تناولت نشرة حول قضايا النوع الاجتماعي في لبنان، أعدتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، التأثير غير المتناسب الذي تعاني منه النساء والفتيات في لبنان، نتيجة للتصعيد الحاد في الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وما يتبعها من آثار سلبية على الأسر النازحة والمهجرة التي تعيلها نساء، والنساء ذوات الإعاقة، واللواتي يتعرضن لخطر أكبر، في ظل هذه الأزمات. هكذا، تم التطرق إلى الاحتياجات الملحة في مجالات: الغذاء، المأوى، الصحة، والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، أما النقاط الأساسية فشملت:
- تعرض النساء والفتيات لمزيد من المخاطر بسبب التمييز، مثل: الحد من حرياتهن وحقوقهن في الأماكن العامة والخاصة.
- الحاجة إلى توفير الضروريات، وأهمها: الرعاية، النظافة، الأمن وغيرها.
- الدعوة إلى دعم المنظمات النسائية وزيادة مشاركة السيدات في صنع القرارات المتعلقة بالاستجابة للأزمات الإنسانية.
على الأرجح أن النساء سوف يبقين مع الزمن مصدراً رئيساً للإلهام، بخاصة في الأوقات القتام. وهذا لأن بأسهن ودأبهن يتجاوزان قدراتهن على التحمل الآني، فيشمل الانتقال إلى الخير التالي والأعلى للجميع
سلطت النشرة إذاً الضوءَ على ضرورة معالجة الفجوات الواقعة بين الجنسين، في مجالات مختلفة وبهدف ضمان حقوق المرأة. وتسعى هذه المقالة إلى استكشاف العلاقة الجدلية القائمة بين القمر الكامل في تصويره للبيان والظهور، وبين الدور الحيوي للنسوة والفتيات، كفاعلات وحارسات في آن لهذه التحولية المنتظمة والتي يمكن اكتسابها من الخارج. فالروحانية، التي غالباً ما تبدو بحثاً فكرياً ومفهوماً مجرداً، تصب بآخر المطاف في الواقع اليومي، من ناحية أنها تشكل التجرؤ على الاقتراب من صميم النفس، والبحث عن الحقائق، وإيجاد حلول للمشكلات العالقة، من أجل فتح أبواب أوسع أمام البشر الساعين.
1- القمر الكامل: مرآة الروح
تحت ضوء القمر الساطع في مساء 17 تشرين الأول/أكتوبر 2024، تنتشر طاقة عالية لتعم المكان. طاقة تجمع بين الصراع الداخلي وسلامه، بين الحركة والتوتر والسكينة والآلام والأفراح. وطاقة تدعو كل فرد إلى خوض رحلته الخاصة، إلى استعادة مساحته ومن ثم تجديدها، وسط بيئة وعالم ما زالت تبعدنا فيهما صواريخ الغارات عن جوهرنا الدفين.
تتواجد النساء عندما يكتمل القمر، ليس فقط من أجل العيش، بل من أجل تحقيق مهمة أسمى: إيقاظ روح الرحمة لدى البشرية والأرض معاً، مما يحوّل الجراح المزمنة إلى مصادر خلق وإبداع لا تنضب.
وليس القمر الكامل مجرد ظاهرة جغرافية كما يقول التعريف الفلكي البسيط، بل هو مرآة سماوية تعكس غير المرئي في كل منا. وبالنسبة النساء، عادةً ما يكنّ هنّ أول من يشعر بجاذبية هذا النور. أتحدث عن اللاتي يحملن الحكمة العريقة، فتتردد حولهن، ومنذ آلاف السنين، قصص عبور التحديات بصبر ومرونة. وهن يتواجدن في هذه المناسبة الاحتفالية، ليس فقط من أجل العيش، بل من أجل تحقيق مهمة أسمى، أعني إيقاظ روح الرحمة لدى البشرية والأرض معاً، مما يحول الجراح المزمنة إلى مصادر خلق وإبداع لا تنضب.
2- المرأة: رمز تاريخي
التشافي تحت سنا البدر ليس مجرد عملية بدنية، بل هو يطال أيضاً باطن الروح، وما هو أكثر خفاءً. وكما كانت النساء اللواتي عانين من الظلم والقمع رموزاً للسلامة والعافية عبر التاريخ والعصور، سوف تصير الواقفات في بريقه، في كل الأنحاء وهذه الليلة، سفيرات، قادرات على تحويل التحديات الشخصية إلى فرص للنمو المحلي والدولي. وهذا لأن كل خطوة تأخذها المرأة نحو حل صراعاتها ومواجهة آلامها واحتضان ذاتها، سوف تمكّنها من فهم نفسها، وسوف تعزز بالتالي، وإلى حد بعيد وبالغ الإيجابية، الحبَّ والتفاهمَ والاتحاد مع الأخريات، في وجه الطغمة العامة، وصولاً إلى التحرر الأفقي الأشمل.
3- المرأة: شعاع مستقبلي
على الأرجح سوف تبقى النساء مع الزمن مصدراً رئيساً للإلهام، خاصة في الأوقات القتام. هذا لأن بأسهن ودأبهن يتجاوزان قدراتهن على التحمل الآني، فيشمل الانتقال إلى الخير التالي والأعلى للجميع. هن، عملياً، ينجبن من أرحام معاناتهن، الناتجة عن قمع الوعي بهويتهن الأصيلة، شفاءً ينعكس على الأجيال القادمة. وإنهن يفعلن بدون الحاجة إلى إعلان أنفسهن بمثابة منقذات للربيبات والأخريات والآخرين، محترفات صنعة الإتقان فحسب.
4- المرأة والطبيعة، الحليفة السرمدية
الاتصال بين المرأة والطبيعة نابض ووثيق، لا ينفصل البتة. ولكن زيادة على الأمر، تمسي التربة والماء والهواء والنار، مع الوضح المتلألئ، عناصر تقدم لها دروساً قيمة في التقبل والهدوء والفهم والتعاطف، بواسطة النظر إلى التقلبات بدوراتها وإيقاعاتها المختلفة، من الأعلى والأسفل. ويحدث ذلك عبر التأمل في تجذر النباتات، وعصف الرياح، وانسيابية الماء أو الدفء والحرارة على حدّ سواء. إنها شراكة تدعو الإناث وبجدارةٍ، للاستفادة من تظافر موارد غير محدودة وتقيت غير الجسدي لديهن.
5- المرأة والقمر، علاقة مقدسة
للمرأة مع القمر حكاية علاقة قديمة، تجلت في سابق الزمان عبر احتفاليات، ما زالت بعض طقوسها مستمرة إلى يومنا هذا، وتشعر بها الإناث عبر أطوار محسوسة بيولوجياً ومضبوطة كرونولوجياً، أي تنتهي وتبدأ عند لحظة التدفق وبعدها. والعارفات بسرّ هذه العلاقة وصيرورتها، يستخدمنها في حياتهن اليومية كنموذج في العبور من الأوجاع والاكتئاب إلى الارتياح والفرح. وبينما نُعنى، نحن النساء، بدورة القمر، نتذكر أن الحياة نفسها هي درب غني بالدروس والتحولات، وليست حدثاً واحداً وحسب. وكلما استمررنا في الاستماع إلى أصوات الروح، نتعلم أن النور والظلام هما جزء من الدورة الحاصلة بين الولادة والموت، وإننا بحاجة إلى كليهما لتحقيق التوازن والانسجام الكلي.
الاتصال بين المرأة والطبيعة نابض ووثيق، لا ينفصل البتة. ولكن إضافة إلى ذلك، تمسي التربة والماء والهواء والنار، مع الوضح المتلألئ، عناصر تقدم لها دروساً قيمة في التقبل والهدوء والفهم والتعاطف
تمر السنوات الأخيرة فوق كاهل لبنان مليئة بالمصاعب والمشقات، فتهز أركان المجتمع كافة. من الانهيار الاقتصادي الكبير الذي بدل ترتيبات حيوات الأشخاص بدون استثناء ربما، إلى ثورة 17 تشرين الثاني/نوفمبر في 2019، والتي جسدت الرغبة الشعبية في التغيير، أسفرت تلك الحقبة عن طاقات غير عادية لدى الشعب اللبناني المتأقلم قسراً. والنساء، سواءً نزلن إلى ساحات الاعتصام أم جلسن داخل منازلهن المدمرة، بتن في قلب التحولات المتعاقبة بسرعة مضطردة. ها نحن اليوم، وبينما نعيش تداعيات سنوات طويلة من الإهمال والفساد وتفجير مرفأ بيروت، نشاهد استشراء الحرب على البلد منذ أشهر، والانحسار من المناطق الآمنة على امتداده.
تلتهمنا، مع البلاد المجاورة طبعاً، توتراتٌ سياسية وعسكرية خطيرة، لا يظهر آخرها إعلان إسرائيل عن مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. لعله صراع وجودي هذا الذي يدفع أبناء وطننا وسكانه للتشبث بأمل الخلاص، على الرغم من الغموض والسواد الذي يحيط بهم.
في هذا السياق، يأتي السؤال الأهم: كيف نستطيع بناء غد أفضل، والحرب اليوم ليست فقط على الجبهات العسكرية، بل هي أيضاً حرب ضد القهر والفقر والاستباحة المطلقة؟ ولعل بعض من الجواب هو أن المرأة هنا تكابد في تربية الأطفال والعمل في ظل ظروف قاسية، فعسى أن يكون الحصاد مباركاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ يومينمع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم