شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
نعود أم لا نعود؟... الأمل توأم الخوف في رجوع المغتربين إلى سوريا

نعود أم لا نعود؟... الأمل توأم الخوف في رجوع المغتربين إلى سوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحقوق الأساسية

الاثنين 16 ديسمبر 202403:05 م

صارخاً بأعلى صوته: "سقط الأسد، سقط فعلاً"، وهو مذهول، لم يصدق كمال العوض أنه بعد ثلاثة عشر عاماً بات بإمكانه أن يقف وسط بلدته الحولة بجانب ساعتها الشهيرة، دون خوف أو قلق من جيش الأسد. الحولة، تلك المدينة التي وقعت فيها واحدة من أبشع المجازر في العصر الحديث بحق الأطفال والنساء.

ذهوله الممزوج بمشاعر الفرح والدهشة دفعه لفتح هاتفه وتوثيق تلك اللحظات، ملتقطاً لنفسه الصور بجانب ساعة مدينته التي حُرم من رؤيتها سنوات. تجول قليلاً في بلدته كحال من بدأ العودة من سكانها، ثم اتجه إلى منزله في الحي الشرقي من المدينة ليرى والديه بعد غياب عشرة أعوام تقريباً. 

لا أصدق أنه سقط فعلاً 

يقول لرصيف22: "لا أصدق أن هذا الأمر قد حصل فعلاً، حتى الآن أنا غير مصدق". ويضيف: "وصلت إلى لبنان في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر قادماً من ألمانيا في زيارة قصيرة للقاء أبناء عمومتي وأخي أحمد، لكن لم يخطر ببالي أنه وبعد يومين تماماً سيكون بإمكاني أن أدخل سوريا دون خوف، لأرى أمي وأبي اللذين حرمني النظام من رؤيتهما عشر سنوات، بالإضافة لبقية إخوتي الذين عادوا من شمال سوريا بعد تهجيرهم إليها من حمص منتصف عام 2018، إبان سيطرة نظام الأسد على حمص بدعم روسي". 

وصل كمال إلى لبنان في السادس من الشهر الماضيمن ألمانيا في زيارة قصيرة للقاء أقاربه، لم يخطر بباله أنه وبعد يومين تماماً سيكون بإمكانه دخول سوريا دون خوف، ورؤية أمه وأبيه بعد عشر سنوات من التهجير  

كمال، سبق أن عمل كمصور في مكتب الحولة الإعلامي، ومتطوعاً مع عدد من الجمعيات الإنسانية في حمص قبل مغادرتها إلى تركيا منتصف 2015، ومنها إلى ألمانيا بحثاً عن مستقبل أفضل، بعد أن أصابه اليأس، كالكثير من السوريين، بسقوط الأسد وبناء دولة قانون تحترم جميع أبنائها. 

بسؤاله عن مستقبل سوريا وهل سيعود إليها بشكل نهائي، أجاب: "أنا متفائل جداً في أن تكون سوريا القادمة أفضل"، وأشار إلى أنه خلال فترة قصيرة سيترك ألمانيا للاستقرار في سوريا والمشاركة في بنائها ريثما تستقر الأوضاع الأمنية وتتمكن السلطات الحالية من ضبط السلاح الموجود بيد الناس. كما دعا كل المغتربين من أصحاب الخبرات والكفاءات للتفكير جدياً بالعودة لبلدهم سوريا لأنها الآن في أمس الحاجة لهم، حسب تعبيره، ليكونوا جزءاً من حاضرها ومستقبلها بدل جلوسهم في الغربة واستسلامهم للمخاوف من مستقبل سوريا.

ويقول للسوريين المغتربين: "تعالوا وكونوا جزءاً من الحل وشاركوا في البناء. سوريا بحاجة لبنّائين وسائقين وطيارين وسائقي قطارات وخبراء في الكهرباء والطاقة المستدامة وغيرها الكثير من المهن"، كما دعا أصحاب رؤوس الأموال للتفكير بنقل استثماراتهم إلى سوريا الجديدة من أجل تحسين الاقتصاد الوطني. فعودتهم ستقتل مخاوفهم من مستقبل سوريا، بحسب تعبيره.

ويقول عن ضبابية المشهد القادم في سوريا: "السوريون بمختلف أطيافهم ومذاهبهم وانتماءاتهم قد ملّوا الحرب والدم، وبات لديهم وعي كاف ليعرفوا أين مصلحتهم الآن". 

لنبني ما دمّره الأسد 

ووجّه الصحافي مهند البكور الذي عاد مؤخراً لمدينته حمص قادماً من تركيا، رسالة للمغتربين، يقول لرصيف22: "أين المثقفون الآن؟ جاء دور أبناء سوريا المثقفين والشباب الذين حصلوا على شهادات وأصبح لديهم خبرات نتيجة دراستهم وعملهم في بلاد اللجوء، كما كان للمقاتلين دور كبير في إسقاط الأسد، الآن الدور الأكبر عليكم أيها المثقفون وأصحاب الكفاءات. تعالوا لبناء ما دمّره الأسد طيلة ثلاثة عشر عاماً من حربه على السوريين". 

مهند: "الآن، جاء دور أبناء سوريا المثقفين والشباب الذين حصلوا على شهادات وأصبح لديهم خبرات نتيجة دراستهم وعملهم في بلاد اللجوء".  

وبسؤاله عن مخاوف بعض السوريين المغتربين من تحول سوريا لأفغانستان ثانية، كون هيئة تحرير الشام لها الدور الأكبر في إسقاط الأسد خلال معركة التحرير الأخيرة، أجاب: "من المستحيل أن تتحول سوريا لأفغانستان ثانية لعدة أسباب، أولها أن سوريا بلد ذات تنوع ثقافي وديني وعرقي كبير ولن يقبل هؤلاء بفرض ثقافة دينية أو سياسية معينة عليهم، وثانياً حاجز الخوف لدى السوريين انكسر"، مستشهداً بالمظاهرات التي خرجت في إدلب، معقل تحرير الشام، قبل عدة أشهر بسبب بعض سياسات الهيئة التي قامت بها في إدلب.

ويضيف: "لا تنسَ أن هناك مجتمعاً دولياً يراقب وينتظر من السلطات المؤقتة في دمشق أن تلتزم بالتطمينات التي أعطتها للمجتمع الدولي ولبقية السوريين من الأقليات، ولن تسمح أن تكون سوريا دولة بصبغة دينية أو سياسية واحدة. صحيح، أنا متفائل جداً وأدعو الجميع للعودة، لكن كلنا يعلم أن مسألة العودة ليست بالأمر السهل، وخصوصاً لمن يسكنون في الخيام شمال سوريا. فعودتهم مرتبطة بشكل وثيق بإعادة الإعمار، فهناك مئات الآلاف من الأسر منازلها مدمرة، وقراها وبلداتها تفتقد البنية التحتية والخدمية". مستشهداً بنفسه: "على سبيل المثال لا الحصر، أنا شخصياً منزلي مدمر وليس لدي المال لإعادة بنائه من جديد أو حتى بناء غرفة. أين سأعيش؟".  

السوريون ملّوا من الحروب 

مسألة غياب الاتصالات، وخصوصاً في دمشق، جعلت من الصعوبة بمكان مسألة الوصول لمزيد من الأشخاص الذين نجحوا في العودة إلى سوريا خلال الأيام الأولى التي تلت سقوط حكم الأسد لاستطلاع آرائهم عن رؤيتهم وتوقعاتهم لمستقبل سوريا. غير أن الصور التي ظهرت يوم الجمعة الماضي، والتي أظهرت تجمع مئات الآلاف من الأشخاص في ساحة الأمويين بدمشق وساحة الساعة بحمص وساحة العاصي بحماة وطرطوس واللاذقية وغيرها من البلدات وهم يرقصون ويغنون فرحاً بسقوط الأسد، خير دليل على أن هذا الشعب بمختلف طوائفه وقومياته قد ملّ الحرب وسفك الدم، وراغب في حياة بعيداً عما عايشه طيلة العقد الماضي.

وعن طرق دعم الليرة السورية، يتحدث الصحافي السوري سيف عزام: "يجب الآن زيادة التحويلات الدولارية من قبل السوريين في الخارج، بالإضافة إلى إعادة توطين رأس المال المغترب في الاقتصاد السوري، والعمل من أجل عودة تدفق الاستثمار العربي والأجنبي لدعم مشاريع إعادة الإعمار". كما دعا المغتربين لفتح حسابات بنكية في المصارف السورية ووضع ودائع فيها، ولو ألف دولار.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image