في وقت سابق من هذا الشهر، نشر موقع "إذاعة صوت أمريكا"، تحقيقاً يشير إلى أن أموال حزب الله بدأت بالنفاد، بعد أن أدّت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والمستمرة منذ أسابيع، إلى تعطيل مصادر الحزب الثلاثة الرئيسية للأموال.
وبحسب تقارير وزارة الخزانة الأمريكية، والباحثين المقيمين في الولايات المتحدة ولبنان، الذين شاركوا في التحقيق الذي نُشر في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، تنقسم مصادر التمويل الرئيسية للحزب إلى ثلاثة، وهي:
أولاً: البنوك اللبنانية "المرخصة والمتعثرة" التي يستخدمها الحزب للدخول إلى النظام المالي الدولي.
ثانياً: الطائرات المحمّلة بالنقود القادمة من إيران، والتي تصل إلى مطار بيروت الدولي.
ثالثاً: المصدر الأكبر، جمعية القرض الحسن "AQAH"، وما يصبّ فيها من أموال من مصادر متعددة.
خسائر "القرض الحسن"
أمس الأوّل، أي بعد 10 أيام من نشر التحقيق السابق، استهدف الطيران الإسرائيلي 16 فرعاً لمؤسسة "القرض الحسن" في لبنان، والتي احتوت أموالاً وسبائك ذهبيةً وُضعت كودائع وضمانات رهن للقروض، هذا بالإضافة إلى أموال الحزب نفسه، في الوقت الذي صرّح فيه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حمادة، للميادين، بأنّ المودعين لدى مؤسسة "القرض الحسن" لن يخسروا قرشاً واحداً. كما أكّد الحزب أن الذهب والأموال لم تتأثر بالضربات، وأنها "بخير".
تشير التقديرات الأولية إلى أن الخسائر المالية للمؤسسة تتراوح بين 1.5 مليارات إلى ملياري دولار، وهو ما يُعدّ مبلغاً أقلّ من المتوقع، والسبب يعود إلى أن بعض هذه الأموال قد نُقلت إلى خارج لبنان قبل القصف بالفعل. إلا أنّ الرقم الحقيقي لا يزال غامضاً، بحسب كثير من المتابعين، كونه لم يكن معروفاً في المقام الأول.
نشر موقع أمريكي تحقيقاً يشير إلى أن أموال حزب الله بدأت بالنفاد، بعد أن أدّت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان إلى تعطيل مصادر الحزب الرئيسية للأموال وعلى رأسها جمعية "القرض الحسن"، وبعد 10 أيام من نشر التحقيق قصف الطيران الإسرائيلي 16 فرعاً للجمعية
ضرب فروع ومؤسسات القرض الحسن لم يكن إلا جزءاً من عمليات عدة حدثت في اليوم نفسه، ولا تزال مستمرةً، يزعم محللون إسرائيليون وأمريكيون بأنها بهدف قطع قنوات الإمداد المالي لحزب الله الذي خسر الصف الأول من قادته خلال الشهر المنصرم، وخسر معهم جزءاً من هيكليته الإدارية الصارمة والناجحة.
لاحقاً، وفي وقت متأخر من ليلة أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف وقتل في غارة على سوريا رئيس وحدة تحويل الأموال في حزب الله، وهو الذي وُصف بأنه "المؤتمن على مفاتيح المال والأسرار"، وإليه وُجّهت العديد من التهم الدولية والإقليمية بالاتجار بالمخدرات وتحديداً الكبتاغون، وتصديره، وتحويل أمواله وعائداته إلى الحزب.
ولم ينتهِ اليوم قبل أن يغرّد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، على موقع (X)، بمنشور يحمل صورة وعنوان موقع في الضاحية الجنوبية، قائلاً إنه يحتوي على مئات الملايين من الدولارات والذهب التي "أُخذت من مواطني الدولة اللبنانية".
ما هي جمعية "القرض الحسن"؟
أسس حزب الله، جمعية "القرض الحسن" "AQAH"، في العام 1982، كمؤسسة خيرية تقدّم قروضاً إسلاميةً من دون فوائد للّبنانيين، خاصةً الشيعة منهم، حيث يُطلب من المقترض إعادة المبلغ الأصلي فقط. لكن يجب على الأفراد فتح حساب "مشاركة" مع الجمعية، وهو ما يتطلب دفع اشتراك شهري صغير. من خلال هذا الحساب، يصبح للمشترك الحق في الاستفادة من خدمات الإقراض. وكلما زاد اشتراك الفرد مع الجمعية على مدى فترة زمنية، زادت فرص الحصول على قروض أكبر.
برغم الخسائر التي تُقدّر بالمليارات، صرّحت الجمعية بأنّ المودعين لدى مؤسسة "القرض الحسن" لن يخسروا قرشاً واحداً. وأن الذهب والأموال بخير.
القروض عادةً ما تكون مضمونةً بضمانات مثل الذهب، أو بكفالة الأعضاء الآخرين، حيث يمكن للأعضاء في الجمعية تقديم ضمانات لبعضهم البعض لتسهيل الحصول على القروض، الأمر الذي يضع الجمعية والحزب اليوم بالضرورة في مواجهة مع المقترضين ممن وضعوا ذهبهم كضمانات للقروض، وكذلك مع المودعين والمدّخرين.
بعناوين "مؤلمة" لهؤلاء، عنونت العديد من الصحف الأخبار التي تتناول ضربات جمعية القرض الحسن، مثل "إسرائيل تحرق خزائن حزب الله"، و"ما مصير الذهب؟" و"تبخرت الأموال".
حدث هذا سابقاً، في حرب الـ2006، حين كانت فروع "القرض الحسن" تسعة في كل لبنان، دُمّرت منها ثلاثة، إنما لم تتأثر العمليات المالية أو أموال المشتركين، فقد ظلّ مخزون الذهب في مكان آمن. فهل موقع الجمعية والحزب المالي اليوم في المكان نفسه؟ وهل لا يزالان قادران على تخطّي أزمة اليوم كسابقتها؟
منذ أوائل الثمانينيات وحتى العام 2022، بلغ إجمالي عمليات الإقراض والإيداع للمؤسسة 4.3 مليارات دولار أمريكي، مع العلم بأن الرقم ارتفع في السنوات الأخيرة لاستفادة "القرض الحسن" بشكل مباشر من التعثّر المالي المصرفي في لبنان.
فمع بداية الأزمة المالية وانهيار الليرة اللبنانية منذ العام 2020، تعثّر بعض المقترضين ممن كانت مداخيلهم بالليرة ويسددون بالدولار الأمريكي، فسمحت لهم "القرض الحسن" حينها بالسداد بالليرة اللبنانية، وهو ما يدلّ على أن الحزب كان ممتلئاً مالياً، الأمر الذي قوّى الثقة بالمؤسسة في ظل فقدانها بالبنوك الأخرى، ما عزز قدرة حزب الله على جذب المزيد من الأتباع، ممن ينتظرون تطمينات القرض الحسن حول أموالهم.
هل يفلس حزب الله؟
آراء متضاربة تظهر يومياً وتحاول الإجابة عما إذا كانت هذه الضربات ستؤثر على قدرة حزب الله المالية، وعن الأسئلة التي الضغوط الإضافية التي سيتسبب فيها "الإفقار"، على ولاء الحاضنة الشعبية الشيعية التي اعتمدت على "القرض الحسن"، مصبّ أموال الحزب.
يقول الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي اللبناني، منير يونس: "حزب الله اليوم أصبح مؤسسةً متعثرةً بالكامل، وليس معروفاً إن كان مخزون الذهب موجوداً أم لا، فهناك قروض مالية يقابلها ذهب، على الرغم من أنه قيل إن مخزون الذهب كان في المقرّ المركزي لحزب الله، مكان اغتيال زعيمه حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية".
ويضيف: "هناك المقترضون الذين يريدون تسديد أموالهم والذين تعثروا أيضاً بسبب النزوح، ومنهم من خسر مؤسساته وأعماله، بالإضافة إلى المشتركين أي المتبرعين، الذين أصبحوا متعثرين أيضاً، وتالياً فنحن في حالة تعثر كاملة للقرض الحسن، وحتى للمقترض سواء من رهن الذهب داخل المؤسسة أو المشارك والمساهم، لذا فالأمر اليوم يعود لإيران ومدى دعمها لهذه المؤسسة وما إذا كان مسموحاً لها دولياً تعويض هذه المؤسسة".
في حرب الـ2006، كان لـ"القرض الحسن" تسعة فروع دُمّرت منها ثلاثة، ولم تتأثر العمليات المالية أو أموال المشتركين والمودعين، فقد ظلّ مخزون الذهب في مكان آمن. فهل لا تزال الجمعية قادرة على تخطّي أزمة اليوم كسابقتها؟
ويرى يونس أن مصير عشرات الآلاف من المقترضين مرتبط بجواب السؤال عما إذا كان سيُسمح دولياً لإيران بتعويض وإعمار مؤسسة القرض الحسن، وإن كان هناك خاسرون ورابحون من المقترضين بسبب الضربة، فمن أخذ قرضاً مالياً ورهن الذهب سينجو بأمواله، أما من رهن الذهب وسدد الكثير من الأقساط فسيخسر في هذه الحالة لأنه خسر الذهب، وذلك حسب المدة ومتى أخذ القرض كما يشير.
ويذكّر الخبير الاقتصادي بأن "القرض الحسن لديها إذن للعمل من وزارة الداخلية ولكن ليس من البنك المركزي اللبناني، وعمليات إيداع وإقراض الأموال تحتاج إلى ترخيص من البنك المركزي، وإذا كانت 'القرض الحسن' تمارس قبول الودائع ومنح القروض فهي عمليات خارج النظام المالي الرسمي اللبناني، وخارج النظام المالي العالمي وكأنها مؤسسة خارج السيطرة"، بحسب كلماته.
ويختم: "تاريخياً كانت هناك مجموعة من الشيعة لا يستطيعون فتح حسابات مالية في البنوك لأسباب مختلفة، وعندما جاءت الأزمة المصرفية، وفُقدت الثقة بالقطاع المصرفي المحلي، توجهت شريحة من الشيعة إلى القرض الحسن، لذا أصبح يقال إن القرض الحسن تؤثر سلباً على القطاع المصرفي".
يختلف معه جزئياً أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة لوزان، ومؤلف كتاب "الاقتصاد السياسي لحزب الله"، جوزيف ضاهر، الذي لا يرى أن السياسة المالية لحزب الله كانت سبباً أساسياً في انهيار الاقتصاد اللبناني. يقول: "وفقاً لموقعها الإلكتروني، أقرضت مؤسسة القرض الحسن أكثر من 4.3 مليارات دولار منذ عام 1983، بإجمالي أكثر من مليوني قرض. وأنشطة المؤسسة كمؤسسة تمويل صغير (micro-credit)، قد تساعد الناس على البقاء مالياً، من خلال شراء بعض الأشياء، أو المشاركة في مشروع خدمي أو اقتصادي، لكنها لا تلعب أي دور تنموي على نطاق واسع. وفي حين أن المؤسسة متورطة على الأرجح في مخططات غسل الأموال التي توسعت بعد الأزمة الاقتصادية وتوسع اقتصاد النقد (cash economy)، إلا أنها ليست في جذر الأزمة الاقتصادية في لبنان أو لم تساهم فيها بشكل كبير".
ويضيف في حديثه إلى رصيف22: "إن جذور الأزمة الاقتصادية تكمن في الاقتصاد السياسي للبلاد، والطريقة التي تطوّر بها منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، والتي قادها في البداية رفيق الحريري، فكان هو من رشح رياض سلامة ليكون على رأس البنك المركزي في التسعينيات، وكان مصرفياً خاصاً به، والفاعل الرئيس وراء مخطط بونزي الذي تديره البنوك اللبنانية منذ أوائل التسعينيات، حيث عرض أسعار فائدة عالية لجذب الودائع بالدولار الأمريكي ثم إقراض الأموال للحكومة، والتي انتهت بالأزمة في عام 2019".
وبحسب ضاهر، فقد "ركّز الاقتصاد السياسي في لبنان على التكامل الأعمق مع الاقتصاد العالمي، وعلى نحو مماثل، على نمو القطاع الخاص. وقد عززت هذه السياسات النيو-ليبرالية بعض السمات التاريخية للاقتصاد اللبناني: نموذج التنمية الذي يركز على النظام المالي والعقارات والخدمات، وأصبحت التفاوتات الاجتماعية والتفاوتات الإقليمية واضحةً، بينما لم يتّحد حزب الله من جانبه مع هذا الاقتصاد السياسي، بل شارك في ديناميكيته، فأصبحت جمعية القرض الحسن أكبر منظمة للتمويل الأصغر في البلاد ووسّعت أنشطتها بعد اندلاع الأزمة المالية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019".
جمعية خيرية لبنانياً!
هذه الضربات لواحدة من أقوى المؤسسات الاقتصادية التي -ما زالت قائمة في لبنان- حظيت بمباركة أمريكية واضحة، فمنذ العام 2007، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات اقتصاديةً على الجمعية للمرة الأولى، بموجب الأمر التنفيذي 13،224، الذي يستهدف الكيانات المرتبطة بتمويل الأنشطة الإرهابية.
أكد مسؤول استخباراتي إسرائيلي في لقاء مع CNN بأن الهدف من سلسلة الضربات التي استهدفت الجمعية هو "زعزعة ثقة المجتمع الشيعي بالجماعة المسلّحة".
وقد جاء في تفسير القرار، أن جمعية القرض الحسن تُستخدم من قبل حزب الله كغطاء لإدارة نشاطاته المالية، ما يتيح له الوصول إلى النظام المالي الدولي. وفي عام 2021، تم فرض عقوبات إضافية على سبعة من الموظفين فيها، وجاء في القرار:
"يستخدم حزب الله الذي أدرجه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على لائحة الإرهاب في عام 2007، كغطاء لإدارة الأنشطة المالية للجماعة الإرهابية والوصول إلى النظام المالي الدولي. يشغل إبراهيم علي ضاهر، منصب رئيس وحدة المالية المركزية لحزب الله، التي تشرف على ميزانية حزب الله الإجمالية وإنفاقه، بما في ذلك تمويل الجماعة لعملياتها الإرهابية وقتل معارضيها. واستخدم الأفراد الستة الآخرون المدرجون اليوم، غطاء الحسابات الشخصية في بعض البنوك اللبنانية، بما في ذلك بنك جمال ترست (JTB)، المدرج على قائمة الولايات المتحدة، للتهرب من العقوبات التي تستهدف AQAH وتحويل ما يقرب من نصف مليار دولار أمريكي نيابةً عنها".
وقال مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أندريا جاكي: "من أعلى مستويات الجهاز المالي لحزب الله إلى الأفراد على مستوى العمل، يواصل حزب الله إساءة استخدام القطاع المالي اللبناني واستنزاف الموارد المالية للبنان في وقت عصيب بالفعل. مثل هذه التصرفات تظهر استخفاف حزب الله بالاستقرار المالي أو الشفافية أو المساءلة في لبنان".
هذا من وجهة النظر الأمريكية تجاه المؤسسة، أما إسرائيلياً، فقد نشر موقع "ألما" للأبحاث والتعليم" الإسرائيلي، بحثاً مطولاً عن النشاطات الاقتصادية لحزب الله بما فيها جمعية القرض الحسن، ومنه:
"تأتي الأموال التي يوزعها حزب الله كتبرعات للسكان الشيعة في لبنان من أربعة مصادر رئيسية: ميزانية حزب الله الممولة إلى حد كبير من إيران، والنشاط الاقتصادي غير القانوني لحزب الله، والتبرعات التي يتم جمعها بين المجتمعات الشيعية في جميع أنحاء العالم (خاصةً أوروبا وأستراليا وأمريكا الجنوبية)، والتبرعات التي يتم جمعها من السكان الشيعة في لبنان. ومن المهم أن نلاحظ أن التبرعات لا تصل كلها في الواقع إلى أغراضها المدنية، أي السكان الشيعة، فجزء من الأموال مخصص للبنية التحتية العسكرية لحزب الله، إذ يهدف مشروع التبرع إلى تعزيز البنية التحتية المدنية الشيعية التي يعتمد عليها حزب الله، والتي هي في الواقع أساس بنيته التحتية العسكرية، ولا تملك الأخيرة القدرة على الوجود من دون البنية التحتية المدنية".
هل يتأثر الاقتصاد اللبناني بانهيار "القرض الحسن"؟
توظّف "القرض الحسن"، ما يقرب من 500 شخص، ولديها نحو ثلاثون فرعاً في جميع أنحاء البلاد، كلها تقريباً في مناطق ذات أغلبية شيعية، ولكن أيضاً في مناطق مختلطة. كان لدى الجمعية أكثر من 400 ألف مساهم، فقد خصصت أكثر من 200 ألف قرض صغير في عام 2019 وحده، بإجمالي 500 مليون دولار، ما يعني أن انهيارها سيكون له "أثر الدينامو" ولن تظهر آثاره الاقتصادية فوراً، بل شيئاً فشيئاً.
لذا، لا يبدو الهدف الوحيد من ضرب فروع الجمعية هو قطع التمويل عن الحزب، حتى وإن بدا أنه السبب الأبرز، لكن خلخلة التماسك الاجتماعي للمجتمع الشيعي، والذي يقوم عليه التماسك السياسي فالعسكري، قد تكون مكسباً أكبر على المدى الطويل لأعداء حزب الله.
ففي حديث إلى الـCNN، أكد مسؤول استخباراتي إسرائيلي بارز، أن الهدف من سلسلة الضربات الإسرائيلية التي استهدفت القرض الحسن، هو "زعزعة ثقة المجتمع الشيعي بالجماعة المسلّحة". بينما قال الجيش الإسرائيلي، إنه ضرب فروع الجمعية لأنها "تحتفظ بأموال تُستخدم لتمويل الأنشطة للجماعة المسلّحة بشكل مباشر".
سواء كان للقرض الحسن، دور حقيقي في إضعاف الاقتصاد اللبناني وأزمته المصرفية أو لا، فالأمر الأكيد اليوم أن سقوط، أو على الأقل إضعاف، هذه الجمعية لن يساهم في تحسين الاقتصاد، مع انقطاع الرواتب وتوقف القروض الصغيرة.
يقول ضاهر: "ما يقوله الإسرائيلي كذب، لأن المصدر المالي لحزب الله هو إيران، ويجب ألا ننسى مشاريع حزب الله الخارجية من الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي ومن ضمنها اقتصاد الظل، فهناك نوع من المجتمع المدني لحزب الله مبني بالأيديولوجيا، وقد بنى هذه الهيمنة عن طريق هذه الخدمات، ودور إيران رئيسي هنا".
ويضيف: "لكن بعد حرب 2006، أصبحت هناك مصادر مالية أخرى للحزب، خاصةً بعد حرب سوريا من تهريب وصناعة الكبتاغون، وهناك رجال أعمال مرتبطون بالحزب، بالإضافة إلى غسيل الأموال والتحويلات المالية من الخارج، وهنا السؤال: هل سيكون الحزب جاهزاً لإعادة الإعمار خدماتياً ومالياً، وهنا الفرق بين حرب 2006، حيث دعمت دول الخليج إعادة الإعمار وموّلتها، أما اليوم فالأمر مختلف تماماً، وهنا التحدي أمام إيران، ففي حال لم تستطع ترميم هذه الفجوة وإعادة إعمار البنية التحتية والمالية لحزب الله، سيكون هناك غضب شعبي لبيئة حزب الله، قد يقود هذا إلى مواجهته أو الانشقاق والتخلي عنه".
ويختم ضاهر قائلاً: "هناك أناس ترى أن مشروع حزب الله انتهى وأنا اختلف معهم في هذا الأمر. نعم هناك الكثير من التحديات، ولكن هل وجدت القاعدة الشعبية لحزب الله بديلاً سياسياً لها؟ أنا أعتقد لا يوجد حتى الآن بديل لها، ولا أعتقد أن القوات والكتائب سيكونان بديلاً لحاضنة الحزب في ظل غياب الدولة أيضاً، وبذلك يبقى حزب الله الخيار الوحيد لهم، ودور إيران هنا بعد الحرب أساسي في إعادة الإعمار، فهل ستستطيع ذلك؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...