تعكس العلاقات القوية بين الهند ودول الخليج، مساعي نيودلهي لوضع كوابح أمام تقدّم بكين سياسياً واقتصادياً في الخليج، حسب مدير شؤون شبه الجزيرة العربية في معهد الشرق الأوسط، جيرالد م. فايرستان. ولمواجهة هذا التقدم، تعمل الهند على تنمية شراكات دفاعية وأمنية بالإضافة إلى شراكاتها الاقتصادية مع دول الخليج. فالأخيرة توفر للهند قرابة 60% من وارداتها النفطية، بالإضافة إلى كونها أكبر شريك تجاري معها، وأحد المصادر المهمة للاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الهندي.
وبحسب فايرستان، توفر مبادرة "I2U2"، التي تضم الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، مساحةً لتوسيع الدور الهندي في تحقيق الاستقرار في غرب آسيا. كما أن تشكيل الممر الاقتصادي الهندي الشرق أوسطي الأوروبي "IMEC"، يشكل منافساً لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية "BRI"، حيث يُنظر إلى موافقة دول المنطقة الرئيسية على التعاون مع بكين في "BRI"، على أنه تهديد حقيقي لحضور الهند اقتصادياً، حسب مدير وحدة الدراسات الآسيوية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، مصطفى شلش، نظراً إلى امتلاك شبكة الاستثمار والتجارة والاتصال الصينية قدرة السيطرة على الجغرافيا السياسية الإقليمية في المنظور القريب.
ويشير شلش، إلى أن بكين نصّبت نفسها بمهارة لاعباً رئيساً يتحدى واشنطن في المنطقة، عبر رعايتها المصالحة السعودية الإيرانية، وما أثبتته من هدوء خليجي لاحقاً. وعلى ذلك، فإن تزايد مشاركة بكين في الاقتصاد والجغرافيا السياسية في العالم العربي تشكل تحدياً خطيراً للهند، في وقت تشهد فيه علاقاتها مع الصين تردياً كبيراً، على خلفية نزاعاتهما الحدودية المحتدمة، وتنافسهما الاقتصادي، مع تقارب واشنطن مع نيودلهي بهدف تطويق الصين.
ومع نشر الهند قوةً بحريةً في البحر الأحمر بجانب القوى الدولية الأخرى في مواجهة تهديدات الحوثيين مؤخراً، تم تفسير الخطوة الهندية من قبل الرأي العام الأمريكي والغربي باعتبارها نتيجةً للمنافسة المتزايدة مع الصين، حسب صحيفة غلوبال تايمز الصينية.
ويرفع الوجود العسكري المتزايد للهند حول المضائق في الخليج، في بحرَي العرب وعدن ومضائق المحيط الهندي، من منسوب القلق الصيني بشكل مستمر، حسب إفادة شلش لرصيف22، لذا حرّكت بكين الأسطول 46 إلى المنطقة، لقناعتها بضرورة حضور عسكري صيني فيها. وهذا الأمر قد يؤدي إلى تصادم بين القوتين البحريتين في مياه العرب، مشيراً إلى أن المنطقة تشهد صداماً أمريكياً صينياً هندياً، نتيجةً لكل المتغيرات المتداخلة في المنطقة.
بكين نصّبت نفسها بمهارة لاعباً رئيساً يتحدى واشنطن في المنطقة، عبر رعايتها المصالحة السعودية الإيرانية، وما أثبتته من هدوء خليجي لاحقاً. وعلى ذلك، فإن تزايد مشاركة بكين في الاقتصاد والجغرافيا السياسية في العالم العربي تشكل تحدياً خطيراً للهند، في وقت تشهد فيه علاقاتها مع الصين تردياً كبيراً، على خلفية نزاعاتهما الحدودية المحتدمة، وتنافسهما الاقتصادي، مع تقارب واشنطن مع نيودلهي بهدف تطويق الصين
الشرق الأوسط ركيزة صينية ونقطة ارتكاز
يشكّل الشرق الأوسط، في المنظور الصيني، ركيزةً حيويةً، نظراً إلى أبعاد ومحددات مبادرة "الحزام والطريق"، وصيغة محاور التعاون الواردة في "الكتاب الأبيض" الصيني الصادر في 2016، حسب مركز سوث24 للأخبار والدراسات، والمتمثلة في التعاون في مجال الطاقة، والتعاون في مجالات البنى التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار، والتعاون في المجالات التقنية المتقدمة كالطاقة النووية والفضاء والأقمار الصناعية، فضلاً عن الاتفاقات الثنائية والمتعددة في مجالات الاستثمار الأجنبي المباشر، ومشروعات البنية التحتية.
كذلك تشكل المنطقة نقطة ارتكاز بين ثلاث قارات، آسيا وإفريقيا وأوروبا، وفق فرضية الأهمية النوعية لجيو-سياسية الممرات البحرية التجارية، والتي تستدعي صراع الوكلاء وتقاسم مناطق النفوذ، في ظل الحديث عن أفول الأحادية القطبية ومؤشرات على قرب ولادة تعددية الأقطاب الدولية. وهو ما يطرح التساؤل الرئيسي حول تنافسية أو تكاملية "الممر الاقتصادي الهندي" مع مبادرة "الحزام والطريق"، بالنظر إلى ماهية المشروعين وحجمهما، وما تقتضيه جيو-سياسية الشرق الأوسط.
يمكن عدّ التنافس وقطع الطريق ثنائيةً تصلح لوصف العلاقة بين الهند والصين ودخولهما إلى منطقة الشرق الأوسط، متخلّيتين عن التوصيف البسيط بالبحث عن المصالح، حسب مدير معهد "ستراتيجيكس للدراسات والأبحاث الإستراتيجية"، حازم سالم الضمور. فالبحث عن المصالح لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الصراع أو وجود إستراتيجية لإدارة الصراع الذي يكمن في تحقيق المصالح وقطع الطريق على المنافسين أو الخصوم عندما تتعارض المصالح.
يضيف الضمور، في حديثه إلى رصيف22، أنه على الرغم من أن إدارة علاقات متوازنة مع الهند والصين قد تكون ممكنةً من حيث المبدأ، إلا أن تحقيق هذا يتطلب توازناً دقيقاً، لكن لكل دولة من دول المنطقة حساباتها الخاصة التي قد تدفعها نحو تفضيل أحد الأطراف في حال تعارض المصالح. كما لا يمكن قراءة مشهد العلاقة بين الدولتين دون النظر إلى الاقتصاد والطاقة والأسواق؛ حيث تمتلك الدولتان اقتصاديات بمعدلات نمو سريعة، تعتمد على علاقاتهما مع دول المنطقة لتلبية احتياجاتهما من الطاقة، وتنظران إلى الأسواق الخليجية ذات القوة الشرائية الكبيرة كمحرك اقتصادي قوي.
وقّعت الصين شراكات إســتراتيجية شــاملة مــع الجزائــر ومصــر والســعودية وإيــران والإمــارات، وشـراكة شـاملة مـع إسـرائيل، مع علاقات إسـتراتيجية مع قطر والأردن والعراق والمغرب وعُمان والكويت وجيبوتي والسودان، بالإضافة إلى تعاون إسـتراتيجي مع تركيا. وتعمل على إنشاء منطقة تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي. كما تعمل على تعميق التعامل في المجال الأمني والعسكري مع بعض الدول العربية، حيث أجرى جيش التحرير الصيني والجيش السعودي تدريبات مشتركةً لمكافحة الإرهاب في إقليم شينجيانغ الصيني في تشرين الأول/ أكتوبر 2016. وبحسب المجلس الأطلنطي، تقليدياً لا تُجري الرياض هذه التدريبات إلا مع الولايات المتحدة الأمريكية. ويشير المركز إلى زيارة سفن تابعة للبحرية الصينية ميناء جدّة في سياق مناورة لمكافحة القرصنة في خليج عدن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، لإجراء تدريبات مشتركة في قاعدة الملك فيصل البحرية، بالإضافة إلى شراء السعودية للطائرة الصينية "Wing Loong"، أسوةً بالإمارات العربية، ودخول الصين على خطّ بناء مصنع لتصنيع الطائرات من دون طيار (CH-4)، في المملكة، نظراً إلى تناسب الدعم الصيني في المجال العسكري مع إستراتيجية الرياض لبناء صناعة عسكرية، مع دعم نظرية استعداد الأخيرة للّجوء إلى الصين كبديل حينما تكون الولايات المتحدة غير راغبة أو غير قادرة على ذلك.
تشكل المنطقة نقطة ارتكاز بين ثلاث قارات، آسيا وإفريقيا وأوروبا، وفق فرضية الأهمية النوعية لجيو-سياسية الممرات البحرية التجارية، والتي تستدعي صراع الوكلاء وتقاسم مناطق النفوذ، في ظل الحديث عن أفول الأحادية القطبية ومؤشرات على قرب ولادة تعددية الأقطاب الدولية. وهو ما يطرح التساؤل الرئيسي حول تنافسية أو تكاملية "الممر الاقتصادي الهندي" مع مبادرة "الحزام والطريق"، بالنظر إلى ماهية المشروعين وحجمهما، وما تقتضيه جيو-سياسية الشرق الأوسط
لا تذهب الهند بعيداً في عدائها المتخيل للصين والعكس صحيح، وهو ما يمكّن دول المنطقة من موازنة علاقاتها مع العملاقين الآسيويين، لا سيما دول الخليج العربي تحديداً، لاختلاف منطلقات دخولهما إلى المنطقة، حسب شلش. فالإمارات مثلاً تقترب من الهند والصين معاً، وما يعني نيودلهي في هذه العلاقة هو أخذ الإمارات بعيداً عن باكستان، فيما تهتم بكين بمناكفة واشنطن، لذا سعت إلى إنشاء قاعدة عسكرية لها في الإمارات، والتي كشفت عنها وتدخلت واشنطن لإغلاقها، كذلك الأمر بالنسبة للسعودية وقطر وغيرهما، فالهند تجذب الرياض والدوحة، التي وقّعت معها مؤخراً صفقةً للغاز الطبيعي، لإبعادهما عن إسلام آباد، فيما تسعى بكين إلى إزعاج واشنطن، لا سيما بمباحثاتها للتعاون مع الرياض في المجال النووي ومجالات أخرى عدة. وينبّه إلى أن الطرفين لا يشترطان في تعاملهما مع دول المنطقة أن تقطع علاقاتها مع الآخرين، بعكس العرف السائد للعلاقات مع الدول المتنافسة.
تعمل بكين على مساعدة الرياض على تطوير نظام صواريخ باليستية محلي، حسب تقرير لوكالة "CNN" نهاية 2021. وتتطلع كل من الرياض وأبو ظبي إلى بناء قدراتهما في هذا المجال، بهدف خلق فرص عمل وتقليل اعتمادهما على واردات الأسلحة الأجنبية كجزء رئيسي من برامج التنويع الاقتصادي لرؤية 2030. وبجوار ذلك، أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى بناء الصين منشأةً عسكريةًً في الإمارات العربية، برغم تخطئة الأخيرة لتوصيف المشروع، عبر تصريح مستشار الرئاسة الإماراتي، أنور قرقاش بأن "هذه المنشآت المعينة لا يمكن تفسيرها في أي حال من الأحوال على أنها منشآت عسكرية". وتستضيف الإمارات أكثر من مئتي ألف مواطن صيني يديرون مجموعةً واسعةً من أكثر من ستة آلاف شركة. كما تُعدّ أكبر مركز لوجستي للتجارة الصينية، وأكثر من 60 في المئة من البضائع الصينية في المنطقة تمرّ عبرها.
الهند والشرق الأوسط… نفض أعباء الأيديولوجيا
فضلاً عن وجود عدد كبير من العمال الهنود في السعودية، برزت الأخيرة كأكبر مورد نفط خام للهند، ورابع أكبر شريك تجاري. إذ شكلت احتياجات الهند المتزايدة من الطاقة، ومخاوفها من التطرف الديني، عوامل حيويةً مؤثرةً في حسابات نيودلهي الإستراتيجية تجاه الرياض. كما ساهم تحرر الاقتصاد الهندي عام 1990، ونهاية الحرب الباردة، في تعميق الشراكة الهندية والتكامل الاقتصادي مع دول الخليج، التي أدركت من جانبها أهمية إمكانات الهند الاقتصادية وقدراتها الدفاعية في المنطقة، حسب الباحثة في "مؤسسة أبحاث المراقبين" (Observer Research Foundation)، وهي أحد مراكز الفكر الهندية، كانشي جوبتا.
ويأتي نجاح الهند في إقامة علاقات وثيقة مع دول الخليج، نتيجةً لعقود من الدبلوماسية الشاقة، على خلفية قضية كشمير، والتقارب الهندي مع الاتحاد السوفياتي، والعلاقات الوثيقة مع مصر خلال حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي انخرط في علاقات مضطربة مع دول الخليج، ما شكّل عقبات رئيسيةً أمام علاقة مستقرة بين نيودلهي وعواصم الخليج العربي، التي تخوفت من الأيديولوجيا الهندية القريبة من الشيوعية والقومية العربية "التثويرية" المدعومة من عبد الناصر، حسب شلش في مركز الدراسات العربية الأوراسية.
تكامل مصالح ونفوذ الصين والهند في المنطقة العربية، يشكل نقاط تصادم محتملةً، حسب الضمور، حيث السياسات الخارجية لكلا الدولتين تلعب دوراً أساسياً في هذا السياق، إذ يعتبر تفادي التصادم غايةً أساسيةً لكل منهما، لأن الصين تدرك أن التصادم مع الهند يخدم مصالح أمريكا بشكل رئيسي، بينما تعلم الهند أن تجنّب التصادم مع الصين يخدم مصالحها الكبرى، إلى جانب الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة وسعيها إلى بناء قوة عالمية مستقلة. وهنا يظهر تأثير واشنطن بوضوح على العلاقة بين الدولتين، حيث تتنافس مبادرة "الحزام والطريق" مع مشروع "الممر الاقتصادي" الرابط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، والذي تدعمه واشنطن. مع ذلك، هناك مصالح مشتركة بين الصين والهند اللتين تشاركان في تكتلات إقليمية ودولية، مثل مجموعة "بريكس" ومجموعة العشرين، وهذا الأمر قد يشكل واحدةً من كوابح الانزلاق نحو الاشتباك المباشر.
تزداد الاضطرابات التي تواجهها الهند مؤخراً في الشرق الأوسط، ولو جزئياً، من تنامي النفوذ الصيني في أنحاء المنطقة، حيث استثمرت الصين أكثر من 55 مليار دولار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين عامي 2005 و2019، وقدّمت بين عامي 2004 و2014، مساعدات ماليةً بقيمة تقارب 42.8 مليارات دولار إلى المنطقة. وتُعدّ بكين أهم شريكة تجارية ومصدراً أساسياً للتكنولوجيا والطائرات المسلحة بلا طيار، وفق منظور دول المنطقة.
ونتيجةً لعجز نيودلهي عن مضاهاة قوة بكين العسكرية والاقتصادية، باتت أكثر استعداداً لتوثيق علاقاتها مع واشنطن. كما أن الاشتباكات الحدودية الهندية الصينية التي شجعت الكثيرين في نيودلهي على انتقاد تردد بلادهم التقليدي في التقرب من واشنطن، والأمر ينطبق على الشرق الأوسط، مع بدء تلاشي النفوذ الهندي أمام موارد الصين المالية ونفوذها المتزايد، ولإعادة التوازن إلى الوضع، قد تقرر نيودلهي الانضمام إلى جهود واشنطن الرامية إلى احتواء النفوذ الصيني في المنطقة، حسب حسن الحسن في الجريدة.
تكامل مصالح ونفوذ الصين والهند في المنطقة العربية، يشكل نقاط تصادم محتملةً حيث السياسات الخارجية لكلا الدولتين تلعب دوراً أساسياً في هذا السياق، إذ يعتبر تفادي التصادم غايةً أساسيةً لكل منهما، لأن الصين تدرك أن التصادم مع الهند يخدم مصالح أمريكا بشكل رئيسي، بينما تعلم الهند أن تجنّب التصادم مع الصين يخدم مصالحها الكبرى
لم تعد العلاقات الهندية مقتصرةً على المحددات التقليدية، كتجارة النفط والطاقة والأنشطة المتصلة بالتحويلات، بل تشهد علاقات الهند الثنائية مع بلدان المنطقة نمواً كبيراً في الشراكات الاقتصادية، والاستثمارات المشتركة، والعلاقات السياسية القوية، والتعاون الدفاعي والأمني المتنامي، والترابط الاجتماعي والثقافي، والتعاون المشترك في القطاعات التكنولوجية، بما في ذلك الطاقة المتجددة والأمن الغذائي، حسب موقع Geopolilical Monitor. حيث تشكل الإمارات العربية والمملكة السعودية على التوالي، ثالث ورابع أكبر الشركاء التجاريين للهند في العالم. وغدت الهند شريكاً تجارياً جذاباً لدول الخليج. فبحثاً عن طرق لتنويع مصادر إيراداتها، تستكشف هذه البلدان الآن الفرص الاقتصادية مع الهند في القطاع غير النفطي، لا سيما في قطاعَي الأمن الغذائي والتكنولوجيا.
يضيف الموقع: نتيجةً لتقارب المصالح الاقتصادية والإستراتيجية بين الهند وإسرائيل والإمارات، تم توقيع اتفاقية رباعية (I2U2) مع الولايات المتحدة عام 2021. أحد أهدافها الرئيسية، تخفيف التحديات العالمية بشكل جماعي، بالتركيز على الاستثمار في المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي والتكنولوجيا. وفي عام 2022، أطلقت الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة خططاً لممر الغذاء بين الهند والشرق الأوسط 2022. وخلال قمة G20 الأخيرة، تم التوافق على ممر اقتصادي متعدد الوسائط يصل الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. وكانت الإمارات قد وقّعت اتفاقاً لإقامة شراكة إستراتيجية شاملة مع الهند عام 2017، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم في مجالات الزراعة والطاقة والنقل البحري والخدمات اللوجستية الخاصة بالشحن والتخزين. وفي عام 2018، وقّعت "موانئ دبي العالمية" اتفاقاً مع صندوق الثروة السيادي الهندي "الصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية"، يقضي بتأسيس شركة استثمار بقيمة 3 مليارات دولار، تهدف إلى إنشاء بنية تحتية متكاملة من الموانئ والقطاع اللوجستي المرتبط بالشحن، لدعم التكامل عبر بحر العرب.
يؤيد شلش ما ذهب إليه الضمور أعلاه، بالحديث عن الطبيعة التنافسية وقطع الطريق على الآخر بين كل من الصين والهند سياسياً في العالم العربي. لكن مع اختلاف الحجم الاقتصادي العالمي لكل منهما، ولطبيعة علاقتهما المختلفة مع دول المنطقة، فالصين تصدّر البضائع إلى هذه الدول، فيما تصّدر الهند العمالة البشرية. وتالياً الفرق في المصالح مختلف، مع اختلاف في أسباب ومنطلقات دخولهما إلى المنطقة، فالسبب الهندي باكستان، فيما السبب الصيني مناكفة النفوذ الأمريكي. وعلى ذلك، فالتنافس/ الصراع الهندي الصيني يأتي في آخر جداول حضورهما في المنطقة. وينبّه شلش إلى أن صراع البلدين حدودي وبعيد عن الأيدولوجيا. لذا لا تستعدي الصين الهند بشكل مفرط، حتى لا تذهب الأخيرة بشكل أكثر تطرفاً تجاه المعسكر الغربي. وفي المقابل، تمارس الهند سياسةً واقعيةً للغاية، بعد تطويرها لسياسة الحياد. مع هذه السياسة الواقعية، وفي إطار بحثها عن المصالح، تدرك الهند أن من مصلحتها عدم الدخول في عداء مباشر مع الصين.
ختاماً، تشير جوبتا، الباحثة في مؤسسة "أبحاث المراقبين"، إلى أن النفوذ الأمني ومحاولات الصين تأطير تعاون عسكري مع دول الخليج، أثارت انتباه نيودلهي تجاه المنطقة، كساحة تنافس جديدة بينها وبين بكين، فيما ساهمت عوامل أخرى في التقريب بين وجهات نظر كل من الجانبين، كما في ملف مكافحة الإرهاب، وإيران، مع تغير مواقف الدول الخليجية تجاه باكستان، وتوجه بعض دول الخليج نحو تنويع شركائها الأمنيين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع