع الأفريقي الطموح الوصول إلى المعادن الإستراتيجية التي تحتاج إليها واشنطن لتشغيل أنظمة الأسلحة المتطورة، وتكنولوجيا الطاقة المستدامة.
وتمتلك الكونغو الديمقراطية موارد هائلة من المعادن مثل الكوبالت، وهي أكبر منتج في العالم لهذا المعدن بنحو 70% من الإنتاج العالمي، وتوجد في مقاطعة كاتانغا منطقة "حزام الكوبالت" التي تقدّر إمداداتها من الكوبالت بنحو 3.4 ملايين طن أي قرابة نصف الإمدادات العالمية. كما تمتلك البلاد أكبر احتياطي من خام الليثيوم في العالم، حيث يوجد 400 مليون طن من الليثيوم المخزن في منجم مانونو، وفق شركة المعادن الأسترالية AVZ Minerals، إلا أن هذا الاحتياطي غير مستغل إلى اليوم.
وتعد الكونغو الديمقراطية ثالثة كبرى الدول المنتجة للنحاس في العالم في عام 2023، وتوفر البلاد 10% من الإنتاج العالمي، ومن المتوقع أن تنمو صادرات الكونغو الديمقراطية من النحاس بمعدل نمو سنوي مركب قدره 1.70% بين عامي 2023 و2027.
أما زامبيا التي تقع أيضاً ضمن "حزام الكوبالت"، فتمتلك كميات هامة من المعادن على غرار النحاس والنيكل والذهب، فضلاً عن المعادن الصناعية المرتبطة بالطاقة، بما في ذلك اليورانيوم والفحم والهيدروكربونات، ويمثّل استخراج النحاس، إلى جانب إنتاج الكوبالت، أكثر من 98% من مبيعات المعادن و75% من الناتج المحلي الإجمالي في هذا البلد الأفريقي.
وبخصوص أنغولا، فهي واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في المنطقة، وتوفر هذه السلعة نحو نصف الإيرادات المالية للبلاد، كما تتمتع الدولة الواقعة في جنوب أفريقيا بقطاع مزدهر لتعدين الماس - يمثل نحو 8% من الإنتاج العالمي - ومع ذلك يُعتقد أن قرابة 60% من أراضيها غير مستكشفة بحثاً عن المعادن والفلزات.
ووفق عديد التقارير، تمتلك أنغولا احتياطيات كبيرة من خام الحديد في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد، كما توجد المعادن الأخرى - النحاس والمنغنيز والذهب والفوسفات واليورانيوم والفلسبار والبلاتين - بكميات تجارية في البلاد، وخاصة في منطقة المنحدر.
وتأمل الولايات المتحدة من خلال توسيع "ممر لوبيتو" إلى ربط المناجم الغنية بالمعادن في زامبيا والكونغو الديمقراطية بموانئ تنزانيا على المحيط الهندي وأنغولا على المحيط الأطلسي، حتّى يسهل وصول المعادن إليها وإلى حلفائها الأوروبيين.
وتعدّ هذه المعادن ضرورية للصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا المكثّفة، لذلك فإن واشنطن تحتاجها لتشغيل أنظمة الأسلحة المتطورة، وتكنولوجيا الطاقة المستدامة، وتواصل تفوّقها في هذا المجال.
والمتوقّع أن تزيد صناعات الطاقة النظيفة الطلب على الليثيوم بين 13 إلى 42 مرة، والغرافيت بين 8 و25 مرة، والكوبالت بين 6 إلى 21 مرة، والنيكل بين 6 إلى 19 مرة، والمنغنيز ما بين 3 إلى 8 مرات، وفق تقرير ما يشير تقرير مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي (ECLAC) نقلاً عن وكالة الطاقة الدولية.
يُفهم من هذا أن واشنطن تسعى لكسر الهيمنة التجارية للصين في مجال المعادن التي تعتبر حيوية للأمن القومي، فالمناطق التي يعبر منها الممر غنية بالمعادن الإستراتيجية والحيوية والتي لها دور كبير في دفع النمو والابتكار في مجالات الطاقة النظيفة والحوسبة المتقدّمة والتكنولوجيا الحيويّة والنقل والدفاع، وإنتاج السيارات الكهربائية، وفق ما يذكر توم شيهي عبر معهد الولايات المتحدة للسلام.
وعن زيارة بايدن لأنغولا، يقول توم: "كانت هذه رحلة وعد بالقيام بها في عام 2022 وقد تأخرت. إنه أول رئيس أمريكي يزور أفريقيا منذ تسع سنوات، لذا فقد تأخرت كثيراً. ونحن في منافسة جيوسياسية، ولدينا رئيس الصين يزور الدول الأفريقية بشكل روتيني والزعماء ورؤساء الدول في جميع أنحاء العالم لأنهم يدركون التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية. لذلك تم انتقاد رحلة بايدن".
تحدٍ لمبادرة الصين؟
تأمل واشنطن من خلال الاستثمار في "ممر لوبيتو" في الوصول إلى المعادن والسيطرة عليها، لكن هناك هدف آخر لا يقل أهمية عن هذا الهدف، وهو تطويق مبادرة الحزام والطريق الصينية، ومنذ سنوات تحاول الإدارة الأمريكية طرح مقترحات لمشاريع بنية تحتية كبرى في مناطق مختلفة من العالم لمواجهة نفوذ الصين المتنامي.
تعلم الإدارة الأمريكية أهمية تطويق النفوذ الصيني المتزايد والسيطرة على طرق التجارة العالمية بمختلف مساراتها البرية والجوية والبحرية، فالسيطرة على هذه الممرات يعني امتلاك مفاتيح النفوذ والقوة للخريطة الجيوسياسية العالمية.
تأمل واشنطن من خلال الاستثمار في "ممر لوبيتو" في الوصول إلى المعادن والسيطرة عليها، لكن هناك هدفاً آخر لا يقل أهمية عن هذا الهدف، وهو تطويق مبادرة الحزام والطريق الصينية، ومنذ سنوات تحاول الإدارة الأمريكية طرح مقترحات لمشاريع بنية تحتية كبرى في مناطق مختلفة من العالم لمواجهة نفوذ الصين المتنامي
منذ بداية عمل مبادرة الحزام والطريق التي استثمرت فيها البنوك الصينية المملوكة للدولة أموالاً طائلة، استطاعت بكين أن تقوّي تجارتها مع دول العالم وتصدّر ثقافتها وتغزو العالم تجارياً وثقافياً.
وتجاوز إجمالي المشاركة في مبادرة الحزام والطريق خلال العشر سنوات التي أعقبت انطلاقه 1.053 تريليون دولار أمريكي مع نحو 634 مليار دولار أمريكي في عقود البناء، و419 مليار دولار أمريكي في الاستثمارات غير المالية، وفق مركز التمويل الأخضر والتنمية في جامعة فودان في الصين.
ومن شأن توسعة "ممر لوبيتو" أن يمكّن الولايات المتحدة من استعادة علاقاتها مع دول المنطقة، ودمج حلفائها في هذا المشروع حتّى تدعم قوتهم في مواجهة باقي الكتل المنافسة، وتسهّل التكامل الاقتصادي بينهم وتبقيهم كشركاء موثوقين حتّى لا يندمجوا في مشاريع منافسة.
ويقول معهد السلام الأمريكي إن مشروع "ممر لوبيتو" يعدّ جزءاً أساسياً من سياسة الولايات المتحدة وأفريقيا في السنوات الأخيرة، ومن أهدافه تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية والتكامل الاقتصادي الإقليمي، مع مساعدة الولايات المتحدة على تنويع سلاسل توريد المعادن الحيوية، والابتعاد عن الاعتماد على الصين في الحصول على النحاس والكوبالت والمعادن الأخرى الأساسية للاقتصاد الأمريكي والقاعدة الصناعية الدفاعية.
مهمة ليست سهلة
بالنظر إلى العديد من الحيثيات والحقائق لا تبدو مهمة الولايات المتحدة سهلة، فالوصول إلى الأهداف المرصودة لن يكون أمراً هيناً، خاصة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي في القارة الأفريقية في السنوات الأخيرة لاهتمام واشنطن بقضايا أخرى، وفق تقرير صادر عن المجلة الامريكية الدولية للعلوم الانسانية والاجتماعية.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت القارة الأفريقية، دخول لاعبين جدد إليها ونعني بذلك الصين وروسيا وتركيا والهند وبعض الدول العربية على غرار قطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، ما جعل المنافسة على النفوذ تشتدّ.
وفي 2018، أقرّ مستشار الأمن القومي الأمريكي حينها جون بولتون بهذا الأمر حين صرّح بأن "المنافسين من القوى العظمى - أي الصين وروسيا - يوسّعون نفوذهم المالي والسياسي بسرعة في جميع أنحاء أفريقيا. إنهم يستهدفون استثماراتهم في المنطقة بشكل متعمد وعدواني للحصول على ميزة تنافسية على الولايات المتحدة".
بالنظر إلى العديد من الحيثيات والحقائق لا تبدو مهمة الولايات المتحدة سهلة، فالوصول إلى الأهداف المرصودة لن يكون أمراً هيناً، خاصة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي في القارة الأفريقية في السنوات الأخيرة.
وإن سلمنا بأن واشنطن ستسيطر من خلال توسيع "ممر لوبيتو" على سلاسل إمدادات المعادن في المنطقة ونحو العالم، فهناك نقطة هامة يجب عدم التغافل عنها وهي أن أغلب مناجم المعادن تحت سيطرة التنين الصيني فبناء على الاتفاقيات الموقعة بين الصين ودول المنطقة وُضعت المعادن تحت أيدي بكين، وفق ما بينه تقرير صادر عن معهد أبحاث السياسات الأفريقية (APRI).
ويقول التقرير "على مدى العقدين الماضيين، أصبحت الصين، من خلال الشركات المملوكة للدولة بشكل أساسي، تهيمن على السوق الأفريقية في قطاعات مختلفة بما في ذلك التعدين، سواء من حيث الاستثمارات أو الاستهلاك".
في المحصِّلة، تبدو المهمة الأمريكية في القارة الأفريقية غير سهلة، لكن ليست مستحيلة ونجاحه مرتبط بمدى تركيز الإدارة الأمريكية القادمة بقيادة دونالد ترامب على القارة السمراء، فكيفية تعامل ترامب مع هذه المسألة وحدها الكفيلة بنجاح الأهداف الأمريكية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 5 ساعاتكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 4 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...