شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
منظمات دعم الميم-عين... امتحان صعب وبريق أمل في ظلّ الحرب

منظمات دعم الميم-عين... امتحان صعب وبريق أمل في ظلّ الحرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والميم-عين

الخميس 31 أكتوبر 202412:01 م


لوغو قصص ملوّنة

في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر، يشهد لبنان موجة نزوح كبيرةً من مختلف المناطق التي تعرضت للقصف، حيث وصل عدد النازحين إلى المليون، وهو الرقم الذي كشف عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ما انعكس على واقع العمل الإغاثي في لبنان لتلبية احتياجات النازحين/ ات من تأمين ملجأ وطعام وغيرهما من الاحتياجات اليومية. لكن أين الفئات المهمّشة من هذا العمل، خصوصاً أفراد مجتمع الميم-عين؟

هذا السؤال الذي طرحه رصيف22، تجيب عنه أبرز المنظمات المعنية بحقوق أفراد الميم-عين في لبنان، وقد وحّدت جهودها لمساعدة هؤلاء الأفراد من خلال تقديم خدمات صحية وطبية لهم، وتلبية احتياجاتهم الأساسية وصولاً إلى تأمين مسكن آمن.

الحصول على مسكن آمن

تطال التحديات والصعوبات التي يواجهها أفراد مجتمع الميم-عين، جوانب عدة خلال الحرب الحالية، إذ إن احتياجاتهم هي احتياجات بقية النازحين/ ات نفسها، مع التشديد على أهمية العثور على مسكن آمن بسبب هويتهم/ نّ الجندرية والجنسية والتعرّض في الكثير من الأحيان للعنف سواء اللفظي أو الجسدي.

يرى المسؤول الإعلامي في منظمة "حلم"، والمدافع عن قضايا مجتمع الميم-عين في لبنان، ضوميط قزي، "أنه مع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، كان بعض أفراد مجتمع الميم-عين، كسواهم، عرضةً للقصف، خصوصاً الأفراد المقيمين والمقيمات في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت".

تلعب المنظمات المعنية بحقوق أفراد الميم-عين، على غرار "حلم"، "براود ليبانون" و"موزاييك"، دوراً مهماً في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان ونقص التمويل المادي

ويضيف لرصيف22: "حتى قبل العدوان الإسرائيلي الموسّع، كان أفراد مجتمع الميم-عين يعانون من الضائقة المالية بسبب الأزمة الاقتصادية التي أثّرت عليهم/ نّ بشكل أكبر من باقي فئات المجتمع لأسباب عديدة، منها التمييز القائم على الميل الجنسي وهويتهم/ نّ الجندرية، وخلال العدوان وجد هؤلاء أنفسهم خارج منازلهم في الشارع يبحثون عن مأوى".

يتشارك مدير جمعية "براود ليبانون"، برتو مقصو، الرأي مع المسؤول الإعلامي لجمعية "حلم"، ضوميط قزي، بينما يرى بشارة سمنة، القائم بأعمال المدير المشارك لجمعية "موزاييك"، أن أفراد الميم-عين يواجهون صعوبةً في الوصول إلى أدنى الحقوق خلال الحرب والمتمثلة في العثور على المكان الآمن، خاصةً أنّ كثيرين من أفراد الميم-عين، في ظل العدوان الحالي على لبنان، تأثروا بشكل مباشر بالحرب وتعرّضوا لإخلاء جبري من الأماكن التي يتواجدون فيها، ولم يكن باستطاعتهم التوجه إلى مراكز الإيواء العامة لأنها قد تكون خطرةً عليهم بسبب هويتهم الجندرية، لذا اضطروا إلى التوجه إلى أصدقائهم من أفراد مجتمع الميم-عين.

حقوق أساسية... طبابة وطعام

ليس المسكن وحده العقبة الأساسية التي يواجهها أفراد مجتمع الميم-عين، بل هناك تحديات أخرى قائمة حتى منذ ما قبل العدوان على لبنان، بما يخص حقّ الوصول إلى الطبابة.

ويعود ذلك بحسب ضوميط قزي، إلى أسباب كثيرة تتعلق بالتمييز البنيوي وسلسلة القوانين التي تضمنتها الأنظمة المطبقة في لبنان: "اليوم أيضاً لا ننسى الضغط على القطاع الطبي وعلى الكوادر الصحية في لبنان ونقص هذه الموارد، والكثير من أفراد مجتمع الميم-عين خسروا وظائفهم بسبب الحرب".

"بسبب الانفجارات، هناك أشخاص من مجتمع الميم-عين اضطروا إلى السكن مع عائلاتهم، لأنهم فقدوا الأماكن الآمنة الخاصة بهم، وهذا الأمر يلعب دوراً سلبياً على الصحة النفسية"

يوضح بشارة سمنة، القائم بأعمال المدير المشارك لجمعية "موزاييك"، لرصيف22، أن هذه البطالة الناجمة عن التمييز أدّت إلى الضغط النفسي: "بسبب الانفجارات، هناك أشخاص من مجتمع الميم-عين اضطروا إلى السكن مع عائلاتهم، لأنهم فقدوا الأماكن الآمنة الخاصة بهم، وهذا الأمر يلعب دوراً سلبياً على الصحة النفسية".

في المقابل، يشير برتو مقصو، إلى أن الحقوق الأساسية هي من أبرز التحديات التي كان يطالب بها أفراد مجتمع الميم-عين قبل الحرب، وقد ازدادت صعوبة الوصول إليها خلال الحرب الحالية: "يواجه أفراد مجتمع الميم-عين تحديات كبيرةً في الوقت الحالي، أبرزها رفض إدماجهم في المساكن كالمدارس، بالإضافة إلى التمييز الاجتماعي والقانوني الذي يتضاعف في أوقات النزاع".

ويضيف لرصيف22: "في حال نزوح أفراد مجتمع الميم-عين، غالباً ما يواجهون/ ن تمييزاً شديداً يمنعهم/ نّ من الوصول إلى مراكز الإيواء العامة أو الحصول على الرعاية الصحية الأساسية".

امتحان صعب في ظلّ الحرب

تلعب المنظمات المعنية بحقوق أفراد الميم-عين، على غرار "حلم"، "براود ليبانون" و"موزاييك"، دوراً مهماً في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان ونقص التمويل المادي، إذ افتتحت "حلم" ثلاثة مراكز إيواء للنازحين/ ات من مجتمع الميم-عين، بالإضافة إلى تأمين الحصص الغذائية وأغراض تتعلق بالنظافة الشخصية، بحسب ما يقول ضوميط قزي.

ويضيف قزي: "نحاول بشتى الوسائل الممكنة تأمين الأدوية والاحتياجات الصحية لهؤلاء الأفراد وهو أمر مكلف جداً، ونحن اليوم مركزنا مفتوح للتبرع بالثياب، وأصبحنا قادرين على تأمين ثياب للأفراد الموجودين في مراكزنا وخارجها، ونسعى إلى التواصل مع منظمات أخرى كي نغطّي باقي الاحتياجات في ظل هذه الأزمة، وحتى اللحظة ساعدت ‘حلم’، أكثر من 250 فرداً من مجتمع الميم-عين".

بدورها، تعمل "برواد ليبانون"، على تقديم الدعم الطارئ من خلال تأمين المساعدات الطبية والنفسية وتوفير مساحات محايدة لحماية أفراد مجتمع الميم-عين من العنف والتمييز، بالإضافة إلى تأمين خدمات الإغاثة من خلال توفير وصول هؤلاء الأفراد إلى الرعاية الصحية المجانية والدعم النفسي والصحة الجنسية والدواء في ما يتعلق بالمتعايشين مع الـHIV.

وبالمثل، تلعب "موزاييك" دوراً مهماً في الاستجابة الطارئة لأفراد الميم-عين، بالإضافة إلى عملها في تأمين الاحتياجات الأساسية من مسكن واحتياجات يومية، إلا أنها تقدّم أيضاً جلسات علاج نفسي، وفق ما يكشف بشارة سمنة: "لدينا حالات عالقة في الأماكن الخطرة بسبب نقص المواصلات وقد ساعدناهم أيضاً، وهناك حالات تأذّت جسدياً وتحتاج إلى طبابة وليست لديها القدرة المالية للوصول إلى هذه الحقوق".

من هنا، سرعان ما عقدت الجمعيات والمؤسسات المختصة بأفراد الميم-عين، اجتماعاً طارئاً، حيث وضعت خطةً تنسيقيةً للاستجابة لهذه الأزمة، فتوزع عمل الجمعيات بين من تقديم المأوى والمسكن والثياب وصولاً إلى تأمين الاحتياج المالي الطارئ وتوزيعه على نحو 200 شخص، بحسب ما يقول سمنة، لرصيف22، كما أن جمعية "حلم" استطاعت تأمين ملاجئ ومسكن آمن، مع العلم بأن هناك سرّيةً في طريقة العمل كي لا يتعرض الأفراد لأذية خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها.

قصص نجاح ومواقف صعبة

"الحمد لله، أمي ما زالت على قيد الحياة. الانفجار ألقى بها بعيداً من الشرفة. كسرت ساقيها وذراعيها لكنها ما زالت على قيد الحياة"، هذه الجملة رُويت من قبل رئيس جمعية "براود ليبنانون"، برتو مقصو، لرصيف22، نقلاً عن واحد من أصغر المستفيدين في اليوم التالي، بعدما فقد منزله في غارة جوية.

في الواقع، يتشابه اللبنانيون/ ات في هذه الحرب في مشاهد النزوح، والبحث عن مسكن آمن بسبب العدوان الإسرائيلي ومنهم من عانى من خسارة أفراد عائلته. هذه المشاهد كانت حاضرةً لدى أفراد الميم-عين، ولكن لم نرَها بل كانت غائبةً وصامتةً.

وهذا ما حدث فعلاً مع أفراد عمل جمعية "موزاييك"، وفق ما يقول بشارة سمنة: "هناك بعض الأفراد من الفريق اضطروا إلى أن يخلوا منازلهم وخسروها، وهم في الوقت نفسه موجودون على الأرض ويستجيبون لمشكلات باقي الأشخاص".

ويضيف سمنة: "لدينا حالات صعبة وصلت إلينا وكانت قدراتنا قليلةً، ومنهم من خسر أحد أفراد عائلتهم أو لديهم مفقودون، ومنهم من بقي في الجنوب ولا يستطيع الوصول إلى بيروت ويحتاج إلى مساعدة، ونحن يجب أن نساعد هؤلاء الأفراد في مثل هذه المواقف الصعبة".

في السياق نفسه، كانت هناك مواقف صعبة تعامل معها أفراد جمعية "حلم"، كما يقول ضوميط قزي: "بشكل يومي نرى معاناة الأفراد والتحديات الكبيرة التي تواجه الميم-عين. اليوم هناك الكثير من الأشخاص الذين خسروا أفراداً من عائلتهم، أو خسروا منازلهم والأماكن التي ترتبط بذاكرتهم، وهذا أمر كبير ويؤثر على وضعهم النفسي ونظرتهم إلى الوطن والأمل، وفعلاً نحن اليوم أمام كارثة اجتماعية كبيرة يواجهها جميع اللبنانيين/ ات بمن فيهم أفراد مجتمع الميم-عين".

في المقابل هناك قصص نجاح تشاركت فيها الجمعيات الثلاث، برغم نقص التمويل والعمل بصعوبة، للوصول إلى المستفيدين/ ات من أفراد الميم-عين، وكسر حاجز الخوف لديهم/ نّ، وذلك من خلال تأمين أماكن آمنة وبعيدة عن وقع الحرب والعدوان في غضون أيام عدة، بالإضافة إلى الاستجابة الطارئة والسريعة حول الصحة النفسية والجسدية من قبل مؤسسة "براود ليبنانون"، والدعم المالي والنفسي من "موزاييك"، وصولاً إلى تأمين الاحتياجات اليومية من الجمعيات الثلاث.

نقص في التمويل

في جميع الأزمات الطارئة، تلعب الجهات الداعمة دوراً حيوياً في تمكين الجمعيات المحلية اللبنانية من الاستجابة الفورية، لكن التركيز الأساس دائماً ما يكون على الفئات العامة، مع غياب أفراد مجتمع الميم-عين عن كل دور، من حيث التمويل المادي للجمعيات المعنية بهم، إذ يرى برتو مقصو، أنه لا بد من تقديم الخدمات الضرورية للمجموعات الأكثر تضرراً من هذه الحرب، خصوصاً الأفراد الذين يواجهون رفضاً من المجتمع، وتم التخلي عنهم: "نحن بحاجة إلى تمويل لنتمكن من توفير الرعاية الصحية، الدعم النفسي والمساعدات الأساسية لهؤلاء الأفراد الذين تُركوا من دون دعم أو حماية في ظل هذه الظروف الصعبة".

بدوره، يشدد بشارة سمنة، على أهمية دور الجهات الممولة، وعلى أهمية أن تعلم كيف يتم توزيع المساعدات التي تصل إلى أفراد الميم-عين: "هناك الكثير من المساعدات التي تصل مباشرةً إلى الدولة، ونحن بدورنا لا نعرف أي شيء عنها، ولا يصلنا أي شيء منها ولا نستطيع طلبها، وهناك أيضاً مساعدات تصل إلى جهات كبيرة لأن دورها كبير واحتياجاتها أكبر ولكن، لسوء الحظ، تنسى باقي الفئات المهمشة سواء كانوا أفراداً من مجتمع الميم-عين أو من ذوي الاحتياجات أو لاجئين/ ات سوريين/ ات".

 "من الصعب تأمين الراحة والأمان لمن فقد منزله وهو مهدد بفقدان حياته، ولكن ما يسعنا قوله إننا سنبذل أقصى جهودنا كي نقف إلى جانبكم/ نّ، نحن هنا لدعمكم/ نّ ولتقديم كل ما في وسعنا لضمان حقوقكم/ نّ وحمايتكم/ نّ"

من جهته، يؤكد ضوميط قزي، أن الجهات الداعمة على مختلف الأصعدة وتنوعها، هي أمام واجب كبير ويجب أن تنظر إلى وضع الفئات المهمشة سواء مجتمع الميم-عين أو اللاجئين/ ات العمال المهاجرين والمهاجرات: "المؤسسات الرسمية لا تكون واعيةً بل متجاهلةً لوجودهم وحتى أنها تمارس تمييزاً علنياً ضدهم، فالجهات الداعمة اليوم يجب أن تخلق أطراً وآليات داخل مؤسساتها و في خضم عملها من أجل الأخذ بعين الاعتبار وضع أفراد الميم-عين وباقي الفئات المهمشة، ما يتطلب نظرةً واضحةً إلى السياق الثقافي والقانوني وعدم تجاهل وجود أو تمييز هؤلاء الأفراد بل وضع سياسة طوارئ واحدة لكل المجتمع"، مشيراً إلى أن المجتمع اليوم غير متجانس، وهو "ما يزيد من تهميش هذه الفئات المهمشة لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار هواجسهم وتجاربهم وحتى متطلباتهم".

باختصار، الموت واحد في هذه الحرب وآلة القتل الإسرائيلية لا تميّز بين الأفراد، لكن من أبشع مشاهد قسوة الحرب هي التمييز في الحقوق الأساسية، خصوصاً في المسكن والطعام، وهذا ما يعانيه اليوم بصمت أفراد من مجتمع الميم-عين، لذلك وجهت الجمعيات الثلاث في ظل الحرب الحالية رسالةً تضامنيةً لأفراد الميم-عين الذين يعانون بصمت مفادها: "من الصعب تأمين الراحة والأمان لمن فقد منزله وهو مهدد بفقدان حياته، ولكن ما يسعنا قوله إننا سنبذل أقصى جهودنا كي نقف إلى جانبكم/ نّ، نحن هنا لدعمكم/ نّ ولتقديم كل ما في وسعنا لضمان حقوقكم/ نّ وحمايتكم/ نّ. نحاول اليوم تأمين ما نستطيع خلال هذه الأزمة الكبيرة التي يجب أن نخوضها جميعاً كمجتمع متضامن دون تمييز".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image