شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
ذكريات صيف دمشقي... قراءة فنجان القهوة و

ذكريات صيف دمشقي... قراءة فنجان القهوة و"الحظ" السوري المفقود

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الاثنين 2 ديسمبر 202408:22 ص

نُشر هذا النص للمرة الأولى في كتاب بعنوان "عبق الحنين"، في طبعة محدودة في دبي. وقد كُلفت هناء نصير بترجمته قبل الكاتبات. 

نص: رواء دباغ

ترجمة: هناء نصير

قبل فترة طويلة، كانت صيفياتنا تعبق بالفواكه والياسمين، طفولة خالية من الهموم مع الكثير من التسلية لنتخيّلها، حيث كانت تُقرأ الثروات في فناجين قهوة جدَّتي،  الآن نحن بدونك. لا شيء يشبه تلك الرائحة التي كانت.

"أرى شجرة يجثم فوق أحد فروعها الطويلة المتعرجة طائر". أوضحت ماري، بينما كانت تقبض سبابتها وإبهامها على فنجان من القهوة التركية التقليدية، تديره برفق من جانب إلى آخر، باحثة بحرص عن أية رموز قد تأسر عينها. 

دمشق 1993 

كان ذلك في صيف عام 1993، وكنت على أعتاب الخامسة عشرة. لقد نشأتُ في واشنطن العاصمة، لكنني قضيت معظم الإجازات الصيفية في طفولتي في دمشق سوريا مع أجدادي. لدي مثل هذه الذكريات الجميلة مع تيتا -جدتي- ، ودودو -جدي-، وجزء كبير من تلك الذكريات كانت لجلسات اجتماعية، وقد كان منزلهم في منطقة سكنية جميلة في دمشق. كانت المحادثات في المنزل متعددة اللغات؛ الجميع يتحدثون العربية والفرنسية والإنكليزية، الجميع قراء جيدون، سافروا للعديد من البلدان.

كان لجدّيَّ تأثير إيجابي للغاية على تربيتي، من خلالهما توثقت علاقتي بلغتنا وتقاليدنا العميقة الجذور وثقافتنا الغنية. كانا يأخذاننا في جولات تاريخية لرؤية المعالم السياحية الأكثر شعبية.

علمتني جدّتي كيف أكون مضيفة جيدة: جعل ضيوفي يشعرون بالترحيب في جميع الأوقات، كيفية إعداد عشاء أو بوفيه، وإعداد كل شيء مقدمًا. وقد كان اصطيادها في الصباح الباكر، قبل أن يستيقظ أي شخص آخر، مميزًا، وهي ترتشف الشاي وتروي قصصًا من الماضي، بينما تقلب سومية العزيزة، مدبرة المنزل، القهوة على الموقد. الرائحة التي تتخلل المنزل، فتوقظنا. 

"أرى شجرة يجثم فوق أحد فروعها الطويلة المتعرجة طائر". أوضحت ماري، بينما كانت تقبض سبابتها وإبهامها على فنجان من القهوة التركية التقليدية، تديره برفق من جانب إلى آخر، باحثة بحرص عن أية رموز قد تأسر عينها

في صباح يومي الاثنين والأربعاء من كل أسبوع، اعتادت جدّتي (اسمّيها "تيتا" كما كنا نناديها) أن تأخذني إلى درس اللغة الفرنسية لدى السيدة كلير، تلك السيدة المسنة القصيرة، الرائعة ذات القلب الذهبي. كانت السيدة كلير تعيش في شقة في الطابق العلوي في الشعلان. يضم هذا الحي سوق المواد الغذائية المحلية الذي يخدم المناطق السكنية المحيطة.

حالما ندخل منزلها، تغزونا رائحة القهوة الزكية. توصلني تيتا، ثم تذهب للقيام ببعض المهام القريبة. بينما لا أزال هناك، كانت أخت السيدة كلير، ماري، تصنع القهوة التركية للاستمتاع بها مباشرة بعد الدرس. كانت ماري دافئة المشاعر، تشغفها تعقيدات الحياة. كما كان لديها حدس قوي للغاية لمشاعر الآخرين، وحالاتهم العقلية. أجلس لتلقي درس اللغة الفرنسية، منتظرة بفارغ الصبر أن تنقضي الساعة.

ذات مرة بعد انتهاء درسي، سألتني ماري هل أرغب في تجربة شرب بعض القهوة. قبلت عن طيب خاطر الفنجان التي عرضته علي. وقد ملأت ثلثه فقط، شربت برشفات مقتصدة للغاية بحيث تستمر لفترة أطول. بينما كنت أجلس منتظرة، أدركت أن ماري كانت تحرك فنجان قهوة كلير لتقرأ رموزه. سألتها، بسذاجة إلى حد ما، ما الذي تفعله.

أجابت: "كل شيء له قصة يا عزيزي حتى فنجان القهوة هذا".

نظرت إلى الأعلى وقد اجتاحني فضول مفاجئ. ماذا كانت تعني بذلك؟ بحثت في هذه الفكرة لثانية ثم سألتها "هل يمكنك تعليمي؟".

ضحكت وقالت: لم لا؟ لكن ليس اليوم، جدتك قادمة لاصطحابك. حاولي البقاء لفترة أطول يوم الأربعاء، وسأقرأ فنجانك وأعلمك كيفية فك بعض الرموز.

وافقت بكل سرور وغادرت مع تيتا، التي جاءت لتصطحبني لنسرع في العودة إلى المنزل قبل الغداء.

كان الغداء في بيت جدتي وجدي هو الوجبة الرئيسية في اليوم، وتقدم دائماً في الساعة الثانية بعد الظهر. تختلف قائمة الطعام قليلًا من أسبوع لآخر؛ ومع ذلك ، كان الشيء الوحيد الذي يقدم بشكل ثابت هو القهوة في نهاية الوجبة.

طقس شرب القهوة جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية، إذ يجتمع الناس للاحتفال بالحياة، أو لمناقشة مصاعبها وجعلها محتملة أكثر. إنه جزء من الضيافة في الشرق الأوسط، يخصص الناس له الوقت.  

ثلاثة أنواع من القهوة 

في منزل جدي وجدتي، كانت القهوة ثلاثة أنواع: القهوة العربية (قهوة حمرا) أو التي يطلق عليها اسم القهوة المرة، وتعود جذورها لمنطقة الخليج العربي؛ القهوة البيضاء (قهوة بيضا، كافيه بلانك) وكانت تقدم، في السنوات الخمسين الماضية، للأشخاص الذين لا يشربون الكافيين؛ وبالطبع، القهوة الشهيرة (قهوة تركي).

القهوة العربية مصنوعة من حبوب البن المحمصة قليلًا، والمعروفة أيضاً بالشقراء والهيل، مما يعطيها نكهة مكثفة، لكن حلوة قليلًا. وتعتبر مهضمة بسبب الهيل، الذي يتمتع بخصائص تساعد في الهضم، والقضاء على السموم وارتجاع المريء. يسكب من "دلة"، وهو وعاء قهوة عربي تقليدي، له صنبور عالِ طويل. فناجين القهوة العربية صغيرة ومزينة بشكل معقد، وبدون مقابض.

أما القهوة البيضاء، فهي ليست قهوة فعلًا، بل خليط من الماء المغلي وملعقة صغيرة أو ملعقتين من ماء زهر البرتقال. يساعد هذا المشروب الخفيف في الهضم، أو يهدئ اضطراب المعدة، خاصة إذا كان الشخص قد أفرط في تناول الطعام في وقت الغداء. تقدم القهوة البيضاء في فناجين صغيرة، أو أكواب شفافة مزخرفة، تسمى "استكانة"، ويقال إن القهوة البيضاء نشأت في بيروت. 

القهوة البيضاء، ليست قهوة فعلًا، بل خليط من الماء المغلي وملعقة صغيرة أو ملعقتين من ماء زهر البرتقال. يساعد هذا المشروب الخفيف على الهضم، ويهدئ اضطراب المعدة.

لماء زهر البرتقال العديد من الخصائص المفيدة: فهو يحفز الجهاز اللمفاوي، ويزيل السموم من الجسم، ويعالج نزلات البرد بشكل فعال.

تعد تيتا صينية القهوة، التي تضعها بحرص شديد على صينية من الفضة، مغطاة بمفرش من الكروشيه أو الكتان والدانتيل. ومن ثم ترص بدقة فوق الصينية: فناجين القهوة، الدلة، وعاء سكر، ملاعق صغيرة فوق طبق صغير، كوب صغير مملوء بالماء، وعاء صغير من زهر البرتقال يسمى مزهرية.

للقهوة التركية الأسبقية دائماً، إذ يطلبها معظم الضيوف، فمعها تخرج أسرار ما يخبأه المستقبل. تقدم دائماً في فنجان مزخرف، مصحوبًا بكوب من الماء لتطهير الفم فيما بعد. تصنع القهوة في "دوله" أو "دلة"، حيث تمزج حبوب البن المحمصة الداكنة، المطحونة حديثًا، بالماء. يسخن الخليط حتى يوشك على الغليان، ويرتفع الزبد.

في بعض الأحيان، يضاف السكر للقهوة التركية وذلك حسب الذائقة، بحيث تكون حلوة أو وسط، أو سادة بدون سكر، وتسكب بترسيباتها في الفناجين. وبعد شرب القهوة، يغطى الفنجان بصحنه، ويدار ببطء شديد في اتجاه عقارب الساعة. ثم يقلب رأسًا على عقب، مما يسمح للترسبات المتبقية في الجزء السفلي من الفنجان بتغطية جوانبه، تاركة طبقة رقيقة على حوائط وقاعدة الفنجان، ولتشكل بعض الأنماط والرموز، هذا هو ما يفسره قراء الفنجان.

تعتبر القهوة التركية قهوة قوية، لأنها تعد لفترة أطول من أصناف القهوة الأخرى، مما يبرز المزيد من النكهات. على الرغم من أننا نسمي هذا النوع من القهوة، القهوة التركية، فقد نشأت أيضاً في اليمن، التي أصبحت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. 

طقوس الصباح والمساء

ارتفعت شعبية القهوة خلال حكم السلطان سليمان الأعظم، في منتصف القرن السادس عشر، إذ قدم حاكم اليمن آنذاك، المحب للقهوة، الشراب إلى السلطان. ومن المعلومات التاريخية غير المعروفة للكثيرين، أن السلطان قرب منه صناع ماهرين للقهوة، قهوجية. وبما أنهم كانوا مطلعين على العديد من المحادثات الخاصة، فقد كانوا موثوقاً بهم للغاية، وبعضهم ارتفع في الرتب ليصبحوا من كبار المسؤولين.

كانت القهوة التركية في منزل جدّيّ تقدم دائماً في الصالون. الرائحة آسرة، قوية ومحفزة، تنبعث منها رائحة الأرض والتوابل. بينما كانت عائلتي تستمتع بشرب القهوة، سألت تيتا عن قراءة الفنجان. فقال جدي ممازحًا إنه رأى الملكة إليزابيث الثانية في فنجانه. نظرت تيتا إلي، وقالت: "هذا كله للتسلية، وليس حقيقيًا، من فضلك لا تصدقي أيًا منه، إنها حقاً مجرد خدعة ولكن إذا كنت ترغبين في معرفة كيفية قراءة بعض الرموز فلم لا؟"

في ذلك المساء، جلست خالاتي وأبناؤهن، وأمي وأخي، مع تيتا على الشرفة، حيث اجتاحتنا الرائحة السماوية للياسمين الدمشقي الحلو، وأحاطتنا هالة من الجمال والهدوء والسلام -لم أشتم مثل تلك الرائحة مرة أخرى-، استمتعنا بالشطائر الخفيفة، والحديث حتى وقت متأخر.

في اليوم التالي، استيقظت أنا وابنة خالتي راوية وأخي سعيد، وذهبنا في نزهة رائعة لسوق الحميدية، وهو أكبر سوق في دمشق، ويقع بجانب القلعة القديمة ويحيط به الجدار القديم. قيل لنا دائما أن نرتدي ملابس غير متكلفة، خاصة إذا كنا ذاهبين إلى وسط المدينة. كان أول شيء في قائمتنا هو التقاط مفارش صينية القهوة التقليدية التي تريدها جدتي. بمجرد وصولنا للسوق، توجهنا إلى متجر جميل يبيع مفارش المائدة الرائعة المطرزة، ومناديل العشاء، و"المفرش الأغباني"، وهو نوع خاص من التطريز المزخرف الذي تشتهر به سوريا. بينما كانت تيتا تتفقد المفارش اليدوية، قضينا بعض الوقت في النظر للأرفف التي تحمل مفارش المائدة ذات الألوان والأشكال والأحجام المختلفة، بحثاً عن الهدية المثالية لابنة خالتنا. 

بدأَتْ بالنظر داخل الفنجان، باحثة في الأنماط المتشكلة. انتظرتُ بترقب قراءة طالعي. قسمت الفنجان لأجزاء مختلفة. تحدد منطقة المقبض حياتك العاطفية، والجانب الآخر يتنبأ عن الثروة، الجانب الأيسر يصور الحاضر والماضي، بينما يصف الجانب الأيمن المستقبل، والقاع يتنبأ عن غد العائلة 

هناك، عرضوا علينا القهوة، رفضت، إذ بدأت أدرك أن الناس يشربون القهوة طوال الوقت، بعد ذلك توجهنا إلى مكان بيع العطور، حيث تعرض العطور في صفوف من الزجاجات الرائعة، بتصاميمها المرسومة باليد بدقة.

عندما استدرت، لاحظت وجود مقهى يجتمع فيه الكثير من الزبائن لشرب القهوة والسجائر. في الزاوية رصدت سيدتين تحومان فوق فنجان قهوة، وتشيران إلى داخله. سمعت إحداهما تقول: "أرى منزلاً. سوف يتبدل منزلك قريبًا" فوجئت بسماع مثل هذا التنبؤ الدقيق، وكنت مقتنعة بأنهما تقرآن الفنجان. أردت الدخول، لكن تيتا قالت إننا سنعود في يوم آخر لأن الوقت لا يسمح بذلك.

يوم الأربعاء، لم أستطع الانتظار للوصول إلى منزل السيدة كلير. عندما وصلنا، سألت ماري هل يتسنى لي الوقت للحصول على فنجان من القهوة وقراءة الطالع.

قالت: "نعم، بالطبع".

وهكذا، حالما انتهينا من الدرس، كان فنجان القهوة التركية جاهزاً، وبدأت ماري شرح الرموز. جلست في ذهول تام مما تقوله. وحين أنظر اليوم إلى الوراء، أعتبر ما قالته نوعًا من النبؤة.

جلست ماري على الكرسي المجاور لكرسيي، سألتني بضعة أسئلة، مثل: كيف حالي، وكيف تعاملني الحياة؟

افترضت أن أسئلتها تهدف لإمدادها بتصور عام عن حياة الشخص. بعد ذلك طلبت مني أن أغطي الفنجان بالصحن، أضع إبهامي على قاعدة الفنجان، أديره ثلاثًا في اتجاه عقارب الساعة، ثم أقلبه رأساً على عقب بسرعة، وأتركه حتى يبرد. بعد ذلك ، سلّمته لها. 

الرموز والإشارات في القراءة 

بدأت بالنظر داخل الفنجان، باحثة في الأنماط المتشكلة. انتظرت بترقب قراءة طالعي. قسمت الفنجان لأجزاء مختلفة. تحدد منطقة المقبض حياتك العاطفية، والجانب الآخر يتنبأ عن الثروة، الجانب الأيسر يصور الحاضر والماضي، بينما يصف الجانب الأيمن المستقبل، والقاع يتنبأ عن غد العائلة.

قالت إن الفنجان "أبيض" للغاية، مما يعني أن لون الأنماط خفيف ومتلاشٍ تقريباً، وهذا يدل على السلام والصفاء.

وتابعت: "أرى شجرة يجثم فوق أحد فروعها الطويلة المتعرجة طائر. سوف تسمعين بعض الأخبار الإيجابية في المستقبل القريب."

"هناك بركان، ستواجهين بعض الصعوبات، تليها نتيجة إيجابية. هنا أرى شخصاً ما يصلي، هو على الأغلب شخص يتمنى لك التوفيق، ويرسل لك الكثير من النعم."

ثم قالت شيئًا التصق بي حتى يومنا هذا. "هنا، أرى برجًا عاليًا للغاية، سوف تعيشين ذات يوم في مدينة بها برج عال جداً." ربما هي مجرد مصادفة، ولكني الآن حين أتذكر الواقعة، أقول لنفسي لا بد أنها رأت برج خليفة. حالما انتهت من قراءة جانبي الفنجان، طلبت مني أن أتمنى أمنية، وأن ألعق إبهامي الأيسر وأضغطه على قاع الفنجان، مخلفةً بصمتي في المركز.

وأوضحَت أنه إذا رأى المرء رموز أشعة الشمس أو أشعة الشمس أو القمر أو الهلال، فإن هذه تدل على السعادة. أما إذا رأى تراكمات الثُفل في القاع، فيعني هذا تحذيراً من الصعاب المقبلة. في تلك اللحظة، رنت تيتا جرس الباب. دخلت طلبًا لكوب سريع من الماء، إذ كان الجو حارًا في الخارج، وقالت إننا حقاً بحاجة للذهاب.

أتذكر ذلك اليوم بوضوح شديد، وما علمتني ماري عن كيفية قراءة الرموز. بدا الأمر وكأن هذا النشاط الاجتماعي العجيب توج الصيف كله. منذ ذلك اليوم، تعلمت أن قراءة الفنجان تتنبأ بمستقبل الشخص من خلال تفسير الرموز، والرموز المختلفة لها معانِ مختلفة. يشير الخط الدائري الطويل إلى حد ما، إلى رحلة مقبلة، أو سفر محتمل، أو حتى رحلة طويلة، تحقق نتيجة إيجابية. 

لسوء الحظ، لم تحظ سوريا بحظ يشبه القراءات السعيدة للفنجان في ذلك الصيف. خلال الحرب في سوريا، انتقلت تيتا وجدّي إلى لبنان، وبعد بضع سنوات، توفيا.

كذلك تدل الطائرة أو الجبال التي تظهر أفقًا في الخلفية على السفر المستقبلي. الطائر، دائماً رمز للحظ الحسن، يدل على تلقي بعض الأخبار الجيدة. من ناحية أخرى، يمثل الثعبان فألاً سيئاً، إذ يكون الشخص محاطًا بالحسد أو بذوي النيات السيئة.

إذا كان الثعبان على الجزء السفلي من الكأس، فالحاسد شخص وثيق الصلة من صاحب الفنجان، أما إذا ظهر على جانبي الكأس، فيعني ذلك أنه شخص بعيد إلى حد ما.

تجسيد لشخص تقي، أو يد مبتهلة، يعتبر نعمة، تعني أن شخصًا ما يرسل طاقة إيجابية، أو يصلي من أجل الشارب. شجرة تعني مكافأة وحظاً طيباً. أما إذا رأى الشخص حلقة في قاع الفنجان، فهذا يرمز إلى الزواج، خطبة أو زفاف وشيك.

القلب يشير إلى أن الحب في الهواء. إذا رأينا خيالين سميكين وغامقين من ترسيبات البن، يشير هذا إلى أن الناس يغتابون الشارب. إذا اصطفت الخيالات رقيقة، فسوف يحضر الشارب حدثاً ممتعاً. الأطفال دائماً علامة على ذرية، موجودين كانوا أو سيولدون في المستقبل. سمكة تعني دائماً ثروة مادية. أخيرًا، إذا رأى المرء رقماً، فهذا رقم محظوظ.

لدى مغادرتنا منزل كلير وماري، أوضحت لي تيتا أن الإسلام يحرم التنبؤ بالغيب. قلت لها إن قراءة فنجاني كانت حقاً للتسلية فقط. لم أكن أعرف أن هذه الذكريات الصيفية الجميلة، التي تجلب الكثير من الضحك والتسلية، ستكون جزءاً لا يتجزأ من الماضي، وأن قراءة الفنجان في ذلك الصيف، ستترك بصمة قوية كونها انعكاساً لوقت رائع، لن يتمكن أي منا من أن يعيشه مرة أخرى.

لسوء الحظ، لم تحظ سوريا بحظ يشبه القراءات السعيدة للفنجان في ذلك الصيف. خلال الحرب في سوريا، انتقلت تيتا وجدّي إلى لبنان، وبعد بضع سنوات، توفيا، يا للأسف. سأعيش دائماً ممتنة للأوقات الرائعة، التي قضيتها في دمشق، مع جدّيَّ.

يريحني استرجاع الذكريات الثمينة والأوقات السعيدة لكل تلك الصيفيات التي قضيناها معًا قبل فترة بعيدة. سوف تكون إلى الأبد، جزءاً منا.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image