شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"العروشيّة" في تونس… هل اقتلعت دولة الاستقلال جذورها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الجمعة 13 ديسمبر 202409:43 م

كسائر المجتمعات العربية، كان المجتمع التونسي قبليّاً تسيطر على ربوعه "ظاهرة العروشيّة" التي حاول الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة القضاء عليها خلال عهدته عبر إرساء دولة مدنية تقطع مع عقلية العروش. فمنذ استقلال تونس عن فرنسا عام 1956 اتجهت البلاد نحو بناء دولة وطنية تحرص على وحدة مكونات المجتمع والتعايش في ما بينها وتدحض كل التحالفات التي يمكن أن تتسبّب في شتاته أو في تناحره.

و"العروش" هو مصطلح يعبر عن الانتماء إلى القبيلةً نفسها، ومشتق من مصطلح العرش، وينتمي أفرادها إلى نسب واحد في الغالب ويعيشون في منطقة مشتركة يطلق عليها أحياناً اللقب عينه الذي يحمله أفراد القبيلة ويشترك "العروش" في ثقافة الانتصار لأفراد القبيلة ضد "العروش" الأخرى في حال حدوث خلاف. وهو ما يفسر المعنى السلبي الذي يحمله مصطلح "العروشيّة" في تونس.  

ولئن يثمّن البعض جهود دولة الاستقلال في تحوير النظام القبلي وتوحيد الصفوف حول راية الوطن الواحد -تونس- فإنّ  آخرين ينتقدون طريقتها في إقناع العروش بالقطع مع الإرث التاريخي الذين توارثوه أباً عن جد.

من الشتات ومعاناة القمع زمن البايات إلى الاتحاد في مواجهة الاستعمار الفرنسي وصولاً إلى إيقاظ نسيم الحرية بعد ثورة الياسمين رواسبها… هكذا تتقلّب "العروشية" في تونس صعوداً وهبوطاً، وهذه أبرز أسباب فشل دولة الاستقلال في اجتثاث جذورها

"العروش" وبورقيبة

في هذا السياق، ذهب المؤرخ محمد علي الحباشي، في كتابه "العروش… من النشأة إلى التفكيك"، إلى أن خطب بورقيبة كانت تمجّد بطولات "العروش" عندما كان يتعلّق الأمر بالتعبئة ضد الاستعمار الفرنسي ثم حلّت محلها الخطب الحازمة التي تبنّاها بورقيبة ليقنع "العروش" بأن العصر تغيّر، وأنه لا مجال إلى التشبّث بالأمجاد القبليّة التي ولّى عهدها كما ذهب إلى أن موقف بورقيبة من "العروش" لم يكن مبدئياً ضد الظاهرة القبليّة بل خلفيته سياسيّة لأن بعض القبائل رفضت تسليم السلاح للتفاوض مع فرنسا حول الاستقلال والبعض الآخر اصطف إلى جانب خِصمه صالح بن يوسف بعد الاستقلال.  

من الشتات زمن البايات إلى الوحدة زمن الاستعمار

وفي كتابه "عروش تونس"، استحضر الحباشي الصراعات التي كانت تدور بين عروش الهمامة، والتي كانت تمثّل أكبر نسبة من السكان وتمسح أكبر وأخصب مساحة من الأراضي في البلاد باستثناء المساحات الصحراوية، وبين "العروش" الأخرى ومنها عروش "ماجر والفراشيش" و"بني زيد"، عازياً الصدام المتواصل بين هؤلاء "العروش" إلى التقارب الجغرافي وما يولّده من صراع على المراعي والمياه والسطو على المواشي والثروات الطبيعية. كما استحضر الصراعات التي كانت تحتدم بين القبائل التونسية وصراعها مع القبائل الليبية والجزائرية القريبة حول الإبل والأغنام من جهة أخرى.

محاربة العروشيّة لم تكن فكرة وليدة دولة الاستقلال، وفق الفصل الأول من "العروش… من النشأة إلى التفكيك" والمعنون "الدايات والبايات واستئصال شأفة البوادي". ففي زمن البايات أيضاً كان الهاجس الأوحد لحكّام تونس من بايات مراديين وبايات حسينيين "استئصال شأفة البوادي". فحيكت سيناريوهات تهدف إلى ضرب القبائل بعضها ببعض وتم التحريض عليها خاصةً أن عدداً منها اكتسب قوةً واستحوذ على جلّ ربوع البلاد مثل عروش "أولاد بالليل" و"أولاد سالم" و"أهل جبل عمدون ومطماطة".

فعمد إبراهيم الشريف الذي تولّى السلطة بعد مقتل مراد بوبالة إلى التنكيل بالقبائل، فكان بعد جمعه للجباية يفتك بالإبل والخيل ويسبي النساء ويقتل الأطفال ويبرّر اعتداءاته باستئصال مظاهر البداوة ليضطر أهل القبائل إلى بناء مساكن. بعد انهزام إبراهيم الشريف في الجزائر وأسره وتنصيب حسين بن علي مكانه، استعرت نار الفتنة بينه وبين ابن أخيه علي باشا، وانقسمت القبائل في تلك الفتنة إلى صفّين متعاديين. صف حسيني نسبةً إلى حسين بن علي، وصف باشي نسبةً إلى علي باشا. فما كان من حسين بن علي إلا أن أمر باقتلاع غابة زيتون الوسلاتية المقدّرة بـ8 آلاف شجرة عقاباً لعرش وسلات، بحسب الفصل الثالث من كتاب "العروش" والمعنون "العروش زمن البايات".

كذلك انخرطت القبائل في فتنة أخرى تعرف بـ"ثورة إسماعيل بن يونس" الذي لجأ للعروش لتقوية صفّه. فما كان من علي باشا إلا أن أمر باقتلاع الزرع وتشتيت سكان جبل وسلات البالغ عددهم آنذاك 100 ألف على الأقل وبقي الجبل مقفراً.

تسبّبت التضييقات المتواصلة والتنكيل بـ"العروش" في تكبيدهم خسائر اقتصادية ليست بالهينة. لكن بعد اعتلاء حمودة باشا العرش تحسّنت علاقة "العروش" بالحاكم إذ كان حمودة باشا يُصغي إلى مشاغل "العروش" وينصـّب أعيانه من مشايخهم  ويستشيرهم في مصالح القبيلة. هذا التناغم بين "العروش" والحاكم لم يدم طويلاً وزال بوفاة حمودة باشا مسموماً. وفي عام 1864 عرفت البلاد شططاً في الضرائب غير مسبوق وادّعى مستشارو الباي أن القبائل قادرة على دفع الضرائب على شططها لأنها لا تنفق مثل ما ينفق سكان المدن وتُخفي أموالها، فقرّر محمد الصادق باي الترفيع في قيمة المجبى من 36 إلى 72 ريالاً وأذاق الرعيّة الأمرّين لإكراههم على دفع المجبى لتتمكن البلاد من تسديد ديون خارجية تم تبديدها في استيراد سلع من الخارج وفي نفقات الباي.

 ومع تزايد الضغوط، اندلعت انتفاضة قادها علي بن غذاهم الذي وحّد رجال عرشه عرش ماجر وعروش الفراشيش وجلاص وونيفة وأهالي الكاف، فامتدت شرارة الثورة على الباي الجائر إلى القيروان والجريد والكاف وكانت الانتفاضة. اتحدت القبائل وتعاهدت على عدم دفع الجباية وعمدت إلى استرجاع كل ما نهب منها وأعلنت العصيان وقتلت العديد من رجال الباي وبايعت باي الأمة "علي بن غذاهم".

لئن يثمّن البعض مجهود دولة الاستقلال في تحوير النظام القبلي وتوحيد الصفوف حول راية الوطن الواحد -تونس- فإنّ آخرين ينتقدون طريقتها في إقناع "العروش" بالقطع مع الإرث التاريخي الذين توارثوه أباً عن جد

ولإخماد لهيب الانتفاضة، وعد الصادق باي بالتراجع عن الجباية المجحفة لامتصاص غضب الثوار كما قدّم وعوداً فضفاضة عاد على إثرها الهدوء إلى البلاد. لكن سرعان ما حيكت الدسائس من قبل الوزير الأكبر مصطفى خزندار لضرب القبائل بعضها ببعض ونجح في ذلك وعاد الصراع "الباشي الحسيني" من جديد. كما حرّض خزندار ضد علي بن غذاهم وباحتمائه بعرش ماجر تألّبت عليه باقي "العروش" من بينها الهمامة وجلاص ودريد، فاعتُقِل غدراً وزُج به في "الكراكة" وهي معلم أثري استُخدم كسجن بعض الوقت، وهناك فارق الحياة وخمدت نار ثورة القبائل. 

شرارة المقاومة المسلّحة

ومع تفاقم الديون وعجز البلاد عن تسديدها، وجدت فرنسا عام 1881 الفرصة المناسبة لاحتلال تونس بذريعة "الحماية". فاندلعت شرارة المقاومة من عالم قبليّ مُنهك من تعاقب سنوات الجفاف ومثقل بالجباية ورافض لسطو فرنسا على ربوع بلاده.

يقول الحباشي في كتابه "العروش... من النشأة إلى التفكيك" إن شرارة المقاومة المسلّحة انطلقت من جبال خمير على الحدود الجزائرية إلى صحراء الجنوب على الحدود الطرابلسية، وفي جهة الكاف ثار عرش أولاد عيار بقيادة علي بن عمار، وفي جهة القصرين ثار عرش الفراشيش بقيادة الحاج حراث، وفي القيروان ثار عرش جلاص بقيادة علي بن عمارة وحسين بن مسعي، وفي قفصة قاد عرش الهمامة أحمد بن يوسف، وثارت قبائل تونس من شمالها إلى جنوبها. 

ولئن اتسمت العلاقة بين "العروش" في تونس بالانقسام فقد جمع الاستعمار الفرنسي شتات القبائل التي اصطفت صفاً واحداً لدحره فلم تدّخر "العروش" جهداً في التصدي لكل محاولات السيطرة على ربوع البلاد لكن المحاولات باءت بالفشل خاصة أن ميزان القوى كان يرجح لصالح المحتل سواءً من ناحية العتاد أو ناحية الأعداد.

 مع ذلك قاوم "الفلاقة" -وهو مصطلح يُطلق على المقاومين التونسيين الذين حملوا السلاح في وجه المستعمر الفرنسي- الاستعمار وعمدوا إلى نصب الكمائن ومهاجمة الفرق العسكرية إلا أن المستعمر كثّف غاراته على الفلاقة وأعدم قادتها فأحبط العزائم ولم تضخ دماء مقاومة جديدة إلا بعد نحو قرنين من الزمن.   

رواسب العروشيّة أيقظها نسيم الحرية؟

وبينما اجتهدت دولة الاستقلال في اجتثاث عروق العروشيّة من تركيبة المجتمع التونسي وتعويض الانتماء القبلي بالانتماء للوطن، جاءت ثورة 14 كانون الثاني/ يناير 2011 لتكشف النقاب عن رواسب هذه الظاهرة التي خالها كُثُر اندثرت، فتبين لهم أنها لم تكن سوى "نار تحت ركام من الرماد" تستعر بمجرد هبوب رياح خلاف بسيط بين فردين وتتفجّر أحياناً عندما يتعلّق الأمر بنزاعات أهلية حول الأراضي الاشتراكية وهي العقارات المملوكة للجماعة والتي تتصرّف فيها تحت إشراف الدولة بمقتضى القانون عدد 82 لسنة 1964.   

قاوم "الفلاقة" الاستعمار وعمدوا إلى نصب الكمائن ومهاجمة الفرق العسكرية إلا أن المستعمر كثّف غاراته على الفلاقة وأعدم قادتها فأحبط العزائم ولم تضخ دماء مقاومة جديدة إلا بعد نحو قرنين من الزمن.

وقد شهدت تونس بين عامي 2011 و2022 بعض "الصراعات القبليّة" التي استعملت فيها بنادق الصيد وتم فيها تبادل العنف بما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وهو ما استدعى تدخّلاً أمنياً وكذلك مدنياً. فنُظّمت مسيرات حملت شعارات مناهضة للنعرات القبليّة ومُنادية بالتشبّث بالوحدة الوطنية وصدح منظموها بشعار: "لا عروشية لا قبلية تونس جمهورية".

ففي شهر أيلول/ سبتمبر 2011، نشبت خلافات بين أهالي منطقتي القلعة والعبادلة من معتمدية دوز الشمالية بولاية قبلي سرعان ما تحوّلت إلى عنف متبادل بين الجهتين أسفر عن سقوط عشرات الجرحى. كما شهدت منطقتا جرسين وبشني عام 2017 مواجهات دامية بين أهالي المعتمديتين التابعتين لمحافظة قبلي استعملت فيها بنادق الصيد و"الرش"، ما أسفر عن تسجيل العديد من الإصابات. علماً أن الخلاف نشب بسبب مشروع تعبيد طريق بين العمادتين اعتبره أهالي بشني تعدياً على أراضيهم الاشتراكية.

ولم يخل عام 2022 من "صراع عروش" إذ شهدت ولاية سيدي بوزيد أعمال شغب بين عائلتين بسبب خلاف بين فردين منهما فتم استعمال العصي والحجارة وبنادق الصيد، ما أدى إلى إصابات في صفوف العائلتين.

هذه النعرات القبليّة التي انفجرت بعد الثورة لاقت اهتماماً واسعاً من قبل وسائل الإعلام والباحثين وخبراء علم الاجتماع على اعتبارها عنصراً غير مألوف على تركيبة المجتمع التونسي المعاصر وثقافته. فحاول باحثون دراسة أسباب استنهاض إرث تاريخي تم القطع معه منذ عشرات السنين ليقف الكاتب التونسي في مجالي علم الأعراق والتاريخ، الحباشي، في كتابه "عروش تونس" على أن دولة الاستقلال لم تهتدِ إلى ملء الفراغ الذي تركته بعض الهياكل المتقادمة لا عن طريق الشعب الدستورية ولا دور الشباب والثقافة ولا المهرجانات المحلية التي دأبت على اجترار فلكلور ساذج ممجوج باسم إحياء التراث كما لم ينجح النظام في فرض من صنعهم زعامات محلية مسقطة ولا في استنباط تقسيم ترابي إداري بديل عن الذي ورثه من نظام المستعمر وهو تصنيف -وفق تقديره- لا يتلاءم مع مجال تونس الجغرافي، فنتج عنه تباين إقليمي مزمن بين تونس الداخلية وتونس الساحلية الشرقية لافتاً إلى أن التقسيم الترابي الإداري لعام 1956 استعمل لكسر شوكة بعض الجهات خاصة منها التي انساقت أكثر من غيرها مع الحركة اليوسفية، نسبةً إلى الزعيم صالح بن يوسف.

وبيّن الحباشي أنه من إفرازات ثورة الياسمين عودة النعرة العروشيّة عازياً ذلك إلى عدم أخذ دولة الاستقلال بعين الاعتبار التوازنات اللازمة بين الجهات (التقسيمات المحلية)، فكانت النتيجة أن أُضيفت إلى رواسب العروشيّة  نعرات شبيهة وهي الجهوية التي تتفجّر خاصة في مواجهات كرة القدم الساخنة.

يرى بو طالب أنه رغم استمرار بعض مرتكزات البنية العروشيّة في الوسط والجنوب التونسي والتي تتجلّى في أراضي "العروش" المكوّنة مرتكزاً أساسياً لإعادة إنتاج أشكال الوعي والمشاعر المشتركة للمجموعة/ات القبليّة إلا أن ذلك لا يشكّل تهديداً لبنية المجتمع الجديدة التي تميزت بالاندماج بين المجموعات السكانية ثقافياً واجتماعياً وسياسياً

 بدوره، اعتبر أستاذ علم الاجتماع محمد بو طالب في دراسته المعنونة: "الأبعاد السياسية للظاهرة القبليّة في المجتمعات العربية" أن بعض المؤشّرات فسّرت عجز مشروع التغيير الذي تبنته الدولة الوطنية منذ تأسيسها في القضاء على البنيات التقليدية وتدميرها وأهمها البنية القبليّة لأن التفكيك عملية معقدة وإجراء عصيّ ما دام لم يشمل الجوانب النفسية والثقافية التي تشكل بعض بقايا مرتكزات الانتماء لدى الأفراد. 

كما طرح بو طالب تساؤلات حول ظهور التوترات القبليّة في بعض الجهات كردة فعل على التدمير الذي أصاب المجتمعات المحلية التونسية وخاصة في عهد الحبيب بورقيبة، وحول ما إذا كانت بقايا "العروش" التي تنفجر تعبيراً عن ردة فعل تجاه "دراما التحديث" بعد عمليات الضغط خلال مرحلتيّ الاستعمار والدولة الوطنية، معتبراً أن هذه الفرضية تدعمها طريقة مواجهة الدولة للبنيات التقليدية التي كانت تدخليّة عنيفة وهو ما تؤكده طريقة القضاء على مؤسّسة "المشيخة" وتعويضها بالعمادة نهاية ستينات القرن الماضي، وكذلك طريقة دخول الأحزاب إلى الأرياف وطريقة بورقيبة الاستفزازيّة والهجوميّة بالإضافة إلى حلّ الجمعيات والمنظمات الأهليّة وإدماجها وغيرها من العمليات الرمزية العنيفة التي وصفها بعملية "اجتثاث". 

وجزم بو طالب بقدرة دولة الاستقلال على تفكيك الركائز الاقتصادية والعسكرية والسياسية للقبائل التونسية عبر إعادة التقسيم الإداري والقضاء على نمط البداوة والترحال ونشر التعليم وتشجيع نشاط المجتمع المدني والسياسي. لكنه مع ذلك يؤكد أنها لم تستطع إلغاء كل مظاهر الانتماء إلى قبيلة ثقافياً ونفسياً واجتماعياً عازياً ذلك إلى ضعف الأداء السياسي وبطء التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية، خاصةً في الأرياف. كما أشار إلى أن تعثّر مشاريع التنمية في جهات الوسط والجنوب والشمال الغربي أعاد إنتاج التهميش الاجتماعي على المستوى الجهوي (المناطقي) ومستوى المهاجرين إلى المدن وهو ما ساهم في انتعاش العلاقات الحميمية التي لم تخلُ احتجاجاتها من استنهاض الإرث القبلي.

ويرى أستاذ علم الاجتماع أنه رغم استمرارية بعض مرتكزات البنية العروشيّة في الوسط والجنوب التونسي والتي تتجلّى في أراضي "العروش" المكونة مرتكزاً أساسياً لإعادة إنتاج أشكال الوعي والمشاعر المشتركة للمجموعة/ات القبليّة إلا أن ذلك لا يشكّل تهديداً لبنية المجتمع الجديدة التي تميزت بالاندماج بين المجموعات السكانية ثقافياً واجتماعياً وسياسياً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ماضينا كما يُقدَّم لنا ليس أحداثاً وَقَعَت في زمنٍ انقضى، بل هو مجموعة عناصر تجمّعت من أزمنة فائتة ولا تزال حيّةًً وتتحكم بحاضرنا وتعيقنا أحياناً عن التطلّع إلى مستقبل مختلف. نسعى باستمرار، كأكبر مؤسسة إعلامية مستقلة في المنطقة، إلى كسر حلقة هيمنة الأسلاف وتقديم تاريخنا وتراثنا بعين لا تخاف من نقد ما اختُلِق من روايات و"وقائع". لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. ساعدونا. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image