"العلاقة الزوجية هي فرض يومي مثل أعمال المنزل عليّ أن أؤديها برغبة أو بدونها، وإن كنت مريضة"، بهذه العبارة تتحدّث فاطمة (23 عاماً)، من النجف، لرصيف22، موضحةً "تزوّجت قبل عامين وأشعر أنني مملوكة لفراشه مرفوض التأخر أو الاعتراض".
تتابع فاطمة أنها بعد سنة واحدة من الزواج شعُرت بأعراض الحمل وكانت نتيجة الفحص إيجابية، وتلفت بغضبٍ وقد عقدت حاجبيها "كنت أظن أن زوجي سوف يقدّر وضعي الصحي وتعب الحمل ولكن كان هذا في أحلامي".
"إيدج شبيها، حلكج شبي"
بعد أن خرجت من عيادة الطبيبة كان زوجي في انتظاري في السيارة، أخبرته ونحن في الطريق إلى المنزل: "منعتني الطبيبة النسائية من ممارسة العلاقة الزوجية في الأشهر الأولى من أجل ضمان ثبات الحمل وحفاظاً على الجنين".
"كلّما تذكّرت المشهد الذي وُضِعت فيه، أكره نفسي وزوجي… كنت أهز ابني الذي استيقظ بساعدٍ لينام، وبساعد آخر أمارس الجنس اليدوي مع زوجي"... نساء عراقيات يُجبرن على ممارسة جنسية غير مرغوبة لهن بما في ذلك أثناء الحيض وفور الولادة تلبيةً لـ"الحق الشرعي" للزوج دون مراعاة لحالتهن الصحية والنفسية
تقول فاطمة إن ردة فعل زوجها كانت "غريبة جداً" إذ صاح بصوت عالٍ: "إحنا تزوجنا ودفعنا مهر حتّى يومية ما أكدر وما أكدر (لا أستطيع) لو كاظيها على العلاقات (يقصد يكتفي بالعلاقات النسائية) أحسن".
وتسترسل بصوتٍ هادئ: "امتنع زوجي من معاشرتي في الليلة الأولى وفي الليلة التالية، قال لي: افتهمنا متكدرين بس إيدج شبيها حلكج شبي سويلي موطة وين أروح آني"، وهي تعابير باللهجة العراقية يقصد منها ممارسة الجنس الفموي.
بعد أن تأخذ نفساً عميقاً، تكمل حديثها: "نفسيتي لم تتقبّل الموضوع وأنا مُجبرة وإن لم أُنفّذ سوف يتعمّد زوجي الانتقاص مني أمام زوجات أشقائه أو يمنعني من زيارة أهلي". وتختم: "الجنس الفموي يسبب لي الألم في المعدة خصوصاً أن زوجي أحياناً يرفض تعقيم نفسه (تنظيف نفسه والاستحمام قبل العلاقة الحميمة) ويستخدم معي أسلوب الجبر والقوة".
الجنس الفموي غير المرغوب
وعن هذا، توضح الطبيبة النسائية المتخصصة نور أحمد لرصيف22: "يوفّر الجنس الفموي فرصة للأحياء الدقيقة لكي تنتقل من شخص لآخر، لأنه ينطوي على انتقال سوائل الجسم ويمكن لبعض أنواع العدوى والبكتريا أن تنتشر من خلاله". ومن بين الأمراض المعدية التي قد يتسبّب بها الجنس الفموي، وفق أحمد، عدوى الهربس وهو من الأمراض الجلدية الفيروسية المزعجة والمعدية والذي ينتشر عند التلامس المباشر أثناء العلاقة الجنسية وبالأخص عند ممارسة الجنس الفموي، حيث تنتشر البثور والتقرّحات حول الفم وتشوه المظهر الجمالي للوجه علاوة على الألم.
تضيف الطبيبة العراقية أنه من الأمور المقلقة بشأن الجنس الفموي أن لعق المنطقة الجنسية بالفم من أجل المداعبة قد ينقل العدوى لأن هذه المنطقة رطبة ومظلمة ما يشجع على نمو البكتريا والجراثيم.
تضيف الطبيبة أحمد أنه بينما تُجبر بعض النساء على ممارسة الجنس الفموي، فعليهن الاعتناء بعدة أمور من أهمها: استعمال الزوج الواقيات الذكرية (الكوندوم)، لأن استعمالها بشكل سليم ومستمر من أنجح وسائل الوقاية من حالات العدوى المنقولة جنسياً، بما فيها فيروس العوز المناعي البشري وينبغي قدر الإمكان استعمال الواقي الذكري أثناء ممارسة جميع حالات الجنس المهبلي والشرجي والفموي.
توصي الطبيبة أيضاً بعدم استخدام فرشاة الأسنان قبل ساعات من هذه الممارسة لأن الفرشاة يمكن أن تسبّب خدوشاً وجروحاً تساهم في انتقال العدوى وتشبّث الفيروسات. وذلك بالإضافة إلى تأكيدها على أهمية غسل الفم جيداً بعد الممارسة، واستخدام وسائل التعقيم والنظافة الشخصية يومياً وغسل المنطقة الجنسية على الأقل 3 مرات يومياً وتجفيفها بالسشوار (الهواء الساخن) من أجل ضمان جفاف هذه المنطقة.
"أكره فراش زوجي"
تجربة رنا (33 عاماً)، من بغداد، مع الجنس القسري عقب الولادة مباشرةً ما تزال تترك عليها آثاراً مؤلمة، تقول لرصيف22: "أشعر بالقرف حين يجمعني الفراش مع زوجي بعد إلحاحه غير المبرر يومياً وهو يكرّر عليّ جُمَلِهِ المعتادة بضجر: 'يوم عليج الدورة' و'يوم حامل' و'يوم نفسة' (باللهجة العراقية وتُطلق على المرأة بعد الولادة )".
"امتنع زوجي من معاشرتي في الليلة الأولى بعد تأكد حملي وتعليمات الطبيبة بتجنب العلاقة الجنسية في الأشهر الأولى لضمان ثبات الحمل وحفاظاً على الجنين. وفي الليلة التالية، قال لي: افتهمنا متكدرين بس إيدج شبيها حلكج شبي سويلي موطة (جنس فموي) وين أروح آني"
وعن تفاصيل قصتها، تضيف: "رُزِقت في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، بأجمل توأم وكنت أشعر بالتعب من ألم الولادة لأن ولادتي كانت صعبة ولدت الأوّل طبيعي والثاني تعسّر فدخلت لغرفة العمليات وأنجبته قيسرياً"
بعد يومين من خروجها من المستشفى، وكما هي العادة السارية في البيوتات العراقية، ذهبت رنا لتقضي بعض الوقت في منزل أهلها من أجل أخذ قسط من الراحة
تتابع رنا: "كان زوجي يزورنا يومياً ويطلب في كل مرة أن أعود للمنزل من أجل 'واجباته الزوجية'، وبدوري كنت أُخبره أن نفسيتي وجسدي لا يتحمّلان وأعتذر مراراً وتكراراً. وبعد مرور 10 أيام تقريباً، أخبرني همساً في أذني: سألت أحد المضمّدين (مساعد الطبيب) المتمرّسين في الجنس وقال لي يمكنك أن تمارس معها الجنس بالواقي الذكري أو تستطيع أن تعمل زوجتك دوش للمهبل وتستمتع ببعض من الوقت".
وتشير إلى أنها وجدت نفسها مجبرة على ممارسة العلاقة الزوجية في وقتٍ كانت نفسيتها "حرجة للغاية"، مؤكدةً "كلّما تذكّرت المشهد الذي وُضِعت فيه، أكره نفسي وزوجي… كنت أهز ابني الذي استيقظ بساعدٍ لينام، وبساعد آخر أمارس الجنس الفموي مع زوجي، علاوة على الالتهابات والجروح التي أُصبت بها بعد انتهاء العلاقة".
"من خلال حديثي مع صديقاتي المقّربات، غالبية الأزواج يعاملون زوجاتهم بنفس الطريقة"، تختم رنا.
وفي هذا الصدد، توضّح الطبيبة النسائية سناء الأمين: "للأسف نحن لا نمتلك أي ثقافة جنسية وأفواهنا عجزت من كثرة الحديث في الأمر. أتمنى أن يترك الأزواج النساء خلال أجازاتهم الشرعية -أثناء الدورة الشهرية وبعد الولادة- لأن المنطقة التناسلية تكون بحالة زيادة التقلّصات الرحمية، ما يزيد من نزيف الطمث، ومعاناة الألم الشديد، والموضوع مرفوض طبياً وعلمياً".
تدعم هذا الحديث الطبيبة النفسية مها مزهر التي تقول لرصيف22: "أثناء الدورة الشهرية وما بعد الولادة تكون المرأة بحالة نفسية صعبة جداً يصحبها اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي، وتقلّب المزاج والغضب والقلق والشعور بالإرهاق وصعوبة التركيز وسهولة الاستثارة والتوتُّر".
وفي ما يخصّ الشعور بالكآبة بعد الولادة، تتابع الطبيبة أنه من الشائع أن تشعر الأمهات بالكآبة والقلق بعد يومين أو ثلاثة أيام من الولادة، وقد يواجهن صعوبة في النوم، أو يشعرن بالشك في قدراتهن على رعاية الطفل الجديد. لذا "تحتاج الأم فور الولادة إلى فترة نقاهة. لكن على أرض الواقع، وفوق كل هذه المسؤوليات والتغيّرات التي تطرأ على حياتها يُحمّلها الزوج في هذا الوقت الصعب مسؤولية رغبته الجنسية وإن كان يمتنع عن وطئها في الفراش فيفرض عليها أن تمارس معه أشكال أخرى".
"العلاقة الزوجية هي فرض يومي مثل أعمال المنزل عليّ أن أؤديها برغبة أو بدونها وإن كنت مريضة".
وتلفت الطبيبة إلى أنها من خلال عملها رصدت العديد من الحالات التي تراجعها كطبيبة نفسية لأن الطبيبة النسائية وجدتهن كارهات للجنس ومؤدّيات فقط ولا يشعرن بالنشوة والسبب هو الضغط عليهن لممارسة الجنس أوقات الحيض والمرض والولادة، ما يُشعر المرأة بأنها كارهة للعلاقة الزوجية أو على أقل تقدير رافضة لها، فيما يحاول الزوج استفزازها بكلمات جارحة على سبيل المثال "أنتي هم مرة (يقصد لستِ أنثى، وهي جملة جارحة للغاية يستخدمها رجال عراقيون عادةً حين ترفض نساؤهم العلاقة الجنسية) مثل النسوان"، ما قد يجعل المرأة بالتدريج تشعر بالبرود الجنسي وتُصبح "مجرد مؤدّية".
الجنس الشرجي القسري
تعاني شيماء (37 عاماً)، من بابل، أيضاً بشدة بسبب الإجبار على ممارسات جنسية لا تفضلها من قبل زوجها. تقول لرصيف22 إنها "تكره الجنس" لكنها تمارس مع زوجها "كل الوضعيات بالأمر" إذ يهدّدها بالخيانة إن لم تلبِّ رغباته الجنسية.
بلغ بها الحال إلى عدم التحكّم بخروج الريح والبراز من منطقة الشرج. تروي شيماء: "كنت صغيرة حين تزوّجت ولا أستطيع الرفض لأني كنت أخشى غضبه فكانت كل طلباته أوامر، وقد كان يستمتع بألمي".
وتُردف: "يجامعني زوجي من الخلف على مدار علاقتنا الزوجية التي تتكرّر أربعة أيام في الأسبوع، وأحياناً مرتين في اليوم، بحسب مزاجه ورغبته".
الرفض يقابله "تعنيف الأطفال" والتقصير في الالتزامات
شاهدت شيماء الكثير من البرامج والمضامين التي تنصح النساء برفض ما تكره، وحاولت أن تغيّر من روتين حياتها وتتعلم أسلوب حياة جديداً. تقول بلهجتها البغدادية وهي تضحك: "عود ردت أصير فهيمة وأرفض".
تصمت فجأة وتعود للضحك وتعد بأصابعها، أولاً: "بدأ يتحجّج ويُعنّف أطفالنا على أتفه الأسباب ويمنعهم من المصروف. ثانياً: التقصير في أبسط احتياجات المنزل. الخوف بدأ يتسلّل لتفكيري بعد أن بدأ بسحب هاتفي ويحقّق في الأرقام ظناً منه أني أرفضه لأني أخونه. أهلي يمنعوني من الطلاق ويرفضون أن أعود إليهم مع أطفالي الأربعة".
تختتم شيماء: "عُدت إلى فراشه لأُنفّذ رغباته مكرهة".
خوفاً من الخيانة، تُنفّذ رغباته
"أنا زوجة ثانية وعليّ أن أُنفّذ رغباته من أجل ألّا أخسره"، تقول شهد (25 عاماً)، من الناصرية، قبل أن تسأل وتجيب نفسها: هل أنا راضية أو مستمتعة؟، بالتأكيد: لا. وتتابع: "أنا ممثلة وأجيد دور الاستمتاع منذ سنتين من الزواج، ومضطرة أن أُنفّذ طلباته لأن رفض زوجته الأولى جعله يتزوجني وأخشى أن يتزوج ثالثة لو رفضت أيضاً".
طبيبة نفسية عراقية: تحتاج الأم فور الولادة إلى فترة نقاهة. لكن على أرض الواقع، وفوق كل هذه المسؤوليات والتغيّرات التي تطرأ على حياتها يُحمّلها الزوج في هذا الوقت الصعب مسؤولية رغبته الجنسية وإن كان يمتنع عن وطئها في الفراش فيفرض عليها أن تمارس معه أشكالاً أخرى من العلاقة
تُطلق شهد تنهيدة وتتابع: "يشاهد زوجي كل يوم فيلماً إباحياً في غرفة الجلوس، ثم يطلب مني أن أُقلّد الحركات مهما كانت صعبة. أُكرّرها حتّى أُتقنها، ولا يكترث أن يجامعني أثناء الدورة الشهرية، أو يعاملني بعنف".
وتسترسل "قبل وصوله إلى المنزل يرسل لي رسالة عبر واتساب بالدور الذي ينبغي أن ألعبه. مثلاً: تمنّعي اليوم مهما طلبتك للفراش، فقد شاهدت فيلماً إباحياً تدور أحداثه حول الاغتصاب".
تمر الأيام وتتعايش شهد مع ما يطرأ على حياتها، وتعاني الالتهابات الجنسية ولا تلتزم بنصائح الطبيبة النسائية حين تمنعها من العلاقة لمدة أسبوع أو أكثر من أجل الوصول إلى مرحلة الشفاء، وبحسبها "أن أمنعه هذا يعني أنني سوف أتعرّض للخيانة فهي ورقة ضغط يلوّح لي بها كلما تمنّعت".
من الممارسات الجنسية التي تُجبر عليها شهد دون رغبتها هي الجنس الشرجي. تقول: "المجامعة من الخلف (الشرج) وضع مؤلم جداً ومزعج، وتكراره حسب طلبه صار أمراً خانقاً كأنه يلف جيداً من مسد حول رقبتي، وأثناء الممارسة اللحظات تمر عليّ أشعر بها أنني في غرفة الإعدام لا أصدق متى ينتهي".
بالعودة إلى الطبيبة نور أحمد، تقول إن العلاقة الجنسية من الشرج تسبب أمراضاً عديدة للطرفين وتزيد فرصة انتقال العدوى البكتيرية إلى القناة البولية التناسلية، علاوة على ما يسببه الجنس الشرجي من آلام شديدة لأن الشرج لا يفرز مواد مزلقة كالمهبل والموضوع بالنسبة لكثير من النساء مزعج وسبب رئيسي لانتقال الميكروبات من الشرج إلى المهبل إذا حصل الجنس الشرجي ثم تبعه الجنس المهبلي، ما يؤدي إلى حدوث التهابات في المهبل وتوسّع فتحة الشرج، وربما إصابة العضلات المسؤولة عن التحكم في التبرز وزيادة خطر الإصابة بـ"البواسير".
وتضيف أن "كل امرأه لها طبيعة جنسية تختلف عن الأخرى، ولها طاقة معينة في الممارسة. من غير الممكن أن أقيس واحدة بأخرى، المطلوب من الطرفين هو فهم رغبات كل فرد منهما. في مجتمعاتنا الشرقية العلاقة الزوجية قائمة على إرضاء الرجل هذا يعني إقصاء رغبات المرأة وهنا يتطلّب منّا أن نتثقف جنسياً قبل البدء في علاقة جنسية مع الشريك ونتعرف على رغباته".
وتختتم الطبيبة أحمد: "أمنية تجدها في أعماقي وربما غالبية الطبيبات النسائيات هو أن يتثقّف الطرفان حول العلاقة الجنسية خصوصاً الآن وقد تطوّرت وسائل البحث عن الموضوع، ونصيحة أخيرة هي على المرأة حين تقل رغبتها الجنسية أن نبحث عن الأسباب، إذ ربما تكون هرمونية أو مرضية، ولا نُلقي باللوم عليها. فاللوم والكلمات الجارحة (من الرجل تحديداً) يزيدان تفاقم الحالة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Husband let me know -
منذ 20 ساعةهلا
Husband let me know -
منذ 20 ساعةهلا
مستخدم مجهول -
منذ يوملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 4 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ 6 أياملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...