شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
فيلم

فيلم "الهوى سلطان"... تأكيدٌ على أننا بالحبِّ فقط نحيا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والتنوّع

الأربعاء 20 نوفمبر 202411:20 ص

محظوظ من يجد صاحباً لروحه.

صاحب يشاركه تفاصيل اليوم، أبسطها وأكثرها تعقيداً، أكثرها مللاً وأشدها حماسةً وفرحاً. صاحب يجيد "الطبطبة" ويجيد المواساة. صاحب "حكواتي"، يحكي كثيراً وينصت كثيراً. يتشارك معك حبّك لفيلم أو مسلسل ما، فينتهي كل شيء تتشاركاه بـ"استوديو تحليلي" لفكفكة كل شيء، ووضع كل التساؤلات على الطاولة ومناقشتها. لماذا؟ "لأنه شو ورانا ما نحكي؟".

صاحب يجيد حكي المشاعر، ويجيد تفكيكها قدر استطاعته. شخص يختار ألا يُطلق أحكاماً لأنه يعرف أننا جميعاً أو كثيراً منّا "عقد نفسية وماشية"، وأننا جميعاً بحاجة أن نشفى من شيء ما.

صاحب يمكننا أن نكون أمامه كما نحن، بكل شخصياتنا ونسخنا، أحلاها وأكثرها تعاسة، الحالمة والمحبة لكل تفصيلة في الحياة، والنسخة الأشدّ توتراً وغضباً وخوفاً.

صاحب يمكننا أن نصمت طويلاً أمامه.

صاحب يوقعنا في حبّ الحياة مجدّداً كل يوم، مع كل تذكير بأنه هنا.

صاحب تكون رفقته ممتعة دوماً، لا المكان مهم ولا الزمان. كل ما في الأمر وجوده.

أكتب هذا لأن فيلم "الهوى سلطان"، "أجّج" مشاعري. شاهدتُ الفيلم (تأليف وإخراج هبة يسري) ليلة أمس، ولكني ما زلت أفكر فيه، وما زال قلبي مبتسماً حتى الآن.

فيلم "الهوى سلطان"، "أجّج" مشاعري. أحسستُ بأنه تأكيد على أن الحبّ هو أعظم شعور في الوجود، وأن به فقط نحيا، وأنه ربما علينا أن نُبالغ في الحب. أن نحب كما يليق بمن نحب. أن نحب بالطريقة التي يحب فيها من نحب أن نحبه

أحسستُ بأنه تأكيد على أن الحبّ هو أعظم شعور في الوجود، وأن به فقط نحيا، وأنه ربما علينا أن نُبالغ في الحب. أن نحب كما يليق بمن نحب. أن نحب بالطريقة التي يحب فيها من نحب أن نحبه. أن "نركّز" مع من نحب، و"نملأ الأرض بحبه"، لأن غيابه -لأي خطأ أحمق- يعني الكثير من الفراغ والكثير من الندم.

منّة شلبي وأحمد داود، جسّدا الحب -أو أحد أجمل نسخه/أشكاله- في هذا الفيلم. بخفته، عفويته وهدوئه. جسّدا كيف يكون. كيف يأتي من تلقاء نفسه، بلا خطط أو حيل. أكدا على أن الحب صداقة ثم صداقة ثم صداقة، ومن ثم كل شيء بعدها.

استمتعت بالفيلم، ولا يزال قلبي مبتهجاً، لأنه ليس كغيره من الأفلام في رأيي. يحكي "حب من بتوع الكبار دول"، كما تقول سارة (منة شلبي) في الفيلم. حب لا يحتاج إلى إبهار، وإنما إلى لقاء الأرواح حصراً.

تُذكرنا مثل هذه الأفلام بحاجتنا الملحّة إلى أن نكون بجانب من يشبهون أرواحنا، من لا نحتاج إلى تبرير أو شرح أنفسنا كثيراً ونحن بجانبهم، من نستطيع أن نكون هشّين كما يحلو لنا حولهم، أن نبكي أمامهم إن شعرنا بحاجة قلبنا إلى ذلك، ليتنفس قليلاً، أو ليعيد أنفاسه مجدداً. من نشعر أننا آمنون معهم، لأنهم يمنحوننا، ببساطة، مساحة آمنة، نستطيع أن نكون فيها ما نودّ أن نكون. أشخاص تكون رفقتهم ممتعة حد السماء، وهنا، لا أتحدّث عن شركاء عاطفيين فقط.

أكتب هذه الكلمات قبل شهر من زفافنا، أنا و"صاحبي" الذي أحب. أكتب وأنا فوق الغيوم، أكتب وأنا قريبة من الشمس، أكتب وأنا "غاضة النظر" أننا لسنا في أحلى فترة في علاقتنا لكثرة ضغوطاتها، ولكننا في طريقنا إلى ما نتمنى، ولا أعتقد أن هناك ما هو أحلى من هذا.

أريد أن أصدّق دائماً بأن الحب يُشفي، الحب يُحلّي، الحب يُحيي. الحب يزيد الحياة حياةً، يُضاعف المشاعر التي تروق لنا، ويُخفّف المشاعر التي نحاول دائماً الهرب منها.

حينما سُئلت عن السبب الكامن وراء رغبتي الحقيقة في الزواج، كانت إجابتي وما زالت: "أشعر بأن أي يوم، لسنا فيه سوياً، هي أيام ضائعة من عمرنا".

لا أريد تصديق ما يُقال عن الزواج، بمزح وغير مزح، بأنه "مقبرة الحب" و"مؤسسة فاشلة"، لأنني أؤمن بأنه مثل أي شيء آخر في الحياة، يحتاج إلى جهد لإبقائه حيّاً، وأدعو بجدّية إلى الكفّ عن لوم "مؤسسة الزواج" في حال فشل علاقة زواج ما

لا أريد التعلّق المرضي، أريد من الحب أحلى ما فيه. لا أريد الانغماس الكامل في حيوات بعض، لكنني أريد أن نظل قرب بعض، في حياة بعض. ألا "يتمزّع" قلبنا عند كل وداع، لأننا لا نعرف متى سنلتقي مجدداً.

ولا أريد تصديق ما يُقال عن الزواج، بمزح وغير مزح، بأنه "مقبرة الحب" و"مؤسسة فاشلة"، لأنني أؤمن بأنه مثل أي شيء آخر في الحياة، يحتاج إلى جهد لإبقائه حيّاً، وأدعو بجدّية إلى الكفّ عن لوم "مؤسسة الزواج" في حال فشل علاقة زواج ما.

وإلى "صاحبي":

شكراً لكونك أنت

من مثلك لا يستحق سوى الحب.

أنت ممن كتب عنهم جبران:

"البعض نحبّهم

لأن مثلهم لا يستحق سوى الحب

ولا نملك أمامهم سوى أن نحب…".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

نرفض أن نكون نسخاً مكررةً ومتشابهة. مجتمعاتنا فسيفسائية وتحتضن جماعات كثيرةً متنوّعةً إثنياً ولغوياً ودينياً، ناهيك عن التنوّعات الكثيرة داخل كل واحدة من هذه الجماعات، ولذلك لا سبيل إلى الاستقرار من دون الانطلاق من احترام كل الثقافات والخصوصيات وتقبّل الآخر كما هو! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، فكل تجربة جديرة بأن تُروى. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image